الإستراتيجية الأمريكية في سوريا تتحدي «الخليجية» وتصر علي بقاء «الأسد»

السبت 15 نوفمبر 2014 09:11 ص

بدت القصة بتسريب من شبكة «سي أن أن» الأميركية يقول أن الرئيس الأميركي «باراك أوباما» طلب من مستشاريه إجراء مراجعة لسياسة إدارته بشأن سوريا، بعدما توصل إلى أنه ربما لن يكون من الممكن إنزال الهزيمة بمتشددي تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق والشام من دون إزاحة الرئيس السوري «بشار الأسد».

وقال مسئول أمريكي بارز إن السبب الرئيسي الذي قد يكون دفع الرئيس «باراك أوباما» إلى إعادة النظر في إستراتيجيته نحو سوريا والتفكير في ضرورة تنحية الرئيس السوري «بشار الأسد»، كطريق وحيد لإلحاق الهزيمة بـ«الدولة الإسلامية» يكمن في الضغوطات التي مارستها دول عربية تشعر بالقلق بسبب غياب خطة أمريكية واضحة حيال الوضع بسوريا.

وأضاف المسئول أن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، يخوض منذ أشهر مفاوضات مكثفة مع السعودية والإمارات وتركيا حول إمكانية التوصل إلى صفقة سياسية تزيح «الأسد» والحلقة الضيقة المحيطة به عن السلطة، وتحافظ في الوقت نفسه على قسم كبير من مؤسسات النظام القائمة.

وقد استبشرت السعودية والإمارات وأيضا تركيا بالموقف الأمريكي وأنه رضخ أخيرا لأرائهم المتعلقة بضرورة مواجهة «الدولة الإسلامية» مع «الأسد» سويا وهدمهما معا.

ونقلت «CNN» عن مسئولين أميركيين بارزين قولهم إن فريق «أوباما» للأمن القومي عقد أربعة اجتماعات على مدى الأسبوع الماضي لتقييم «كيف يمكن لإستراتيجية الإدارة أن تكون منسجمة مع حملتها ضد الدولة الإسلامية»، ونسبت إلى مسئول رفيع المستوى قوله إن «الرئيس طلب منا أن ندرس مجدداً كيف يمكن تحقيق هذا الانسجام.. مشكلة سوريا المستمرة منذ وقت طويل يفاقمها الآن حقيقة أنه لكي ننزل هزيمة حقيقية بتنظيم الدولة الإسلامية فإننا نحتاج ليس فقط إلى هزيمته في العراق، بل أيضاً هزيمته في سوريا».

ولكن جاءت الصدمة لاحقا في بيان توضيحي من البيت الابيض يؤكد أنه «لم يتغير شئ في الإستراتيجية الأمريكية بسوريا»، ليؤكد أن الإستراتيجية الأمريكية في سوريا تتحدي «الخليجية» وتصر علي بقاء «الأسد»!!

فمسئول في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض رد علي ما نشرته «CNN» بقوله: إن «الإستراتيجية فيما يتعلق بسوريا لم تتغير»، وأن فريق «أوباما» للأمن القومي «يجتمع بشكل متكرّر لتقرير أفضل السبل لتنفيذ الإستراتيجية التي حدّدها هو «أوباما» للتصدّي لتنظيم «الدولة الإسلامية» من خلال بضع وسائل ضغط عسكرية وغير عسكرية».

ونفي وجود «مراجعة شاملة» للإستراتيجية، وإن كان قد أقر بوجود «قلق حول فاعلية بعض الجوانب الأساسية في الإستراتيجية القائمة».

وأضاف: «في حين يبقى التركيز المباشر على طرد تنظيم «الدولة الإسلامية» من العراق، فإننا وشركاءنا في الائتلاف سنواصل ضرب تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا لحرمانه من ملاذ آمن وتعطيل قدراته الهجومية»، مشيراً إلى أنه «إلى جانب جهودنا لعزل ومعاقبة نظام الأسد فإننا نعمل مع حلفائنا لتعزيز المعارضة المعتدلة».

