تحولات السياسة التركية: هل تقبل أنقرة بدور للأكراد في حرب «الدولة الإسلامية»؟

الأربعاء 8 يونيو 2016 02:06 ص

تعيش تركيا في خضم تحول كبير في سياستها تجاه سوريا. لطالما عارضت تركيا الأكراد السوريين لأنها تعتبرهم أحد الامتدادات المحسوبة على الحركة الانفصالية الكردية، حزب العمال الكردستاني. ولكنها الآن قد تحولت إلى حل وسط مع واشنطن ويبدو أنها على استعداد لقبول دور للحزب الديمقراطي السوري وجناحه المسلح، وحدات حماية الشعب، في الحرب ضد «الدولة الإسلامية». وسوف تظل تركيا تنظر إلى الأكراد السوريين على أنهم أعداء. ولكن في الوقت الراهن فإن العلاقة مع الولايات المتحدة والتهديد القادم من «الدولة الإسلامية» يشكلان أولية قصوى بالنسبة إلى تركيا.

وأعلن وزير الخارجية التركية «مولود جاويش أوغلو» في 7 يونيو/حزيران أن واشنطن قد ضمنت أن القوى الكردية السورية لن تحتفظ بوجود غرب نهر الفرات بعد انتهاء العمليات التي تقودها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وفي حديث لإذاعة تي آر تي هابر المملوكة للدولة، أكد وزير الخارجية التركي أنه «في حال أرادت وحدات الحماية الكردية تقديم لدعم اللوجستي في الشرق من الفرات فإن الأمر سوف يكون مختلف. ولكننا لن نسمح لمسلح واحد من وحدات الحماية الكردية بالتواجد إلى الغرب من نهر الفرات خصوصا بعد نهاية العمليات. وقد أعطت الولايات المتحدة ضمانات حول هذا».

وفي 2 يونيو/حزيران الحالي، قال الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان» إن بلاده حصلت على تأكيدات بأن العرب سوف يتولون قيادة جهود مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في منطقة منبج شمال سوريا. في حين أن الأكراد سوف يلعبون دورا لوجستيا إلى حد كبير.

وكانت تركيا قد أعلنت في 30 مايو/أيار أنها مستعدة للقيام بعملية مشتركة بصحبة الولايات المتحدة لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» بشرط ألا يكون الأكراد جزءا منها. وقد بدأت آثار التحول في السياسة التركية تلمس مع قيام قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال «جوزيف فوتل» بزيارة مفاجئة إلى تركيا من أجل قيامها بدور رئيسي في مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية». وقد «فوتل» قد توجه إلى تركيا من سوريا حيث كان قد التقى مع قيادة حزب الاتحاد الديمقراطي.

وقبل ثلاثة أيام، ألمح «أردوغان» إلى وجود تغير في موقف بلاده حين أكد أن تركيا ليس لديها الفرصة أو الحق أن تدير ظهرها لمنطقتها أو العالم. وأضاف بالقول: «من الذي يستطيع أن يدعي أن ذلك الذي يحدث في سوريا والعراق والشرق الأوسط لا علاقة له بنا». وكانت هذه هي الإشارة الأولى إلى أن تركيا قد صارت مستعدة أخيرا لقتال «الدولة الإسلامية».

وكان الأتراك قد قاموا ضغوط الولايات المتحدة للعب دور قيادي في جهود مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا. ونحن نرى أن أنقرة سوف يتم سحبها إلى سوريا في نهاية المطاف ولكننا لا نتوقع أن تسير القوات التركية إلى سوريا خلال عام 2016.

لا يمكن لتركيا أن تتحمل وجود مشاكل على طول محيطها الخارجي في نفس الوقت الذي تخوض فيه علاقات سيئة مع الولايات المتحدة. وقد مثلت سوريا دوما تحديا متزايدا بالنسبة إلى تركيا منذ أن أصبح واضحا أن نظام «الأسد» ليس على وشك الإطاحة به. ولكن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصبحت الأمور في سوريا أكثر تعقيدا عندما قام الأتراك بإطلاق النار أسفل طائرة روسية على الحدود السورية.

ضغوط على جميع الجبهات

تعني هذه الأوضاع أن تركيا تعاني أزمات في كل من شمالها وجنوبها. لا يمكن للأتراك أن يتحملوا وجود خلاف مع واشنطن وموسكو في آن واحد. وفي الوقت نفسه، فإن علاقات تركيا مع أوروبا قد توترت أيضا بسبب قضية الهجرة وبسبب عدم رغبتها في اتخاذ إجراءات صارمة ضد «الدولة الإسلامية». السبب الرئيسي في أن الأتراك كانوا مترددين في التحرك ضد «الدولة الإسلامية» هو الخوف من أن ذلك من شأنه أن يمكن للأكراد السوريين بزيادة نفوذهم وبالتالي يتسبب في مفاقمة دور الحركة الانفصالية الكردية المحلية. ومع ذلك، فقد أصبح هذا القلق ثانويا مع حاجة تركيا إلى الخروج من الضغوط التي تواجهها على جميع الجبهات.

وفي الوقت نفسه، فإن «الدولة الإسلامية» قد صارت تمثل تهديدا للأمن القومي التركي. وقد كان السبيل الوحيد للتعامل مع الأمر يمر عبر تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة. وقد كان ثمن ذلك هو المشاركة المباشرة في حرب «الدولة الإسلامية». إلى جانب ذلك، أصبح من الواضح أن الأكراد السوريين كانوا في طريقهم ليكونوا قوة برية ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، وهو أمر لا يمكن للأتراك تحمله. ومع ذلك فإن هذه المخاوف قد تمت تنحيتها جانبا في الوقت الذي يعي فيه الأتراك أن الأكراد السوريين هم القوة الوحيدة الآن التي يمكن أن تضرب في قلب الخلافة.

تركز المعارضة الإسلامية التي تدعمها كل من تركيا والسعودية وقطر على محاربة نظام «الأسد». ومن المؤكد أن الأتراك لا يريدون إشراك قواتهم البرية وهو ما يفسر موافقتهم إلى إشراك القوات الخاصة. ولذلك فإنهم قد تحولوا عن رؤيتهم التقليدية المصرة على أن يلعب العرب دورا قياديا في حين يعمل الأكراد كقوة مساندة إلى قبول دور رئيسي للأكراد في مكافحة «الدولة الإسلامية» طالما أن ذلك لن يمتد إلى محاولة السيطرة على المناطق في غرب الفرات.

ولن تنتهي الحرب ضد «الدولة الإسلامية» في أي وقت قريب، ولذا فإنه من الصعب التنبؤ بشكل دقيق بما سوف يحدث. في مرحلة ما في المستقبل، ربما يقوم الأتراك بنشر عدد أكبر من القوات في هذه العملية. ربما لا يفعلون ذلك لأجل محاربة «الدولة الإسلامية» وإنما لأجل منع الأكراد السوريين من تعزيز نطاق كردستان، والتي ترتكز بشكل رئيسي على المنطقة في شمال شرق سوريا.

وبعض النظر عن مصير «الدولة الإسلامية» والأكراد والوضع العام في سوريا، فإن الولايات المتحدة على الأرجح سوف تحصل على مبتغاها في دفع الأتراك نحو لعب دور قيادي في سوريا التي مزقتها الحرب.

المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز

  كلمات مفتاحية

تركيا أردوغان سوريا الأكراد الدولة الإسلامية الولايات المتحدة روسيا أكراد سوريا أكراد

«ستراتفور»: المناورات السياسية حول الأكراد .. من تركيا إلى كردستان العراق

رويترز: تقدم الأكراد في سوريا يفرق بين أمريكا وتركيا

«الأمن القومي التركي» يجدد رفضه مشاركة الأكراد الانفصالين في مستقبل سوريا

«أردوغان»: الوضع في تل أبيض بات يهدد تركيا بعد سيطرة الأكراد عليها

«أتلانتيك كاونسل»: الأهداف المتباينة لحرب تركيا ضد «الدولة الإسلامية» و«حزب العمال»

«التايمز»: الانتقام الكردي .. الأكراد يقومون بالتطهير العرقي للعرب