«ناشيونال إنترست»: لماذا لن تقدم السعودية على بيع الأصول الأمريكية؟

السبت 30 أبريل 2016 02:04 ص

في السنوات الأخيرة كان هناك الكثير من التكهنات حول ما يمكن أن يحدث للأسواق المالية في الولايات المتحدة وللاقتصاد ككل إذا قررت السلطات الصينية فجأة بيع ما يقرب من 1.3 تريليون دولار من سندات الخزانة الأمريكية التي تمتلكها. في الأسابيع الأخيرة، سرت شائعات بأن السعوديين يفكرون في بيع أصولهم الدولارية التي تبلغ قيمتها حوالي 750 مليار دولار.

هذه الشائعات، مثل تلك التي سبقتها بشأن الصين، تمثل الكثير من اللغط حول اللاشيء. غير أنها تمثل فرصة ممتازة لشرح ما هو الخطأ في منطق أي «استراتيجية بيع» في السياسة الخارجية.

تسبب الانهيار في أسعار الطاقة في إحداث أضرار خطيرة بالمالية السعودية. مع أسعار نفط تحوم حول 40 دولارا للبرميل، وحاجة المملكة إلى أسعار تتراوح حول 80 دولارا للبرميل من أجل معادلة ميزانيتها، في النهاية في وقوعها في عجز بلغ قرابة مائة مليار دولار في عام 2015، مع توقعات أن تعاني البلاد عجزا بنسبة 19% من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذا العام.

فائض الحساب الجاري الذي بلغ نسبته 10%، والذي حققته المملكة العربية السعودية في عام 2014، قد تحول بسرعة إلى عجز قدره 8.2% من الناتج المحلي الإجمالي خلال العام الماضي. ومع غياب الانتعاش السريع في أسعار الطاقة، لم يكن أمام السلطات السعودية من خيار سوى أن تبدأ تصفية الاحتياطي النقدي من أجل تغطية العجز المالي الكبير. قامت المملكة العربية السعودية مؤخرا بطرح سندات بقيمة 10 مليارات دولار أمام البنوك العالمية، وهو أول إصدار للديون الدولية تقوم به المملكة منذ حرب الخليج عام 1991.

وبوصفها صاحبة ثالث أكبر احتياطيات من الدولار الأمريكي، (على الرغم من أن التحديد الدقيق لحيازاتها لا يتم الكشف عنه رسميا، على عكس معظم الدول الأخرى)، فإن المملكة العربية السعودية تعد مالكا للعديد من الأصول المقومة بالدولار. إذا قررت المملكة العربية السعودية تفريغ هذه الأصول لأي سبب خلال فترة قصيرة نسبيا من الزمن، فإن السؤال الأهم هنا هو: هل يمكن أن يؤثر ذلك سلبا على اقتصاد الولايات المتحدة أو أي من الأسواق المالية العالمية؟

ومن شأن ذلك أن يكون ذلك مستبعدا جدا لعدة أسباب هامة. أولا وقبل كل شيء، فإن بيع مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية خلال فترة قصيرة من الزمن قد يكون صعبا من الناحية الفنية (يمثل 750 مليار دولار حصة معتبرة من إجمالي 6.2 تريليون دولار من إجمالي سندات الخزينة الأمريكية المملوكة للأجانب، وحتى من 12.6 تريليون دولار إجمالي سندات الخزانة الأمريكية). وعلى افتراض أن السعودية كان في وسعها القيام بذلك، فإن انخفاض قيمة الدولار الأمريكي سوف يؤدي تناقص قيمة أصولها المتبقية. ومع خفض التصنيف الائتماني للبلاد أكثر من مرة مؤخرا، فإن ذلك من المستبعد أن يكون خيارا جذابا بالنسبة إلى السعوديين.

