الكوارث الخفيّة للأسلحة الكيميائية المُهملة في العراق

الاثنين 20 أكتوبر 2014 10:10 ص

لا تزال مستودعات الأسلحة الكيميائية العراقية القديمة المنتشرة على مساحات واسعة من البلاد تُشكل خطرًا في الوقت الذي فقدت فيه الولايات المتحدة سيطرتها على تلك الأسلحة؛ بحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية التي التقت جنودًا خدموا في العراق ومسئولين أمريكيين فضلاً عن المعلومات التي حصلت عليها بموجب قانون حرية المعلومات.

ليس كماء البحيرة .. إنه غاز الخردل

في أغسطس/آب 2008م قرب مدينة (التاجي) شمالي بغداد انفجرت كَومةً من قذائف المدفعية العراقية القديمة كانت مدفونة بجانب بحيرة مياهها غير صافية. وكان الانفجار – بحسب الصحيفة – عبارة عن جزءٍ من محاولة لتدمير الذخائر التي يمكن استخدامها في صنع قنابل بدائية الصنع، وهو الأمر الذي كشف النقاب عن مزيدٍ من القذائف المخبأة هناك.

تحرك مختصان للقيام بمهمة التخلص من الذخائر داخل الحفرة التي تسربت إليها مياه البحيرة القريبة، لكن «أندرو جولدمان» - أحد المشرفين على  عملية التدمير – نفر من الرائحة النفّاذة المُنبعثة مشيرًا أنه لم يشم مثل هذه الرائحة من قبل، في حين أنّ قائد الفريق السرجنت «إريك دولينج» الذي قام برفع ذخيرة داخل الحفرة فرأى معجونًا زيّتيًا يرشح من أحد الشقوق فعلق بالقول: «لا يبدوا كمياه البحيرة!».

قام أحد المُختصين بتنظيف القذيفة مستخدمًا ورقة الكشف الكيميائي فتحولت إلى اللون الأحمر ما أكد لهم لهم وجود غاز الخردل - نوع من المواد المُستخدمة في الحروب الكيماوية ويتسبب في حروق للشُعب الهوائية والجلد والعين – وأصبح الرجل الثلاثة في ورطة بالغة ما حدا بالسرجنت «دولينج» بأن يطلب منهم مغادرة المكان فورًا.

ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد خمس سنوات من إرسال الرئيس «جورج بوش» الابن قواتًا أمريكية إلى العراق فإنّ هؤلاء الجنود دخلوا مرحلةً مكثّفةً وسرية للغاية من التورط الأمريكي طويل المدى والمرير في العراق.

وخلال الفترة بين 2004 – 2011م تعرضت القوات الأمريكية والقوات العراقية – التي تلقت تدريبها على يد نظيرتها الأمريكية – إلى مخاطر الأسلحة الكيمائية المُتبقية من عهد الرئيس «صدام حسين»؛ حيث أُصيب عددٌ من الجنود في ستة حوادث على الأقل جرّاء تلك الأسلحة.

وإجمالاً؛ فقد نقلت الصحيفة عن عشرات المشاركين في الحرب على العراق ومسئوليين أمريكيين وعراقيين وملفات استخباراتية ما حاولت الإدارة الأمركية التكتم عليه بشأن العثورِ على نحو خمسة آلاف رأسٍ حربية كيميائية وقذيفة وقنبلة جوية.

ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب في العراق بهدف تدمير برنامج فعّالٍ لأسلحة دمار شامل، لكن قواتها عثرت لاحقًا وبشكل تدريجيٍ على بقايا برامج مُهملة منذ فترة طويلة وُضعت في الأساس بالتعاون مع دول الغرب.

وقالت «نيويورك تايمز» إنها نجحت في لقاء سبعة عشر جنديًا أمريكيًا وسبعة ضباطٍ عراقيين أُصيبوا نتيجة غاز أعصاب وغاز الخردل عقب غزو العراق في 2003م؛ وهو الأمر الذي أكده مسئولون أمريكيون أشاروا إلى أن الحصيلة الرسمية قد تكون أعلى من ذلك بقليل.

ومنعت الحكومة الأمريكية نشر أي معلوماتٍ عن هذه الاكتشافات حتى للقوات والأطباء الذين أرسلتهم للخدمة هناك، بل إن المصابين جرّاء تلك الأسلحة لم يتلقوا العلاج الصحيح خشّية أن يتسرب الأمر؛ بحسب ما قاله مشاركون وضحايا شاركوا/تضرروا خلال تلك الفترة.

