«ناشيونال إنترست»: لماذا تسعى الصين لتعزيز علاقاتها مع قطر؟

الجمعة 3 يونيو 2016 03:06 ص

خلال الشهر الماضي، وفي منتدى التعاون الصيني العربي في الدوحة، أكد وزير الخارجية الصينى «وانغ يي» أن قطر يجب أن تشارك في تحقيق مبادرة طريق الحرير الصيني. ومع تأكيده على أن قطر هي شريك رئيسي في تعزيز مشروع «حزام واحد طريق واحد» الذي أعلن عنه الرئيس الصيني «شي جين بينغ» في عام 2014، فقد أكد «يي» أن هناك فرصا متزايدة للشراكة في ظل رؤية قطر الوطنية 2030، وخارطة طريق التنمية المستقبلية التي أطلقها الدوحة في عام 2008.

تحقيقا لهذه الغاية، تأمل الصين في تعزيز العلاقات الثنائية مع قطر في المجالات الاقتصادية والسياسية والثقافية. ومع ذلك، فإن هذه ليست هي المرة الأولى التي تتخذ فيها الصين خطوات في مغازلة الدوحة للمساعدة في تنفيذ الطريق الصيني الجديد. قررت الصين إنشاء أول مركز مقاصة للعملة الصينية في الشرق الأوسط في الدوحة وهو أول مؤسسة مالية في الشرق الأوسط توفر الحصول على العملة الصينية وتداول العملات الأجنبية. وتأتي هذه الخطوة الحاسمة باعتبارها واحدة من أهم الخطوات التي اتخذتها الصين والرامية إلى دعم مبادرات طريق الحرير الجديد مثل إنشاء بنك الاستثمار في البنية التحتية الأسيوي والذي يعد التوسع في استخدام العملة الصينية من جملة أهدافه الرئيسية.

لا ينبغي أن يكون سعي الصين نحو شق طريقها في قطر مفاجئا وخاصة فيما يتعلق بإنشاء مبادرات طريق الحرير. وعلى الرغم من هذه المبادرات الصينية الرائدة، فإنه من المستحيل بالنسبة لبكين أن تفعل كل شيء وحدها. هناك حاجة كبيرة للمشاركة والمساهمات الدولية. ولذلك، فمن المنطقي بالنسبة للصين أن تعول على قطر للقيام بدور كبير.

في الوقت الذي تبدو فيه الصين متعطشة إلى موارد الطاقة من أجل دعم مشاريعها، فإن بكين ترى بوضوح فوائد تعزيز العلاقة مع الإمارة الخليجية الغنية بالغاز. في الواقع، في السنوات القليلة الماضية، فقد ازداد الاعتماد الصيني بشكل متسارع على الموارد الهيدروكربونية القطرية. الصين حاليا هي أكبر مستورد للنفط في العالم وسوف تتطلب مبادرات طريق الحرير كميات أكبر من موارد الطاقة لتنفيذها.

لدى قطر إمكانات هائلة لتصبح أحد أكبر المستفيدين. بدأت بعض الدول الأوروبية خلال السنوات الأخيرة في نقل صناعاتها إلى الصين نظرا لانخفاض تكلفة العمال. يمكن للقطريين أن يقيموا منشآت للنفط والبتروكيماويات في الصين والتي سوف تساعد الدوحة الحصول على حصة الأسد من الطلب المتزايد، وأن تزيد من قدراتهتا التنافسية.

وعلاوة على ذلك، فإن الصين وبلدان مجلس التعاون الخليجي يقومون الآن بالتفاوض من أجل التوصل لاتفاق للتجارة الحرة والذي من المرجح أن يكون له آثار إيجابية على كل من بكين والدوحة. أحد أهم هذه الآثار هو أنه سوف يلغي الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الجانبين ويزيدالشراكة التجارية بينهما. على مدار السنوات الأخيرة، أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر في منطقة الخليج بينما تواصل هذه الشراكة طريقها نحو الازدهار. ومع تركيز مبادرات طريق الحرير على تحسين النقل والبنية التحتية الاتصال، فإن العلاقات التجارية بين الصين ودول مجلس التعاون الخليجي سوف تشهد مزيدا من النمو في المستقبل كما أن هناك احتمالات لتوسيع وتسريع نقل البضائع بين الجانبين وكذلك تيسير واردات الطاقة.

