أزمات «السيسي» وإدارته الفاشلة.. خارج التغطية الإعلامية وتحت هيمنة النظام

الأحد 31 يوليو 2016 09:07 ص

تورطت مصر في أزمات إقليمية ودولية أدت بها إلى نتائج كارثية بالتوازي مع الأزمات الداخلية التي شهدتها البلاد على مختلف الأصعدة خلال عامين من حكم الرئيس «عبدالفتاح السيسي».

ويعد ملف سد النهضة الإثيوبي أبرز الأزمات التي فشلت مصر في إدارتها خلال العامين الماضيين، فبدلا من أن تكرس دبلوماسية «السيسي» جهودها في الوصول إلى اتفاق مع أديس أبابا يحفظ حق القاهرة في حصتها من مياه النيل والتي ستنخفض بعد تشغيل السد، كانت الجهود تسير عكس الصالح المصري.

وتعتبر قضية جزيرتي تيران وصنافير وأزمة الدولار وغيرها من الملفات الشائكة، الممنوعة من التداول في الإعلام المصري، ليس نتيجة الرقابة الذاتية فقط، بل نتيجة أوامر أمنية وسيادية مصرية.

ولم تتوقف إملاءات النظام الحالي برئاسة «السيسي»، لوسائل اﻹعلام المصرية، بخلاف التضييقات الكبيرة التي تمارسها أجهزة سيادية وأمنية على سوق اﻹعلام.

وينظر «السيسي» للإعلام باعتباره أحد المعوقات التي تواجهه في سبيل ترسيخ حكمه، خاصة وأن تجربة التحريض الذي مارسته القنوات والصحف المملوكة لرجال اﻷعمال ضد الرئيس المعزول «محمد مرسي» لا تزال قابعة في اﻷذهان.

وتوجه الأجهزة السيادية والأمنية الصحف والقنوات تجاه معالجة القضايا المختلفة واختيار ضيوف بعينه، وذلك بخلاف الخطة التي وضعها «السيسي» للسيطرة وتحجيم سوق اﻹعلام المصري، حتى قبل الوصول لسدة الحكم قبل ما يزيد عن عامين، خاصة بعد ضخ أموال ضخمة في هذا القطاع بعضها داخلي وآخر خارجي ﻹسقاط حكم «مرسي».

وكشفت مصادر داخل مؤسسة الرئاسة المصرية، عن وجود توجيهات لمختلف وسائل اﻹعلام أشبه بـ«تعميم» غير رسمي، حول ضرورة وقف الحديث عن أزمة الدولار وتوجيه أسهم الانتقادات للسياسة المالية و«البنك المركزي» والحكومة.

تلميع «السيسي»

ونقلت صحيفة «العربي الجديد» عن المصادر قولها، إن تدخلات حدثت من قبل أجهزة سيادية وأمنية لدى رؤساء التحرير وقيادات القنوات الخاصة وبعض مقدمي البرامج والكتاب، لتخفيف حدة الانتقادات التي تؤثر سلبا على الرأي العام.

وأضافت أن التعليمات توجه إلى ضرورة الحديث بشكل إيجابي تجاه النظام، لناحية جهود «السيسي» والحكومة ورئيس «البنك المركزي» لمواجهة ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء.

وأفادت المصادر بأن هناك اتجاها لعمل حلقات نقاشية عبر الفضائيات لتلميع «السيسي» تحديدا في التدخل لمحاولة إنهاء اﻷزمة، فضلا عن الحديث عن القروض من المؤسسات الدولية، المقرر اللجوء إليها لتعويض النقص الحاد في الاحتياطي النقدي، باعتبارها منقذ مصر الوحيد للخروج من الأزمة.

وشددت المصدر على أن مسألة القروض بمثابة طوق نجاة لـ«السيسي»، والتمهيد للرأي العام بشأن القروض وأنها ستسهم في إنهاء أزمة الدولار تماما، وبالتالي إنهاء موجة التضخم، وهو ما يؤثر بشكل جيد في انخفاض أسعار السلع اﻷساسية، مع محاولات إقناع الدول التي قررت وقف رحلات الطائرات وتحذير سياحها ورعاياها من السفر إلى مصر بالتراجع عن هذه القرارات.
وكشف المصادر عن تواصلات حدثت مع أطراف في مؤسسة الرئاسة -لم تسمها- مع أجهزة سيادية وحكومية وبعض المستشارين الإعلاميين وعلى رأسهم أستاذ اﻹعلام الدكتور «سامي عبدالعزيز»، أحد المقربين من «جمال مبارك» نجل الرئيس المخلوع «محمد حسني مبارك».