«أحسست وكأني خنزيرًا تُجرى عليه تجارب ولستُ جُنديا مصابًا»؛ هذا ما وصف به سرجنت سابق بالجيش حالته بعدما أُصيب بحروق نتج عن الاختلاط بغاز الخردل عام 2007م، مُشيرًا إلى أنه حُرم من العلاج في المستشفى والإجلاء الطبي إلى الولايات المتحدة رغم مطالبة قائده. (في الصورة: الرقيب. إريك ج. دولينج، يسار، الأخصائي أندرو ت. غولدمان، أقصى اليمين، وعضو ثالث من فريق التخلص من الذخائر يعالجون من التعرض لمادة كيماوية في أغسطس 2008)

ووصلت المعلومات للكونجرس الأمريكي، لكن صدرت الأوامر بالتزام الصمت تجاه الوضع أو اللجوء للمعلومات المضللة إذا احتدم الأمر؛ حيث قال «جارود لامبير» - قائد أمريكي تقاعد بعد عمله ضمن أكبر عملية اكتشاف للأسلحة الكيمائية أثناء الحرب – «أمروني بإعطاء معلومات ليست ذات مغزى حال سُئلتُ عن الأمر»، كاشفًا أنهم عثروا على أكثر من ألفٍ وأربعمائة صاروخ مزود بغاز الأعصاب عام 2006م في مجمع الحرس الجمهوري العراقي السابق.

وأعرب الرقيب السابق «جارود تايلور» عن سخريته من سماع أي أنباء تشير إلى عدم وقوع إصابات، مستنكرًا تضليل الرأي العام لعشر سنوات: «مما يُثير الدهشة أن تسمع عن عدم وجود أسلحة كيميائية في العراق. لقد كانت موجودة وبكثرة».

من جانبه؛ رفض العميد البحري «جون كيربي» - المتحدث باسم وزير الدفاع الأميركي «تشاك هيجل» - الإفصاح بمعلومات عن حوادث بعينها تضمنها تحقيق «نيويورك تايمز»، أو حتى مناقشة المسائل المتعلقة بالرعاية الطبية وعدم تقديم ميداليات للجنود الذين تعرضوا للإصابة، لكنه أشار إلى أن الممارسات المتعلقة بنظام الرعاية الصحية والمكافآت كانت قيد المراجعة متوقعًا أن تعالج الأجهزة الأمنية كافة أوجه التقصير.

ورأى «كيربي» أن «كل الجنود يستحقون الحصول على أفضل دعم طبي وإداري ممكن. كنت أشعر بالقلق الشديد عندما أسمع أنهم لا يحصلون على الدعم المناسب»، معربًا عن توقعاته بأن يصحح القادة على كل المستويات أي خطأ وقع مهما كان زمانه ومكانه.

فشل استخباراتي تحول إلى كابوس

وعادت «نيويورك تايمز» بالذاكرة إلى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001م على الولايات المتحدة مُشيرة إلى أن الرئيس بوش الابن أصر – متحدّيًا الإدارة الدولية - على أن العراق يمتلك برنامجًا سريًا نشطًا لأسلحة دمار شامل، وعلى الرغم من بطلان الادعاء بتفتيش الأمم المتحدة إلا أنه تدخل في العراق، مُعلنة أن اكتشاف هذه الأسلحة الكيمائية لا يدعم الأساس المنطقي للغزو المريكي للعراق.

ونقلت الصحيفة عن المشاركين في الحرب قولهم إن كل الأسلحة التي عُثر عليها في العراق جرى تصنيعها قبل عام 1991م، وكانت الأسلحة تبدو بشكلٍ غير جيّد نتيجة لتآكلها؛ لذا كان من الصعب تصنيف جزء كبير منها على أنها كيمائية. بعض تلك الأسلحة كانت فارغة على الرغم من اشتمال الكثير منها على غاز الخردل النشط أو ما تبقى من غاز السارين السام للأعصاب. تلك الأسلحة لم تُستخدم فيما صُنّعت لأجله، لكن عندما فُكِّكت تسرّبت منها المواد الكيميائية لتنتشر على مساحات محدودة؛ وفقًا لما ذكره مَن عملوا على تجميعها. (في الصورة: مفتشي الأمم المتحدة في منشأة المثنى العامة عام 2002)

وفي حادثة تلو الأخرى – بحسب المشاركين – كان تحليل تلك الرؤوس الحربية يثبت مع كل مرة الفشل الاستخباراتي. في باديء الأمر؛ لم تعثر الحكومة الأمريكية على ما كانت تبحث عنه مع بدء الحرب ثمّ فشلت لاحقًا في إعداد قواتها وتهيئتهم بما يليق للتعامل مع الأسلحة القديمة في حال أنهم عثروا عليها.

