ما الذي يعنيه فك الارتباط بين جبهة النصرة وتنظيم القاعدة؟

الثلاثاء 2 أغسطس 2016 09:08 ص

منذ بداية الثورة، في أغسطس/آب 2011، إلى نيسان/أبريل 2013، كانت الدولة الإسلامية وجبهة النصرة منظمة واحدة اختارت العمل تحت شعار جبهة النصرة. على الرغم أن من يقود جبهة النصرة حاليا، «أبو محمد الجولاني» تم تعيينه أميرا لجبهة النصرة من قبل «أبو بكر البغدادي»، زعيم تنظيم الدولة الإسلامية، في يناير/كانون الثاني 2012.

بدأت الاحتجاجات في سوريا ضد حكومة «بشار الأسد» في مارس/أذار 2011، وأدت أعمال العنف في الأشهر التالية بين المتظاهرين وقوات الأمن إلى عسكرة تدريجية للنزاع. وفي أغسطس/آب 2011، بدأ «أبو بكر البغدادي» بإرسال الجهاديين السوريين والعراقيين، من ذوي الخبرة في حرب العصابات، عبر الحدود إلى سوريا لإنشاء منظمة داخل البلاد.

وبقيادة السوري المعروف باسم «أبو محمد الجولاني»، بدأت المجموعة في تجنيد مقاتلين وترتيب الخلايا في جميع أنحاء البلاد. وفي 23 يناير/كانون الثاني 2012، أعلنت المجموعة تشكيلها جبهة النصرة التي توسعت بسرعة إلى قوة قتالية كبيرة مع مستوى من الدعم الشعبي بين مؤيدي المعارضة في سوريا.

في أبريل/نيسان 2013، أصدر «أبو بكر البغدادي» بيانا أعلن فيه أن الجبهة أنشئت بتمويل ودعم من الدولة الإسلامية في العراق. وأعلن البغدادي دمج المجموعتين تحت اسم «الدولة الإسلامية في العراق وسوريا». وأصدر زعيم جبهة النصرة «أبو محمد الجولاني»، بيانا ينفي الاندماج ويشكو أنه لا هو ولا أي شخص آخر في قيادة تنظيم النصرة قد جرى التشاور معه حول هذا الموضوع.

حاول زعيم تنظيم القاعدة المركزي، «أيمن الظواهري»، التوسط في النزاع بين «البغدادي» و«الجولاني»، ولكن في نهاية المطاف وفي أكتوبر/تشرين الأول 2013، أيد «الظواهري» جبهة النصرة كفرع رسمي للتنظيم في سوريا، ومع ذلك، تحدى «أبو بكر البغدادي» السلطة الاسمية لتنظيم القاعدة وأعلن نفسه خليفة للدولة الإسلامية في العراق وسوريا.

تفيد هذه الخلفية أن منظمة واحدة كانت تعمل في سوريا والعراق تحت قيادة «البغدادي» حتى أبريل/نيسان 2013. علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الدولة الإسلامية في العراق وسوريا كانت تعمل في المسرح السوري منذ بداية الحرب الأهلية السورية، في أغسطس/آب 2011، لكنها اختار راية النصرة. قبل أن تختار تسمية نفسها الدولة الإسلامية في العراق وسوريا فقط في أبريل/ نيسان عام 2013.

يحاول العديد من المعلقين السياسيين عمدا التشويش على الواقع من أجل ربط ظهور الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بغزو العراق في عام 2003 من قبل إدارة «بوش». والدافع وراء هذه المغالطة هو تبرئة سياسة إدارة «أوباما» في دعم المعارضة السورية ضد النظام السوري منذ بداية الحرب الأهلية السورية حتى يونيو/حزيران 2014 عندما اجتاحت الدولة الاسلامية الموصل. حيث عبرت إدارة «أوباما» عن تغيير في سياستها السابقة من الدعم العشوائي للمعارضة السورية، وأعلنت حربا ضد الدولة الإسلامية.

