هل يمكن أن نشهد انقلابا عسكريا في المملكة العربية السعودية؟

الجمعة 3 يونيو 2016 01:06 ص

المملكة العربية السعودية هي اللاعب الأهم في تحديد مستقبل الثورات العربية. هناك طريقتان لكسر هذا المأزق: استبدال الهيمنة الإقليمية السعودية، أو تغيير النظام المسيطر عليها.

يؤكد الدارسون للتاريخ العربي أن سقوط النظام الملكي في مصر في عام 1952 كان ضروريا لانطلاق مشاريع أخرى التحرر في العالم العربي، كما هو الحال في العراق وسوريا والجزائر وليبيا واليمن.

وقد قرأ البعض ما يعرف بـ«التأثير التونسي» خلال الربيع العربي باعتبارها تجسيدا لهذا الانتشار السياسي (مثل ريم أبو الفضل في كتابها مصر الثورية: اتصال الصراعات المحلية والدولية). ومع ذلك، فإنني لا أتفق مع نقطتين رئيسيتين. تجريبيا، يبدو واضحا أن تونس ليست مستعدة ولا قادرة على تدويل جدول أعمالها الثورية. ثانيا، ومن الناحية النظرية، فإن الانقلابات العسكرية تبدو أكثر قدرة وكفاءة في نشر السياسات من الحركات الجماهيرية، ربما فقط لأن لديها القدرة اللازمة (سواء من القوى الصلبة أو الناعمة) لتعمل بشكل متناسق مع اللاعبين الإقليميين.

يحتم علينا هذا المنظور النظر إلى مصر عام 1952 من زاوية السلطة وليس الأيدولوجيا. هذا يدفعنا للقول بأن التأثير الإقليمي لانقلاب/ثورة مصر عام 1952 لم يكن راجعا إلى جدول أعماله الثورية بقدر ما كان يرجع إلى القدرة على فرض هذا الجدول على الدول الأخرى أيا كان محتواه. وبإسقاط ذلك على السياسة الإقليمية المعاصرة، فإن المملكة العربية السعودية وليست تونس هي اللاعب الأقوى والأكثر قدرة على تحديد مصير الثورات العربية. كما هو الحال مع «ناصر» في الخمسينيات، فإن الملك «سلمان» يبدو اليوم على رأس الأحداث، حيث يقوم بتمويل الأنظمة التي يفضلها وتضييق الخناق على الأنظمة التي يكرهها تحت ستار الدفاع عن العروبة في جميع الأحوال.

في مثل هذا الترتيب الإقليمي «الباكس سعودي» فإن التغيير السياسي لا يمكن أن يتحقق دون مباركة المملكة. من الذي يرغب في النظر إلى فرضية أنه في ظل المتاعب التي يواجهها نظام «السيسي» فإننا يمكن أن نرى غارات جوية سعودية لإعادته إلى منصبه (كما رأينا مع عبد ربه منصور هادي في اليمن) أو أن نرى في أفضل الأحوال تمويلا سعوديا غير عنيف لرئيس عسكري آخر يعتمد على المساعدات مثل «خليفة حفتر» في ليبيا؟

لكسر هذا المأزق، فإن السلطة الإقليمية للمملكة العربية السعودية ينبغي أن يتم نقلها إلى فاعلين أكثر تقدمية. هذا يمكن أن يحدث بطريقتين: إما عن طريق استبدال الهيمنة الإقليمية السعودية، وهو أمر غير ممكن في الوقت الراهن نظرا لعدم وجود بديل جدي توافق عليه الدول العظمى وعلى الأخص الولايات المتحدة أو استبدال نظام الحكم المسيطر على هذه الهيمنة. ويظل الأمر الثاني ضمن نطاق الاحتمال وذلك للأسباب التالية.

لمحة تاريخية

أولا وقبل كل شيء، فإن المملكة قد فقدت معظم الجذور التاريخية لشرعيتها. منذ تأسيس المملكة الحديثة، فإن شرعية الحكم في البلاد قد ارتكزت على 3 دعائم رئيسية هي السنية والقومية والقرابة، لفهم هذه الأركان الثلاثة، فإن المراجعة السريعة لتاريخ المملكة يبدو أمرا ضروريا.