كما رد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي «أليستر باسكي»، على تقرير «CNN» بالقول: «الاستراتيجية الأمريكية حيال سوريا لم تتبدل، تركيز الإدارة الأمريكية منصب على طرد الدولة الإسلامية من العراق، وسنواصل قصفه مع حلفائنا في سوريا من أجل حرمانه من فرصة الحصول على ملجأ آمن».

وتابع «باسكي» قائلا: «أما بالنسبة إلى الأسد، فهو يبقى المغناطيس الجاذب للمتطرفين إلى سوريا، وقد أوضح الرئيس أوباما أن الأسد خسر كل شرعيته في السلطة، ونحن نعمل مع شركائنا من أجل تقوية المعارضة المعتدلة، بالتزامن مع فرض عقوبات دولية لعزم نظام الأسد».

ولفتت المصادر، إلى أنه من بين الدوافع لبحث تعديل الإستراتيجية حالة التذمر الموجودة بين شركاء أمريكا في التحالف الدولي حيال غياب رؤية واضحة لدى أمريكا للتخلص من الأسد أو جدول زمني للانتقال السياسي بسوريا، وقد تبلغت واشنطن ذلك من دول بينها السعودية والإمارات وتركيا.

غموض في الرؤية الأمريكية

ويهاجم الحلفاء العرب في دول الخليج خصوصا الموقف الأمريكي ويرون أن الاستراتيجية الأمريكية فاشلة لأن نظام «الأسد» هو المشكلة التي أفرزت ظاهرة «الدولة الإسلامية» وغيرها، وأنه يجب التخلص منه مع الدولة الإسلامية سويا، وإلا اعتبرت الحملة ضد «الدولة الإسلامية» مكافأة لـ«الأسد» وإيران معا.

ويقولون أن هذا التخبط العسكري الأمريكي وغياب الرؤية أثر منذ البداية علي سقوط مدينة «هيت» بيد «الدولة الإسلامية» إثر انسحاب الميلشيات الشيعية من المنطقة ورفض القيادة العسكرية الأمريكية توفير الغطاء الجوي لها، وأدى ذلك إلى مقتل عدد كبير من رجال الصحوات في العراق على يد «الدولة الإسلامية» وتعليق رؤوس 46 منهم وسط المدينة المنكوبة.

ونتج عن غياب الغطاء الجوي انهيار كامل للصحوات ومقتل أكثر من 800 رجل من «عشيرة البونمر»، وقد اعترفت القيادة المركزية الأمريكية في المنطقة أنها تلقت مئات طلبات الإسناد الجوي من العشائر لكنها لم تتمكن من الاستجابة لها لأن قائد الفريق الأمريكي لمحاربة «الدولة الإسلامية»، «جون آلن» لم يرتب عمليات التنسيق بصورة صحيحة ولم يوجه العشائر الحليفة لكيفية إرسال الإحداثيات.

أما في شمال سوريا فقد واجهت العشائر المتحالفة مع أمريكا مصيراً مشابهاً للصحوات العراقية، ومثلت هزيمة «حركة حزم» في «إدلب» نكسة كبيرة لدى المجموعات التي كانت تعول على الدعم والتسليح الأمريكي لترجيح كفتها في المواجهة مع «الدولة الإسلامية»، ونقلت الصحافة الغربية عن قادة «حزم» امتعاضهم من نكث الأمريكان بوعودهم وعدم توفير السلاح اللازم والإسناد الجوي لهم في المعارك ضد «جبهة النصرة».

ويري محللون أن البيت البيض أخطأ عندما صاغ إستراتيجيته العسكرية بناء على دراسة أعدها «مارك لينش» أستاذ السياسة في «جامعة جورج واشنطن»؛ وتبين فيما بعد أن هذه الدارسة تعتمد على معلومات خاطئة، إذ إنها افترضت إمكانية إنشاء جبهة سعودية – تركية - إيرانية مشتركة في مواجهة «الدولة الإسلامية».

