هل «الطلاق البريطاني الأوروبي» نعمة أم نقمة على الاقتصاد الخليجي؟

الأحد 26 يونيو 2016 06:06 ص

شكل تصويت البريطانيين في استفتاء، الخميس الماضي، لصالح خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي صدمة للعالم؛ فالتداعيات الاقتصادية كانت سريعة، وظهرت في كل الأسواق، سواء بتراجع سعر صرف الاسترليني لأدنى مستوى أمام الدولار منذ عام 1985، أو الخسائر التي تعرضت لها البورصات العالمية، والتي هوت بنحو 10 في المائة.

ووسط كل هذ الصخب والخسائر الناجمة عن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي، فإن التساؤل حول تأثير نتيجة الاستفتاء في الاقتصادات الخليجية يظل في مقدمة الأسئلة المشروعة.

وعن ذلك، يعتقد الاستشاري المالي في مجموعة «لويدز» المصرفية، «إلكس إكسون»، أن الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي سينعكس بصورة إيجابية على الجانب العربي وتحديدا المستثمرين الخليجيين.

ويضيف، لصحيفة «الاقتصادية» السعودية، موضحا: «تراجع الجنيه الاسترليني يعني أن القدرة الشرائية لدى منطقة الخليج من السلع والخدمات البريطانية ستزيد؛ لأن أغلب الاحتياطات المالية لمنطقة الخليج مقومة بالدولار الذي يعد العملة الرئيسة في سوق النفط، كما أن السياحة الخليجية للندن ستزدهر».

ويتابع: «يستطيع المواطن الخليجي الآن قضاء عدد أيام أطول في بريطانيا بالتكلفة المالية ذاتها التي اعتاد أن يدفعها عندما كان سعر الاسترليني مرتفعا».

وعلى الجانب التجاري، يقول «إكسون» إن «آفاق العلاقات التجارية بين لندن والعواصم الخليجية ستنتعش؛ فعضويتنا في الاتحاد الأوروبي كانت تقيدنا خاصة مع فشل الاتحاد في التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع بلدان مجلس التعاون (الخليجي)، وأتوقع أن تنمو معدلات صادرتنا إلى منطقة الخليج في الفترة المقبلة».

«ريتشارد بوت»، أستاذ الاقتصادات الناشئة في جامعة ساسكس البريطانية، لا ينفي أن منطقة الخليج العربي في عديد من الجوانب الاقتصادية ستخرج رابحة مع خروج بريطانيا من الاتحاد، لكن، هناك، أيضا أضرار يجب النظر إليها وعدم تجاهلها.

ويضيف: «لا يوجد رقم رسمي عن قيمة الاستثمارات الخليجية في بريطانيا، والرقم الوحيد كان قد صرح به رئيس الوزراء المستقيل ديفيد كاميرون عندما أشار قبل سنوات إلى أن الاستثمارات السعودية في المملكة المتحدة تقدر بـ64 مليار استرليني، وأغلب التقديرات غير الرسمية تصل بالاستثمارات الخليجية المباشرة إلى 150 مليار دولار حاليا، ولا شك أن قيمة تلك الأصول ستنخفض مع تراجع قيمة الاسترليني».

ويتابع: «بالنسبة للودائع المصرفية الخليجية، فإن قيمتها قد تتراجع، لكن هذا سيتم تعويضه إذا ما تم رفع أسعار الفائدة من قبل بنك إنجلترا لمنع رؤوس الأموال الأجنبية من مغادرة البلاد».

«توم كلامب»، أستاذ اقتصادات الشرق الأوسط سابقا في جامعة أكسفورد، يرى من جانبه أنه يمكن للبلدان الخليجية الحصول على امتيازات أفضل للتعامل التجاري والمالي مع بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي؛ لحاجة الأخيرة إلى فتح أسواق دولية جديدة.

ويشير إلى أنه بالنسبة للمواطنين من دول الخليج، فإن الجانب الأكبر من استثماراتهم في المملكة المتحدة يتركز في القطاع العقاري، وعلى الرغم من أن وزير المالية البريطاني، «جورج أوزبورن»، توقع انخفاض قيمة العقارات البريطانية بنحو 18 في المائة، فإن المستثمر الخليجي لن يتضرر؛ حيث أن الغالبية العظمى من المستثمرين الخليجيين يقومون بشراء عقارات في مناطق سكانية مميزة وفاخرة، وعن طريق الدفع النقدي المباشر، بينما العقارات التي ستهتز أسعارها هي التي تعتمد في شرائها على القروض العقارية، والسبب هو الارتفاع المتوقع لأسعار الفائدة؛ ما يعني تقلص الطلب.

