«ميدل إيست بريفينج»: انقسامات داخل البيت الأبيض حول الحل في سوريا

الأحد 1 مايو 2016 05:05 ص

انتقد تقرير نشرته دورية «ميدل إيست بريفينج» التردد الأمريكي في الساحة السورية وترك الفراغ لصالح كل من روسيا وإيران بدعوى الخوف من أن يؤدي الدعم الأمريكي للمعارضة إلى حرب بالوكالة ضد روسيا، في حين لا تعتبر روسيا أنها تخوض حربا بالوكالة ضد الولايات المتحدة حين تقوم بقصف حلفائها.

وشدد التقرير على أنه «يجب على الولايات المتحدة أن تتجه بكامل قوتها لمساعدة المعارضة المعتدلة حتى النقطة التي يضطر فيها الأسد وإيران وبوتين للقبول بصفقة سياسية معقولة تحافظ على الدولة السورية وتوقف حمام الدم اليومي».

كما حذر من أنه «لا يمكن التوصل إلى حل سياسي معقول إلا إذا أصبح ميزان القوى بين الأسد والمعارضة متساويا على الأرض»، منتقدا من يقولون إنهم يحاولون وقف قتل المدنيين الأبرياء، في حين أن الجهود لا تثمر شيئا على أرض الواقع.

حقيقة الانقسام

وأورد التقرير تصريحات لمسؤولين أمريكيين تشير إلى وجود انقسامات داخل ادارة «أوباما»، مع اعترافات بأن روسيا عززت قواتها في سوريا بطائرات هليكوبتر متقدمة، وجددت الغارات الجوية ضد جماعات المعارضة المعتدلة. مؤكدة أنه كان واضحا منذ البداية أن الرئيس «بوتين» كان يسعي إلى الفوز، في الوقت الذي يتحدث فيه المسؤولون في البيت الأبيض عن تحرك لإيجاد مخرج سياسي، رغم أن الخيارات العسكرية تبدو أكثر جاذبية بالنسبة لموسكو من الحلول المقترحة.

ويشير تقرير الصحيفة الأمريكية أن «الحل السياسي المقترح لا يهدد الوجود الروسي في غرب سوريا بأي شكل من الأشكال، وهو مربح لبوتين في الحالتين»، سواء مع استمرار الحرب أو حال التوصل إلى اتفاق. حيث أن «الأسد» يحرز تقدما على الأرض، بينما يقوم الإيرانيون حاليا بتكييف علاقاتهم مع موسكو على أساس دعم «بوتين» للديكتاتور السوري، بحيث يكون الوجود الروسي في سوريا هو تأمين لبقاء «الأسد» في السلطة.

الثمن الذي يريده «بوتين»

وجدد التقرير الأمريكي تأكيد الموقف الذي سبق أن نقلته الصحيفة في 18 أبريل/نيسان الماضي والذي يتلخص في أنه لا يجب أن تعطي الولايات المتحدة وجودا مجانيا للروس في سوريا، وأنه طالما أن «بوتين» ينتظر على سعر عادل في مكان آخر مقابل التعاون الحقيقي في سوريا، فسيكون أحمقا في حال قرر التخلي عن بوصة واحدة في سوريا.

وتابع أن «بوتين ليس أحمقا، ولديه أجندته الخاصة، وهو أمر طبيعي تماما، سواء في مناطق أوكرانيا أو آسيا الوسطى أو أوروبا الشرقية، فهو يريد شيئا في المقابل». منوها إلى وجود أهداف روسية أمريكية مشتركة في سوريا منها: هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» وفرض الاستقرار في البلاد، لكن هذا يتطلب توفير أرضية مشتركة بين موسكو وغيرها، والتوقف عن ارتكاب أخطاء تتعلق بالخطأ في الحسابات أو الخداع المتعمد.

لكن تحركات «بوتين» في سوريا لا يبدو أنها متسقة مع الإطار العام المتفق عليه مع وزير الخارجية الأمريكي «كيري»، فهو يدمر وقف إطلاق النار الذي شارك في التوصل إليه، وما جري في حلب «يثبت أنا لأهداف المشتركة التي استخدمتها إدارة أوباما كتفسير لرفضها إسقاط نظام الأسد يتخذها الروس ستارا لعملياتهم».

إغضاب العرب وتركيا

واهتم التقرير بالتأكيد على أنه «كان يجب على الولايات المتحدة تطوير طريقة تعاملها مع الأزمة السورية منذ البداية، بينما كانت نوايا بوتين قد وضعت والأسئلة حول أهدافه الحقيقية ظهرت بوضوح للكل». وشدد على أن الولايات المتحدة تمتلك خيارات متعددة، ولكنها، على العكس تركت الكرملين يبتلع روسيا، ووقف في ركنت منزو وهي يائسة.