هذه الأسلحة الكيميائية المُهملة في العراق قد تُصبح كابوسًا يقضّ مضاجع المنطقة بأسرها في الوقت الذي يشهد فيه العراق اضطرابات جديدةٍ جرّاء العنف الذي هدم المكاسب الأمنية المُنجَزة في السابق في ظل إراقة الدماء السنّية-الشيعية، وبزوغ نجم «الدولة الإسلامية».

وتتركز الكثير من حوادث الأسلحة الكيميائية حول أنقاض منشأة المُثنى - المركز المتخصص بإنتاج الأسلحة الكيماوية في فترة ثمانينات القرن لماضي – بحسب «النيويورك تايمز».

ومنذ يونيو/حزيران الماضي سيطرت «الدولة الإسلامية» على تلك المنطقة المحيطة بالمركز. وفي رسالة بعثت بها الحكومة العراقية لنظيرتها الأمريكية هذا الصيف تم الكشف عن أنه ما يزال هناك أكثر من 2500 صاروخٍ كيميائي متآكل مدفون، وأن المعدات الموجودة في المنشأة قام أفرادٌ بنهبها.

وتقلل الحكومة الأمريكية من مخاطر الأسلحة المُهملة إلا أن الصحيفة ترى استنادًا على حوادث الأعوام العشرة الماضية أن الذخائر الكيمائية العراقية القديمة تشكل خطرًا لا يمكن تجاهله؛ خاصة عند إعادة استخدامها من أجل شن هجمات محلية كتصنيع القنابل بدائية الصُنع كما فعل المتمردون عام 2004م.

وأفاد المشاركون في الكشف عن الأسلحة الكيميائية بأن الولايات المتحدة حالت دون الكشف عما عُثر عليه من تلك الأسلحة لأسباب عدة؛ منها: عدم الرغبة في الاعتراف بخطئها، وقد علق القائد السابق «لامبير»: «كانوا بحاجة إلى القول إنه عقب أحداث 11 سبتمبر/أيلول استخدم صدام قذائف كيمائية. كل هذا يعود إلى حقبة ما قبل 1991م».

وتواجه واشنطن – بحسب آخرين – إحراجًا آخر يتمثل في أن كل ستة حوادث منها خمسة سقط فيها مصابون جرّاء تلك الأسلحة الكيميائية، كما بدا أن الذخائر صُممت في الولايات المتحدة وصُنّعت في أوروبا ثم جُهزت للاستخدام عبر خطوط الإنتاج الكيمائية في العراق والتي تعود لشركات غربية.

وفي سياقٍ متصلٍ؛ أعلن مسئولون عاملون في مجال منع انتشار الأسلحة النووية أن البنتاجون تعامل مع تلك الأسلحة الكيميائية في العراق بما يخالف اتفاقية الأسلحة الكيمائية المعمول بها. وطبقًا لتلك الاتفاقية فإنه يجب تأمين تلك الأسلحة فور العثور عليها ثم الإبلاغ عنها وتدميرها بطريقة دقيقة تستغرق وقتًا طويلاً.

وتعليقًا على ما قامت به الولايات المتحدة تجاه تلك الأسلحة قالت «جينيفر إيليزا» -  المتحدثة باسم البنتاجون – «هذه الأسلحة المُشتبه بها تمّ التعامل معها بحسب الأوضاع التي فرضت التدمير الفوري لها لضمان أن الأسلحة الكيميائية لا يمكن أن تشكل تهديدًا للعراقيين وجيرانهم وقوات التحالف أو حتى البيئة. الاتفاقية لم تضع أي تصورٍ لما تمر به العراق».

واتفق العديد من المشاركين في أن الولايات المتحدة فقدت مسار تتبع الأسلحة الكيميائية التي عثرت قواتها عليها، وتركت كميات كبيرة منها غير مؤمنة، ولم تحذر الناس - عراقيين وقوات أجنبية – منها في الوقت الذي دمرت فيه سريعًا الذخائر الكيميائية في العراء.

