استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المسألة الكردية تعود للمربَّع الأول

الاثنين 13 أكتوبر 2014 06:10 ص

منذ عام 1992 عندما أنشأت الولايات المتحدة منطقة عازلة أو آمنة بشمال العراق، ضمّت المنطقة الكردية، صعدت القضية الكردية عملياً إلى أفق الكيان القومي من جديد. وبالفعل، ومنذ ذلك الحين، سلكت أحزاب المنطقة الكردية مسلك أحزاب الدولة المستقلة. وظهر ذلك في المفاوضات التي قادتها الولايات المتحدة انطلاقاً من المنطقة الكردية عندما أرادت غزو العراق (2002-2003). ومما يقوله بول بريمر الآن في مقابلاته مع فضائية «العربية»؛ أنه عندما كان الأميركيون يتفاوضون مع المعارضة العراقية في إيران، ومع الأكراد؛ أصر الطرفان على حلّ الجيش العراقي حتى لا يبقى جيش صدام بعده. وبعد عام 2003، وفي المفاوضات المعقدة على نظام الحكم والدستور؛ فإنّ الأكراد استقلوا بإقليمهم دستورياً، وصاروا كل السلطة في الإقليم، وثلث السلطة في بغداد (رئيس الجمهورية ووزير الخارجية). وبقيت البشمركة (200 ألف مقاتل) مستقلّة. وأخذوا 17% من ميزانية الدولة العراقية، وتأجلت مسألة كركوك التي استمر النزاع عليها. وهكذا عملياً قامت الشراكة الرئيسية بينهم وبين الشيعة، كما تمتعوا بمركز الحليف الخاص للولايات المتحدة، والوسيط «النزيه» بين الشيعة والسنة. وكل ذلك لقبولهم البقاء ضمن العراق. وفي النزاعات الإدارية ذات الخلفية السياسية، كان الأكراد (فيما عدا مسألة كركوك) ينالون ما يريدون. وكانت الاجتماعات الحاسمة من أجل التوافُق على الحكومات تجري في مقر الرئيس طالباني بالشمال. وبعد مرضه أصبحت تجري بمقر البرزاني رئيس إقليم كردستان.

وبعد عام 2010 عقب توقيع الاتفاق بين حكومة «المالكي» والولايات المتحدة، وبدء انسحاب الجيش الأميركي، بدأ التوتر مع حكومة المركز. ولأن الطالباني كان وثيق الصلة بإيران؛ فقد كان يتوسط لتهدئة طموحات المالكي، بشأن الميزانية، وبشأن وجود الجيش العراقي على حدود الإقليم، وبشأن بيع النفط وتجارته. وظل الأكراد مصرّين على الميزات، وعلى أخذ كركوك أو إجراء استفتاء فيها. ثم مرض طالباني وصار «البرزاني» هو الطرف الوحيد المفاوض مع حكومة بغداد، واعتمد في تجاذُباته معها على علاقات وثيقة أقامها مع تركيا. وفي عام 2012 حدثت ثلاثة أمور: أوقف المالكي إنفاذ وثيقة «التوافُق» على تشكيل الحكومة والتي جرت عند البرزاني، وتولى بنتيجة ذلك معظم الوزارات بنفسه. الأمر الثاني إيقافه صرف نسبة الـ17% لحكومة إقليم كردستان. والثالث قطع العلاقات مع تركيا لأن الأكراد صاروا يُصدِّرون النفط عبر موانئها ودون العودة لحكومة بغداد.

ما انتبه «البرزاني» إلى تغير السياسات الإيرانية بعد قيام الثورة السورية. فالإيرانيون الذين تسلموا من الأميركيين إدارة العراق، ارتعبوا للحركة الجديدة في سوريا، والتي هددت بتقطيع أجزاء «الهلال الشيعي». لذلك ارتأوا هم والمالكي العودة إلى إدارة العراق مركزياً بشكل كامل. وهي إدارة ما كان فيها بالطبع مكان للسنة، ولا مشاركة أساسية للأكراد. وعمد المالكي إلى الإنفاق على تدخل الميلشيات العراقية واللبنانية في سوريا، وطلب من البرزاني فكّ علاقاته بتركيا شرطاً لإعادة الميزانية الاتحادية إلى الإقليم. وقد أحرج البرزاني ليس من الضيق المادي الذي أحسّ به وحسْب؛ بل ولأن قيادات الأكراد في سوريا مالت إلى بشار الأسد، واستعانت للسيطرة على المحافظات الكردية بمقاتلي حزب العمال الكردستاني، عدوّ أردوغان، والذي تردد في استمرار تنفيذ اتفاقية السلام مع الحكومة التركية بتحريض من إيران.

وما كانت علاقات البرزاني بحزب العمال الكردستاني جيدةً، ليس بسبب علاقاته التجارية والسياسية بتركيا فقط؛ بل ولأن الحزب كان يستخدم مناطق نفوذ البرزاني بالعراق قاعدةً لمقاتليه. وما كان يعود في ذلك إلى «البرزاني» بل إلى «طالباني» و«الأسد»، وأحياناً إلى إيران. وقد ألجأ «البرزاني» زُهاء المائة ألف كردي سوري وطلب مساعدات دولية، وحاول النأي بنفسه عن النزاع السوري، لأن الأكراد السوريين بدأوا يطالبون بالاستقلال أو الانضمام إلى إقليم كردستان العراق.

