شبح التغيير المناخي يضرب مجددًا: درجة حرارة القطب الشمالي تتخطى معدلها الطبيعي بـ 36 درجة!

الأحد 20 نوفمبر 2016 06:11 ص

بينما ينشغل السياسيون الآن بالفوضى القائمة في واشنطن، يشاهد المجتمع العلمي باندهاش الفوضى القائمة في بقعة أخرى، وهي القطب الشمالي.

في هذا الوقت من السنة، يعم الليل القطبي، حيث لا تشرق الشمس هناك، وهذه هي الفترة التي يستجمع فيها القطب قواه ليتخلى عن حرارته ويصل إلى أعلى مراحل البرودة، وتزداد فيها سماكة طبقة الجليد التي تغطي المحيط القطبي.

ولكن في خريف 2016، العام الذي شهد معدلات منخفضة جدًا لمستويات الثلوج الشهرية، هناك شيء غريب حقًا، القطب دافئ للغاية! حتى أن مساحة واسعة من الهواء القطبي البارد انتقلت إلى سيبيريا.

أحد المؤشرات الأساسية لتقييم حالة القطب الشمالي، هو حجم الجليد الذي يغطي المحيط القطبي والذي بدأ في تسجيل مستويات منخفضة بشكل قياسي.

ومع بدء تكون الثلوج مرة أخرى كعادتها في هذا الوقت من السنة بعد الوصول لذروة الحرارة في سبتمبر/أيلول، فإنها لا تتكون بالمعدل الطبيعي لها. فقد سجل الجليد مستوى أقل من مستوياته في 2012 التي كانت تعتبر منخفضة للغاية.

وعلى «تويتر»، بدت الصدمة على الخبراء المتابعين للقطب الشمالي. «زاك لايب» طالب الدكتوراه المتخصص في دراسة القطب الشمالي في جامعة كاليفورنيا غرد بصورة مصدرها (المعهد الدانماركي للأرصاد الجوية) توضح أن درجة الحرارة في القطب ترتفع عن معدلها الطبيعي بمقدار 20 درجة مئوية.

وعلق «زاك» على الصورة مستنكرًا:«متوسط درجات الحرارة في القطب يستمر في الحركة في الاتجاه الخاطئ، إنه يرتفع».

وعلى تويتر أيضًا، غرد «دانييل سواين» عالم المناخ في جامعة كالفورنيا قائلًا: « بالرغم من حلول الليل القطبي، فدرجة الحرارة في القطب الشمالي تزداد. الوضع هناك غير طبيعي ومعدلات الثلوج منخفضة للغاية».

العام هو الثاني على التوالي الذي يشهد ارتفاعات شاذة لدرجة الحرارة في القطب الشمالي، ففي أواخر 2015 ارتفعت درجات الحرارة إلى حدود الذوبان بعدما ضربت عاصفة دافئة ضخمة المنطقة القطبية.

حسنًا.. ما الذي يحدث هناك؟

قالت «جينيفر فرانسيس» المتخصصة في علوم القطب الشمالي بجامعة روتجرز: «درجة الحرارة أدفأ من الطبيعي بـ 20 درجة مئوية في القطب الشمالي، في الوقت الذي تنخفض الحرارة فيه بنفس المقدار تقريبًا في أواسط شمال آسيا».

وحللت الموقف قائلة: «الدفء القطبي الحالي نتيجة لسببين وهما المستوى المنخفض لحجم الجليد، بالإضافة إلى الكثير من الهواء الدافئ الذي تحرك نحو القطب منطلقًا من دوائر العرض الأدنى بفعل تيار نفاث موجي».

نشرت «فرانسيس» بحثًا يشرح الدفء القطبي، موضحًا أن التيارات النفاثة التي تتحرك من الغرب إلى الشرق عند دوائر العرض الوسطى قد أصبحت موجية للغاية متسببة في تسارع ارتفاع درجات الحرارة في القطب الشمالي عنه عند خط الاستواء.

