استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تونس العلمانية .. إسلامية أيضاً!

الثلاثاء 4 نوفمبر 2014 04:11 ص

ليست كل البلاد تونس.

هذا بلد جدير بالاحترام والاقتداء... سبّاقاً كان في التطاول على قامة الاستبداد. مقداماً كان في اقتحام اليأس وإشعال الحرائق في الميؤوس منه.. منه اندلع الربيع العربي، فحافظ على أصالة اللهب، فيما الحرائق طالت بلاداً عاتية فتحوّلت أحلام شعوبها في التغيير والحرية والكرامة، إلى ركام ودماء.

ليست كل البلاد تونس.

هذا بلد دخل تجربة التغيير بالديموقراطية، وفاز في الامتحان. العنف الذي صاحب اندلاع ثورتها، طلّ تحت سقف الشعار الديموقراطي. الاحتشاد في الميادين، يضيّق الخناق على الطاغية. استعمال السلاح يشرع الأبواب للفتنة. التظاهرات المتصلة بالتغيير، نبذت اللجوء إلى السلاح. هرب بن علي، ودشنت تونس فاتحة الديموقراطية. اتفقت القوى على خريطة طريق لبناء سلطة ينتخبها الشعب. فاز الإسلاميون وتواضعوا. «النهضة» رضخت لمنطق الشراكة الوطنية. لم ترتكب خطيئة الاستئثار التي كانت فادحة النتائج في مصر «الاخوان». ولم تنزلق إلى جنون العنف التكفيري الذي جعل من الإسلام حقل ألغام وساحة تصفية ومنصات إعدام، فالمشرق معلق على حبل «داعش».

ليست كل البلاد تونس.

الانتقال من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، ليس سهلاً. طريقه وعر، محفوف بالخصام والحزبية والثأر والمحاصصة. كان مخاض تونس صعباً وطويلاً وشاقاً وحذراً. إنما الطريق إلى الديموقراطية ظلت محروسة بشعور الجميع بأن الدولة أولاً، والسلم دائماً، والتعدد مشروع. الخلافات بين فرقاء «الربيع التونسي» ظلت محكومة بهذه الثلاثية. لم تنتفخ «النهضة» بفوزها واحتلالها مرتبة الأكثرية. صورتها في السلطة ليست مريحة لشرائح مجتمعية اعتادت على علمانية حاسمة ومكتسبات يعتبر التراجع عنها عودة إلى التخلف وعودة للقمع باسم الدين... ثم إن للإسلاميين سمعة سيئة في التعامل مع المرأة، وسيرة ملتوية مع الشرعة الدولية لحقوق الإنسان، والأسوأ، سمعتهم في استغلال صناديق الاقتراع، لإقامة سلطة بالديموقراطية، بلا ديموقراطية ولا حريات في ما بعد، أي أن لديهم سمعة انتهازية... «النهضة» أنقذت نفسها بتواضعها وحساباتها، فبعد فوزها مراراً بالأكثرية، لم تستولِ على السلطة. عرفت «النهضة» أن الأكثرية العددية، المستندة إلى إسلام، تنقصها «براءة الديموقراطية».

ليست كل البلاد تونس.

بالأمس، جرت انتخابات ديموقراطية، وفق معايير راقية، فاز فيها العلمانيون و«الفلول» الخارجون من نظام بن علي والمتحدّرون من نظام بورقيبة، وخسر فيها الإسلاميون، فبادروا إلى تهنئة الفائز فور إعلان النتائج الأولية، غير الرسمية. لم نسمع اتهامات بالتزوير والاستئثار والبلطجة والتشبيح وتدخل الأجهزة. كأن تونس، ليست بلداً عربياً. البلاد العربية لم تعرف بعد طعم الديموقراطية ولا ذاقت من الحرية إلا اسمها...

لم يرتكبوا «الإثم المصري». أسقطوا «النهضة» بالاقتراع. الديموقراطية هي الحسم، وليس الجيش. خاف العلمانيون ورواد الميادين من التجربة المصرية. خافوا، حتى من الإسلام المعتدل الذي تمثله «النهضة». لا ضمانة من ألا تتحول «النهضة» إلى ما تنتمي في الجذر إليه، أي إلى أصول إخوانية متشددة. ومحاولة إظهار شكل حديث لإسلام أصولي لا تقنع أقحاح العلمانيين الذين تمتعوا في ظل الاستبداد، بمكتسبات علمانية راسخة وغير عابرة.

ليست كل البلاد تونس.