المملكة التي نعرفها اليوم تمثل الدورة الثالثة من حكم آل سعود. كانت المرة الأولى في عام 1788 عندما وقع الملك «محمد بن سعود» اتفاق الدرعية الشهير مع الشيخ «محمد بن عبد الوهاب» (الأب الروحي للوهابية) لمحاربة ما كان يراها «ابن عبد الوهاب» على أنها «الجاهلية الجديدة» واستعادة التعاليم الصافية للإسلام. ومن هذا المنطلق أنشأ ابن سعود الدولة السعودية الأولى والتي حكمت المنطقة الوسطى من المملكة العربية السعودية التي نعرفها اليوم (المناطق المعروفة بنجد والرياض). كما خضعت البلاد للهيمنة الروحية للشيخ «محمد بن عبد الوهاب» وأسرته من بعده.

شن تحالف عائلتي «آل سعود» و«آل شيخ» الحرب ضد القبائل المجاورة بحجة التحرير الإسلامي (الغزو). وقد كان هذا التحالف يكمل بعضه بعضا. «آل سعود»، التي تصنف من بين أكبر العائلات في شبه الجزيرة، دعمت هذا التحالف بالمال والقوى العاملة، في حين دعمه «آل شيخ» بمنح الشرعية الدينية للحرب. ومع بروزها كنصف خلافة، فقد مثلت المملكة تهديدا خطيرا للإمبراطورية العثمانية، والتي قررت الإطاحة بالمملكة الوليدة.

في عام 1824، أعاد الملك «تركي آل سعود» السلالة السعودية استنادا إلى نفس العقد الأسري المزدوج والذي يقضي بأن يستأثر «آل سعود» بالسلطة السياسية في حين يسيطر «آل شيخ» على جدول الأعمال الاجتماعي والديني. مرة أخرى، لم تستطع الإمبراطورية العثمانية التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية في هذا التوقيت أن تتقبل المنافسة السعودية الوهابية على تمثيل المسلمين. وقد أيدت انقلاب القبائل الذي أطاح بـ«آل سعود» ليحل محلهم «آل راشد» الموالين للعثمانيين.

بعد حوالي أربعين سنة، جاء الملك «عبد العزيز ابن سعود»، الابن الأسبق للملك السعودي السابق ليستعيد إرث العائلة. كانت اللحظة مواتية تماما حيث لم تكن الإمبراطورية العثمانية تمثل تحديا بعد زوال ملكها وسقوط إسطنبول في عام 1922. وعلاوة على ذلك، فإن صعود العلمانية الأتاتوركية كبديل عن الخلافة العثمانية قد أغرت السعوديين بتنظيم أنفسهم كخلافة إسلامية جديدة.

على صعيد آخر، فإن تاريخ النضال الوطني لـ«آل سعود» ضد الإمبريالية العثمانية أضاف الجانب الوطني لشرعيتهم الدينية. هذان العاملان مجتمعان جعلا من «آل سعود» الوريث الأكثر شرعية لنجد بعد فشل الإمبراطورية العثمانية وحلفائها. لم يكن يتبقى لهم سوى توسيع ملكهم خارج نجد والرياض، ليشمل قبائل الحجاز التي كانت خاضعة في وقت سابق لسيطرة الإمبراطورية العثمانية.

ومع ضعف الرعاة في إسطنبول فإن هذا الاستحواذ لم يكن مهمة عسيرة. وكان التحدي الرئيسي يكمن في تحقيق ذلك سلميا نظرا لأن الحرب كانت ستدفع القوى الإقليمية لدعم حرب بالوكالة ضد الخلافة الناشئة مما يضع حكم آل سعود مرة أخرى في خطر.