وكان السرجنت «إريك دولينج» قد دخل سرًا عام 2008 وفريقه وأثناء مرورهما فوق الذخيرة الكيميائية التي سرّبت بعض غازاتها واكتشفوا ذلك تحدث على الفور في جهاز اللاسكي معه محذرًا القادمين في إثرهم وطالبهم بالرجوع الفوري قائلاً: «إنه غاز الخردل»، حيث أشار لاحقًا أنهم لم يتلقوا العلاج المناسب ولم تتمّ مكافأتهم بعد أن: تعرضنا جميعًا لأسلحة كيميائية.

المخبأ الذي أصاب السرجنت «دولينج» وفريقه لم يكن الأول من نوعه، فقد عثرت القوات الأمريكية على آلاف الرؤوس المشابهة والذخيرة. (الصورة: في مارس 2007، قام الأخصائي ريتشارد ت. بيسلي بكسر قذيفة، لا يعرف أنها تحتوي على غاز الخردل. في اليوم التالي، اندلعت البثور الكيميائية على ساقه)

وعرّجت الصحيفة على حالة الفوضى التي بدأت – في الأساس – منذ أن تحرك الرئيس «صدام حسين» عام 1881م للاشتباك في حرب – لم يحسب لها حساباتها – مع إيران. وحينما وجد صدام أسلحته غير كافية للوقوف أمام السلاح الإيراني سعى بكل الوسائل بحثًا عن سلاح جديد، الأمر الذي قاده إلى إنشاء برنامج سريٍ – عُرف باسم مشروع 922 – الذي أنتج من خلاله مئات الأطنان من عناصر تُستخدم في غازات الأعصاب؛ بحسب تصريحات عراقية رسمية سرّية خرجت من داخل أروقة الأمم المتحدة في تسعينيات القرن الماضي.

حروب الوكالة وأباطرة سوق السلاح

وقد قدمت دولاً غربية الدعم للرئيس صدام مُستغلة إياه في محاولة القضاء على الثورة الإيرانية بعد أزمة الرهائن الأمريكيين بين عامي 1979-1981م. وبنى العراق برنامجه بكل مكوناته بسرعة فائقة معتمدًا على مجموعة من الدول تريد أسواقًا لمنتجاتها، وكشفت تصريحات سرية من داخل الإدارة الأمريكية أن واشنطن كانت واحدة من بين تلك الدول. كما كان في الوقت ذاته للشركات الألمانية دور في مجمع التصنيع الخاص بالمشروع الذي امتد ليشمل بقعة كبيرة من صحراء سامراء وثلاثة مصانع في الفالوجة بدأت إنتاج المواد المُستخدمة في الأسلحة الكيميائية. المُجمّع القريب من سامراء تغير اسمه لاحقًا إلى مُنشأة المُثنّى وضمت معامل أبحاث، وخطوط إنتاج، ومناطق اختبار، ومستودعات تخزين.

وأنتج العراق عام 1981م عشرة أطنان من غاز الخردل، وزاد الإنتاج عام 1987م بتسعين ضعفًا مستغلاً التنافس بين شركتين أمريكتين تبيع تلك المواد، كما بدأ في الوقت ذاته إنتاج غازات الأعصاب. واعتمد صدام على شراء أجزاء الصواريخ المختلفة من مُصنّعين عدّة مثل إسبانيا ومصر وإيطاليا ثم تجميعها في العراق وتعبئتها بالمواد الكيميائية، وأنشأ مخازن ملأها بتلك الأسلحة الي استهلك منها جزءً كبيرًا في حربه ضد إيران، لكن في الوقت ذاته بقي الآلاف من تلك الذخيرة والرؤوس بقيت مدفونة ومُهملة بصورة غير آمنة في عام 2003م عقب الغزو الأمريكي وإنهيار جيش صدام.

وتبقى خطورة هذه الأسلحة في آلية إعادة تصنيعها في شكل ذخائر تقليدية أو متفجرات بدائية الصنع مع ما تحويه من بقايا غازات كيميائية سامة مختلفة الأنواع.

وبناءً على مقاطع فيديو - ضمنتها الصحيفة ضمن تقريرها - ظهر أن شركات متعددة ذهبت إلى العراق في مهمات تتعلق بالكشف عن تلك المتفجرات وتأمينها خاصة بعد أن وجدت الحكومة الأمريكية نفسها أمام سيل من الانتقادات بشأن التعتيم على مثل هذه الحوادث وعدم مواجهة المشكلة بالشكل اللائق.

وقد واجهت فرق العمل المختلفة أنواعًا مختلفة من الأسلحة الكيميائية؛ فقد كشف السرجنت «جيمس بيرنس» – من شركة 752 للتخلص من المتفجرات – عن اكتشافه والفريق المرافق له لرؤوس حربية تحتوي على غاز السارين القاتل.

