نكسة لمفهوم «صانع السوق» في الإمارات

الثلاثاء 26 أبريل 2016 06:04 ص

تطبق هيئة الأوراق المالية الإماراتية منذ العام 2012 ستة قوانين، بهدف تنشيط الاستثمار المؤسسي في أسواق المال الإماراتية، في ظل سيطرة سيولة المضاربين الأفراد على حركة السوق وضعف سيولة الاستثمار المؤسسي، ما ساهم في ارتفاع أخطار الأسواق وانخفاض كفاءتها. وتشمل تلك القوانين النظام الخاص بصناديق الاستثمار، ونظام «صانع السوق»، ونظام إقراض الأوراق المالية واقتراضها، ونظام البيع على المكشوف، ونظام توفير السيولة، ونظام التداول عبر الإنترنت.

وأول ترخيص مُنِح لمزاولة نشاط «صانع السوق» كان لـ«بنك أبوظبي الوطني». وبعد أقل من سنة على مزاولته نشاط صناعة السوق نهاية العام الماضي، أعلن البنك الذي يملك جهاز أبوظبي للاستثمار، وهو أكبر صندوق سيادي في المنطقة، ما نسبته 70% من رأسماله، إغلاق هذا النشاط. وبرر وقف هذا النشاط بأنه أثبت عدم ربحيته، إضافة إلى تركيز البنك على أسواق الدين باعتبارها مناسبة له أكثر من أسواق الأسهم.

لكن واضح أن الضربات القوية التي تعرضت لها أسواق المنطقة، ومنها أسواق الإمارات، نتيجة انهيار أسعار النفط، بالتزامن مع مزاولة البنك هذا النشاط، من أسباب وقفه، إذ ارتفعت أخطار الأسواق نتيجة التقلبات الشديدة في مؤشرات أدائها.

«صانع السوق» جهة مرخص لها العمل باستمرار لتحديد سعر سهم معين أو أكثر، بهدف تحقيق عرض وطلب وسيولة في شكل دائم لذلك السهم أو تلك الأسهم. و «صانع السوق» لا يهدف إلى الربح وإنما يحققه من خلال القيام بمهمته.

وكان «بنك أبوظبي الوطني» أول «صانع سوق» في الإمارات والشرق الأوسط، وهو حصل على ترخيص الجهات الرقابية بعد استيفائه شروط الترخيص. واستبشر المستثمرون في الإمارات من كل الشرائح خيراً بهذه الموافقة وبمزاولة هذا النشاط المهم الذي ساهم في ضبط التوازن في حركة أسهم خمس شركات اعتُمدت ضمن قائمة عمل نشاط «صانع السوق»، وقلل الفجوة بين العرض والطلب على أسهمها، واستقطب سيولة جديدة، ما شجع المستثمرين على الاستثمار الطويل الأجل بدلاً من المضاربة، ومنح الأسواق عمقاً إضافياً.

ويُعتبَر «صانع السوق» مكوناً رئيساً من مكونات البنية الأساسية اللازمة لتطوير أدوات أخرى في الأسواق، ما ساهم في تنويع نطاق المنتجات المتاحة وعزز من جاذبية الأسواق للاستثمارات في بيئة مفتوحة تتسم بالشفافية والإفصاح للوصول إلى فئة الأسواق المتطورة.

وأعلن «بنك أبوظبي الوطني» عند حصوله على الترخيص أنه سيؤدي دور «صانع السوق» لأربع شركات مدرجة في سوق أبوظبي، وهي «بنك أبوظبي التجاري» و «شركة الدار» و «شركة الواحة» و «بنك الخليج الأول». وأضاف في أيار (مايو) 2015 إلى هذه الشركات «شركة الاتصالات الإماراتية»، وهي أكبر شركة مدرجة في الإمارات، بعد سماح الشركة للأجانب بتملك 20% من رأسمالها.

وحددت سوق دبي أسهم 17 شركة غير نشطة لـ «صانع السوق» على أن تتم مراجعة القائمة مرتين سنوياً، استناداً إلى معايير تتعلق بمستويات سيولة هذه الأسهم وتداولها، وهذه الشركات يفترض معاناتها من نقص السيولة لكونها الأكثر حاجة إلى السيولة وإلى هذا النشاط، مقارنة بغيرها من أسهم الشركات المدرجة النشطة، إضافة إلى أن نشاط صناعة السوق على هذه الشريحة من الشركات سيكون أكثر جاذبية لهم بعد الأخذ في الاعتبار أن الفجوة بين العرض والطلب للأسهم أقل تداولاً تعد الأكثر احتياجاً إلى هذا النشاط مقارنة بالأسهم النشطة التداول. وقبل سنة، أعلن مجلس إدارة سوق دبي أن ثلاثة بنوك أبدت اهتماماً بممارسة نشاط «صانع السوق» في السوق، لكن السوق لم تصدر أي ترخيص لمزاولة نشاط «صانع السوق» بعد هذا الإعلان.

ويؤكد الخبراء في المنطقة أهمية وجود صناع للأسواق المالية في المنطقة، عندما تكون أسعار أسهم الشركات المدرجة مرتفعة بنسبة كبيرة اعتماداً على الإشاعات والمضاربة وفي غياب مبررات منطقية. وتأتي تأكيداتهم بصعوبة الاستغناء عن صانعي الأسواق، نتيجة مساهمة هؤلاء في تطوير معايير وأدوات وتنويع الخيارات الاستثمارية للأسواق للوصول إلى فئة الأسواق المتطورة.

ولا تستغني الأسواق المتقدمة عن صناع السوق، باعتبار أن غيابهم يساهم في تهميش آليات السوق وانخفاض كفاءتها وارتفاع أخطارها، بينما يؤدي وجودهم إلى تحقيق الأسواق أهم وظائفها، وهي القدرة على تسييل الأوراق المالية بسرعة وسهولة وإيجاد توازن مستمر بين العرض والطلب، ما يحد من تقلبات الأسواق صعوداً وهبوطاً، ويعزز بالتالي استقرارها واقترابها من قيمتها العادلة.

سيساهم وجود صانعي أسواق في الإمارات في استقطاب عدد مهم من الصناديق والمحافظ الاستثمارية المحلية والإقليمية والعالمية، لذلك يؤمل أن يعود نشاط صانع الأسواق إلى أسواق الإمارات والمنطقة في أقرب وقت لرفع كفاءتها وخفض أخطارها وتعزيز سيولتها.

* زياد الدباس مستشار أسواق المال في "بنك أبوظبي الوطني".

المصدر | زياد الدباس | الحياة

  كلمات مفتاحية

صانع السوق الإمارات سوق الأسهم أسواق المال الإماراتية السيولة العرض البورصة الإماراتية

«صندوق النقد» يتوقع نمو اقتصاد الإمارات 2.4% في 2016

مقترح إماراتي بتأسيس اتحاد مصارف خليجي في أبوظبي

وزير الاقتصاد الإماراتي: خفض الاعتماد المحلي على النفط 10% بحلول 2020

قائمة أكبر مصدري العالم.. الإمارات في المركز 20 تليها السعودية بمرتبتين

الإمارات.. بدء إجراءات ضم السياحة إلى وزارة الاقتصاد

«مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية» تستحوذ على مرسى يخوت في أوروبا