وكان الحل هو استقطاب تلك القبائل بالوسائل السلمية عبر تقاسم السلطة مع الحكام السابقين للبلاد والأسر الكبيرة. وكان تكتيك الملك «عبد العزيز» خارج الصندوق وشديد الفاعلية: ألا وهو الزواج. تزوج الملك امرأة من كل عائلة كبيرة جاعلا والدها وأخوتها وأبناءها شركاء في كل من الحكم والحرب ضد القبائل الثائرة. ومع وجود الكثير من الأمراء والأميرات، فقد تم عقد اتفاق بتمرير العرش جميع أبناء الملك «عبد العزيز»، بما يضمن تقاسم السلطة بين جميع الأسر، وقبل ذلك بقاء الدولة السعودية الثالثة.

يوضح هذا التاريخ القصير الأسباب الثلاثة الرئيسية التي تعزز من قبول الملك السعودي كحاكم للبلاد: الوضع الديني بصفته حامي الإسلام، والوضع القومي بصفته أحد المشاركين في حرب التوحيد، ودوره الموعود في الحكم بصفته ممثلا لعائلة والدته التي تشارك السلطة مع «آل سعود».

ولكن أيا من هذه العوامل الثلاثة لا تنطبق على أولياء العهد اليوم، سواء كان الأمير «محمد بن نايف» أم «محمد بن سلمان». لم يكن أيا منها على قيد الحياة فضلا عن أن يشارك في حرب التوحيد الوطنية. وبالتبعية فإن أيا منهما لم يكن موعودا بدور في الحكم ولا يعد ممثلا لأحد الأسر المحاربة في تحالف القرابة مع آل سعود.

الحكم الراهن في المملكة

أما بالنسبة للعمود الثالث، الشرعية الدينية، فهو على وشك السقوط أيضا لاسيما بعد قرار المملكة تقليص صلاحيات المؤسسة الوهابية الرسمية المسؤولة عن فرض النظام الإسلامي، هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. اضطرت المملكة إلى اتخاذ هذا القرار وذلك لتجاوز صورتها كدولة من العصور الوسطى لا تلقي بالا لاحترام حقوق الإنسان.

على الرغم من أن هذا القرار الاضطراري قد ساهم بشكل إيجابي في تحسين الوضع الدولي للمملكة (السماح بقبولها كعضو في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ورئاستها للمجلس مرتين)، فإنه يضع الوضع الديني للطبقة السعودية الحاكمة في خطر. يتم تعزيز ذلك أيضا من خلال حقيقة أن مفهوم إمبراطورية الخلافة (ومفهوم الإمبراطورية بشكل عام) والذي شكل ملامح سلالة حكم آل سعود لم يعد مقبولا على الصعيد العالمي.

والأسوأ من ذلك أن مفهوم الخلافة قد صار مرتبطا بتنظيم «الدولة الإسلامية» والحركات الإرهابية المحظورة دوليا. ذا كانت المملكة تريد أن تنأى بنفسها عن المنظمات الإسلامية التي تصنف كأهداف للحرب على الإرهاب، فإنه سيتعين عليها أن تتخلى عن مكانتها الثيوقراطية وأن تفقد الركيزة الأساسية لشرعيتها. هذا يترك ملك السعودية القادم دون أي شرعية على الإطلاق.

فقدان الشرعية السياسية، كما أكدت «حنا أرندت»، يمثل دعوة مفتوحة للعنف. والدعوة هنا موجهة إلى ثلاثة أشكال من العنف: الإكراه العنيف من قبل النظام من أجل الحفاظ على السيطرة، والمعارضة العنيفة من قبل الجماعات شبه العسكرية التي تجد فرصة في خضم الشرعية المفقودة، والقوى الخارجية التي تستغل نفس الفرصة. وتنطبق الحالات الثلاثة بشكل كبير على المملكة العربية السعودية في الوقت الراهن.