ونظرا للعلاقات التاريخية التي تربط بريطانيا بمنطقة الخليج العربي، يعتقد «كلامب» أنه لن يوجد لدى المستثمر الخليجي ما يدفعه للإسراع ببيع ثروته العقارية ومغادرة الأسواق البريطانية، خاصة أن الجزء الأكبر من عقارات الخليجيين في بريطانيا للاستخدام الشخصي؛ فإذا انخفضت قيمة الاسترليني وزاد معدل الأيام التي يقيم فيها المستثمر الخليجي في المملكة المتحدة، فإن المنطقي أن يحافظ على مسكنه وألا يقوم ببيعه.

 وبخصوص السعودية تحديدا، يقلل خبراء اقتصاد من أثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي على الاقتصاد السعودي، معتبرين أن العلاقات التجارية بين السعودية ودول الخليج من جهة، وبريطانيا من جهة أخرى، تُعد علاقات محدودة، وأن الاتفاقات الموقعة مع بريطانيا لن تتأثر، لأنه تم توقيعها خارج إطار الاتحاد الأوروبي، حسب وكالة «الأناضول» للأنباء.

وحول ذلك، يقول الكاتب الاقتصادي السعودي، «محمد العنقري»، إن الاقتصاد البريطاني هو المتضرر الرئيس من الخروج، ومن المبكر الحكم على حجم الأثر، وما يحدث الأن هو مبالغات يقودها المضاربون.

ويضيف أن حجم التجارة بين السعودية ودول الخليج مع بريطانيا محدود، «لكن فيما يتعلق باستثمارات السعودية في السندات البريطانية، فإن السعودية تستثمر عادة في السندات عديمة المخاطر ويتم إدارة الاستثمارات بحسب مخاطر كل دولة، واستثمارات السعودية في السندات البريطانية قليلة».

ويشير العنقري إلى أن الأثر الأكبر قد يكون على استثمارات الأفراد السعوديين والخليجيين؛ بسبب تراجع الجنيه الاسترليني الكبير، والتراجع المتوقع لأسعار العقارات التى يستثمرون بها في بريطانيا.

ويلفت إلى أن الأثر الحقيقي على الاقتصاد السعودي يأتي من تراجع أسعار النفط، وهذا يحكمه نمو الطلب العالمي، في حين أن بريطانيا وكامل أوروبا تأثيرهم ضعيف في نمو الطلب على النفط، بل المؤثر دول شرق آسيا ودول الشرق الأوسط.

ويوضح أن ما يحدث في أسعار النفط أو سعر العملة، لن يؤثر على الاقتصاد السعودي، كونها مؤقتة، وبحكم أن العلاقات السعودية البريطانية نفسها محدودة.

من جهته، يقول رئيس قسم الأبحاث لدى «الاستثمار كابيتال» السعودي، «مازن السديري»، إن التبادل التجاري بين السعودية وبريطانيا محدود، «لكن الواردات حالياً ستصبح أرخص في ظل تراجع الجنيه الاسترليني واليورو أمام الريال السعودي، بسبب ربط العملة السعودية بالدولار الأمريكي المرتفع مقابل الاسترليني».

ويلفت إلى أن التركيز السعودي هو بشكل كبير على الدولار واليورو في الاستثمارات والعلاقات التجارية، وتشكل واردات السعودية من دول اليورو 20% من إجمالي وارداتها سنوياً، معظمها سيارات.

ويشير السديري إلى أن الاتفاقيات بين السعودية وبريطانيا تم توقيعها خارج إطار الاتحاد الأوروبي، وبالتالي لن تتاثر بخروج بريطانيا، مؤكداً أن التأثير الأكبر على الاقتصاد السعودي يكمن بالنمو العالمي، حيث تشير التوقعات إلى نمو عالمي يقترب من 2% فقط عام 2019.

وأعلنت بريطانيا، أول أمس الجمعة، النتائج الرسمية، لاستفتاء مواطنيها على عضوية بلادهم في الاتحاد الأوروبي، والتي أظهرت تصويت 52% من الناخبين لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد، مقابل 48% منهم لصالح البقاء فيه.

  كلمات مفتاحية

بريطانيا الاتحاد الأوروبي الاقتصاد الخليجي «الإسلام في السعودية»

السعودية والإمارات تقللان من تأثير خروج بريطانيا من «الاتحاد الأوروبي» على مصارفهما

900 مليار دولار خسائر البورصات الأمريكية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

«موديز» تخفض نظرتها المستقبلية لبريطانيا من مستقرة إلى «سلبية»

«الخروج البريطاني» يصيب أسواق المال بـ«الصدمة».. النفط والأسترليني يتراجعان والذهب يصعد

اقتصادي كويتي: الخليج سيتأثر سلبا بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

الرهان على انهيار أوروبي!

في ملابسات "انتحار" القارة العجوز