الأموال الخليجية حاضرة في انتخابات تونس

الاثنين 27 أكتوبر 2014 09:10 ص

في أغسطس/آب الماضي 2014، تم الكشف في تونس عن إرسال الإمارات هدية «رشوة» إلى «قائد السبسي» رئيس حزب «نداء تونس» أحد أبرز المنافسين في انتخابات تونس البرلمانية، والذي يتهمه ناشطون بأنه يُعيد رموز نظام «زين العابدين بن علي» إلى الساحة السياسية، عبارة عن سيارتين مصفحتين من أعلى طراز، ما أثار تساؤلات حول ثمن الهدية ولماذا تخصيص هذا الرجل بمثل هذه الهدايا، وهل هي لدوره في الثورة المضادة في تونس لإجهاض ثورتها كما فعلت في مصر؟ 

ونشر نشطاء مستندات تؤكد حصول «السبسي» رئيس حزب «نداء تونس» من الإمارات العربية المتحدة سيارتين فارهتين مصفحتين، الأولى هي عبارة عن «مرسيدس إس 550 موديل 2012»، أما الثانية فهي من نوع «تويوتا لاند كروزر – استيسن موديل 2013».

واعتبر حقوقيون ونشطاء وحزبيون تونسيون أن هذه الهدية هي في الحقيقة «رشوة» من الإمارات العربية المتحدة يعاقب عليها قانون الأحزاب، وتصل العقوبة حتى إلى حل الحزب الذي يتلقى مثل هذه الهدايا، حيث يتضمن الفصل 19 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 مؤرخ في 24 سبتمبر/أيلول 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية «الحجر» على الأحزاب السياسية قبول: «تمويل مباشر أو غير مباشر نقدي أو عيني صادر عن أية جهة أجنبية وتمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر».

وكانت هذه الواقعة هي أكبر دليل علي تدخل المال الخليجي والإماراتي تحديدا في محاولة التأثير علي الأوضاع في تونس عبر دعم خصوم حزب النهضة، ولهذا خيم شبح المال السياسي والمخاوف من إمكانية التأثير على أصوات الناخبين على أول انتخابات برلمانية تونسية بعد كتابة الدستور الجديد وهي محطة طال انتظارها لإنهاء المرحلة الانتقالية المؤقتة.

وقد شارك في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عدد من رجال الأعمال، بعضهم تحوم حوله شبهات باستخدام المال بطرق خفية يصعب تعقبها، من أجل ضرب عصفورين بحجر واحد، هما شراء ذمم الناخبين، والإفلات من الرقابة الحكومية التي تحجر هذه الممارسات.

ولم يكن الحديث عن التدخل المالي الإماراتي قاصرا علي رئيس حزب «نداء تونس، ولكنه طال أيضا رجل الأعمال «سليم الرياحي» الذي له علاقات مالية مع الإمارات وسبق له أن زار دبي وله علاقات عمل مع رجال أعمال وأصحاب مؤسسات إماراتية على غرار مجموعة «بوخاطر» و«سما دبي» و«موانئ دبي العالمیّة».

ومن بين رجال الأعمال التونسيين الذين وُجهت إليهم اتهامات بإغراء الناخبين بالمال للتأثير على اختياراتهم في هذه الانتخابات، «سليم الرياحي»، مؤسس «الحزب الوطني الحر» ذي التوجه الليبرالي والرئيس الحالي للنادي الأفريقي، أحد أبرز فرق كرة القدم بالبلاد.

و«الرياحي» هو أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 23 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وقد تقدم بقائمة تضم 123 ألف تزكية من الناخبين وهي أعلى قائمة تزكيات يقدمها أي مرشح، لكن بعض المراقبين شككوا في نزاهتها واتهموه بتزوير جزء من التزكيات.

ويواجه «الرياحي» سيلا كبيرا من الاتهامات في تونس تارة بعلاقته الوطيدة مع النظام الليبي السابق وتبييض الأموال، ومع الإمارات وتارة أخرى بتكوين ثروة مالية طائلة من مصادر غير مشروعة، وسعيه إلى السيطرة على القرار السياسي والتأثير على الانتقال السياسي.

ويؤكد «الرياحي» أن مصادر ثروته تعود لنشاطه في مجالات النفط والعقارات والاستثمار في بورصة لندن، مؤكدا أن جميع أمواله تخضع للمراقبة المالية وأنه لم توجه له أي تهمة فساد أو إثراء غير مشروع.

وقد أكد زعيم حزب «الإصلاح والتنمية»، «محمد القوماني»، إن إغراء الناخبين بالمال كان حاضرا بقوة في الانتخابات، وأن لديهم مخاوف من أن يلعب المال الفاسد دورا مؤثرا في توجيه أصوات الناخبين، مؤكدا أن حزبه اكتشف خلال احتكاكه بالناخبين في الحملة الانتخابية أن بعض رجال الأعمال والأحزاب وزعوا أموالا لشراء الأصوات.

