مسؤول أمني: الخطة الاقتصادية للحكومة المصرية تثير مخاوف من اضطرابات اجتماعية

الخميس 28 يوليو 2016 12:07 م

أثار إعلان الحكومة المصرية نيتها الحصول على قرض كبير من «صندوق النقد الدولي» لتمويل خطتها لمواجهة الوضع الاقتصادي المتدهور، مخاوف من اضطرابات اجتماعية بسبب الإجراءات التي قد يفرضها الصندوق وقرارات زيادة الضرائب التي ستطبق قريبا إضافة إلى تراجع قيمة الجنيه.

ونقلت صحيفة «الحياة» عن مسؤول أمني تخوفه من أن تؤدي الإجراءات الحكومية إلى مفاقمة أوضاع الفقراء، ما قد تتبعه اضطرابات اجتماعية سيقع على عاتق رجال الأمن مواجهتها.

وبدا أن تلك المخاوف تدور في ذهن الرئيس «عبدالفتاح السيسي» الذي يضع الأمن أولوية قصوى منذ توليه منصبه.

وشدد «السيسي» خلال اجتماعه أمس مع وزراء المجموعة الاقتصادية في الحكومة على ضرورة اعتماد مقاربات توازن بين الإجراءات الإصلاحية والتوسع في برنامج الحماية والمساندة الاجتماعية.

وشهدت أسعار السلع والخدمات ارتفاعات غير مسبوقة خلال الأيام الماضية، بفعل وصول سعر الدولار في السوق الموازية إلى مستويات غير مسبوقة، بالتزامن مع مناقشة البرلمان قانون «ضرائب القيمة المضافة»، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أصوات ساخطة على الحكومة، وزاد من حدة الانتقادات لسياسات «السيسي» نفسه.

وطالب «السيسي» أجهزة الحكومة والجيش أكثر من مرة بالتدخل في مواجهة ارتفاع أسعار السلع الرئيسة الذي اعتبر أن سببه «جشع التجار»، وقد لوحظ خلال الشهور الماضية تزايد منافذ الجيش ووزارتي التموين والزراعة لبيع السلع الغذائية في المناطق الفقيرة.

غير أن المسؤول الأمني الذي تحدث إلى «الحياة» أشار إلى أن هذه الخطوة «غير كافية». وأقر بوجود «حال من الغضب في الشارع بفعل الارتفاع غير المسبوق في الأسعار».

وأبدى تخوفه من أن تؤدي خطة الحكومة إلى مزيد من الغضب الذي قد يؤدي إلى انفجار، ورأى أن الاستقرار الذي تعيشه البلاد بات على المحك، والوضع الاقتصادي دخل مرحلة الخطورة، مشددا على ضرورة أن يقدم المسؤولون معالجات سريعة للأمر حتى لا تعود الاضطرابات الاجتماعية، والتي تقع في النهاية على عاتق الأمن.

واجتمع «السيسي»، أمس الأربعاء، مع رئيس حكومته «شريف إسماعيل» وأعضاء اللجنة الوزارية الاقتصادية التي تضم محافظ «البنك المركزي» ووزراء التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والتموين والتجارة الداخلية، والكهرباء والطاقة المتجددة، والتعاون الدولي، والبترول والثروة المعدنية، والتجارة والصناعة، والمال، وقطاع الأعمال العام، والاستثمار، عرضت خلاله اللجنة التطورات الأخيرة في أسواق النقد والأوضاع الاقتصادية والمالية، كما تمت مناقشة المؤشرات الاقتصادية المستقبلية وأرقام الموازنة العامة.

وأوضح بيان رئاسي أن رئيس الحكومة عرض نتائج مناقشات اللجنة الوزارية الاقتصادية لتوفير التمويل اللازم لاستعادة الاستقرار في الأسواق المالية والنقدية.

وأشار البيان إلى أن الاجتماع عرض نتائج المحادثات مع «صندوق النقد الدولي» في شأن دعم الصندوق لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تبنته الحكومة المصرية ويجري تنفيذه، وذلك من خلال برنامج مالي على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وتم الاتفاق على استمرار كل من محافظ «البنك المركزي» ووزير المالية في هذه المحادثات وإنهاء المفاوضات مع بعثة الصندوق التي ستصل إلى القاهرة السبت المقبل.

وشدد «السيسي» على ضرورة أن يأتي التعاون مع «صندوق النقد الدولي» بهدف تعزيز الثقة الدولية في الاقتصاد وجذب الاستثمارات الخارجية، وضرورة تحقيق التوازن المطلوب بين الإجراءات الترشيدية للبرنامج الإصلاحي، والاحتواء الكامل لآثاره على محدودي الدخل من خلال التوسع في برنامج الحماية والمساندة الاجتماعية المتكاملة، مع الحفاظ على أسعار السلع الغذائية الرئيسة التي تهم محدودي الدخل.

وأضاف أن الاجتماع خلص إلى أهمية مواصلة الحكومة تنفيذ برنامجها الإصلاحي بكل حسم وإصرار لمواجهة المشكلات الهيكلية التي عانى منها الاقتصاد خلال السنوات الماضية والتي أثرت سلبا في معدلات التنمية والاستثمار.

ومن المقرر عرض تفاصيل الاتفاق مع «صندوق النقد» على البرلمان، والذي يتوقع معه حصول شد وجذب بين النواب وممثلي الحكومة، لكن غياب كتلة موحدة للمعارضة سيؤدي في النهاية إلى الموافقة على خطة الحكومة والقرض.

