هل تفتح دفاتر العزاء في الثورة التونسية بسبب التدخلات المالية الإماراتية؟

الاثنين 24 نوفمبر 2014 01:11 ص

أثار الرئيس التونسي المنتهية ولايته والمرشح الرئاسي الحالي «المنصف المرزوقي» الجدل مرة أخري عقب انتهاء المرحلة الأولي من الانتخابات بصعوده مع منافسه الأبرز مرشح النظام القديم والثورة المضادة «القائد السبسي»، عندما أكد استخدام المال الخليجي بغزارة في انتخابات تونس أو ما أسماه بـ«آلة التزوير والتزييف»، فيما شكا مسئولون حزبيون آخرون صراحة من «تدخل المال الأجنبي».

وبعدما كشفت نتائج انتخابات برلمان تونس بجلاء دور المال السياسي الخارجي (الخليجي تحديدا) في تقدم حزبي: «نداء تونس» بزعامة «قائد السبسي»، و«الاتحاد الوطني الحر» بزعامة رجل الأعمال «سليم الرياحي»، المقربان من الإمارات واللذان زارا دبي وثارت حولهما شبهات تلقي أموال خليجية تقدم كرشاوى للناخبين، كشفت انتخابات الرئاسة استمرار نفس التدخلات الإماراتية بالدعم المالي للمرشحين «قائد السبسي»، و«سليم الرياحي».

بحيث يمكن إرجاع أسباب تقدم «نداء تونس» في الانتخابات البرلمانية بعدة مقاعد، وتراجع «النهضة»، بالدرجة الأولي، لهذا المال أو الدعم الخليجي الذي تؤكده مؤشرات وأدلة واضحة يحقق في بعضها حركة «مراقبون» المستقلة وأجهزة محاسبية حكومية منذ ما قبل الانتخابات وفضيحة تلقي «السبسي» هدية سيارتين فارهتين من الإمارات لحمايته.

وحزب «نداء تونس» الذي تأسس عام 2012 يضم في غالبيته أعضاء حزب الرئيس السابق «بن علي» مع أطياف يسارية وعلمانية، وقد لعبت «الآلة الإعلامية» لنظام «بن علي» – التي سبق الكشف عن تقديمها رشاوى لصحفيين تونسيين وعرب في الكتاب الأسود الذي أصدرته رئاسة تونس عام 2013 تحت عنوان «منظومة الدعاية تحت حكم بن علي» – أيضا دورا في دعم أحزاب تونس التي تؤيدها الإمارات علي حساب النهضة ضمن خطة أبو ظبي لمحاربة الإخوان في كل دول العالم.

المال الخليجي في الانتخابات البرلمانية

لكي ندرك الدور الذي لعبه المال الخليجي في انتخابات تونس البرلمانية، من الضروري تتبع رحلات «السبسي» و«سليم الرياحي» إلي الإمارات، وما أثير علنا في تونس عن تلقيهم دعم مالي من الإمارات، وبين النتائج التي حصلا عليه سويا.

فحزب «قائد السبسي» وهو (نداء تونس)، جاء في المركز الأول وحصد أكثر من ثلث مقاعد البرلمان رغم أنها المرة الأولي له في الانتخابات، بينما حزب رجل الأعمال الشاب «سليم الرياحي» (الاتحاد الوطني الحر) جاء في المرتبة الثالثة بحوالي 17 مقعد بعدما كان له مقعد واحد فقط في انتخابات 2011 وكان في المرتبة رقم 12 في ترتيب الأحزاب الفائزة.

وفي أغسطس/آب الماضي 2014، تم الكشف عن إرسال الإمارات هدية رشوة مقننة إلى «قائد السبسي» رئيس حزب «نداء تونس» عبارة عن سيارتين مصفحتين من أغلى طراز، ما أثار تساؤلات حول «ثمن» الهدية ولماذا تخصيص هذا الرجل بمثل هذه الهدايا، وهل هي لدوره في الثورة المضادة في تونس لإجهاض ثورتها كما فعلت الإمارات في مصر أم ماذا؟

والسيارتان الفارهتان المصفحتان هما: (مرسيدس إس 550 موديل 2012)، و(تويوتا لاند كروزر – استيسن موديل 2013) ، وقد أثار ضجة في تونس واعتبرهما حقوقيون ونشطاء وحزبيون تونسيون رشوة لا هدية من الإمارات يعاقب عليها قانون الأحزاب، وطالبوا بحل الحزب الذي يتلقى مثل هذه الهدايا، بموجب الفصل 19 من المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر/أيلول 2011 المتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، والذي يتضمن «الحجر» على الأحزاب السياسية قبول: «تمويل مباشر أو غير مباشر نقدي أو عيني صادر عن أية جهة أجنبية وتمويل مباشر أو غير مباشر مجهول المصدر».