فَضّ «المالكي» تظاهُرات السنة بالمحافظات الست بالقوة، وما لبى أياً من مطالبهم. ثم أجرى الانتخابات التي أخذ فيها نصيبا كبيرا على حساب القوى الشيعية الأخرى. وأعلن في ربيع 2014 عن حملة عسكرية للقضاء على الإرهاب في المحافظات السنية. وخلال ذلك، وبعد الانتخابات، وفي الصراع على رئاسة «المالكي» لحكومة ثالثة، بدأ «البرزاني» ينتقد «المالكي» علنا ويُهدّد بالانفصال إن جرى اختيار «المالكي» من جانب التحالُف الشيعي. ومع أن السنة المعارضين للمالكي بدأوا يتجمعون عند «البرزاني»، ويذهبون من هناك إلى الأردن وتركيا؛ فإن الجنرال «سليماني» والإيرانيين راهنوا على إرغام قوى التحالف الشيعي لكي يُجمعوا على «المالكي»، وكسبوا بعض السنة عبر أُعطيات سياسية ومالية. وأظهر «البرزاني» صموداً نسبياً، لكنه كان يعلم أنّ «الطالباني»، قرينه في حكومة الإقليم، مع «المالكي» بتأثير من إيران.

وعندما كان التجاذُب على الحكومة ناشباً على أشدّه، وقد برزت معارضة السيستاني للمالكي؛ حدث هجوم «داعش» (9-10 يونيو 2014) والذي فاجأ الجميع بالاستيلاء على الموصل؛ وهذا يعني أنه استقرّ بأربع محافظات سنية، وصار على مشارف بغداد، ومشارف أربيل. وارتعب الشيعة العراقيون لانهيار الجيش العراقي، وهو في معظمه منهم، ودعا السيستاني الميلشيات الشيعية للهبوب دفاعاً عن المزارات المقدسة، وقال روحاني إن الأمة الإيرانية كلها مستعدة للدفاع عن المزارات والمراقد. وارتاح السنة والأكراد والأتراك في الأيام الأولى لهجمة «داعش». فقد عنى ذلك انهياراً لعهد المالكي، وإضعافاً للنفوذ الإيراني. واستمات الجنرال سليماني لاستعادة تكريت على الأقل إنقاذاً لنفسه وللمالكي، لكنه فشل، فاستغاث المالكي بالأميركيين الذين لم يُظهروا حماساً كبيراً للتدخل في البداية.

ثم حدثت المفاجأة الصاعقة الثانية عندما اتجهت «داعش» إلى المنطقة الكردية بدلا من بغداد، جارفة في طريقها المسيحيين والإيزيديين. فاستغاث «البرزاني» أيضاً بالأميركيين، فسارعوا لإغاثة كردستان، وأظهروا استعداداً لحماية بغداد، بشرط إقامة حكومة متوازنة في البلاد. أما الفجيعة والفضحية فكانت أن «البيشمركة» انهارت هي الأخرى أمام «داعش»، رغم أن عديدها مائتا ألف، والداعشيون هاجموا بخمسة آلاف. واعتذر القادة بقلة السلاح!.

عادت المنطقة الكردية إذن إلى الحماية الأميركية، كما كانت منذ عام 1992. وظهر أنه لا أحد في المنطقة يريد استقلالا لكردستان العراق حتى لا تصبح نموذجاً للأكراد في تركيا وإيران وسوريا. أما الأكراد السوريون فتهجَّروا بثلاثة اتجاهات: ثلث توجه لكردستان العراق، وثلث توجه لمناطق نفوذ النظام السوري، وثلث إلى تركيا في الأسبوعين الأخيرين!.

وما يزال «أردوغان» يشاور نفسه هل يتدخل لإنقاذ مدينة «كوباني»على حدوده مع سوريا، وما عاد أحدٌ يتحدث عن فرادة التجربة الكردية، وما بقي عند الأكراد قوات مسلحة مقاتلة ومعتبرة غير حزب العمال الكردستاني. ووحدها إسرائيل تريد الآن للأكراد الاستقلال. وهكذا عادت المسألة الكردية إلى المربع الأول. عادت جزءاً من مسائل الأقليات الإثنية والدينية بالمنطقة. وقد أنشأ الدوليون منذ الحرب الأولى دولاً للأقليات: المسيحيين (بلبنان)، والأرمن (بأرمينيا)، أما القومية الكردية فإن حلمها بالاستقلال عاد ليتحول كابوساً. وعزاؤهم أن الإقليم بفضل الولايات المتحدة سيبقى إقليما. وما لا يُدرك كله لا يُترك جله. وتلك الأيام نداولها بين الناس.

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الأكراد العراق داعش الدولة الإسلامية

بريطانيا ترسل طواقم عسكرية لتدريب قوات «البشمركة» في العراق

الأكراد يطالبون التحالف الدولي بتكثيف غاراته على «الدولة الإسلامية» في «كوباني»

رويترز: البشمركة الكردية تقاتل عدوا يفوقها خبرة وتسليحا بعد سنوات دون اختبار

البيت الأبيض يعارض استقلال كردستان .. والأكراد: من حقنا تقرير مصيرنا

مسؤولون اسرائيليون: علاقاتنا مع الأكراد طويلة وراسخة واستقلالهم "مؤكد"