شبّان القدس يقودون انتفاضتهم وإسرائيل قلقة

الأربعاء 5 نوفمبر 2014 03:11 ص

من أحمد ملحم - رام الله، الضفّة الغربيّة - تصاعدت وتيرة الأحداث في مدينة القدس، بعد محاولة اغتيال الحاخام يهود غليك في القدس، واستشهاد الشاب معتز حجازي، واتّخذت منحى جديداً من المواجهة تنذر بالتّصعيد في الأيّام المقبلة، خاصة بعد ان اغلقته سلطات الاحتلال ليوم واحد لاول مرة منذ احتلال القدس، قبل ان تعيد افتتاحه اليوم الجمعة 31/ اكتوبر امام المصلين مع عدم السماح لمن تقل اعمارهم عن 50 عاما من دخوله .

يأتي هذا التّصعيد، بعد ساعات من تشديد إسرائيل قبضتها الأمنيّة في مدينة القدس، معتمدة سياسة العقاب الجماعيّ ضدّ الفلسطينيّين، ردّاً على المواجهات مع شرطة الاحتلال في المدينة.

واعتبرت السلطة الفلسطينيّة قرار إسرائيل إغلاق المسجد الأقصى بمثابة إعلان حرب، في وقت واصلت فيه إسرائيل والمستوطنين اتّهام السلطة بالوقوف خلف الأحداث، رغم إعلان الرّئيس محمود عبّاس قبل إطلاق النّار على غليك في مقابلة مع القناة الاسرائيليّة "العاشرة"، أنّه ضدّ اندلاع انتفاضة فلسطينيّة في القدس.

وتشهد القدس منذ إحراق الطفل محمد أبو خضير في 2 تمّوز مواجهات، تتفاوت حدّتها واتّساعها ارتباطاً بطبيعة الأحداث.

وقال عضو اللّجنة التنفيذيّة في منظمة التّحرير عن مدينة القدس حنّا عميرة: إنّ المواجهات في القدس هي ردّ فعل شعبيّ على سياسة العقاب الجماعيّ ضدّ السكّان والمقدّسات.

بدوره، أكّد عضو لجنة الدّفاع عن سلوان فخري أبو ذياب أنّ انتفاضة القدس هي نتيجة تراكمات سياسة الاحتلال وسلوكيّاته في المدينة، من قهر النّاس، وغياب أفق سياسيّ، وتعاظم الاستيطان.

شبّان في المواجهة من دون قيادة

ورغم مرور نحو 4 أشهر على استشهاد أبو خضير، إلاّ أنّ المواجهات ذات الطابع الشبابيّ لا تزال مستمرّة، رغم عدم انتظامها.

وقال النّاشط الشبابيّ في القدس مصباح أبو صبيح: إنّ قوّة الاشتباك ونقاطه يتفاوتان من وقت إلى آخر، إذ كانت ذروته أثناء استشهاد أبو خضير، ويتكرّر مع استشهاد أيّ مواطن في المدينة.

ويعترف أبو صبيح بأنّ المواجهات ليست منتظمة لارتباطها بأحداث في المدينة، لكن هناك أماكن تحافظ على المواجهة، كأحياء العيساويّة وسلوان وحارات البلدة القديمة (السعديّة، باب حطة، راس العمود، الطور).

من جهته، قال أبو ذياب: إنّ من يقود هذه الهبة هم الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 - 20 عاماً، ويستخدمون كلّ الوسائل لمقاومة الاحتلال، ويدركون المخاطر المحدقة بمدينتهم ومستقبلهم، وطبيعة الصراع مع الاحتلال.

وتتّسم المواجهات بالعفويّة، بغياب قيادة وطنيّة، وهذا ما يثير تساؤلات حول إمكان استمرارها، في ظلّ القبضة الأمنيّة لسلطات الاحتلال.

وأشار أبو صبيح إلى أنّه "لا توجد جهة تدعم الاحتجاجات أو تقود الشارع. لذلك، تستمرّ في مناطق من دون أخرى، وقال: "لا توجد قيادة في الميدان توجّه الأمور، فغياب القيادة هو السبب في عدم انتظام الاحتجاجات، التي باتت ترتبط بالأحداث فقط. كما أنّ غياب القيادة والقبضة الأمنيّة الاسرائيليّة لن تعرقلا الانتفاضة في القدس"، في ظلّ احتقان السكّان إزاء المشاريع الاسرائيليّة، خصوصاً تقسيم المسجد الأقصى.

من جهته، قال عميرة: "إنّ الاحتجاجات ضدّ إجراءات الاحتلال ستحمل صفة الاستمراريّة، طالما استمرّت اسرائيل في سياستها بالقدس".

وعن صعوبة تشكيل قيادة وطنيّة في القدس، قال عميرة: هناك صعوبة في ذلك، إذ لا يمكن مقارنة الأمور الآن بما كانت عليه إبان الانتفاضة الأولى، حين كانت هناك قيادة موحّدة، لأنّ الظروف مختلفة، لكن ذلك يعتمد على القوى السياسيّة.