وأكد أن استمرار بقاء «الأسد» في السلطة معناه إغضاب العرب والأتراك الذين سيقدمون كل وسائل الدعم للمعارضة لمواصلة القتال، كما أن وجود «الأسد» لن يؤدي إلى هزيمة «الدولة الإسلامية» أو استقرار سوريا أو منع أي ظهور مجموعة إرهابية أخرى في المستقبل.

وأضاف: «هم يرون أيضا أن إحجام الولايات المتحدة عن الرد سيلحق مزيدا من الضرر بعلاقاتها بالمملكة العربية السعودية ودول الخليج الأخرى التي تسعى للإطاحة بالأسد وكذلك بصلاتها بتركيا التي تطلق نيران مدفعيتها على أهداف تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا».

كما نوه التقرير لدور مستشارة الأمن القومي، «سوزان رايس»، في مقاومة أي خطوة جادة لتغيير الحسابات على أرض الواقع في سوريا، مشيرا لقول مسؤول كبير لوكالة رويتر: «هناك مسؤولون آخرون، بما في ذلك مستشارة الأمن القومي سوزان رايس، اعترضوا على أي تصعيد كبير يورط الولايات المتحدة في سوريا».

وأكد أن «أوباما نفسه عازف عن تصعيد التدخل الأمريكي في الحرب وقال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إن واشنطن لن تنزلق في حرب بالوكالة مع موسكو، في حين تركز إدارته أكثر على تصعيد الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على منطقة شاسعة بشمال شرق سوريا».

حيرة غربية

وتجد الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية صعوبة بالغة في قراءة نوايا «بوتين» منذ نشر قواته بشكل مفاجئ دعما للأسد في سبتمبر/أيلول أيلول الماضي، بحسب التقرير. كما أن إعلانه المفاجئ أيضا في مارس/أذار عن انسحاب جزئي قد ترك صناع السياسة الغربيين يضربون أخماسا في أسداس فيما يتعلق بخططه المزمعة.

ويعكس الجدال الدائر حول كيفية الرد على التحركات العسكرية الروسية في جانب منه اختلافا في الرأي في واشنطن حول ما إذا كان «بوتين» مخلصا حقا في دعم عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة والتي تصارع من أجل البقاء.

ويتساءل مسؤولون وخبراء أمريكيون لماذا لم يكن «بوتين» قادرا أو راغبا في الضغط على «الأسد» على نحو يدفعه لتقديم مزيد من التنازلات خلال المفاوضات.

ويشير المقال إلى أن هناك مسؤولين بالمخابرات الأمريكية يرون أن «بوتين» يؤيد حقا المحادثات التي تدعمها الأمم المتحدة، وأن «الأسد» قوض المبادرة بعرقلته عملية جنيف وتجاهل وقف إطلاق النار مما استفز معارضيه المسلحين فانهارت الهدنة، ويرون أن «بوتين» نتيجة لهذا لم يكن لديه خيار سوى زيادة دعم حليفه السوري.

لكن بالمقابل هناك بين المسؤولين والخبراء الأمريكيين من يرون أن «بوتين» لم يكن قط مخلصا في المسار الدبلوماسي. وهذا المعسكر يقول إن «بوتين» ما زال حريصا على بقاء «الأسد» في السلطة، وضمان احتفاظ روسيا بميناء بحري على ساحل البحر المتوسط ومجال جوي في شمال سوريا.

ويتفق مع هذا الرأي «جيفري وايت» المحلل الكبير السابق بوكالة مخابرات الدفاعوالذي يعمل الآن بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى والذي قال «يلعب بوتين لعبة ساخرة من البداية. لا أظن ولو لوهلة أن الأسد أرهبه. أعتقد أنهما رتبا للأمر معا».

وقال الكولونيل «ستيف وارن» المتحدث باسم التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في قتال تنظيم «الدولة الإسلامية» ومقره بغداد: «لا علم لي بنواياهم، ما أعلمه أنن ارأينا قوات نظامية، مع قدر من الدعم الروسي كذلك، وهي تبدأ في التجمع وتركيز القصف علي حلب»، معتبرا أن «هذا شيء يثير قلقنا ونضعه نصب أعيننا».

ويختتم الكاتبان التقرير بقولهما: «هذه لحظة ليست مهيأة للتوصل إلى حل سياسي موات في سوريا».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا البيت الأبيض أوباما حلب بوتين روسيا بشار الأسد

واشنطن تعمل على «مبادرات محددة» لاستعادة الهدنة في سوريا والأولوية لحلب

حلب ونهاية وقف إطلاق النار: من يخدع من في سوريا؟

خيانة «أوباما» الكارثية: البيت الأبيض يهدي الانتصارات لـ«الأسد» وروسيا وإيران

خدعة «بوتين»: كيف تم استخدام جنيف كغطاء سياسي للحل العسكري الروسي في سوريا؟

كيف تبنى «أوباما» خطة «بوتين» في سوريا وأعطى «الأسد» نصرا دبلوماسيا؟