قال رئيس حركة النهضة التونسية، «راشد الغنوشي»، مساء أمس الجمعة، إن حزبه حريص على «النأي بالدين عن المعارك السياسية».
جاء ذلك في كلمة ألقاها «الغنوشي» أمام مؤتمر حركة النهضة العاشر، الذي انطلقت أعماله، مساء أمس، ويستمر على مدار ثلاثة أيام بالقاعة الأولمبية في مدينة رادس، بضواحي العاصمة التونسية.
وأضاف «الغنوشي» أن «التخصص الوظيفي (في إشارة للفصل بين الجانب السياسي والدعوي للحزب) ليس قرارا بل جاء تتويجا للمسار السياسي، والتطور، وبحكم الدستور».
وكان «الغنوشي» قد أعلن في تصريحات صحفية له قبل أسبوعين، أن حركته بدأت تتحول تدريجيا إلى «حزب سياسي».
وفي كلمته أمام مؤتمر حركته، تابع: «نقول لمن يظهر العداوة للنهضة، أن التوافق يتسع للجميع ونعترف بأخطائنا، وننظر لتاريخنا. نحن حركة تتطور، وحزب ديمقراطي سياسي» .
وعبر عن دعم حزبه لحكومة رئيس الوزراء التونسي، «الحبيب الصيد»، في حربها ضد الإرهاب، قائلا: «النهضة تساند الدولة في حربها ضد الدواعش (تنظيم الدولة الإسلامية)، وتونس ستهزمهم. تونس عصية على الإرهاب».
وشدد على أن نجاح «الربيع العربي» في تونس، دليل على أن العالم العربي مهيء للديمقراطية.
وقال «الغنوشي»، إن «حركة النهضة ملتزمة بمحاربة الفساد، ودعوتنا للمصالحة ليست تبييضا للفساد، ونحن نلح على التمييز بين رجال الأعمال الفاسدين والشرفاء».
كما جدد دعوة حزبه لمصالحة وطنية شاملة، قائلا: «هي مشروع وطني يرنو للمستقبل، والمصالحة ليست صفقة تحت الطاولة بل هي رؤية شاملة للتوحيد، وليس للتقسيم».
ويشارك نحو 2000 شخصية في مؤتمر حركة النهضة، سيناقشون اللوائح العامة (تخص مواضيع تقييم تجربة الحكم، والخيارات الإستراتجية)، وسينتخبون رئيسا للحركة، وثلثي تركيبة مجلس الشورى (الذي يضم 150عضوا).
وقبل يومين، كشف «راشد الغنوشي» النقاب عن تفرغ حركة النهضة للجانب السياسي والاصلاحي مستقبلاً، وبذلك سيتم الفصل بين الجانب الدعوي المعروف له، والشأن السياسي مضيفا «أن الدين يتضرر إذا ارتبط بحزب معين».
وقال «الغنوشي» في حوار مع مجلة «ليدرز-عربي» التونسية: «الحركة ستغير اسمها بحيث ستبقي على عبارة النهضة مع زيادة عبارة أخرى»، مضيفاً أن الحركة يمكن أن يصبح اسمها «النهضة الوطنية» أو «النهضة والتنمية».
وأشار إلى أن اسم الحركة سيتغير بعد مؤتمرها الـ10 الذي ينعقد من 20 إلى 23 أيار/مايو الجاري.
وأضاف «الغنوشي» أن «النهضة مع المصالحة بين مختلف الجهات والتيارات السياسية»، مؤكداً على «أنه من الضروري تحقيق وحدة وطنية شاملة لمواجهة التطرف في البلاد».
وتعليقا على إعلان «النهضة» الفصل بين السياسي والدعوي في المؤتمر القادم، قال الباحث والخبير في الحركة الإسلامية في تونس، «شكري بن عيسى»، إن «من الصعب فهم إقدام النهضة على «قرار» ،في انتظار التصديق عليه في المؤتمر على درجة من الخطورة، بل الأخطر في تاريخها والأخطر في انعكاساته، بفصل السياسي عن الدعوي، والانتقال إلى «حزب مدني ديمقراطي وطني بمرجعية إسلامية»، دون إنجاز دراسة تفصيلية دقيقة حول انعكاساته السياسية والاستراتيجية على حجم الحركة في المشهد الوطني ورصيدها الشعبي».
وتؤكد قيادات النهضة أن الحركة لن «تتعلمن»، معتبرين أن الوقت قد حان لرسم سياسات جديدة للتجربة السياسية الإسلامية، «لتخطو الحركة خطوة أخرى إلى الأمام طالما عجزت عنها تنظيمات إسلامية أخرى».
لكن هذا القرار قد يكون تكتيكيا وجاء نتيجة ضغوط خصومها ونتيجة للتحولات الداخلية والإقليمية أكثر مما هو نابع عن قناعات ومراجعات داخلية بحسب مراقبين، وهو ما قد يخلف بعض المشكلات الداخلية بحسبهم.