استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«تدنهوفر» يوثّق رحلته إلى «قلب الإرهاب»

الثلاثاء 14 يونيو 2016 08:06 ص

يرى السياسي والصحافي الألماني، يورغين تدنهوفر، أن شرط معرفة الحقيقة، هو سماع الروايات المتعددة، والمتناقضة، حولها. بهذه البساطة، يتحدث تدنهوفر عن دوافعه لإجراء حوارات مع عناصر تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، ثم زيارة الأراضي التي تقع تحت سيطرته، في العراق وسورية. 

لكن هذه الخطوة، ليست بالسهولة التي تصفها تلك الكلمات، يكتب تدنهوفر: "كانت الفكرة كالكابوس، وكأن الموت حلّ، ولا يوجد خط رجعة. لسبعة أشهر أحاور نفسي: هل فكرة السفر إلى الدولة الإسلامية منطقية؟ ففي كل يوم تقريباً، أشاهد أو أقرأ عن الأعمال الوحشية، البربرية، التي يرتكبها التنظيم".

وليأخذ الرعب مداه، قام تدنهوفر بشراء أدوية تساعده على الانتحار، عند حدوث أي طارئ. يكتب: "أنا ضد الانتحار. لكن الأمر مختلف هنا. كنت أحاول إيجاد فرصة لتجنب التعذيب، والإذلال بالإعدام العلني، عندما تصبح مواجهة الموت أمراً حتمياً". 

هكذا يصف الصحافي الألماني فكرة ذهابه إلى الرقة والموصل في ديسمبر/تشرين الأول 2014، والتي وثقها بكتاب "رحلتي إلى قلب الإرهاب: عشرة أيام في الدولة الإسلامية"، الصادر بالألمانية في 2015، ونُشرت ترجمته الإنجليزية في إبريل/نيسان من العام الجاري. 

حاول تدنهوفر توثيق أفكار ودوافع المنضمين إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وهو الهاجس الذي أثر بشكل حاسم في صياغة الكتاب، والذي لم يحتو وصفاً وسرداً موسعاً للأوضاع الداخلية في مناطق سيطرة داعش، بل وصفها بالمجمل بأنها "حياة طبيعية" على عكس المتوقع، يكتب تدنهوفر: "توقفنا عند مطعم للكباب، لنأكل. كنا ننظر حولنا، يبدو كأن الحياة في الرقة طبيعية بالكامل. من الصعب تخيل أن هناك منظمة إرهابية تحكم المكان. نحن هنا إذا، في قلب الإرهاب". 

ساهم الوضع الأمني أيضاً في عدم إسهاب الكاتب في وصف أحوال الرقة والموصل. حيث كان عناصر التنظيم، يحيطون به وبمرافقيه، طوال الرحلة، لإنجاز "التعهد" الذي كتبه "ديوان الخلافة" والذي يضمن سلامة الصحافي الألماني ومن معه. 

يقدم تدنهوفر لكتابه بلغة تبريرية، مواجهاً منتقديه الذي يتحدثون عنه تارة، باعتباره "نصيراً للدكتاتوريات"، بسبب لقاءات عقدها مع مستبدين. أو يصفونه تارة أخرى بـ "المتعاطف مع الإرهابيين" بسبب حواراته مع عناصر مليشيات مسلحة. وهنا يقدم تدنهوفر مرافعة قصيرة، يشرح خلالها أهمية بحث كل وجهات النظر، قبل الحكم على أي حادثة. 

 يستعين الصحافي الألماني بتجربته القانونية، كقاض، والتي جعلته يقول: "إذا أردت معرفة الحقيقة، فيجب عليك الحديث إلى طرفي النزاع، حتى عندما يكون العالم قد أعلن حكمه مسبقاً". 

ينتقل تدنهوفر إلى تجربته العملية، وأنه كما تحدث إلى دكتاتور تشيلي، أوغستو بينوشيه، حاور زعماء المعارضة آنذاك في 1975، إدواردو مونتالفا و باتريسيو ايلوين. وكما التقى بقادة طالبان، بعد حرب 2001، جلس مع الرئيس الأفغاني، حامد كرزاي، وكما زار بشار الأسد في 2013، واستمع إلى عناصر في الجيش الحر. 

ومن المثير هنا، أن يحتاج تدنهوفر كل هذه "المرافعة" لتبرير زيارته إلى مناطق سيطرة داعش، وهو القادم - افتراضا- من تقليد أوروبي عريق يحتفي بالحريات الصحافية وحرية التعبير. 

يسهب الكتاب في نقل أفكار عناصر داعش، بكلماتهم. خاصة أبو قتادة الألماني، والذي تعرف إليه تدنهوفر عبر شبكة الإنترنت، وتحاور معه مطولا حول أفكار التنظيم. ثم توثقت علاقة الرجلين، حتى تولى أبو قتادة أمر تنظيم "الرحلة إلى قلب الإرهاب"، إن كان من ناحية أخذ الإذن بالزيارة من قادة داعش، أو تجهيز التفاصيل "اللوجستية" للرحلة. 