وأكد هذه المخاوف وشراء الأصوات عبر رجال أعمال لهم علاقات خليجية وحقوا ثروة بطرق غير مشروعة ويسعون لشراء ذمم الناخبين للنفاذ لمراكز القرار السياسي، أيضا كلا من زعيم «حركة وفاء»، «عبد الرؤوف العيادي»، والمنسق العام لـ«جمعية مراقبون التي تراقب عملية الانتخابات»، «رفيق الحلواني»، الذي أكد أن شبهة استخدام المال السياسي موجودة في الانتخابات، مؤكدا أن المال السياسي قادر على توجيه أصوات الناخبين وتغيير نتائج الانتخابات.

أيضا سبق لرئيس هيئة الانتخابات «شفيق صرصار»، أن كشف - في جلسة حوارية أمام رباعي الحوار الوطني مؤخرا- أن الهيئة سجلت عددا من التجاوزات في الحملة الانتخابية، بعضها ذو طابع مالي، دون أن يوضّح وجود استخدام المال لشراء الأصوات.

تحذير الايكونوميست

وقد أشارت لهذا أيضا صحيفة «ايكونوميست» التي كتبت تحت عن النجاح النسبي لتونس، واعتبرتها منارة العالم العربي، يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أشارت تقول: «ينبغي على دول الخليج أن تساعد على استقرار تونس بدلا من التعامل معها على أنها ساحة معركة جديدة في مسابقة بالوكالة لمواجهة «الإخوان المسلمين»، كما تفعل في ليبيا ومصر».

ورغم أن قانون الانتخابات وقانون الأحزاب في تونس يمنعان حصول الأحزاب على تمويل أجنبي فإن الشكوك حول تدفق المال الأجنبي بطرق مشبوهة لتمويل الأحزاب في حملاتها الانتخابية خاصة من الإمارات كان حديث العديد من الصحف والسياسيين في انتخابات برلمان تونس.

ففي انتخابات 23 أكتوبر/تشرين الأول عام 2011 تحدثت الصحف عن مسألة التمويل الأجنبي وتحدثت صحف تونسية عن حصول أحزاب مدعومة من جهات خليجية على تمويلات أجنبية، لكن ضعف الرقابة حال دون فعل شيء.

واعترف تقرير لدائرة المحاسبات «جهاز حكومي للرقابة المالية» بأن رقابة تمويل حملة انتخابات 2011 لم تكن بالنزاهة التي كان المراقبون يتوقعونها، وأشار لدخول مبالغ كبيرة من العملة الصعبة من الخارج إلى تونس.

وذكر التقرير أن تلك المبالغ من العملة الصعبة لم يتم رصد خروجها من قبل المصالح المختصة وهو ما طرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الأموال قد تسربت في تمويل حملات انتخابية لبعض الأحزاب المدعومة من الخارج.

وما زاد الشكوك حول نزاهة تمويل بعض الأحزاب التونسية أن بعضها لجأ لتأسيس العديد من الجمعيات حتى تستطيع بواسطتها تمويل نفسا باعتبار أن قانون الجمعيات لا يمنع حصولها على تمويل أجنبي.

وقد ذكر «هشام بن جامع» القيادي في حزب «التيار الديمقراطي» لموقع «مصر العربية» إن حزبه لاحظ بأن هناك أموال توزعها بعض الأحزاب على الناخبين في مناطق شعبية فقيرة، مشيرا إلى أن مصدر تلك التمويلات تبقى غير معروفة.

وأكد بأن هذه التمويلات ضخمة وتتجاوز بكثير السقف الذي حددته الهيئة المستقلة للانتخابات، وهو ما يثير الشكوك حول نزاهة تمويل الحملة الانتخابية لبعض الأحزاب، وطالب بأن تلعب هيئة الانتخابات دورها في التصدي لمثل هذه التجاوزات ولا تقف عند المخالفات البسيطة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس الإمارات نداء تونس الربيع العربي

التيار الديمقراطي التونسي يطالب بفتح تحقيق حول تمويل الإمارات لـ«السبسي»

سيارتان من الإمارات لحماية «السبسي»من تهديد الإرهاب

انتخابات تونس

تونس إذ نغبطها ونحسدها

تونس تؤكد فرضيات حركة الثورة العربية

النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية التونسية

حين يحكم الفلول ـ بالديمقراطية!!

لماذا فشلت مصر ونجحت تونس؟

تونس.. ثورة الياسمين مرة أخرى!!

ما يحيي السياسة وما يميتها

”ما أتوقعه ولا أتمناه“ .. هكذا رأى الفيلسوف التونسي مسار انتكاس الثورة العربية في تونس

تونس العلمانية .. إسلامية أيضاً!

مبشرات الانتخابات التونسية ومخاطرها

الحرس القديم في تونس يخوض معركة جديدة في انتخابات الرئاسة

حقائق عن أبرز المرشحين لانتخابات الرئاسة التونسية

هل تفتح دفاتر العزاء في الثورة التونسية بسبب التدخلات المالية الإماراتية؟

تونس: «النداء» و«النهضة» تعايش أم تحالف؟

تونس: فرصة أخرى لخيارات ”الاعتدال‎“

رئيس حركة «مجتمع السلم» بالجزائر: نصحنا النهضة بالمشاركة في الحكومة التونسية

«السبسي» يتلقى دعوة رسمية لأداء «زيارة أخوة وعمل» إلى دولة الإمارات

تونس في قبضة اليمين