مصر، لا تنتمي إلى هذا النهج. ربيعها أطاح الديكتاتورية أولاً، فاستخلفت الديكتاتورية حكم العسكر المؤقت الذي أشرق على التحوّل من الديكتاتورية إلى ديموقراطية أعطت «الاخوان» أكثرية عددية مكنتهم من القبض على السلطة. «الاخوان المسلمون» كانوا رواداً في إطلاق الوعود والانقلابات عليها، كذبوا وكذبوا وكذبوا... في كل المحطات وفي كل الميادين، كذبوا. تعفّفوا بلسانهم عن السلطة والرئاسة ومجلس الشعب، وخانوا لسانهم، على مسمع ومرأى من الجميع. اقتادتهم شهوة الحكم إلى الانقلاب على أنفسهم وحلفائهم وخصومهم. الوجه البشع للإسلاميين في السلطة، مثلته تجربة «الإخوان» في مصر.

مصر لا تشبه تونس.

مصر، لا تنتمي إلى نهج تونس الإسلامي والعلماني والديموقراطي. لم تنتظر مصر اكتمال النصاب الديموقراطي لإسقاط حكم «الاخوان» بعد ثلاث سنوات، بصناديق الاقتراع. هل كان ذلك ممكناً؟ ربما نعم، وقليلاً، لا. استعجلت مصر التخلص منهم خوفاً من «تمكنهم»! وخوفاً من الأعظم، وخوفاً من فوات القطار، فلجأت إلى ابتكار تحالف مؤقت وعلى عجل عبر زواج العسكر و«الميدان». وكان ما كان...

انقلاب عسكري ـ مدني. العسكر بقيادة السيسي، والمدني بقيادة لا أحد. وتم الانقضاض على «الاخوان» بعنف غير مسبوق، بانقلاب مدجج بـ«ثلاثين مليون مصري» في الميدان. وانتهت تلك الحركة بأن قبض العسكر على السلطة، وحذف الاخوان من الدولة والمجتمع و«الوجود»، وطرد «الثوار» والديموقراطيين من الميدان.

تونس، لم ترتكب هذا الانقلاب. راهنت على الانتقال السلمي، من حكم تشوبه إسلامية تهدد العلمانيين، إلى مشروع سلطة، تتحصن فيه العلمانية وتخفف من إسلامية، لها أتباعها ولا تلغيها. فحق العلمانيين في الوجود كحق الإسلاميين. وكل إقصاء ديكتاتورية.

مصر، لا تشبه تونس أبداً. لا بإخوانها ولا بعسكرها ولا بثوارها. تونس ماضية إلى المزيد من الديموقراطية والحرية والعلمانية. أما مصر، فمن الديكتاتورية إلى «الإسلامية» إلى النظام العسكري... الربيع المصري في الأسر. الربيع التونسي ما زال أخضر..

الاستثناء التونسي الديموقراطي قابل للديمومة. إنما الخوف على التجربة من عدم قدرة السلطة الجديدة على الاستجابة لواجب ومقتضى التنمية. فلا ديمومة لديموقراطية مع البؤس... الظلم الاقتصادي فجر انتفاضة تونس مع البوعزيزي. الصبر على الظلم السياسي مديد. الصبر على الحرمان من الرغيف، قصير النفس... الجوع إلى الحرية، قد يعالج بتدرج الانحناءات. الجوع إلى الرغيف، يتدرج من الغضب إلى العنف... فشل التنمية الاقتصادية، وفساد الإدارة وسوء توزيع الثروة والإثراء الفاحش غير المشروع، أدى إلى انفجارات في العالم الثالث. أطاحت أنظمة ديكتاتورية كثيرة ودمّرت أنظمة ديموقراطية تغاضت عن العدالة الاجتماعية.

الحرية والرغيف والكرامة، دعائم لثبات الديموقراطية.

خوف آخر على تجربة تونس، من صراع علماني إسلامي. إن أي إقصاء سيؤدي، في أغلب الظن، إلى صراع مدمر. تونس مرشحة لأن تكون رائدة في صياغة نظام علماني ـ إسلامي. وهذا ليس من المستحيلات.

أما الخوف الكبير على تونس، فهو عودة التكفيريين والإرهابيين التوانسة إليها. إن تجفيف منابع التكفير منوط بنجاح التجربة الديموقراطية، واتساع المشاركة لجميع العاملين فيها. الأمن، ليس علاجاً للحالة التكفيرية. الثقافة أولاً، والمنع أخيراً والعدالة دائماً.

 

المصدر | السفير

  كلمات مفتاحية

مصر تونس إسلامية علمانية الربيع العربي المرأة

”ما أتوقعه ولا أتمناه“ .. هكذا رأى الفيلسوف التونسي مسار انتكاس الثورة العربية في تونس

النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية التونسية

انتخابات تونس

الأموال الخليجية حاضرة في انتخابات تونس

تحيا تونس

في العلمانية الناقصة

العلمانية المقلوبة!

وزير الثقافة المصري: اتهامي بالإلحاد وسام شرف على صدري