وعلاوة على ذلك، كانت هناك محاولة من هذا القبيل للعثور على جذور الدولة الإسلامية في تنظيم القاعدة في العراق. ومع ذلك، انتهى التمرد في العراق بعد زيادة القوات عام 2007. وأصبح تنظيم القاعدة في العراق منظمة عاجزة بعد وفاة «أبو مصعب الزرقاوي». وقد اشتعل التمرد العراقي من جديد بتأثير رعاية المسلحين في سوريا ضد «نظام الأسد»، عندما اجتاحت الدولة الإسلامية الفلوجة وأجزاء من الرمادي في يناير/كانون الثاني 2014، وبعد ذلك احتلت الموصل في يونيو/حزيران 2014.

إن الحدود بين سوريا والعراق ليست معزولة تماما، ومن المستحيل احتواء تدفق المقاتلين والأسلحة بين البلدين. كان لا بد أن تؤدي سياسة إدارة «أوباما» في توفير المال والسلاح والتدريب للمسلحين السوريين في معسكرات التدريب التي تقع في المناطق الحدودية مع تركيا والأردن إلى نتائج عكسية عاجلا أو آجلا.

وكما ذكرت من قبل أن دولة العراق الإسلامية كانت تعمل في سوريا منذ أغسطس/آب 2011 تحت اسم النصرة و في وقت لاحق غيرت اسمها إلى الدولة الإسلامية في العراق وسورية في أبريل/ نيسان 2013؛ وبعد ذلك اجتاحت الرقة في صيف عام 2013، ثم استولت على أجزاء من دير الزور وخاضت معارك ضد الأكراد والنظام في القامشلي. وفي يناير/كانون الثاني 2014 سيطرت على الفلوجة وأجزاء من الرمادي في العراق ووصلت إلى أوج قوتها عندما احتلت الموصل في يونيو/حزيران 2014.

التغييرات الأخيرة

وفيما يتعلق بتغيير جبهة النصرة اسمها إلى جبهة فتح الشام، والقطيعة المفترضة للعلاقات مع القاعدة المركزية، فإنه مجرد اختلاف اسمي لجبهة النصرة، حيث إن التنظيم لم يكن له أي صلة تنظيمية وتشغيلية مع تنظيم القاعدة حتى أن أيديولوجياتهما مختلفتان.

تنظيم القاعدة هو في الأساس منظمة عابرة للحدود الوطنية يستهدف الدول الغربية. في حين أن النصرة، والدولة الإسلامية وغيرها من المنظمات المسلحة السورية لديها طموحات محلية وعقيدتها هي مكافحة الشيعة والطائفية، وليس ضد الغرب أو معاداة للصهيونية. وفي الواقع، فإن بعض عمليات جبهة النصرة ضد «نظام الأسد» في جنوب سوريا كانت بالتنسيق الكامل مع سلاح الجو الإسرائيلي.

يبدو أن الهدف من وراء الاسم الجديد لجبهة النصرة هو إضفاء الشرعية على نفسها لتسهيل عملية إرسال المال والسلاح على رعاتها. وضعت الولايات المتحدة جبهة النصرة على القائمة السوداء في ديسمبر/ كانون الأول عام 2012، وضغطت على السعودية وتركيا لفعل ذلك أيضا. وبالرغم من أن اسم النصرة كان في قائمة المنظمات المحظورة في السعودية وتركيا منذ عام 2014، لكنها احتفظت بتلقي الأموال والأسلحة من السعودية.

وقال «جون كيربي» المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية بعد إعلان الاسم الجديد، في أول رد فعل من جانب الولايات المتحدة: «علينا أن ننتظر ونرى». «نحن نحكم على أي مجموعة من خلال ما يقومون به، وليس من خلال ما يسمون به أنفسهم». وعلى أية حال، لن تكون السعودية وتركيا على استعداد لإضافة اسم المنظمة المتشددة، التي لديها طموحات محلية لمحاربة النظام السوري فقط و التي قطعت العلاقات الاسمية مع القاعدة المركزية، إلى لائحة المنظمات الإرهابية.