وشددت على أن «عبدالعزيز» بات يضطلع بمهام أكثر في ظل النظام الحالي، بينما في فترة «مبارك» كان من حاشية نجله ولا يضطلع بأدوار أكبر من ذلك.

وأوضحت المصادر أن أستاذ اﻹعلام والذي كان عميدا لكلية اﻹعلام جامعة القاهرة فترة «مبارك» وخرج عليه طلاب الكلية باعتصام ﻹقالته، يعمل مستشارا لعدة هيئات ومؤسسات في الدولة، فضلا عن تقديم استشارات في قضايا بعيدا عن العمل اﻹعلامي بعضها يتعلق بمؤسسة الرئاسة وأجهزة رقابية في الدولة.

وكشفت المصادر عن ضلوعه في التخطيط لحملات تشهير وتشويه بعض رموز المعارضة أو المغضوب عليهم من النظام الحالي، وعلى رأسهم رئيس «الجهاز المركزي للمحاسبات» السابق المستشار «هشام جنينة».

ولفتت المصادر أنها لم تستبعد دعوة «السيسي» إلى اجتماع مع رؤساء التحرير واﻹعلاميين والكتاب الصحفيين خلال فترة قريبة، في إطار اللقاءات المتواصلة التي دشنها «السيسي»، لتوضيح بعض الحقائق واﻷزمات.

سقف التداول تحت رأس الدولة

وتزامن حديث المصادر داخل مؤسسة الرئاسة، مع أحد الصحفيين المصريين وهو أيضا معد لأحد البرامج التلفزيونية، حيث أفاد بوجود توجيهات من أجهزة سيادية وأمنية وتحديدا الدوائر التي تتابع المجال اﻹعلامي، بعدم التوسع في الحديث عن اﻷزمات والمشكلات خلال الفترة المقبلة، حفاظا على اﻷمن القومي المصري، لما لتأليب الشعب ضد النظام من مخاطر كبيرة على الاستقرار المجتمعي، بحد ما يتردد داخل القنوات الفضائية.

ونقلت «العربي الجديد» عن الصحفي والمعد التلفزيوني، إن التوجيهات من أجهزة في الدولة لقيادات القنوات والصحف متواصلة ولا تتوقف حيال التنسيق والتعامل مع اﻷزمات وتوجيه العمل، حتى إن الانتقادات يكون لها سقف وترتبط بالحكومة ووزراء بعينهم ولا تطال بأي حال من اﻷحوال رأس الدولة «السيسي».

وأضاف أن سيطرة الأجهزة اﻷمنية على اﻹعلام لم تتوقف في أي وقت، خاصة وأنه تم التخلص من رافضي هذه اﻹملاءات وهو مصير كل من يعارض توجهات النظام الحالي.

ولفت إلى أنه لا يعرف، هو أو أي من معدي البرامج أو العاملين، فحوى الاتصالات والتنسيق مع أجهزة سيادية وأمنية، ولكن عند السؤال حول التعامل مع قضية معينة وطرح الوسيلة المثلى للاشتباك معها، يكون الرد: «دي توجيهات من فوق»، في إشارة إلى وجود ضغوط.

خريطة الإعلام والفضاء الإلكتروني

وتشهد الخريطة الإعلامية المصرية حاليا تغييرات متسارعة بعد مرور عامين من حكم «السيسي»، وتشمل هذه التغييرات نقل ملكيات أو إنشاء منابر إعلامية جديدة، وغياب وجوه إعلامية مع بروز وجوه جديدة، وتغير الخرائط البرامجية لتقليل الجرعات السياسية لصالح المنوعات، ولم تقتصر مساعي التغيير على الإعلام التقليدي بل تعدته إلى الفضاء الإلكتروني.

كما يجري تغيير خريطة صناع القرار الرسميين أيضا، حيث جرى تهميش نقابة الصحفيين وإشغالها بمعركة وجودها، كما ستتم عادة تشكيل «المجلس الأعلى للصحافة» للتخلص من قياداته الحالية بموجب تعديل قانوني سريع بعد انحيازه للنقابة في معركتها، كما سيتم لاحقا تأسيس «مجلس أعلى للإعلام» يكرس هيمنة الدولة على المنظومة الإعلامية، كما يجري تبديل شركات التسويق والإعلانات التقليدية التي هيمنت على سوق الإعلام الخاص في الفترة الماضية، والتمكين لشركات أخرى تمثل واجهات تجارية للمخابرات المصرية.

