فتح الحادث المفجع الذي سقط بسببه 107 من الضحايا بالمسجد الحرام بمكة، بابا للشماتة لدي بعض المتعصبين المسيحيين في أمريكا، الذين اعتبروه انتقاما إلهيا لهم من المسلمين الذي قتلوا 2976 أمريكي في حادث برجي مركز التجارة العالمي عام 2001.
ودشن متطرفون مسيحيون أجانب هاشتاج باسم «Karma For 9/11»، يزعمون فيه أن الحادث، وقبله حادث مقتل أفراد من عائلة «بن لادن» في تحطم طائرة في لندن، هو «بفعل المسيح»، وأنه انتقام عن قتل مسلمين للأمريكان في حادث البرجين، بحسب مزاعمهم.
بيد أنه بالمقابل هاجم أمريكيون وغريبون هذه النظرية في التشفي بقتلي المسلمين معتبرين أن التشفي في قتل وإصابة «أبرياء» هو «مرض عقلي» وتصرف يدل على «عدم الإنسانية».
حيث كتب المتعصب المسيحي الأمريكي «جاستن كوفر» يقول على حسابه على تويتر: «أن قتل المسلمين في الكعبة بواسطة رافعة هيدروليكية هو من فعل المسيح»
وقالت الكاتبة الأمريكية «ناتشا جودي» في تغريدة أن قتل المصلين في الحرم المكي في السعودية «ربما هو كرمة للسعوديين في 11/9 ».
وكتب رسام الكاريكاتير «أحمد ناجي» في تغريدة يقول: «أن أرواح 11 سبتمبر تنتقم من الإسلام والمسلمين في مكة».
ورصد المدون المصري «وائل عباس» ما قال أنها تغريدات تظهر «أمريكين شامتين في حادث مكة ويدعون أنه انتقام من الرب في ذكرى البرجين».
وأورد نشطاء صور وتفاصيل بعض التغريدات لأمريكين متعصبين، وقالت المغردة «بائعة الورد»: «مخنزرين أمريكا يرون سقوط رافعة مكة بأنها عقوبة إلهية على 11 سبتمبر، وانتقد «عبد العزيز الأسد» ما أسماه «كمية الغباء في الإعلام الغربي» والتغريدات الكثيرة عن هذا الحادث.
ودفع هذا نشطاء عرب للقول ساخرين أنهم لا يستبعدون أن يكون حادث مكة هو انتقام غربي!
ما هي «الكارما»؟
و«الكارما» Karma هي اعتقاد وثني من عقائد الهندوس يؤمن به المتطرفون المسيحيون في الغرب، معناه: (إذا فعلت شيئًا سيئًا لشخص أخر، يتولد اعتقاد بأن شيئًا سيئا سيحدث لك»، وهم يرونه أشبه بانتقام من «المسيح»، كما يزعمون أنه الرب، من المسلمين بسقوط الرافعة في نفس يوم قتل قرابة 3 آلاف أمريكي بفعل تفجيرات طائرات في برجي مركز التجارة بواسطة أشخاص من تنظيم القاعدة أغلبهم من السعودية ومصر.
و«الكارما» مصطلح شائع في الديانات الهندية (الهندوسية والجينية السيخية والبوذية) ويطلق لفظ «كارما» على الأفعال التي يقوم بها الكائن الحي، والعواقب الأخلاقية الناتجة عنها، فأي عملٍ من خير أو شر، سواء كان قولا أو فعلا أو مجرد فكرة، لا بد أن تترتب عليه عواقب، ما دام قد نَتَج عن وعي وإدراك مسبوق، وتأخذ هذه العواقب شكل ثمارٍ تنمو، وبمجرد أن تنضج تسقط على صاحبها، فيكون جزاؤه إما الثواب أو العِقاب، بحسب هذه التفسيرات الهندوسية التي انتقلت للمسيحية الغربية.
استمرار العداء للإسلام
وتزامن هذا مع تأكيد مجلة ديلي ستار الأمريكية في تقرير نشره 12 سبتمبر/أيلول الجاري أن مظاهر العداء للمسلمين لا تزال مستمرة في أمريكا، وأن صاحب متجر «أندي هالينان» في فلوريدا لبيع الأسلحة، يعرض إعلانا عبارة عن قسيمة مجانية علي فيسبوك وتويتر تحت عبارة «لا تنس أبدا»، يتضمن ما قال أنه «تسليح أمريكا ضد خطر الإسلام».
وقالت أن مغردون أجانب ومسلمون انتقدوه علي الإنترنت ولكنه لم يتراجع عن آرائه المتشددة، ولكنه يزعم: «ليس كل المسلمين أشرار، ولكن الإسلام هو الشر الأساسي» بحسب زعم هذا المتطرف المسيحي.