وفيما يتعلق بطموح الصين في توسيع نطاق استخدام عملتها، تأمل الصين أنه من خلال المقاصة الجديدة إضافة إلى اتفاقات تبادل العملات فإنه سوف يتم فإن جزءا كبيرا من شراكتها التجارية المتزايدة الحجم مع قطر سوف يتم عبر العملة الصينية. في نهاية المطاف، فإنها تأمل أيضا في أن تتمكن من دفع سعر واردات النفط والطاقة بعملتها الخاصة من أجل تقليل وقت التداول وتكاليف المعاملات. وهذا من شأنه أيضا أن يمكن بكين من إجراء المعاملات مع قطر وسائر دول المنطقة الأخرى وفق قواعدها.

كما أن مغازلة قطر سوف تمكن الصين من الضغط على هذه الدول من أجل حل القضايا الأمنية في المنطقة. أثناء مسار طريق الحرير نحو أوروبا فإنه سوف يمر بشكل حتمي ببعض الدول والمناطق الأقل استقرارا في العالم بما في ذلك الشرق الأوسط، المنطقة التي تعمل فيها قطر على نحو متزايد. ومع كشف النقاب عن هذه المشاريع، فإن الصين سوف تواجه تحديات أمنية متزايدة ما سيدفع بكين إلى الضغط على الأطراف الفاعلة ذات الصلة من أجل حل الصراعات لحماية مصالحها في المنطقة.

قطر، التي تمثل لغزا حقيقيا في الساحة الدولية، تمتلك العديد من أوراق اللعب بوصفها المنتج والمصدر الأكبر للغاز الطبيعي المسال في العالم. ومع كونها تقع بين المملكة العربية السعودية وإيران والعراق فإن الإمارة الغنية تقع بين أكثر خطوط الصدع الجيوسياسية تعقيدا في العالم وألمع بؤر التوتر الطائفي في الشرق الأوسط. من أجل الحفاظ على الازدهار والاستقرار، فإن قطر قد اعتمدت تقليديا على سياسة خارجية تعمد على الاستفادة من الأجندات المتصارعة للقوى الدولية والإقليمية من أجل تعزيز مصالحها الاستراتيجية.

وكمضيف لأحد مقرات القيادة المركزية الأمريكية، فإن الدوحة تعد حليفا وثيقا وهاما بالنسبة إلى واشنطن. ولكن شأنها شان سائر دول مجلس التعاون الخليجي التي كان متحاذية بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، فقد اتخذت قطر نهج التوجه نحو الشرق مع تقييم التحول العالمي في الازدهار الاقتصادي من أمريكا الشمالية وأوروبا إلى الشرق الأقصى. وبوصفها الشريك الثاني في تصدير الغاز المسال بالنسبة لقطر، فإن الصين سوف تستمر في منح الدوحة الفرصة لتحقيق التوازن بين مصالحها الجيوسياسية مع حلفائها الغربيين جنبا إلى جنب مع إعطاء اللاعبين الأكبر على الساحة الدولية فرصة في مستقبل قطر.

المصدر | ناشيونال إنترست

  كلمات مفتاحية

قطر الصين العلاقات الخليجية الصينية طريق الحرير الجديد الغاز المسال الدوحة بكين

قطر تستضيف مؤتمرا لتعزيز علاقات العرب والصين

أمير قطر: الصين شريك استراتيجي مهم للعالم العربي

«غرفة قطر» تبدأ التحضير لمعرض «صنع في الصين» الثاني

لأول مرة.. قطر تستضيف معرض «صنع في الصين» الأسبوع المقبل

رئيس وزراء ماليزيا: قطر والصين مهتمتان بأصول «وان.ام.دي.بي» الحكومي

قطر والصين توقعان اتفاقية استثمار مشترك بقيمة 10 مليارات دولار