ملك الأردن يردع منتقديه بالحديث عن «الأقصى»

الأربعاء 12 نوفمبر 2014 01:11 ص

يواجه نظام الحكم في الأردن زيادة الضغوط الداخلية بسبب تورطه في الحرب الدولية ضد «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا، من جهة، وبسبب التوغلات الإسرائيلية المتكررة في «المسجد الأقصى» في «القدس الشرقية»، من جهة أخرى.

وانتقدت الحركة الإسلامية في الأردن قرار المملكة بالانضمام إلى الولايات المتحدة ودول عربية وغربية أخرى في الحرب لتدمير تنظيم «الدولة الإسلامية»، واعتبرت جماعة «الإخوان» من خلال ذراعها جبهة العمل الإسلامي أن «هذه ليست حربنا» وكذلك فعلت شخصيات إسلامية معتدلة أخرى.

لكن النقد الأخطر جاء من «أبي محمد المقدسي»، الزعيم الروحي لـ«الحركة السلفية الجهادية» في الأردن. أيام قليلة بعد إدانة مشاركة الأردن في «التحالف الدولي»، ألقي القبض عليه من قبل السلطات لاستخدام الإنترنت لتعزيز وجهات النظر المتطرفة، وكان قد نشر مقالا يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول داعيا إلى النصرة للمجاهدين قائلاً: «لنتحد ضد التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة».

اعتداءات في القدس

النقاش الداخلي حول المخاطر التي تترتب على الانضمام إلى التحالف الدولي تزامنت مع عمليات التوغل المتكررة من قبل المتطرفين اليهود على «المسجد الأقصى» في البلدة القديمة في «القدس»، بموجب «معاهدة السلام الإسرائيلية الأردنية» وقعت في عام 1994، ويحتفظ الأردن بدور خاص باعتباره الوصي على المواقع الإسلامية المقدسة في «القدس الشرقية»، اعترف الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» بهذا الدور العام الماضي.

على مدى عقود، كان ينظر إلى الملوك الأردنية الهاشمية كحماة لـ«المسجد الأقصى»، مع التوغلات المتكررة، أصدر الأردن تحذيرات لـ«إسرائيل» ضد انتهاكات معاهدة سلام وتغيير الوضع القائم في المسجد، بينما كان المتطرفون اليهود يريدون الوصول إلى الضريح الإسلامي، الذي يسمونه «جبل الهيكل»، ودعا البعض صراحة لهدمه لبناء معبد يهودي مكانه.

فشلت الاتصالات الدبلوماسية بين الأردن و«إسرائيل» لنزع فتيل التوتر، كما مثلت كلا البلدين الذكرى 20 للمعاهدة الثنائية، على الرغم من تأكيدات من رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» أن وضع «المسجد» لن تتغير وأنباء عن اجتماع سري بينه والملك «عبدالله» في عمان يوم 1 نوفمبر/تشرين الثاني وسحبت الأردن سفيرها في تل أبيب احتجاجا وهددت برفع القضية إلى «مجلس الأمن الدولي».

ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على «المسجد الأقصى»، دعت الأحزاب السياسية المحلية على الأردن لاتخاذ الإجراءات اللازمة، بما في ذلك إنهاء «معاهدة السلام»، وقال مسؤولون أردنيون أن الاستفزازات «الإسرائيلية» المستمرة في «القدس» وتهدد السلام بين البلدين، ولكن على الرغم من التأكيدات الرسمية «الإسرائيلية»، استمر التوتر حول «الأقصى» ليفسد العلاقات الثنائية، وقال رئيس الوزراء «عبدالله النسور» يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني للصحفيين إن «عبدالله» كان «غاضبا جدا» إزاء السياسات «الإسرائيلية» في «القدس» مضيفا أن الأردن يؤمن بأن «إسرائيل» عازمة على تغيير الظروف الحالية في البلدة القديمة، وكان يرد على دعوات المتظاهرين، بقيادة الإسلاميين، يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي طلب من الحكومة «لتسليح الشعب» و«السماح للجهاد في فلسطين».

أثناء هذه المظاهرات، التي وقعت في مختلف مناطق المملكة، قال القيادي في جماعة «الإخوان» «مسلم همام سعيد»، «إن المعركة في القدس وليس في العراق أو سوريا أو أي مكان آخر»، ودعا الحكومة إلى طرد السفير «الإسرائيلي» وهدم سفارتها في عمان.