وقد تم شن الحروب بالوكالة من قبل وكلاء إيران في اليمن، الحوثيين، ليس فقط ضد النظام اليمني الموالي للسعودية ولكن ضد المملكة العربية السعودية نفسها حيث تم استهداف حدودها، لأول مرة في التاريخ السعودي، مرتين. داخليا، تم الإبلاغ عن العديد من الهجمات الإرهابية في الأشهر القليلة الماضية، مما يشير إلى ارتفاع وتيرة الأنشطة المناهضة للنظام. هذا التصاعد على الجبهتين الداخلية والخارجية يغذي المزيد من إكراه النظام ضد أولئك الذين ستحدون سلطته.

هذا العنف الثالث القادم من قبل النظام هو الأصعب. إذا كنا سننظر إلى أبعد من المفاهيم التقليدية التي تنظر إلى النظام بوصفه صندوقا أسود نحو نظرة أكثر «غرامشية» تعطي انتباها خاصا إلى كل عنصر من عناصر النظام، فإننا سوف نرى التميز الواضح وربما الفصل بين المؤسسة العنيفة في الدولة، الشرطة والجيش، من جهة وبين المؤسسة السياسية المتمثلة في العائلة المالكة من جهة أخرى.

في حين أن علماء السياسة التقليديين يميلون إلى النظر إلى هذه المؤسسات بوصفها أدوات في خدمة النظام السياسي، فإن النظر «الغرامشي» يبلغنا أن علينا أن ننظر أيضا في الاتجاه الآخر. وبنفس الطريقة التي يتم بها استخدام هذه المؤسسات على أنها أدوات للإكراه من قبل الفاعلين السياسيين، فإنها يمكن أن تستخدم أيضا كأدوات للإقناع. هذان المكونان هما اللذان يحافظان على هيمنة النظام. إذا سقط أحدهما فإنه بإمكانه أن يضع ضغوطا على الآخر ولكنه في ذات الوقت يجعله أكثر قوة.

لا أحد يريد أن يؤدي عملا إضافيا بشكل مجاني. مع جهاز قسري يشعر بالقوة والإحباط في آن واحد فإنه سوف يميل إلى لاستغلال فرصة فجوة الشرعية لمصلحته. ومن شأن الانقلاب أن يتسبب في إرخاء التوترات (العمل الإضافي) من خلال إعادة توزيع المسؤولية مرة أخرى بمشاركة نخب سياسية أكثر كفاءة مع ضمان نفوذ أكبر في السلطة.

ربما يكون قول ذلك بالطبع أسهل من القيام به. وهناك عدة عوامل هيكلية تحتاج إلى أن تكون موجودة للسماح لمثل هذا الانقلاب بكسب الشرعية الداخلية والخارجية. ولحسن حظ النخبة العسكرية للمملكة العربية السعودية فإن كل هذه العوامل تكاد تكون موجودة.

المظالم المناهضة للنظام

بادئ ذي بدء، فإن القيادة العسكرية يجب أن تكون مهتمة باستغلال هذه الفرصة. هذا الاهتمام، كما يكشف البحث المستفيض لـ«بيردال» و«مالون» إما أن يكون بدافع وجود مظالم مناهضة للنظام داخل المؤسسة العسكرية. بتوصيف اقتصادي فإن المحرك قد يكون من جانب الطلب (المظالم) أو من جانب العرض (وجود فرصة تستحث الجشع). في واقع الأمر، وكما يؤكد البحث فإن ما يحدث حقيقة هو اجتماع الأمرين معا. في الحالة السعودية، قد يبدو للوهلة الأولى أن المسؤولين العسكريين السعوديين لا ينبغي أن يكونوا يعانون من أي مظالم. هم يتلقون رواتب جيدة ويتم تدريبهم بشكل جيد كما أنهم يحظون بمكانة اجتماعية مرموقة. هذا يكون صحيحا بشكل تام حين نفكر بالمنطق المطلق. أما حين ننظر للأمور من زاوية نسبية فإن مقارنة وضعهم مع وضع نظرائهم السياسيين يجعل هذه المظالم أكثر بروزا.