استشهدت «فرانسيس» بالبحث الذي قام به «جودا كوهين» الباحث في تنبؤات البيئة والغلاف الجوي، والذي ربط بين التيارات النفاثة الشاذة والهواء البارد في سيبيريا.

وعلق أيضًا «جايمس أوفرلاند» الخبير في المؤسسة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي بأن التيارات النفاثة مؤهلة جدًا في الوقت الحالي لنقل الدفء نحو القطب الشمالي.

قال «أوفرلاند»:«هناك تيار دافئ قوي يتحرك بشكل عرضي إلى داخل القطب، خاصة عند وسط شمال كندا ، مرورًا بالمحيط الأطلسي وشرق بحر سيبيريا».

وكان رأي العديد من الخبراء أن الوضع القائم وضع متطرف للغاية.

قال «لايب» في رسالة اليكترونية أن كلًا من مقدار ومعدل التغيرات الحرارية الحالية هي أمور غير طبيعية، وأضاف: «التغيرات الحرارية في القطب الشمالي هي أمر معهود خاصة في الفصول الباردة، ولكن هذه الفترة من الدفء القطبي والبرودة السيبيرية هي ظاهرة غريبة وغير معتادة، كما أنها تسببت في تأثير مدهش على مستوى طبقة الجليد».

حلل عالم الأرصاد الجوية «ريتشارد جايمس» النتائج القادمة من 19 محطة رصد جوي محيطة بالقطب الشمالي في شهر أكتوبر/ـتشرين الأول، ووجد أن متوسط درجات الحرارة أعلى من نظيره عام 1998 بدرجتين مئويتين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني تستمر درجات الحرارة في الارتفاع. عبر «جايمس» في مدونته عن اندهاشه من استمرار ارتفاع درجات الحرارة بعد أكتوبر/تشرين الأول.

ويتفق «مارك سيريز» رئيس المركز القومي لبحث معلومات الجليد في باولدر أن الوضع الحالي شاذ وغير متوقع، وعلق بأن ارتفاع درجات الحرارة لم يقتصر على الهواء الجليدي، بل إن مياه المحيط القطبي هي أيضًا دافئة نسبيًا، وهناك بعض المناطق التي ترتفع درجة حرارتها بمقدار 25 درجة مئوية فوق المتوسط. وعلق «سيريز»: «الوضع مجنون حقًا».

وأرجع «سيريز» السبب فيما يحدث إلى سببين، الأول هو المحيط الدافئ الذي ساهم في تكونه رقة الطبقة الجليدية التي تغطيه، والسبب الثاني هي تيارات الهواء التي مكنت الهواء الدافئ من اجتياح القطب الشمالي وتحريك الهواء القطبي البارد نحو سيبيريا. وأضاف: «الوضع القائم لهذا الشتاء قد يعرض الطبقة الجليدية إلى مستويات منخفضة جدًا من السماكة في العام المقبل»، ولكنه عقب أنه مازال من المبكر القول بذلك.

ومع ذلك فإن الطقس في القطب قد يتغير بسرعة، فقد تنخفض الحرارة وتتماسك الثلوج مرة أخرى.

ولكن المستويات الجديدة من انخفاض سماكة الجليد وارتفاع درجات الحرارة هي أمور تتناسب جدًا مع الاتجاهات الحديثة التي تتحدث عن التغير المناخي، كما تنذر باحتمالية حدوث تغيرات أكبر في السنوات القادمة.

  كلمات مفتاحية

القطب الشمالي الاحتباس الحراري التغير المناخي ذوبان الجليد

«كيري» يخالف القوانين المغربية أثناء زيارته مراكش

«كيري»: تغير المناخ يجب ألا يكون مسألة حزبية

«إيفانكا» وزوجها أقنعا «ترامب» بعدم الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ

السعودية تطلق مشروعا لتحسين المناخ بزراعة 10 ملايين شجرة