ويدلل على آرائه المتطرفة ضد الإسلام، بأن «دراسة القرآن تظهر أجزاء تتحدث عن قتل الكفار» بحسب قوله، كما أنه أعلن قبل عدة أشهر عدم السماح بدخول المسلمين لمتجره، وكتب يقول على فيديو دعائي: «هذا المكان لا يقدم خدماته للمسلمين».
ودفع هذا الجمعيات الاسلامية في أمريكا لمطالبة الحكومة الأمريكية باتخاذ إجراءات ضد هذه التصرفات و«اللقطات الحقيرة» كما أسموها.
العلاقة بين مكة و11 سبتمبر
وتساءل بعض النشطاء عن العلاقة بين الحادثين، حيث قال «حسام المصري»: «اليوم 11 سبتمبر/أيلول، هل صدفة أن يكون توقيت #سقوط_رافعة_في_الحرم الساعة 5 مساء بتوقيت مكة يوازي الساعة 9 ص بتوقيت نيويورك وهو نفس توقيت سقوط البرجين».
ولكن الشيخ محمد صالح المنجد الداعية السعودي نفي ذلك قائلا أنه لا تصادف أو توافق بين حادثة رافعة الحرم و«11 سبتمبر».
أمريكيون يرفضون التعصب
ولكن هناك أمريكيين انتقدوا بالمقابل هذا الربط بين 11 سبتمبر/أيلول وحادث مكة، واعتذروا عن هذا الربط بين الأمرين أو الحديث عما سمي «كارما 11 سبتمبر»، واعتبروا الربط بين الاثنين غير لائق.
وكتب بعضهم يقول أن وسم «11/9 الكرمة» يبدو «مثيرا للاشمئزاز»، وأن الفرحة في قتل واصابة الأبرياء يعني «موت الانسانية».
وقال آخرون أن من يقول بهذا هو مريض وبلا قلب ولا ينتمي إلي عالم الانسانية.
تضامن حكومات غربية
ومقابل ردود الفعل المتطرفة من أوساط يمينية أمريكية، أبدت حكومات غربية تعاطفها مع الضحايا، وقالت الخارجية الأمريكية على موقعها الرسمي علي تويتر أن وزير الخارجية «كيري» قال: «زوجتي وأنا نصلي لجميع ضحايا انهيار الرافعة في المسجد الحرام في مكة، لقد كان حادث مروع في هذا المكان الآمن».
وقالت الخارجية البريطانية أن «وزير الخارجية يبعث بتعازيه لعائلات ضحايا حادث سقوط رافعة في مكة».
وقالت السويد أن ملك السويد «كارل جوستاف السادس عشر» ورئيس الوزراء السويدي «ستيفان لوفين» يبعثان برقيتي تعزية في ضحايا حادث مكة، وتوالت ردود أفعال رسمية غربية أخري معزية.
11 سبتمبر/أيلول أسود يوم في تاريخ أمريكا
وبمناسبة 11 سبتمبر/أيلول وصفت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية في تقرير نشرته الجمعة، الذكرى الـ 14 لهجمات الـحادي عشر من سبتمبر/أيلول التي هزت الولايات المتحدة وحصدت أرواح نحو 2977 قتيل، بأنها «أسود يوم في تاريخ أمريكا».
وقالت الشبكة:«تدق الأجراس وتذرف العيون بالدموع بينما تحيي الولايات المتحدة الأمريكية ذكرى الـ 11 من سبتمبر/أيلول والذي يعد واحدا من أسود الأيام في تاريخ البلاد».
وقالت أن مراسم الحداد الرئيسية في هذا اليوم جرت في مدنيتي نيويورك وواشنطن، وشملت هذه الفعاليات الوقوف دقائق صمت بمختلف أنحاء البلاد فضلا عن تنظيم حفل تأبين بمركز الزائرين الذي تم افتتاحه بولاية بنسلفانيا التي شهدت تحطم إحدى الطائرات الأربع التي اختطفت في ذلك اليوم.
وقام أفراد أسر الضحايا بقراءة أسماء ذويهم الذين قضوا في هذه الأحداث بالإضافة إلى أسماء ضحايا التفجير «الإرهابي» الذي وقع عام 1993 بمركز التجارة العالمي.
وكان قد تم الخميس الماضي افتتاح نصبا تذكاريا جديدا لتأبين ضحايا طائرة شركة «يونايتد إيرلاينز» في رحلتها رقم 93، وهي الطائرة الرابعة التي اختطفت خلال هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتي يبدو أن ركاب الطائرة تسببوا في إسقاطها بأحد الحقول بولاية بنسلفانيا لإحباط هجوم على واشنطن.