ولم تكن هذه الواقعة هي الدليل الوحيد علي التدخل المال الخليجي والإماراتي تحديدا في محاولة التأثير علي انتخابات تونس البرلمانية وما سيليها (الرئاسية)، فقد حامت الشبهات أيضا حول عدد من رجال الأعمال، بعضهم تحوم حوله شبهات باستخدام المال بطرق خفية يصعب تعقبها، لشراء ذمم الناخبين، أبرزهم رجل الأعمال «سليم الرياحي» الذي له علاقات مالية مع الإمارات وسبق له أن زار دبي وله علاقات عمل مع رجال أعمال وأصحاب مؤسسات إمارتيه على غرار مجموعة «بوخاطر» و«سما دبي» و«موانئ دبي العالمیّة».

ويري نشطاء تونسيون أن الدعم الإماراتي لـ«الرياحي» يأتي من أبواب مختلفة بعضها رياضي (هو رئيس النادي الأفريقي التونسي)، وبعضها في صورة صفقات اقتصادية، يصعب تتبع الأموال فيها، وأن دعمه ليس بهدف وصول حزبه فقط للبرلمان، وإنما لأنه أحد المرشحين للانتخابات الرئاسية الحالية أيضا (حصل علي 6% ستذهب في المرحلة الثانية للسبسي) وقد تقدم بقائمة تضم 123 ألف تزكية من الناخبين وهي أعلى قائمة تزكيات يقدمها أي مرشح، وشكك بعض المراقبين في نزاهتها واتهموه بتزوير جزء من التزكيات وشراءها بالمال.

ويواجه «الرياحي» سيلا كبيرا من الاتهامات في تونس تتعلق بعلاقته الوطيدة مع النظام الليبي السابق وتبييض الأموال، ومع الإمارات، وأخري تتهمه بتكوين ثروة مالية طائلة من مصادر غير مشروعة، وسعيه إلى السيطرة على القرار السياسي والتأثير على الانتقال السياسي.

وأصدر «الرياحي» عدة بيانات تنفي هذه التهم ويقول أن مصادر ثروته تعود لنشاطه في مجالات النفط والعقارات والاستثمار في بورصة لندن، مؤكدا أن جميع أمواله تخضع للمراقبة المالية وأنه لم توجه له أي تهمة فساد أو إثراء غير مشروع.

ولكن قادة سياسيين لا يزالون يوجهون له الاتهامات مثل «محمد القوماني» زعيم «حزب الإصلاح والتنمية»، و«عبدالرءوف العيادي» زعيم «حركة وفاء»، ويقولون أن: «إغراء الناخبين بالمال كان حاضرا بقوة في الانتخابات»، و«أن لديهم مخاوف من أن يلعب المال الفاسد دورا مؤثرا في توجيه أصوات الناخبين»، وأن أحزابهم اكتشفت أن بعض رجال الأعمال والأحزاب وزعوا أموالا لشراء الأصوات.

وأكد هذه الاتهامات حركة «مراقبون» التي تكونت من أجل مراقبة شراء الأصوات عبر رجال أعمال لهم علاقات خليجية، حيث قال المنسق العام لجمعية مراقبون التي تراقب عملية الانتخابات، رفيق الحلواني، «أن شبهة استخدام المال السياسي موجودة في الانتخابات، وأن المال السياسي قادر على توجيه أصوات الناخبين وتغيير نتائج الانتخابات».

وقد ألمحت صحيفة «ايكونوميست» في تقرير بعنوان: «A light unto the Arab nations» يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي لهذا التدخل المالي الإماراتي بقولها: «ينبغي على دول الخليج أن تساعد على استقرار تونس بدلا من التعامل معها على أنها ساحة معركة جديدة في مسابقة بالوكالة لمواجهة الإخوان المسلمين، كما تفعل في ليبيا ومصر».

المال الخليجي في الانتخابات الرئاسية

وقد استمر المال الخليجي (الإماراتي تحديدا) في التدخل بقوة في انتخابات الرئاسة التونسية الحالية، بحسب ما أكده سياسيون ومرشحون للرئاسة انسحبوا احتجاجا علي ذلك، وقالت صحف أن رجل الأعمال المصري «نجيب ساويرس» كان واسطة هذا التدخل المالي عندما زار تونس وأيد صراحة «السبسي».

فقد أشار «الصافي سعيد» الكاتب والمرشح للانتخابات الرئاسیة في لقاءات تلفزيونية إلي أن: «الإمارات وطارق بن عمار ورجل الأعمال المصري ساويرس وراء الانسحابات من السباق الرئاسي لفائدة السبسي مقابل صفقات»، وقال: «نجيب سويريس يدفع للمنسحبين من السباق الرئاسي لفائدة السبسي لقاء وعود بتمكينه من السيطرة على شركات اتصالات وشركات».

وقال أيضا أن: «الانسحابات تتم بتخطیط من قبل أشخاص قدموا من الإمارات ومن قبل كل من طارق بن عمار ورجل الأعمال المصري نجیب ساويرس الذي زار تونس».