وطالب رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان النائب «محمد أنور السادات» الحكومة والبرلمان بضرورة إجراء حوار مجتمعي عام يشارك فيه كل الشعب في ما يخص برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي المزمع الاتفاق عليه مع «صندوق النقد».

ولفت إلى أن تمويل الصندوق لن يكون مجانيا، بل سيأتي في إطار الاتفاق مع الحكومة على حزمة من الإجراءات المالية والاقتصادية التي ستسبب بكل تأكيد معاناة جسيمة لفئات الشعب كافة.

وتوقع أن تتضمن هذه الإجراءات خطة لتعويم الجنيه أمام الدولار وهو ما تشهد مصر بوادره حاليا، وطرح حصص من الشركات العامة والأصول الحكومية للبيع للمستثمرين الأجانب، وفرض مزيد من الضرائب، وتقليص الرواتب الحكومية، وخفض كبير للدعم على المحروقات والطاقة والخدمات العامة، وغير ذلك من الإجراءات.

وأشار إلى ضرورة مشاركة الشعب بكل فئاته في الموافقة على هذه الإجراءات أو رفضها وألا يتحمل البرلمان وحده عبء رفض هذا الاتفاق أو تمريره.

وحذر رئيس حزب «التجمع» النائب المعين «سيد عبدالعال» من أن عدم التعامل بحكمة مع هذا الملف سيؤدي إلى اضطرابات اجتماعية، مطالبا الحكومة بنظرة كلية للأزمة لا يغيب عنها البعد السياسي حتى نخرج من دائرة الخطر.

ورفض النائب اليساري «هيثم الحريري» سياسة الاقتراض التي تنتهجها الحكومة، لافتا إلى أنها ليست حلا وإنما تزيد من تعقد الوضع الاقتصادي لأن تلك القروض ستتحملها الأجيال المقبلة. وحذر من أن استمرار تلك السياسة «له مخاطر اجتماعية... هذه الحكومة حصلت على كثير من القروض خلال الفترة الماضية، ومع ذلك لم ينخفض سعر الدولار، بل على العكس».

وقال إن على الحكومة مراجعه سياسة صرف العملة الأجنبية ووقف استيراد السلع غير الرئيسة ولو لستة شهور على الأقل، ومراجعة سياسات المصرف المركزي التي ظهر أن لها تأثيرات سلبية. كما يجب اتخاذ إجراءات صارمة ضد المضاربين بالدولار.

ونبه حزب «الوفد» صاحب ثالث كتلة حزبية في البرلمان إلى أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يتحمل أن تدار الأمور في ضوء برنامج حكومي تقليدي، بل يتطلب إجراءات استثنائية وإدارة أزمة.

وأشار في بيان إلى أن نوابه سيتقدمون باستجواب في البرلمان لرئيس الوزراء لكشف تفاصيل خطة الإصلاح الاقتصادي الشامل، لأن الظرف الراهن لا يتحمل إجراءات منفصلة تثير الجدل لأن الرؤية الكاملة للإصلاح غير واضحة، والنتائج الحالية غير مرضية بالمرة.

وأكد أنه سيدعم أي إجراءات وتشريعات من شأنها تحسين الأوضاع، شرط أن نكون أمام رؤية متكاملة للإصلاح.

يذكر أن مصر حصلت في عهد الرئيس الحالي «عبدالفتاح السيسي» على سلسلة من القروض والمنح لمواجهة التحديات الاقتصادية التي واجهتها بسبب الاضطرابات السياسية في البلاد.

والتفتت مصر بعد تولي «السيسي» الرئاسة إلى الدول الخليجية من أجل الحصول على سيولة.

وتعهدت السعودية بتقديم مساعدة لمصر بقيمة 5 مليارات دولار، فيما قدمت الإمارات العربية المتحدة والكويت معا 7 مليارات دولار.

ومنذ أشهر عدة يعاني الاقتصاد المصري انخفاضا في العائدات من النقد الأجنبي على خلفية تراجع السياحة وتباطؤ الإيرادات من قناة السويس.

وبحسب مراقبين، تعاني مصر من أزمة اقتصادية طاحنة، تفاقمت خلال العام الأخير، حيث وصل سعر الدولار الأمريكي في السوق غير الرسمية (الموازية) إلى 13 جنيها مصريا، مقابل 8.88 جنيها في البنوك.

كما بلغ إجمالي الدين الخارجي لمصر 53.4 مليارات دولار في نهاية مارس/آذار الماضي، ما يعادل 16.5% كنسبة للناتج المحلي الإجمالي.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي الاقتصاد الدولار الجنيه صندوق النقد الدولي اضطرابات

هل تنجح أموال «صندوق النقد» في إصلاح الاقتصاد أم تلقى «مصر» مصير «اليونان»؟

أكبر بنك مصري خاص يخفض سحب بطاقات الائتمان بالخارج 50%

مصر تطلب 12 مليار دولار من «صندوق النقد الدولي» لمواجهة أزمتها الاقتصادية

مصر: تحذيرات من «ثورة جياع» بسبب استمرار انهيار الجنيه أمام الدولار

«الإحصاء»: ارتفاع نسبة الفقر في مصر إلى 28% في 2015

8 مليارات دولار التزامات مصر خلال العام الحالي.. وإصدار سندات دولية الأسبوع المقبل