تُظهر الحوارات التي أجراها تدنهوفر مع عناصر التنظيم، أمرين: إجماعهم الهائل على نقائهم العقدي، وأنهم الممثلون الحقيقيون للإسلام، وتكفير كل من لا يتبع رؤيتهم للعالم. كما يُظهر جديتهم في الذهاب إلى أقصى مدى في قتال الجميع. فدول العالم مقسمة بحسب رؤية داعش إلى دول يتم قتالها الآن، وأخرى ستُقاتل لاحقا. 

لكن لا يبدو أن كل عناصر التنظيم يتفقون على تفاصيل رؤيته الدموية إلى العالم. فعلى سبيل المثال، نجد أن سالم، وهو مقاتل ألماني من أصل عربي، ينفي أن داعش يقوم باستهداف المدنيين. يقول سالم بحسب تدنهوفر: "نحن لا نقاتل المدنيين. نحن نقاتل من نواجههم في المعارك. نحن لا نقوم أبدا بالذهاب إلى بيت شخص ما، علوياً كان أو شيعياً، ونقتله". في المقابل، تناقش تدنهوفر كثيرا مع "أبو قتادة الألماني"، والذي أكد أن "التنظيم سيقتل كل الشيعة". وعندما جادل تدنهوفر أن هذا يعني قتل "مئات الملايين من البشر" أجاب أبو قتادة بأنهم سيفعلون ذلك، "الأرقام لا تهم". 

الجامع المشترك بين عناصر داعش الذين تحاور معهم تدنهوفر، أنهم جميعا، قد يقرون بصعوبات تواجههم في الحياة اليومية في العراق وسورية، لكنهم يجزمون بأنهم تغيروا، وأصبحوا "أفضل" بعد انضمامهم للتنظيم "من الناحية الأخلاقية". مما يعني أن المنضمين إلى التنظيم يعيشون ما يشبه القطيعة، مع كل تجاربهم الحياتية السابقة. يقول أحد عناصر داعش لتدنهوفر: "أنا الآن أفضل مما كنت عليه (قبل الالتحاق بالتنظيم)، أنا أملك معايير وقيماً أعيش من خلالها". 

من خلال الحوارات التي أجراها تدنهوفر مع أعضاء التنظيم، يظهر أن دوافع الملتحقين بالتنظيم، تغيرت مع الوقت، يقول أبو قتادة: "السبب الرئيسي لالتحاقي بالتنظيم، اليوم، هو تأسيس دولة إسلامية. بالطبع في البداية كانت فكرة الدولة الإسلامية نظرية أكثر من كونها ممكنة التطبيق. كان كل الأمر يدور في البداية حول مساعدة المسلمين وتحريرهم من دكتاتورية بشار الأسد". وبهذا يفسر دافعه بالانتقال من ألمانيا إلى سورية. 

وعلى غرار الروايات اليسارية التقليدية، يتهم تدنهوفر تركيا ودولا عربية بأنها المسؤولة عن تحويل "المظاهرات السلمية" في سورية إلى "عنف مسلح"، متجاهلا بذلك أن الثورة استمرت لما يزيد على ستة أشهر، كمظاهرات سلمية. وأنه لا يمكن فصل سياق عسكرة الثورة السورية عن جرائم نظام الأسد، في حق المتظاهرين. كما أن بدايات عسكرة الثورة، كانت بجهود ذاتية. 

زار تدنهوفر مستشفيات، ومحاكم يديرها التنظيم في الموصل، كما قام بالاطلاع على نشاطات التنظيم الدعوية في قلب الموصل، وأساليب التنظيم في حكم المدينة، كما عاش تجربة التهريب عبر الحدود إلى سورية، والتنقل منها إلى الموصل، مرورا بالرقة، تحت أزيز طائرات "الدرونز" وقصف التحالف الدولي. وقام بتوثيق بعض تلك اللحظات بالصور التي ألحق بعضها في الكتاب، وفيديوهات نشر بعضها عبر شبكة الإنترنت فور عودته من "قلب الإرهاب". 

لا يحتوي توثيق تدنهوفر لرحلته الكثير من التحليل لنشأة وتطور تنظيم الدولة، كظاهرة تشغل الدوائر السياسية والأمنية في العالم. كما أن الكتاب لم يتجاوز ثنائية الغرب - العرب، ليفسر سياق نشأة داعش، باعتبارها نتيجة للتدخلات الغربية في المنطقة. لذا يرى تدنهوفر سبيلا واحداً لمحاربة الإرهاب في العالم العربي، إذ كتب:"العرب وحدهم يستطيعون محاربة الإرهابيين العرب، من دون فسح المجال لصعود إرهاب جديد".

المصدر | بدر الراشد، العربي الجديد

  كلمات مفتاحية

يورغن تدنهوفر الدولة الإسلامية الجيش الحر سوريا حامد كرزاي بشار الأسد أبو قتادة الألماني

البيت الأبيض: نهج «الدولة الإسلامية» نسخة محرفة للإسلام

لماذا السكوت عن هذا الإرهاب؟

السعودية.. 228 بلاغا ضد تمويل الإرهاب وغسيل الأموال

«الداخلية» السعودية: لسنا في مأمن من الإرهاب ونحقق في التبرع لـ«الدولة الإسلامية»

وثائق «دير شبيجل»: القصة الكاملة لـتأسيس «الدولة الإسلامية» على يد ضابط مخابرات عراقي

الديمقراطية حلا لمشكلة الإرهاب