وقد برز من هذا النوع شركتان وقفتا خلف عمليات نقل ملكية لبعض القنوات والصحف والمواقع مؤخرا هما شركتا «بلاك أند وايت» لصاحبها ضابط المخابرات «ياسر سليم» التي تمتلك موقع «دوت مصر» وتنتج برنامج «أنا مصر» في التلفزيون الرسمي والتي دعمت نقل ملكية قناة «أون تي في» من «نجيب ساويرس» إلى «أبي هشيمة»، وشركة «دي ميديا» صاحبة «راديو 9090» وموقع «مبتدأ.نت» (المعروفين بتبعيتهما لجهاز المخابرات)، وقد قامت هذه الشركة مؤخرا بالاستحواذ على قناة «الناس» وبشراء أكبر استديوهين داخل مدينة الإنتاج الإعلامي استعدادا لإطلاق قناة فضائية كبرى تحمل اسم «دى إم سي» من المرجح أن تبدأ بثها خلال العام الجاري.

وستتغير الخريطة البرامجية للقنوات المصرية خلال المرحلة المقبلة نتيجة لهذه التغييرات الكبرى، لتختفي منها تدريجيا برامج التوك شو والبرامج السياسية والإخبارية وتحل محلها برامج المنوعات والرياضة.

وقد تعاظم دور الإعلام الجديد وشبكات التواصل الاجتماعي في مصر خاصة بعد أن بلغ عدد مستخدميه حوالي 50 مليون وفقا لبيانات وزارة الاتصالات المصرية، وقد برع خصوم الحكم العسكري سواء في زمن «مبارك» أو بعده في استخدام الإعلام الجديد نتيجة حرمانهم من الإعلام التقليدي بينما تراجع حضور السلطة في هذا المجال رغم ما تمتلكه من إمكانيات.

وتسعى السلطة حاليا للسيطرة على هذا المجال من خلال عدة محاور تتضمن سلسلة من التشريعات بدأت بقانون مكافحة الإرهاب الإلكتروني لتصل إلى مشروع قانون الإعلام الموحد الجديد الذي يضع قيودا مشددة على إنشاء مواقع إلكترونية ويغلظ عقوبات النشر عبرها.

كما تشمل هذه المحاور إغلاق وحجب عشرات المواقع الإلكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي بدعوى نشرها لأخبار كاذبة ودعمها لما يوصف بالإرهاب.

وتتضمن فرض رقابة على الصحف الإلكترونية والمواقع وصفحات التواصل، وتقديم الناشطين إلى محاكم مدنية وعسكرية، وإغراق الساحة بمواقع إلكترونية جديدة تابعة للسلطة ولو بشكل غير معلن، والهيمنة على مواقع شهيرة قائمة، وكذا تجنيد مئات الشباب للعمل في مواقع ومكاتب غير معلنة للرد على الخصوم السياسيين (كتائب إلكترونية).

لكن جهود السلطة للهيمنة على الفضاء الإلكتروني لا يتوقع لها النجاح بسبب تعقيدات هذا المجال، وإمكانيات البث من خارج مصر، ولأن الشريحة التي تتعامل معه هي شريحة الشباب الأكثر ديناميكية وقدرة على التطوير والمراوغة.

  كلمات مفتاحية

مصر الإعلام الصحافة عبدالفتاح السيسي أزمات

الأقباط لـ«السيسي»: أيّدناك وخدعتنا .. ونخشى خطرا طائفيا

فيديو .. القس «مرقص عزيز»: «السيسي» خائن وأسوأ رئيس حكم مصر

تسريب وثيقة لمخابرات «السيسي» تكشف وسائل تخدير المصريين واحتواء غضبهم

«رويترز»: أفول نجم «السيسي» مع تراكم المشكلات في مصر

عن أزمة الصحافة والإعلام فى زمن الصمت العربى.. بالأمر!

المشكلة فى التشخيص لا العلاج

حملة تمديد رئاسة «السيسي».. بين الإفلاس السياسي والانهيار الاقتصادي

ملاطفة مقاتلٍ زاده الخيال

الإعلام المصري تحت هيمنة 4 كيانات كبرى قبل نهاية العام الجاري