حلب: لعبة المصالح والنفوذ في أروقة المدينة المدمرة

السبت 9 يوليو 2016 02:07 ص

بعد أشهر من التحضيرات والهجمات، فإن القوات الموالية للحكومة السورية قد صارت على مقربة تماما من تطويق الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في مدينة حلب. سوف تظل المعركة في حلب تمثل نقطة محورية في الصراع واسع النطاق ضمن إطار الحرب الأهلية السورية، وسوف يكون للقتال داخل المدينة وحولها تأثيرات كبيرة على مجريات الصراع. وسوف يكون له تأثير مباشر أيضا على المفاوضات عالية المستوى التي تجري بين روسيا والولايات المتحدة وغيرها من القوى التي لها مصلحة في مستقبل سوريا.

تحليل

مع سيطرتها على مزارع الملاح، المنطقة الاستراتيجية في شمال حلب، فإن القوات الموالية قد صارت على بعد كيلومترين فقط من طريق كاستيلو، وهو آخر خطوط الإمداد المتبقية في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة. وقد جعل القصف العنيف والغارات الجوية عبور الطريق أمرا شديد الخطورة بالنسبة للمركبات ما تسبب فعليا في قطع طرق الإمدادات. تم خوض معارك شرسة خلال الأشهر الماضية لمحاصرة مواقع المعارضة وتكبدت القوات الموالية خسائر فادحة ثمنا لتقدمها نحو طريق كاستيلو. ولكن المحاولات الأخيرة التي جرت عبر الوحدات القتالية الأكثر كفاءة بدعم من الضربات الجوية الروسية الثقيلة، قد أحرزت تقدما كبيرا في مواجهة الدفاعات المهتزة للمعارضة.

بشكل رئيسي، فإن وحدات المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة وعلى وجه الخصوص كتائب فتح حلب ونور الدين زنكي هي من تتولى بشكل حصري مسؤولية الدفاعات في هذه المنطقة. وجاء هذا الترتيب تاليا لاتفاق بين الولايات المتحدة وحلفائها سعت بموجبه لفصل تلك الوحدات عن الجماعات المعارضة الأخرى «الأكثر تطرفا» مثل جبهة النصرة، فرع تنظيم القاعدة في سوريا. ولكن مع تقدم هجمات الموالين، فقد شعرت وحدات المعارضة أنها لا تملك خيارا سوى الاستعانة بجبهة النصرة. وبدعم من الجبهة، فقد شن المعارضون هجمات مرتدة شرسة أوقفت كثيرا من تقدم الموالاة. . ومع ذلك، فإن الحكومة السورية وحلفاءها لا يزالون هم أصحاب اليد العليا في المعركة.

وعلى الرغم من أن الاختلاط بين جبهة النصرة وبين القوات المتمردة الأكثر اعتدالا في حلب قد حقق نجاحا في ساحة المعركة، فإنه مما لا شك فيه سوف يعقد جهود التوصل إلى تفهمات بين الولايات المتحدة وروسيا في سوريا. خلال محادثة هاتفية في 6 يوليو/تموز الماضي، وافق الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين» والرئيس الأمريكي «باراك أوباما» على زيادة التنسيق حول العمل العسكري في سوريا بما في ذلك مكافحة جبهة النصرة.

ومع حرص الولايات المتحدة على تجنب تطويق المعارضة في المدينة، فإنها تواصل الضغط من أجل تطبيق وقف الأعمال العدائية في المنطقة وتفكر في فرض منطقة حظر للضربات على الطائرات الروسية وطائرات النظام. لكن الروس سوف يجادلون أنه مع وجود جبهة النصرة في المدينة، ووفق الاتفاق الجديد، فإن الولايات المتحدة لن يتعين عليها فقط أن تسمح بالضربات الجوية الروسية ولكن أيضا أن تشارك فيها. ونظرا للوضع اليائس للمعركة فإن المعارضة لا تملك ما يمكنها من دفع جبهة النصرة عن مواقعها على الرغم من الضربات الروسية. جيش الفتح، تحالف المعارضة الأكثر قدرة الذي تهيمن عليه جبهة النصرة، يبدو لا غنى عنه في جهود المعارضة لمنع القوات الموالية من تطويق المدينة.

الجزء الأساسي من صفقة 6 يوليو/تموز بين روسيا والولايات المتحدة يتضمن قيام روسيا بإقناع دمشق بوقف غاراتها الجوية. ويقوم هذا الاتفاق على افتراض أن الروس، نظرا لتأثيرهم الهائل في دمشق، بإمكانهم فرض الالتزام على الحكومة السورية والقوات الموالية لها. ولكن الأمر لا يبدو بهذه السهولة. إيران تملك النفوذ الأكبر في سوريا بالنظر إلى مشاركاتها التاريخية وإسهاماتها الهائلة إلى جانب الموالين. ومما لا شك فيه أن طهران سوف تقوض أي اقتراح من شأنه أن يكون معاديا لمصالحها في البلاد.

يمكن خدمة مصالح روسيا بشكل أفضل من خلال استخدام المعركة الحالية كورقة ضغط لإجبار الولايات المتحدة على تقديم المزيد من التنازلات. ولكن في ضوء الثمن الباهظ الذي دفعوه في حلب إلى الآن، فإن الموالين السوريين وحلفاءهم من الإيرانيين من غير المرجح أن يتخلوا عن ميزاتهم العسكرية لمجرد إرضاء روسيا. كما أنها سوف يكونون حريصين على التأكد أن الاتفاقات النهائية سوف تتوافق على مصالحهم هو احتمال غير مؤكد في هذه المرحلة.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

سوريا الأسد حلب روسيا أوباما جبهة النصرة

حين تختزل حلب الأزمة السورية برمتها

«الأسد»: حلب ستكون المقبرة التي تدفن فيها أحلام «أردوغان»

«الأسد» يعد بالـ«النصر النهائي» في حلب وينتهك «التهدئة»

«أحرار الشام» تسقط طائرة استطلاع إيرانية بريف حلب

«جبهة النصرة» تعلن كسر الخطوط الدفاعية لقوات النظام السوري شمالي حلب

المرحلة الأخطر: انفلات الروس والإيرانيين والأسد

مؤشرات متزايدة على اختلاف رؤية النظام وحلفائه في سوريا

النظام السوري يقصف مستشفيات بحلب ويقول إنه مستعد لمواصلة محادثات السلام