هذا يشبه مفهوم «غالبريث» للفقر النسبي الذي يرى الفقراء هم الذين يتقاضون دخلا يقل بشكل واضح عن مجتمعاتهم. بطبيعة الحال، فإنه لا يمكن القول بأن جنرالات السعودية هم من الفقراء. ولكن بنفس الطريقة التي أثبت بها «غالبريث» أنه يمكن إعادة تعريف الفقر بطريقة اجتماعية في المجتمعات الغنية بحيث يصبح الكفاف غير كاف للدلالة على الفقر، فإنه يمكن القول بأن مفاهيم الثروة والسلطة أيضا يمكن إعادة تعريفها كذلك. في هذه الحالة، فإن التدخل لاقتسام السلطة من قبل القادة العسكريين في المملكة العربية السعودية يصبح علاجا لمظلمة نسبية.

بالنظر إلى إمكانية حدوث انقلاب على جانب العرض فإن الأمر يصبح أقل صعوبة. الارتفاع الأخير في وتيرة الخطاب المضاد لـ«آل سعود» بين القوى الدولية العظمى وخاصة في الولايات المتحدة يشير ربما إلى تفويض مطلق للجيش للقيام بتحركه.

التشابه بين التصويت بالإجماع في مجلس الشيوخ الأمريكي 2016 للسماح لعائلات ضحايا 11 سبتمبر/أيلول بمقاضاة «آل سعود» وبين الإدانة البريطانية للتعديل الوزاري الأخير الذي أجراه آخر ملوك مصر الملك «فاروق» يبدو لافتا للنظر. منح هذا الانتقاد الجيش المصري إشارة أن الملك لن يكون محميا من أي انقلاب عسكري ضده. وقد فهم الضباط الأحرار هذه الإشارات وتصرفوا وفقا لذلك.

يمكن قراءة التصرف الأول في نفس السياق على أنه إعلان من مجلس الشيوخ الأمريكي أنه لن يحمي السعودية من الملاحقة القضائية في الولايات المتحدة، بما يعني أنه لن يحمي هؤلاء أيضا من المحاكمة داخل الوطن. موقف الولايات المتحدة حيال العديد من الآخرين من الحكام العرب ذوي الحظوة مثل «مبارك» هو إشارة أخرى جادة في هذا الصدد.

وعلاوة على ذلك، فإن هناك في الداخل تصاعد صامت في فرص الحشد ضد آل سعود. إذا كانت الاحتجاجات الشعبية في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط ليست كافية، فإن تلك الاحتجاجات التي اندلعت في أعقاب إعدام رجل الدين الشيعي «نمر النمر» الذي دعا صراحة لإزالة ملك أسرة «آل سعود» ينبغي أن تكون كافية. كما أن الحركة النسوية العنيدة المدافعة عن حق المرأة في قيادة السيارة تخبرنا بالكثير حول الطابع المتغير للمجتمع السعودي.

تلك المؤشرات الاجتماعية السياسية، جنبا إلى جنب مع المؤشرات الاجتماعية الاقتصادية التي تدل على صعود الطبقة الوسطى المتعلمة في المملكة العربية السعودية، فضلا عن ارتفاع الفقر (المطلق والنسبي)، تكشف عن وجود نقض للعقد الاجتماعي التاريخي الذي صاغته أسرة «آل سعود». هذا النقض لا يسلتزم إسقاط العائلة القوية ولكنه يزيد من فرص قبول بديل أكثر تقدمية.

إذا كان هذا البديل يمكن أن يتبع خطى انقلاب مصر 1952، مؤسسا شرعيته على إعادة توزيع الثروة وتكافؤ الفرص فإن مهتمه سوف تكون أكثر سهولة حتى إذا كان السبب الوحيد في ذلك يرجع إلى أن مستوى تركز الموارد في السعودية اليوم أعلى بكثير من مصر الإقطاعية في الخمسينيات. في الواقع، تتركز معظم موارد السعودية في شركة النفط المملوكة للدولة أرامكو. إذا تم تأميم موارد هذه الشركة وحدها، فإن الدولة الجديدة سوف يكون لديها موارد كافية لتهدئة الجماهير.