وفي نهايات عام 2005م وبدايات 2006م جمع الجنود أكثر من 440 صاروخ كيميائي في منطقة جنوبي بغداد، وخلال الأشهر الستة الأولى من عام 2006م عثر الجيش الأمريكي على حوالي 700 رأس وذخيرة كيميائية بحسب المعلومات التي تمّ الكشف عنها طبقًا لقانون حرية المعلومات. كما دمرت القوات البريطانية 21 صاروخ في مطلع عام 2006م؛ بعضها اشتمل على غاز أعصاب؛ بحسب مصادر رسمية. (في الصورة: أفراد من الجيش والبحرية الفنيين يتخلصون من ذخائر غير منفجرة عام 2003 بالقرب من بغداد. ودمرت القوات الأميركية الآلاف من مخابئ الأسلحة في العراق، وبعضها الواردة الأسلحة الكيميائية، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية).

وخلال عمليات البحث من عام 2004 حتى نهايات 2006 عثر المختصون – الذين وصلوا إلى أكثر من 38 فريق طوال تلك الفترة على آلاف الصواريخ التي كان بعضها فارغًا وبعضها اشتمل على غاز السارين القاتل؛ بحسب الصحيفة التي أشارت إلى إصابة بعض أفراد هذه المجموعات تارةً بالسارين وتارةً بالخردل وكان هناك شبه اتفاق بينهم أن الحكومة ترفض إجلائهم مخافة أن تنتشر الأخبار التي تُثير السخط ضدها.

في منتصف عام 2008م؛ وفي ظل التكرار لحوادث الإصابة بغاز الخردل اشتبه المختصون بالتخلص من الذخائر في منطقة صارت مصدرًا رئيسيًا لتلك الأسلحة: منشاة المُثنّى التابعة للحكومة العراقية. وعلى الرغم من انتشار الحوادث على اتساع المدن العراقية إلا إن نسبة الحوادث حول منطقة المُنشأة كانت ملحوظة. وفي يوليو/تموز 2008م عثر عناصر من قوات المارينز الأمريكية في تلك المنطقة على أكثر من سردابٍ يحوي الصواريخ المعبأة بالسارين وغاز الخردل.

في أوائل عام 2009م؛ ونتيجة لضغطٍ من الولايات المتحدة انضم العراق إلى معاهدة الأسلحة الكيميائية، ومنذ تلك اللحظة استعادت حكومة العراق الجديدة مسئولية تأمين وتدمير أي ذخائر كيميائية متبقية منذ عهد «صدام حسين».

في إبريل/نيسان 2010م أدركت القوات العراقية والشرطة أن المهمة لن تكون سهلة خاصة بعد عثور الأخيرة على كميات ضخمة من الذخيرة المعبأة بغاز الخردل بالقرب من ضفاف نهر دجلة. وفي عام 2011م فتحت القوات العراقية حاوية شحن لتجدها مملوءة بذخائر كيميائية لكنهم أغلقوها بسرعة حتى وصلت وحدة متخصصة ومُجهّزة للتعامل مع مثل هذه الأسلحة وفُتحت الحاوية لتجد بداخلها 400 ذخيرة؛ بعضها فارغ وبعضها معبأ بغاز الخردل.

وتحركت حكومة بغداد بشكل مبدئيٍ بوضعها خطة لدفن المخازن المُلوثة في منشأة المُثنى التي لا تزال تحوي بقايا المخزونات الكيمائية داخل خرسانتها الإسمنتية.

جدير بالذكر أن منشأة المُثنّى - التي لم تنته عملية دفن محتوياتها بعد-  تقع حاليًا تحت سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية».

المصدر | نيويورك تايمز، 14/10/2014

  كلمات مفتاحية

العراق صدام حسين جورج بوش الدولة الإسلامية الأسلحة الكيميائية

العراق تحول إلي مقبرة: 65 ألف تفجير و109 ألف قتيل خلال 6 سنوات

واشنطن لا تستبعد استخدام «الدولة الإسلامية» سلاح كيميائي ضد أكراد العراق

مصدر: «الدولة الإسلامية» نقل صواريخ وقذائف سامة من سوريا إلى الأنبار

الأمم المتحدة: الأسلحة الكيماوية المعلنة في سوريا دمرت بنسبة 100%

قطر تجدد تأكيدها دعم اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية