«الحريري»: شربت كأس السم ومشيت بالمبادرة السعودية للمصالحة العربية

الأحد 12 يونيو 2016 10:06 ص

صرح رئيس الحكومة اللبنانية السابق زعيم «تيار المستقبل»، «سعد الحريري» بأن «تيار المستقبل» واجه عواصف سياسية عاتية ومحاولات اغتيال سياسي من الداخل والخارج إلا أنه بقي الرقم الصعب في الحياة السياسية اللبنانية، مؤكدا أنه لن يتأثر بعواصف الفناجين وسيبقى صامدا في وجه الريح يمسك قراره بيده، ولا يتأخر عن حماية لبنان.

وقال «الحريري» خلال مأدبة إفطار أقامها، أمس السبت، في مجمع «بيال» على شرف التيار: «رمضان مبارك بهذه النخبة من أهل الوفاء التي حملت رايات تيار المستقبل في أصعب الظروف، ولن تتخلى عنها مهما بلغت التحديات، ولن تسلم مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري لبعض الأوهام الصغيرة والمزايدات التي لا طائل منها، معكم سأبقى مرفوع الرأس ولن أنحني أمام أي عاصفة مهما اشتدت، ومعكم أشعر أن ما من شيء في هذا العالم يمكن أن يستقوي على تيار المستقبل».

وأضاف: «هناك أزمة عصفت بتيار المستقبل تستدعي صراحة في المواجهة وأمانة في التقويم وجرأة في المحاسبة، هذه حقيقة، يجب أن نعترف بها فلا نخفيها، وأمامكم أعلن أنا، سعد رفيق الحريري، رئيس تيار المستقبل مسؤول مسؤولية كاملة عن المسار السياسي للتيار وللحريرية الوطنية، منذ تسلمي زمام القيادة بعد اغتيال الرئيس الشهيد إلى الشوط الأخير من الانتخابات البلدية».

وقال: «أنا المسؤول عن أنني مشيت في آفاق الدوحة بعد اجتياح بيروت بـ7 مايو/أيار، لأن قراري كان ولا يزال وسيبقى رفض اللجوء إلى السلاح في النزاعات الداخلية، ولا أرضى ولن أرضى لو مهما حصل، أن يصبح تيار المستقبل ميليشيا مسلحة، نعم، أنا المسؤول عن هذا الخيار، الذي أذكركم أنه أوصلنا إلى انتصار 14 مايو/آذار في انتخابات العام 2009 النيابية، وصحيح، أنا المسؤول على رغم هذا الانتصار عن تشكيل حكومة وحدة وطنية وعن القبول بالوزير الملك لنتجنب تهديد تعطيل المؤسسات الدستورية وجر البلاد إلى دوامة الانقسام على صورة ما يحصل هذه الأيام».

وتابع: «أنا المسؤول في ذاك الوقت أني مشيت بإرادتي وعقلي وقناعتي بالمبادرة السعودية للمصالحة العربية الشاملة، على أساس أن يكون لبنان أول مستفيد من هذه المصالحة، لأن السعودية لم ترد ولا تريد للبنان إلا الخير والاستقرار، وقد قامت بالمستحيل لحماية بلدنا من الفتنة، أنا من شربت كأس السم! أنا من ذهبت إلى سوريا لأفتدي بكرامتي الشخصية هذا الهدف العربي النبيل! السعودية كانت تريد أن تنهي النزاعات بين أطراف البيت العربي بدءا من لبنان، وبشار الأسد كان يريد أن يغدر بالسعودية وبمبادرتها وبدورها، ويقضي على الحريرية الوطنية في لبنان! وأنا المسؤول لأنني قبلت أن أسير في هذا المسار حتى النهاية، تعلمون لماذا؟ لأكشف في النهاية لكل الأشقاء والأصدقاء أن بشار الأسد دكتور في تقديم الوعود الكاذبة ويريد هو وحلفاؤه أن يغتالوني سياسيا، إن لم يتمكنوا من أن يفعلوا معي ما فعلوه مع رفيق الحريري جسديا».

واستطرد: «تذكروا يومها، ليست فقط السعودية، بل أوباما وساركوزي وحسني مبارك وأمير قطر وأردوغان، جميعهم قالوا قولا واحدا، كانوا يقولون لي: (يا ســـعد، ولو، بتخلي كبرياءك وكرامتك ومشاعرك الشخصية توقف بوج وعـــود بشار الأسد لإلنا إنو ينفصل عــن إيــران ويرجع للحضن العربي؟) يومها، والحمد لله أن معظمهم ما زال شاهدا، قلت لهم: أنا سأذهب إلى سورية، عند بشار فقط لكي تروا أن هذا المجرم أكبر كاذب! وتعرفون ماذا؟ تقريبا كلهم، وهناك من هم جالسون معنا اليوم، كانوا شهودا، وعادوا وقالوا لي: والله كان الحق معك ويا ليتنا سمعنا منك».

ولفت «الحريري» إلى أن من يقتل نصف مليون ويهجر 5 ملايين من شعبه، يكذب على الملك «عبدالله» ورؤساء أمريكا وفرنسا ومصر وتركيا وأمير قطر، من دون أن يرف له جفن.