ثانيا، بالنظر إلى أن جميع المعاملات المقومة بالدولار تمر في نهاية المطاف من خلال نظام المدفوعات الأمريكي، فإنه بعد بيع الأصول المقومة بالدولار، سوف يتعين على السعوديين آنذاك بيع جميع مخزوناتهم الدولارية. الانتقال إلى عملات أخرى ينطوي على مخاطرة مالية كبيرة. لا يزال الدولار الأمريكي يعد هو العملة الأكثر أمانا في العالم بالمقارنة مع البدائل، مثل اليورو، الذي يبدو حاليا خيارا غير جذاب.

ثالثا، إن سوق صرف العملات الأجنبية هو عميق وسائل بما فيه الكفاية للتعامل مع زيادة كبيرة في معاملات الصرف الأجنبي، ولاسيما بالدولار الأمريكي. يبلغ معدل التبادل الحالي في سوق الصرف حوالي 5 تريليونات دولار يوميا، 80% من قيمة هذه العمليات تتم بالدولار الأمريكي.

رابعا، فإن الرقم المقدر البالغ 750 مليار دولار ينطوي على مبالغة من عدة أوجه. أولا فإن صندوق الثروة السيادية في المملكة، والمعروف باسم مؤسسة النقد العربي السعودي، قد بلغت قيمته 750 مليار دولار في عام 2014، ولكنها تقلصت إلى 685 مليار دولار منذ ذلك الحين بسب القيام بتصفية العديد من الأصول بهدف المحافظة على الإنفاق الاجتماعي. وعلاوة على ذلك، فليست كل من هذه المقتنيات هي أصول أمريكية. مؤسسة النقد العربي السعودي لديها حيازات كبيرة من الأسهم والأصول العالمية خارج الولايات المتحدة، تتركز في مجالات العقارات وتكرير النفط.

وأخيرا، ففي حال حدث الأمر، وهو غير مرجح على كل حال، وأدى إلى تقلبات كبيرة في السوق نتيجة تعثر سندات الخزانة الأمريكية وارتفاع أسعار الفائدة المحلية، فإن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه بسهولة استيعاب هذه الحركة من خلال شراء سندات الخزانة من خلال عمليات السوق المفتوحة. مع وجود 5 مليارات دولارات في حيازة الخزانة فإنه يمكن القيام بذلك بسهولة دون الإخلال بالمستثمرين العالميين.

ما هو الحد الأدنى؟ التخلي عن سندات الخزانة الأمريكية ليس في واقع الأمر خيارا بالنسبة إلى أي بلد تشغل موقعا رئيسيا. إذا كان بيع عدد كبير من السندات يمثل مشكلة بوجه ما فإن هذه المشكلة ليست راجعة لكونها تعطي بعض الدول نفوذا على الولايات المتحدة. المشكلة الرئيسية أن ذلك يعكس عقودا من الخروج عن السيطرة في الإنفاق لذي يجب التصدي له من أجل صحة اقتصاد البلاد على المدى الطويل.

  كلمات مفتاحية

السعودية الولايات المتحدة الأصول السعودية 11 سبتمبر العلاقات السعودية الأمريكية أوباما الخليج

ستراتفور: هل يمكن أن تنفذ الرياض تهديدها ببيع الأصول الأمريكية؟

«النواب» الأمريكي يطالب بإعادة النظر في قانون يتيح مقاضاة السعودية عن «11 سبتمبر»

واشنطن: «أوباما» لن يقر قانون يتيح لمتضرري هجمات 11 سبتمبر مقاضاة السعودية

البيت الأبيض: ليس من مصلحة السعودية زعزعة استقرار الاقتصاد العالمي

خبير اقتصادي: أصول السعودية في أمريكا تبلغ تريليون دولار.. وتهديدها ليس خدعة

تشريع أمريكي جديد قد يدين الرياض في هجمات 11 سبتمبر .. والمملكة تلوح بإجراءات اقتصادية

للشهر الثاني.. الحكومة السعودية تسحب 15 مليار ريال من الاحتياطي العام

2.18 تريليون ريال قيمة الأصول الاحتياطية السعودية

القصة السرية للديون السعودية في الولايات المتحدة

العلاقات السعودية الأمريكية.. الاتفاق حول المصالح أهم من الخلاف حول القيم