ولكن تبين لاحقا أن السعوديين متشككين في الدور الإيراني وفي الدور التركي، وزادت الأزمة حينما خابت جهود الإدارة الأمريكية لإقناع تركيا ودول الخليج العربية بالتعاون مع الميليشيات الشيعية والكردية الانفصالية لقتال «الدولة الإسلامية» والتخلي عن فكرة إسقاط «بشار الأسد»، مما اضطر وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هيغل» إلى إرسال خطاب للبيت الأبيض في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي يحذر فيه من أن التحالف قد ينهار إذا لم توضح الإدارة الأمريكية موقفها من بقاء «الأسد» في الحكم.

وزاد من الغضب الخليجي واليقين باختلاف الاستراتيجية الأمريكية عن الخليجية في سوريا، أنه بعد أن قامت بعض دول الخليج العربية بتنفيذ نحو 90% من الطلعات الجوية وتحملت التكاليف الباهظة للحملة العسكرية الأمريكية ضد «الدولة الإسلامية»؛ فوجئوا بالتسريبات التي نشرت في نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي حول المفاوضات بين واشنطن وطهران فاستشاطوا غضبا تجاه الإدارة الأمريكية.

وما زاد الغضب الخليجي – بحسب دراسة حول سير عمليات التحالف ضد «الدولة الإسلامية» بمجلة «فورين بوليسي» (5 نوفمبر/تشرين الثاني)- أن العبء المالي والعسكري قد وقع على دول الخليج العربية في ظل امتناع الدول المتبقية من التحالف -الذي يضم 62 دولة- عن المشاركة في العمليات القتالية.

وعبرت الدراسة عن قلقها من تضاؤل الدعم الأوروبي الذي اقتصر على خمس دول في مقابل 13 دول أوروبية شاركت في الحملة العسكرية ضد نظام «القذافي» بليبيا عام 2011؛ ففي حين أرسل الفرنسيون 29 طائرة مقاتلة وحاملة طائرات وخمس سفن قتالية إلى سواحل ليبيا عام 2011 اكتفت في الحملة الحالية بإرسال 11 مقاتلة، ولم ترسل بريطانيا سوى 8 مقاتلات للمساهمة في الحملة.

فهل ينفرط عقد التحالف أو انفرط بالفعل في سوريا والعراق، وتركز دول الخليج علي تنفيذ إستراتيجيتها ضد «الأسد» وتفض يدها من السير وراء الإستراتيجية الأمريكية التي تضع مصالح «إسرائيل» في المقدمة لأن بقاء «الأسد» يحمي مصالح تل أبيب؟

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايات المتحدة باراك أوباما السعودية الإمارات تركيا الملك عبدالله الدولة الإسلامية التحالف الدولي الأسد العراق سوريا

«سي إن إن»: «أوباما» يرى إزاحة «الأسد» ضرورية لهزيمة «الدولة الاسلامية»

«أوباما» لقادة جيوش التحالف: الحملة على «الدولة الإسلامية» ستكون "طويلة الأمد"

أردوغان: الإطاحة بنظام «الأسد» من أولويات السياسة التركية

«أوباما»: المخابرات الأمريكية استهانت بتنظيم «الدولة الإسلامية»

«أردوغان» يلمح لتغير موقف تركيا إلي المشاركة فى التحالف الدولي ضد الدولة الإسلامية

من يرغب بـإزالة داعش من سوريا لا يترك شراكة إيران

«أوباما» يوجه صفعة للوبي الخليجي لصالح «الأسد»

«داعش» والأسد: تلازم المسارين... والمصيرين

دبلوماسي فرنسي يكشف استعداد إيران لمناقشة حلول للأزمة السورية تتضمن الإطاحة بـ«الأسد»