وقال «سليم بن حميدان» القيادي في «حزب المؤتمر الذي يرأسه شرفيا «المنصف المرزوقي»: «إنه لاحظ أن انسحاب بعض المرشحين من السابق الرئاسي يندرج ضمن أجندة وخطة سياسية لخدمة مرشح بعينه والتهجم على مرشح آخر، مبرزا في هذا السياق أن انسحاب مصطفى كمال النابلى، يأتي في إطار محاولة تشويه المرزوقي وشيطنته مقابل دعم السبسى».

وأكد أن «انسحاب النابلى» يأتي لفسح المجال لـ«السبسي» الذي تمسك بالترشح رغم كبر سنه، إذ أن «النابلى» تهجم في الوقت ذاته على «المرزوقي» متهما إياه بالتحريض على العنف واستقطاب ما يعرف برابطات حماية الثورة و«أنصار الشريعة» المحظور وهو أمر في قمة النذالة السياسية، بحسب «بن حميدان».

وشكا سياسيون تونسيون – انسحبوا من السابق الرئاسي - من تدخل المال السياسي الخارجي (الخليجي تحديدا) في نتائج انتخابات برلمان تونس وتقدم حزبي: «نداء تونس" بزعامة «قائد السبسي»، و«الاتحاد الوطني الحر» بزعامة رجل الأعمال «سليم الرياحي»، المقربان من الإمارات واللذان زارا دبي ولهما تعاملات مالية معها، ما أثار حولهما شبهات تلقي أموال خليجية تقدم كرشاوى للناخبين.

حيث اشتكي المرشح الرئاسي (المنسحب) «عبدالرؤوف العيادي»، رئيس حزب «حركة وفاء» مما أسماه المال الفاسد والمبالغ الخيالية بمصادرها الداخلية والخارجية التي استعملت لتمويل الحملات ووظفت لشراء الذمم واستغلال تردّي الأوضاع المعيشية للمواطن، ما جعل التنافس لا يدور على محور المشاريع والبرامج وإنما على القدرة في جرّ الناخب إلى صندوق الانتخاب عبر شراء الذمة و أساليب الغش والتزوير.

وتحدث عن «أموال فاسدة لإحدى الدول الخليجية (الإمارات) لضرب الاختيار الحر للمواطن التونسي»، وعن «مصادرة حرية اختيار الناخب التونسي بواسطة لعبة المال الفاسد والدعم الخارجي المادي والسياسي لتنفيذ الأجندات الخارجية».

كذلك أرجع المرشح الرئاسي المستقل (المنسحب) «نور الدين حشاد» المدعوم من المنظمة النقابية الأولى في تونس، سبب انسحابه إلي: «الاستقطابين السياسي والمالي».

أيضا أشار المحلل السياسي «الحبيب بوعجيلة» لما اسماه «الخطة الجهنمية» التي قصد بها «تحالف جميع مرشحي وأحزاب المعارضة السابقة على استهداف المرزوقي»، و«إعداد سيناريو محكم للتزوير بمساعدة منظمة (عتيد) وجمعيات أخرى تساند جبهة المعارضة»، و«الضغط على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للدفع نحو تحرير مخالفات على حملة المرزوقي بما في ذلك الدفع نحو القضاء لإسقاط ترشحه (قضية سيارة العباسي».

ويري مراقبون تونسيون أن دفاتر العزاء قد تفتح في الثورة التونسية بسبب هذه التدخلات المالية الإماراتية التي تستهدف تكرار التجربة المصرية والثورة المضادة في تونس بهدف إجهاض أي انتصارات حققتها جماعة «الإخوان» والتيارات الإسلامية من وراء «الربيع العربي».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تونس المنصف المرزوقي الباجي قائد السبسي نداء تونس حركة النهضة الإمارات ساويرس الإخوان الربيع العربي

حقائق عن أبرز المرشحين لانتخابات الرئاسة التونسية

«حركة النهضة» التونسية... الإنصاف والعبرة

رجل الأعمال القبطي «نجيب ساويرس»: أنا مسلم أكثر من «الإخوان» أنفسهم!

النتائج الرسمية النهائية للانتخابات التشريعية التونسية

الأموال الخليجية حاضرة في انتخابات تونس

التيار الديمقراطي التونسي يطالب بفتح تحقيق حول تمويل الإمارات لـ«السبسي»

سيارتان من الإمارات لحماية «السبسي»من تهديد الإرهاب

الانتخابات التونسية والبحرينية والأزمة السورية تتصدر افتتاحيات الصحف السعودية والإماراتية

الصراع يحتدم بين السبسي والمرزوقي

تونس تؤجل إعادة الانتخابات بعد طعن «المرزوقي» على نتائج الجولة الأولي

«المرزوقي»: الثورات المضادة تمت بتمويل إماراتي

«المرزوقي»: قطر وقفت إلى جانب تونس .. والإمارات عدو للثورات وتمول الانقلابات

«قرقاش» يرفض اتهامات «المرزوقي» بتمويل أبوظبي للثورات المضادة

مدون تونسي يتهم ابنة «الهمامي» بتلقي سيارة هدية من الإمارات.. والأخير ينفي

«فايننشال تايمز»: تونس آخر أمل للربيع العربي