أمّا المتخصّص في شأن القدس جمال عمرو فرأى عكس ذلك، إذ قال: "إذا لم يكن هناك قرار فلسطينيّ من أعلى المستويات لرفع معنويّات المقدسيّين، واندلاع مواجهات في بقيّة المحافظات تخفّف الضغط عنهم، فلا يمكن أن تستمرّ المدينة طويلاً".

وأوضح أنّ "القدس في ظلّ القبضة الأمنيّة والحصار لا يمكنها أن تصمد طويلاً"، رغم أنّ الأحداث تجعل الهبة مستمرّة لكنّها لن تدوم.

وأبدى النّاشط أبو صبيح تخوّف الشبان المقدسيّين من وجود محاولات لوأد الانتفاضة وإخمادها في القدس من قبل جهات رسميّة، وقال: "هناك مؤشّرات على أنّ السلطة تتدخّل من أجل إنهاء انتفاضة القدس".

وأكّد القياديّ في حركة "فتح" وعضو المجلس المركزيّ في منظّمة التّحرير نبيل عمرو في مقال صحافيّ، أنّ السلطة ومنظّمة التّحرير والأحزاب الفلسطينيّة مقصّرة في دعم القدس.

قلق إسرائيليّ

يظهر قلق اسرائيل ممّا يحدث في القدس بصور مختلفة، وتنامى ذلك بعد إطلاق النّار على يهود غليك، إذ عنونت صحيفة "معاريف"، نقلاً عن وزراء أنّ نتنياهو خسر القدس.

وكان قد أعلن رئيس بلديّة القدس في 29 تشرين الأوّل، أمراً بتشديد سياسة العقاب ضدّ السكّان لإجبارهم على العمل ضدّ الشبّان الذين يصطدمون بأفراد الشرطة.

وسلّطت وسائل الإعلام العبريّة الضوء على ما تشهده القدس من أحداث في شكل مكثّف، في حين وصف أبرز الكتّاب الإسرائيليّين أحداث القدس بـ"الانتفاضة الصامتة"، وحذّر باحثان إسرائيليّان من انفجار الوضع في القدس، في ظلّ تصاعد الاجراءات الامنية الاسرائيلية التي تعتمد على استخدام القوة فقط. في حين كتبت صحيفة يديعوت احرنوت الجمعة ان الصراع في القدس تحول الى ديني وقد يتسع الى منطقة الشرق الاوسط.

وقال الباحث والمتخصّص في شأن القدس جمال عمرو لـ"المونيتور": إنّ هبة القدس تخيف اسرائيل وتقلقها لأنّها أثبتت فشل سياستها في ترويض السكّان وتغيير هويّتهم وتهويد ثقافتهم من خلال التّطبيع ودمجهم في المجتمع الإسرائيليّ.

وأشار إلى أنّ إجراءات الإحتلال في المدينة جعلت المقدسيّين يكتشفون أنّهم "الأكثر فقراً، وأنّ مواجهة الاحتلال يجب أن تحدث، الأمر الذي فاجأ إسرائيل التي ظنّت أنّ المقدسيّين قد استكانوا وأنّ مشروع التّطبيع قد نجح".

ومن جهته، عزا مدير مؤسّسة "مدار للدراسات الإسرائيليّة" أنطوان شلحت في حديث مع "المونيتور" القلق الإسرائيليّ لأهميّة القدس في الصراع العربيّ - الإسرائيليّ، ورفضها تقديم أيّ تنازل فيه على طاولة المفاوضات، موضحاً أنّ المعركة على القدس لدى اسرائيل أشبه بأمّ المعارك. لذلك، ترى "أنّ المواجهات تعكس تحديّاً لكلّ مخطّطاتها الآنيّة والاستراتيجيّة في المدينة، القائمة على فرض وقائع ميدانيّة من خلال مصادرة الأراضي والاستيطان وطرد الفلسطينيّين".

وتعكس إجراءات اسرائيل في القدس، بحسب شلحت، رؤية حكومة نتنياهو التي تتّفق عليها كلّ الأحزاب الإسرائيليّة القائمة على رفض التّسوية مع الفلسطينيّين، وتسريع خطواتها لفرض وقائع على الأرض تجسّد تلك الرؤية.

ويظهر من خلال الجوّ العامّ في إسرائيل، أنّ حكومة نتنياهو ماضية في تنفيذ مشاريعها في مدينة القدس ودعم المستوطنين، وهو ما يعني تفجّر الوضع أكثر في المدينة، واستمرار المواجهات العفويّة التي يقودها الشبّان وقد تتدحرج في وقت ما إلى انتفاضة، لن يستطيع أحد التكهّن بالمدى الذي يمكن أن تصل إليه.

 

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

الاحتلال الإسرائيلي يضطر عائلة فلسطينية للعيش في "كهف" بعد هدم منزلها

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن النفير العام لحماية الأقصى

الاحتلال يتراجع عن إغلاق «الأقصى» خوفا من رد الفعل

نساء الأقصى يقاومن

الاحتلال يمعن في تقسيمه الزماني للأقصى ويمنع دخول المصلين ويفتحه للمستوطنين