المحادثات الأخيرة حول استعدادات المملكة لخصخصة جزء من شركة أرامكو (فيما يمكن أن يكون أكبر اكتتاب عام في العالم) قد يضع فرصة هذه المصادرة المحتملة في خطر حيث إن قيمة الشركة المنتظرة سوف يتم توزيعها دوليا. ومع ذلك فإن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت قبل يتم تنفيذ هذه العملية فعليا. وحتى عندما يحدث ذلك، فإن الثروات غير أرامكو لا تزال مركزة أيضا في أيد قليلة حتى مقارنة بعام 1952.

ومع ذلك فإن المسير الهيكلي الرئيسي لأي انقلاب سعودي محتمل سوف يكون هو العداء بين آل سعود وبين سائر القوى الإقليمية. وقد بلغ العداء السعودي مع إيران ذروته بعد عملية إعدام «نمر النمر». وقد وقفت الحكومة الإيرانية صامتة في الوقت الذي هاجمت فيه الجماهير الإيرانية الغاضبة السفارة السعودية في طهران. وقد رد السعوديون بطرد السفير الإيراني وقطع العلاقات الدبلوماسية المتبقية تماما. ومع الاتهامات الصريحة الموجهة لهم بدعم الحركات المناهضة لـ«آل سعود» في المنطقة الشرقية فمن المحتمل أن يدعم الإيرانيون أي سيناريو يخلصهم من جيرانهم غير المرحب بهم.

أما بالنسبة لاثنين من القوى الكبرى الأخرى في الشرق الأوسط، تركيا و(إسرائيل)، فإن عدة محاولات أخرى للمصالحة قد جرت في الآونة الأخيرة. ولكن هذه المحاولات لا تزال بعيدة عن الوصول إلى مرحلة التحالف الكامل في حالة تركيا أو حتى مرحلة العلاقات الدبلوماسية المتبادلة في حالة (إسرائيل). وعلى الرغم من أن الاتجاه يشير إلى أن هذه القوى الثلاثة تسوف صطف تدريجيا من أجل تحقيق التوازن ضد إيران، فإن الأمر لا يزال يتطلب عدة سنوات من أجل تبلور مثل هذا التحالف. في جميع الحالات، فإن نظاما أكثر تقدمية في المملكة العربية السعودية سوف يسرع من وتيرة هذه المحاذاة.

والسؤال هو: مع كل هذه العوامل في الوقت الراهن.. لماذا لا يحدث مثل هذا الانقلاب؟

في السياسة، فإن الأسباب تسهل المخرجات ولا ترتبط بها بشكل حتمي. وبالتالي، ينبغي للمرء ألا يكون في حيرة إذا ما وقعت الأسباب دون أن تحدث الآثار المتوقعة. كل ما يمكن أن تفعله جميع البحوث السياسية هو أن تقوم بتسليط الضوء على الأسباب التي تخلق احتمالا ما ثم الانتظار. لذا فإن الأسباب التي تزيد من قدرة تحمل الحكم السعودي ينبغي أن يتم تحليلها أيضا.

المصدر | أوبن ديموكراسي

  كلمات مفتاحية

السعودية الجيش السعودي الإصلاح الاقتصادي العائلة المالكة انقلاب عسكري الملك سلمان انقلاب

إعادة النظر في العقد الاجتماعي.. السعودية تواجه مستقبلها في رؤية 2030

«ناشيونال إنترست»: أين تتجه التغييرات داخل العائلة الحاكمة في المملكة؟

«الانقلاب السعودي».. مغامرة خطيرة أم صحوة استراتيجية؟

فيديو.. باحث سعودي: ما حدث في مصر «انقلاب عسكري» و«الإخوان» ليسوا إرهابيين

«التليغراف»: السعودية تعتمد خطة إصلاحية لمواجهة شائعات عن «مؤامرات انقلابية»

«بلومبيرغ»: لماذا تخشى السعودية المضي قدما نحو الإصلاح الاقتصادي؟

من سيخلف الملك «سلمان»؟ الجواب: لا أحد يعلم