”واجب ديني وإنساني“

لكن «عبدالله»، في خطاب شديد اللهجة في البرلمان الأردني يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني، رد على المنتقدين، وخاصة الإسلاميين الغاضبين من مشاركة الأردن في الحرب ضد تنظيم «الدولة» قائلا: «لدينا واجب ديني وإنساني هو ان نواجه بقوة وحزم الذين يحاولون إثارة الحروب الطائفية أو تشويه صورة الإسلام والمسلمين»، وأضاف: «إن الحرب على هذه التنظيمات الإرهابية وأيديولوجيتها المتطرفة هي حربنا لأننا مستهدفون ويجب علينا أن ندافع عن أنفسنا، والإسلام وقيم التسامح والاعتدال من خلال محاربة التطرف والإرهابيين».

وردا على الجماعات الإسلامية التي وقفت ضد دور الأردن في التحالف، قال الملك: «كل من يدعم هذا الفكر التكفيري المتطرف أو يحاول تبرير ذلك هو عدو للإسلام».

ويرى مراقبون أن هذا كان استجابة مباشرة للجدل والتصريحات التي أدلى بها مسؤول كبير في سلاح الجو الإسرائيلي «نعيم الخصاونة»، يوم 22 أكتوبر/تشرين الأول، عندما قال: «ليس هناك خيار للمعتدلين وأولئك الذين يرفضون الحرب العالمية على تنظيم الدولة إلا دعم تنظيم الدولة نفسه!».

وقال المحلل السياسي «فهد خيطان الشريف»، لـ«المونيتور» إن خطاب الملك قد ترك الباب مفتوحا على الدور المستقبلي للجيش الأردني «خارج حدود الأردن، وقال إن مثل هذا السيناريو «يرعب الأردنيين بسبب مخاطر لا يمكن تصورها».

ومع ذلك، فقد تمكن الملك من جذب الأردنيين مع تصريحاته يوم 27 أكتوبر/تشرين الأول حيث قال، «التطرف ليس هو تجسيد الإسلام ولكن ظاهرة موجودة في جميع الأديان والأيديولوجيات، بما في ذلك الصهيونية». وفي حديثه لأعضاء البرلمان، الملك اتخذ خطوة جريئة من المساواة بين «التطرف الإسلامي» و«التطرف الصهيوني»، مضيفا أن «الجهات المعنية يجب أن نعترف أن هناك تطرف في كل المخيمات».

في الوقت الحالي، يبدو أن الملك قد نجح في إسكات منتقدي دور الأردن في مكافحة التحالف ضد تنظيم «الدولة»، الأجهزة الأمنية تراقب عن كثب المتعاطفين مع الجهاديين السلفيين، على الرغم من أن التهديد بالانتقام لم يختف بعد وقت تحيي فيه البلاد الذكرى السنوية لتفجيرات عمان الدامية في عام 2005.

من ناحية أخرى، هناك توترات حادة بسبب الاستفزازات «الإسرائيلية» المتكررة على «المسجد الأقصى» و«القدس الشرقية» والضفة الغربية، وفي حين أن إلغاء «معاهدة السلام مع إسرائيل» ليست خيارا قابلا للتطبيق، فإن السلطات، تدرك تزايد الضغوط الداخلية، ومستعدة على ما يبدوا للتصعيد واللجوء إلى الطرق القانونية والسياسية المتاحة.

يذكر أن معلق الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي «جاكي حوكي» قال أمس: «إن التعاون الأمني والاستخباري بين تل أبيب وعمان قد تعاظم تحديداً بعد أحداث القدس».

المصدر | المونتيتور

  كلمات مفتاحية

الأردن الملك عبدالله الثاني المسجد الأقصى اقتحام الأقصى محمود عباس بنيامين نتنياهو الدولة الإسلامية

اقتحام الأقصى.. حلقة جديدة من الانحطاط العربي!

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يعلن النفير العام لحماية الأقصى

الأردن بين نظريتين إســرائيليتيــن

الأردن تعتقل «أبومحمد المقدسي» وتتهمه بالترويج للفكر الإرهابي عبر الإنترنت

أيالون: إسرائيل مُلزمة بالتعاون مع السيسي وملك الأردن والعاهل السعودي

«كيري» يزور الأردن ويلتقي «الملك عبدالله» والرئيس «أبو مازن»

لماذا تعد قمة «عمان» عديمة الجدوى؟

اعتقال «الإخواني» الأكثر نفوذًا في الأردن.. رسالة خشنة أم بداية «اللعب على المكشوف»؟

الأردن يعيد سفيره إلي (إسرائيل) بعد تحسن الأوضاع في الحرم القدسي

أحداث القدس تنذر بانتكاسة العلاقات بين الأردن وإسرائيل