تونس: فرصة أخرى لخيارات ”الاعتدال‎“

السبت 6 ديسمبر 2014 06:12 ص

انتخب مجلس النواب في تونس أول أمس «محمد الناصر»  القيادي بحزب «نداء تونس» رئيسا للمجلس بأغلبية عريضة، كما فاز «عبد الفتاح مورو» مرشح «حركة النهضة» بمنصب النائب الأول لرئيس المجلس. وصوت 176 نائبا للمرشح الوحيد لمنصب الرئيس للمجلس «محمد الناصر» (80 عاما) من بين 214 صوتا مصرحا به، مقابل أربع ورقات ملغاة و34 ورقة بيضاء.وحصل «مورو» على 157 صوتا مقابل 33 صوتا للمرشحة الثانية للمنصب «مباركة عواينية» أرملة النائب الراحل «محمد البراهمي» عن الجبهة الشعبية، في حين فازت «فوزية بن فضة» مرشحة «الاتحاد الوطني الحر» بمنصب النائب الثاني.

وكما يبدو واضحاً من عدد الأصوات، فقد توافق حزبي نداء تونس والنهضة على اختيار «محمد الناصر» رئيساً للبرلمان و«عبدالفتاح مورو» نائباً أول للبرلمان التونسي ليقطع ذلك الشك باليقين عن لجوء النهضة والنداء لاتفاق محاصصة وتقاسم سلطة بين أكبر حزبين في البلاد.

اختارت «النهضة» بتوافقها مع «نداء تونس» خياراً ثالثاً غير أن تذهب إلى المنافسة أو المعارضة بل راهنت «النهضة» على الاستقرار والتهدئة السياسية في السنوات المقبلة والبناء المتدرج للمؤسسات بعد أن شارفت على إنهاء مرحلتها الإنتقالية.

يسعى حزب «نداء تونس» الفائز بالانتخابات البرلمانية (والرئاسية بعد الجولة الثانية كما يتوقع مراقبون) للخروج من الاستقطاب الحاد بين الثورة والثورة المضادة باللجوء لتوافق وسط بين أكبر حزبين يتناقضان في رؤيتهما السياسية والثورية ، وعوضاً عن الدخول في مغامرة غير محسوبة بالتصويت لـ« منصف المرزوقي» كرئيس منتمي للثورة اختارت النهضة غالباً ترك الطريق مفتوحاً لـ«السبسي» وفق اتفاق شامل خاصة بعد أن فشل حزب المرزوقي المتحالف مع النهضة في حصد نسبة مقبولة في الانتخابات البرلمانية أو التصويت بالورقة البيضاء لتفسح المجال أمام فوز «الباجي قائد السبسي» في اتفاق مع نداء تونس ظهر أمس الخميس في جلسة البرلمان.

«الناصر» تعهد في كلمة أعقبت انتخابه القيام بدور توافقي بين جميع الكتل البرلمانية والأطراف السياسية في البلاد، مشيراً إلى وجود تشابه تاريخي كبير بين أول مجلس تأسيسي في تونس عام 1956، وأول برلمان تونسي بعد الثورة التي أطاحت بحكم «بن علي».

اللافت أن الاتفاق حول انتخاب «الناصر» جاء بعد تمديد الجلسة الافتتاحية بهدف إجراء مزيد من التشاورات بين الكتل السياسية، وخاصة النداء والنهضة، حيث جرى الحديث عن ترشيح النهضة لـ«مورو» كشخصية توافقية و«سمير» ديلو للمنافسة في حال قرر النداء تقديم مرشح للرئاسة، وأعقب ذلك اجتماع استثنائي لمجلس شورى النهضة تناول موضوع رئاسة مجلس النواب.

وبهذا تظهر بوادر تشكيل الحكومة القادمة التي ستتكون غالباً من تحالف «النداء» و«النهضة» أو تكون بإئتلاف موسع يكون «النداء» و«النهضة» أهم مكوناته، وتسعى النهضة بذلك للحلول محل التيارات اليسارية المتشددة في التوافق مع نداء تونس الحزب الفائز في الانتخابات والمرجح أن يتولى الحكومة والرئاسة إضافة لكونه الكتلة الأكبر في البرلمان.

وبينما يرى أنصار النهضة أن «المرزوقي» يعبر عن أحلامهم الثورية ويمنع منافسهم الأقوى «السبسي» من الاكتساح مرة أخرى وتأميم كل مؤسسات الحكم التونسية لصالحه ، ارتأت قيادة النهضة مواجهة القواعد بخيار التوافق مع النداء بنهج براجماتي يلتزم دور المتفرج أو الورقة البيضاء ليقلل من الخسائر المحتملة بدعم مرشح رئاسي ضعيف وخاسر، ويقلل من حالة الاحتقان والتوتر والاستقطاب الشديدة التي تشهدها تونس بعد قرابة الأربع سنوات من ثورتها الشعبية.

يراهن «راشد الغنوشي» على استقرار تونس بأن تتحول لقارب أمان وسط محيط إقليمي هادر وصراعات محتدمة في الجوار ويرى أنه يمكن أن يدفع بـ«النداء» إلى الاعتدال وفك التحالف مع اليسار المتطرف والتوافق على قيم وأدوات مدنية وعلى امكان تداول سلمي للسلطة واستمرار التجربة الديمقراطية خاصة و«السبسي» في عقده التاسع من العمر ، ويرى «السبسي» في المقابل أنه بالامكان الوصول لصيغة مصالحة تاريخية تمنع الصراع بين «النهضة» و«حزب النداء» الذي تأسس بعد الثورة خليط بين بقايا الدستور والتجمع واليسار والنقابات.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حركة النهضة نداء تونس الانتخابات التونسية راشد الغنوشي

«حركة النهضة» التونسية... الإنصاف والعبرة

الأموال الخليجية حاضرة في انتخابات تونس

لماذا تقدم «نداء تونس»؟ ولماذا تراجعت «حركة النهضة»؟

«الغنوشي» عقب الإدلاء بصوته: علينا الحفاظ على شعلة الحرية وأن نمضي بها إلى الأمام

انتخابات تونس تختبر الانتقال من الاستبداد للديمقراطية

تونس: حكم غيابي بسجن المخلوع «بن علي» وصهره وأحد وزرائه 10 سنوات