لماذا تعد قمة «عمان» عديمة الجدوى؟

الثلاثاء 18 نوفمبر 2014 07:11 ص

ربما أعطت القمة التي تمّ ترتيبها على عجل في عمّان 13 نوفمبر 2014 المشاركين فيها وجبة مُشبعة سريعة، لكن على المدى البعيد لن تكون سوى إضافة إلى قائمة طويلة من اللقاءات المماثلة التي تمت في العقبة الأردنية، وشرم الشيخ المصرية، وواشنطن الأمريكية، وأماكن أخرى انتهت دون تأثير يُذكر.

لقد أراد العاهل الأردني «الملك عبدالله الثاني» – مستضيف القمة – مواصلة الضغوط على رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» لدفعه لاتخاذ خطواتٍ تهدئ من حدة التواترات في القدس؛ خاصة في منطقة جبل الهيكل/الحرم القدسي الشريف. وكان الأردن قد استدعى بالفعل سفيره من إسرائيل، وأصدر «الملك عبدالله» نفسه بعض التصريحات شديدة اللهجة التي جاءت على غير المعتاد. لقد حققت القمة الفائدة المرجوة؛ ولو على المدى القصير. لقد بدا «الملك عبدالله الثاني» وكأنه صوت مسؤول ومعتدل في منطقةٍ يخيّم عليها التوتر والعنف والتقلب، وقد شدد على دوره باعتباره القيّم على المقدسات الإسلامية في القدس، وشريكًا ذو ثقة للولايات المتحدة، وحليفًا أساسيًا في المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».

ضيف الشرف في القمة كان وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»؛ والذي استغل الحدث لاستعادة التصور بشأن دور بلاده التي تعمل بجدٍ في القضايا الثلاث الرئيسية في الشرق الأوسط الحالي: المعركة ضد «الدولة الإسلامية»، والمفاوضات مع إيران حول مستقبل برنامجها النووي، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني. المشاركون الذي لم يحضروا القمة هم الرئيس الفلسطيني «محمود عباس» «الذي التقى كيري في عمان قبل القمة»، والرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي» «والذي تواصل مع القمة هاتفيًا» حققوا مكاسب زهيدةٍ تافهة في صراعهم مع المشاكل الداخلية والخصوم السياسية. ووافق عباس على «تخفيف حدّة لهجته» بتعبير «كيري» خلال مؤتمر صحفي له عقب القمة مباشرة، كما قال «السيسي» «فعلت كل ما في وسعي من أجل دفع قضية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، يشير كلام عباس والسيسي إلى أنه لم يتم الاتفاق على شيء محدد، كما لم يكن هناك التزام بشيء مُعيّن.

كان الضيف الثالث في القمة الثلاثية هو «بنيامين نتنياهو»؛ والذي «غادر ليدفع الفاتورة»، وخلال المؤتمر المشترك الذي عقده «كيري» ونظيره الأردني بعد القمة أشار «ناصر جودة» مرارا إلى «التزامات قوية» و«خطوات إيجابية» و«إجراءات عملية ومحددة» أعلن الأطراف المشاركون عن التزامهم بها. ومن الواضح أن المسئولية كانت في السابق على إسرائيل، ولن يختلف الأمر مُستقبلاً. رفض كلا من «كيري» و«جودة» الحديث عن الإجراءات المتوقعة لكنهما تعهّدا للعرب جميعا بألا يُمنعوا من الصلاة في القدس الشريف، «ولن يقتصر فتح الأقصى أمام الزائرين عند سنّ معينة فقط»، بالإضافة إلى وقف الأعمال الموجّهة سياسيًا التي يقوم بها بعض الإسرائيليين مثل الزيارات التي يرافقها كاميرات وسائل الإعلام.

بالنسبة لـ «نتنياهو» فإن تكرار نفس التصريح في عمّان، والذي كان قد أطلقه سابقًا بأن إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على الوضع الراهن فيما يتعلق بجبل الهيكل، ربما يُثبت أنه التزام أسهل من غيره، وربما يوضح توجيه الأوامر للشرطة الإسرائيلية بمنع وصول سياسيين إسرائيليين إلى جبل الهيكل صعوبة الأمر وتكلفته السياسية؛ خاصة مع الضجة التي تسبق الانتخابات العامة المنتظرة في إسرائيل.