وينبغي أن نتذكر أنه في مقابلة مايو/أيار 2015 مع قناة الجزيرة، قطع «أبو محمد الجولاني» تعهدا بناء على طلب من رعاته في منطقة الخليج أن منظمته ليس لديها سوى طموحات محلية تقتصر على سوريا، وأنه لا ينوي ضرب أهداف في الدول الغربية. وبعد الانفصال عن القاعدة، سيكون الانتماء الحقيقي لجبهة النصرة إلى السعودية، التي تسيطر على تدفق الأموال والأسلحة إلى منظمة «الجولاني».

تقسيم نفوذ المعارضة

ومن أجل تبسيط المستنقع السوري من أجل القراء، أود أن تقسيمه إلى ثلاث مناطق منفصلة ومتميزة من النفوذ.

أولا، المنطقة الشمالية والشمالية الغربية، داخل وحول مدينة حلب، التي تقع تحت نفوذ تركيا وقطر. توفر الدولتان المال والتدريب والأسلحة للمنظمات مثل لواء التوحيد وأحرار الشام في معسكرات التدريب التي تقع في المناطق الحدودية لتركيا.

ثانيا، المنطقة الجنوبية من النفوذ، في درعا والقنيطرة والمناطق البعيدة مثل حمص ودمشق. يتم التحكم فيها من قبل المعسكر السعودي الأردني ويتم توفر المال والسلاح والتدريب لجماعات متشددة مثل جبهة النصرة والجبهة الجنوبية و ما يسمى الجيش السوري الحر في درعا والقنيطرة، وجيش الإسلام في ضواحي دمشق.

ويتم توجيه الاستراتيجية العسكرية من خلال مركز العمليات العسكرية ومعسكرات التدريب التي تقع في المناطق الحدودية من الأردن.

وأخيرا، المنطقة الشرقية والوسطى من النفوذ، في الرقة ودير الزور، والتي يتم السيطرة عليها من قبل الدولة الإسلامية، والجهاز العسكري البعثي التابع لها. ووفقا لتقارير موثوق بها، فإن مئات من البعثيين السابقين يشكلون هيكل القيادة العليا والمتوسطة لتنظيم الدولة الإسلامية وهم الذين يخططون جميع العمليات ويقومون بتوجيه استراتيجيتها العسكرية.

وعلاوة على ذلك، ينبغي أن نتذكر أن السعودية كانت تقف بقوة ضد غزو العراق في عام 2003، لأنها تعتبر «صدام» حصنا ضد النفوذ الإيراني في العالم العربي. وبعد الغزو، عندما سيطر الشيعة على العراق دعمت دول الخليج العربي على الدوام أهل السنة في العراق ضد الحكومة الشيعية. ولذلك، فإن احتمال أن «الدولة الإسلامية» كانت تتلقى أموال الخليج والأسلحة في معاركها ضد النظام السوري في الماضي لا يمكن استبعاده.

المصدر | أوراسيا ريفيو

  كلمات مفتاحية

سوريا السعودية قطر تركيا جبهة النصرة جبهة فتح الشام القاعدة المعارضة السورية الدولة الإسلامية الأسد

فك ارتباط

إيران: السعودية وراء «التلاعب» باسم «جبهة النصرة» للخروج بها من «لائحة الإرهاب»

واشنطن: «جبهة النصرة» ماتزال تشكل تهديدا رغم فك ارتباطها بـ«القاعدة»

«جبهة النصرة» تفك الارتباط بالقاعدة و«الجولاني» يكشف عن وجهه

‏«الظواهري» يحل «جبهة النصرة» من بيعتها لـ«القاعدة»