وقال «الحريري»: «أنا المسؤول عن كشف مناورات حزب الله مع المبادرة القطرية التركية والورقة التي كتبها في بيروت وزير خارجية قطر ووزير خارجية تركيا والأمين العام للجامعة العربية، عندما رفضنا شروط حزب الله وحلفائه وغادر الوفد الثلاثي بيروت متأكدا من أن التعليمة الإيرانية السورية وصلت للحزب بنسف المبادرة بعد الانقلاب على حكومتي أثناء وجودي في واشنطن بطريقة غير مسبوقة في تاريخ لبنان».

وأضاف: «أنا المسؤول عن قرار أن لا مساومة، لا في المواقف السياسية ولا في الحوارات الداخلية على الثوابت الآتية: حماية لبنان، حماية الشرعية فيه، حماية العيش المشترك والمناصفة بين المسلمين والمسيحيين، حماية الاعتدال الإسلامي في مواجهة الإرهاب والتطرف، حماية عروبة لبنان وعلاقاته مع أشقائه، حماية الساحة الإسلامية من الفتنة ودعوات التحريض والتعصب، حماية ثوابت انتفاضة الاستقلال وقيم العبور إلى الدولة».

وتابع: «أنا المسؤول إنني أردت للحوار مع حزب الله أن يشكل مفتاحا للأبواب الموصدة في وجه رئاسة الجمهورية، وتجاوبت مع دعوات صادقة في هذا المجال صدرت عن الرئيس نبيه بري والأخ وليد جنبلاط، للتعاون على ضبط الاحتقان المذهبي المتصاعد، ووقف مسلسل النزاعات المسلحة في طرابلس وقطع الطريق على مخطط النظام السوري في تفريخ خطوط التماس العسكرية من باب التبانة وجبل محسن إلى الطريق الجديدة والضاحية».

وتطرق «الحريري» إلى الانتخابات البلدية، وقال: «هنا بيت القصيد وبيت المستقبل الذي أصابته شظايا النتائج ولم ينج من سيل الحملات والمقالات والتمنيات بكسر شوكة آل الحريري، ورهان الشامتين بتصدع جدران البيت وانهياره على رؤوس أصحابه».

وعدد المبادرات التي قام بها منذ اتفاق الدوحة عام 2008 مع قوى 8 آذار لحماية لبنان من الجنون الذي يشارك فيه الآخرون، ولملء الفراغ الرئاسي.

هذا، وتشهد لبنان حالة من الاضطراب الممتد منذ سنوات؛ منذ رحيل الرئيس السابق «ميشال سليمان» من منصبه في عام 2014، حيث تستخدم كلا من المملكة العربية السعودية وإيران نفوذهما من أجل ضمان أن الرئيس اللبناني القادم سوف يمثل مصالحهما، ومع إصرار القادة الأكثر شددا في صفوف تحالف 14 آذار على اتخاذ موقف صارم من  «حزب الله»، فإن المشهد السياسي في لبنان ربما يكون أكثر استقطابا من أي وقت مضى.

وبحسب تقرير لـ«ستراتفور»، فإن المملكة العربية السعودية ترى أن موقف «الحريري» الاسترضائي في مواجهة «حزب الله» لم كافيا لتحقيق أهداف الرياض في لبنان، في الوقت الذي يواصل فيه الحزب تجميد الجهود المبذولة لتثبيت رئيس جديد، وبالتالي فإن المملكة العربية السعودية تتطلع إلى زعماء السنة الآخرين ليحلوا محل «الحريري» من أجل تعزيز مصالحها في البلاد بشكل أفضل.

وأوضح التقرير أنه حتى الآن، فإن الاحتمال الأكثر قربا هو «أشرف ريفي» الذي نجح في تحقيق الفوز على «الحريري» في انتخابات طرابلس البلدية، وقام بالاستقالة من منصبه كوزير للعدل في البلاد احتجاجا على تزايد نفوذ الحزب.

ولفت التقرير إلى أن «ريفي» يجسد أهدافا أخرى للمملكة العربية السعودية في لبنان، على سبيل المثال، فقد قال إنه يأمل في توحيد الدوائر السنية والمسيحية في تحالف 14 آذار، ما يسهل من طموحات الرياض في بسط سيطرتها على المجتمعين، وعلاوة على ذلك، فقد قال إنه يسعى إلى إعادة التحالف بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية،  بعد أن اقترح «الحريري» تولي «سليمان فرنجيه» رئاسة البلاد بدلا من «سمير جعجع»، قائد حزب القوات اللبنانية والمرشح الأصلي لتحالف 14 آذار فقد تدهورت العلاقة بين الطرفين، على الرغم من أن المملكة العربية السعودية قد وافقت منذ البداية على «فرنجيه» كمرشح، إلا أنها الآن تدعو لاتخاذ موقف أكثر تشددا في مواجهة «حزب الله».

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

لبنان السعودية مصر قطر سوريا إيران سعد الحريري بشار الأسد حزب الله أشرف ريفي

السعودية تتخلى عن «الحريري» وتدعم رموزا سُنية لبنانية جديدة .. «ريفي» هو الأوفر حظا

ثمن الصداقة .. لماذا قطعت السعودية مساعداتها العسكرية إلى لبنان؟

وزير العدل اللبناني يستقيل بسبب قضية «سماحة» ويدعو للاعتذار للسعودية

«أولاند» يدعو إيران والسعودية إلى إيجاد حل للفراغ الرئاسي في لبنان

الرياض تبارك صفقة رئاسة لبنان لـ«فرنجية» حليف «الأسد» والحكومة لـ«الحريري»

انفراجات سعودية إزاء الحريري؟