كان الهدف المُعلن للقمة هو تخفيف حدة الموقف الخاص بجبل الهيكل، ولكن هل قدّم رئيس الوزراء الإسرائيلي أي التزام بشأن بناء وحدات استيطانية في ضواحي القدس؟ إن كان قد فعل فمن الواضح أنه سيواجه مزيدًا من المشكلات الداخلية، وإن لم يكن قد تعهد بأي التزامات بخصوص هذا الأمر، فإن أي إجراء إسرائيلي في هذا السياق سوف يثير الأحزاب الأخرى، وتتعالى الاتهامات ضد إسرائيل بأنها تقوّض جهود استعادة الهدوء بشأن جبل الهيكل.

وتُعدّ تفاهمات قمة عمان أيضًا إشكالية من وجهة نظر إسرائيل لأنه ليس من الواضح، على سبيل المثال، ما إذا كانت ستستمر الجهود الفلسطينية للحصول على قرار من مجلس الأمن، وما إذا كانت الإشارة إلى القدس الشرقية باعتبارها عاصمة الدولة الفلسطينية في المستقبل سوف تدرج في مشروع القرار ونصه النهائي حال اعتماده.

وفي هذا الصدد، فإن الدور الذي ستلعبه الأردن بصفتها عضو في مجلس الأمن ليس واضحا، وليس من الواضح أيضا كيف سترد الولايات المتحدة على الإصدارات المختلفة لمشروع القرار المُقدم إلى مجلس الأمن. وبالتالي؛ ربما يظهر «نتنياهو» وكأنه الوحيد الذي طُلب منه اتخاذ خطوات ملموسة، في حين أن باقي المشاركين في القمة – من حضروا أو من لم يحضروا – غادروا محملين بالتزاماتٍ كثيرة وغامضة. والحقيقة أن زيارته لعاصمة عربية وحديثه إلى العاهل الأردني والرئيس المصري ووزير الخارجية الأمريكي بشأن المشكلات الرئيسية الأخرى في المنطقة لن يمنحه سوى قليل من النقاط في حملته السياسية المنتظرة في إسرائيل.

وبناء على ذلك؛ فإنه ينبغي اعتبار نتائج قمة عمان ضعيفة ومؤقتة، ويمكن بكل بساطة لأي مجموعة فلسطينية أو عربية إسرائيلية أن تثير موقفًا يقضي على هذه النتائج. إن الوعود البراقة الكاذبة التي خرجت في عمّان لتدفع جهود استئناف عملية السلام، ومحاولات التعامل مع قضية واحدة مثل جبل الهيكل الحساسة في غياب إطار أوسع ربما تُثبت أنها غير كافية. لذا كانت القمة جهدًا نبيلاً لتهدئة الوضع بخصوص قضية محدودة للغاية، وربما لم يكن لدى رئيس الوزراء نتنياهو الكثير من الخيارات في تقرير حضوره من عدمه، ولكن لا تزال هناك حاجة للنظر إلى الغيوم التي تجمعت حول النزاع الاسرائيلي الفلسطيني.

المصدر | عوديد عيران - معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي

  كلمات مفتاحية

الحرم القدسي قمة عمان أمريكا نتنياهو الأردن الملك عبدالله الثاني

وزير خارجية إسرائيل:لا قيود على البناء الاستيطاني بالقدس الشرقية

«كيري» يعلن توصل الأردن ودولة الاحتلال لإجراءات تعيد «الهدوء» إلى القدس

«كيري» يزور الأردن ويلتقي «الملك عبدالله» والرئيس «أبو مازن»

ملك الأردن يردع منتقديه بالحديث عن «الأقصى»

اقتحام الأقصى.. حلقة جديدة من الانحطاط العربي!

المساعي الإسرائيلية لتقسيم المسجد الأقصى