«أوباما» يوجه صفعة للوبي الخليجي لصالح «الأسد»

الأربعاء 19 نوفمبر 2014 12:11 ص

بعد موقف الرئيس الأمريكي «أوباما» الأخير من الرئيس «بشار الأسد»، هل يمكننا القول الآن وأخيراً انتصر «بشار الأسد» على كل التفوهات الخليجية، والتي صدرت من أغلب أصحاب الفخامة الملوك والأمراء، تؤكد وبشكل قاطع انحياز «أوباما» لبراميل النفط في مواجهة النظام العلوي الحاكم في دمشق والمدعوم بشكل سافر ومعلن عسكريا واقتصاديا وسياسيا من إيران.

تصريحات «أوباما» لا تثير الدهشة بالمرة إذ انها تعبر عن براجماتية أمريكية ملتصقة بميلاد سيدة الشر في العالم، وتأتي بعد عام من خطة نوه عنها «أوباما» لضرب نظام «الأسد» الذي قام باستخدام السلاح الكيميائي ضد شعبه الثائر علي بقاء نظامه في الحكم.

تصريحات «أوباما» ربما تكون مفارقة مأساوية لأصحاب الفخامة الخليجيين، فمعاناتهم واضحة مع ضعف البصيرة، لان الكثيرين حسب «إيشان ثارور» الذي كتب في صحيفة «واشنطن بوست» كرروا تحذيراتهم من تهديد «أوباما» المستمر برحيل «بشار الأسد» عن السلطة، وذلك لخوفهم من أن خطوة كهذه قد تؤدي لفراغ في السلطة يملؤه الجهاديون أو الجماعات المتطرفة مثل «الدولة الإسلامية».

إذن «الدولة الإسلامية» هي كلمة السر والمسمار الذي بسببه تمكن «أوباما» من لحس وعوده لأصحاب الفخامات الملوك والأمراء في الخليج، وهى سر تفاهمات أمريكية إيرانية بشأن بقاء «الأسد» في السلطة، ويؤكد ما ذكرته قناة «أورينت» السورية نقلاً عن مصادر إعلامية ثورية في الحجر الأسود بدمشق، أن نظام «الأسد» يجري مفاوضات غير مباشرة مع ثوار جنوب دمشق، من أجل إخراج عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» من الحجر الأسود وجنوب دمشق، وتأمين ممر آمن لهم إلى محافظة درعا.

القناة قالت أيضاً: إن النظام عرض على ثوار الجنوب تأمين ممر آمن لمقاتليهم المنحدرين من الجولان نحو القنيطرة، مقابل قيام الثوار بتأمين ممر آمن لـ«الدولة الإسلامية».!

«إيشان ثارور» ومن خلال مقاله الذي كتبه في صحيفة «واشنطن بوست» يعيد التذكير بما قاله الرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، أحد حلفاء «الأسد» وإيران في المنطقة، والذي حذر «أوباما» من التدخل ضد «الأسد» ومساندة الثوار في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، جاء في تحذيره : «أي ضربة عسكرية لن تؤدي إلا إلى زيادة العنف وستفتح الباب أمام موجة جديدة من الإرهاب، وستؤثر على الجهود الدولية المشتركة لحل الملف النووي الإيراني وحل النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وتقوض الاستقرار في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وستهز كل النظام الدولي لتطبيق القانون والنظام»، بالطبع بحسب «بوتين».

ويرى «ثارور» في مقاله بخلاف ما يراه أصحاب الفخامة الذين صفعتهم تصريحات «أوباما» الأخيرة، إذ أنه يرى أن النظام العلماني لـ«الأسد» وان كان بالمظهر يظل أفضل رغم ما ارتكبه من الذي سيحل محله في حال خلعه .

تصريحات «أوباما» الأخيرة وتغليبه مصلحة واشنطن مع نظام الأسد الشيعي العلوي، على الصداقة الدافئة مع أصحاب الفخامات والتي عبرت عنها صحيفة الرياض السعودية مؤخراً بالقول أن: «زيارة صاحب السمو الملكي الأمير «متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز» وزير الحرس الوطني، الحالية للولايات المتحدة الأمريكية بدعوة من معالي وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هيغل»، تأتي في إطار تعزيز هذه العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين التي امتدت على مدى أكثر من 80 عامًا، شهدت خلالها تطابق الرؤى حول العديد من القضايا التي تخدم مصالح البلدين.!

نعم وللأسف فاز «الأسد» بعقد شراكة لا صداقة كالتي تدعيها صحيفة الرياض مع واشنطن، وبقدم المصلحة مسح «أوباما» خطه الأحمر، معطياً الضوء الأخضر لاستمرار المفرمة الإيرانية في المنطقة ضد السُنة، وبلع أصحاب الفخامات الملوك والأمراء لعابهم فبللوا حلقوهم الجافة من هول الصدمة، وحققت إيران انتصارا جديدا على مسرح الخليج السياسي، بحركة التفافية بارعة، وأصبح ذراعها الأول في سوريا «بشار» (الإرهابي) الذي استخدم سلاح كيماوي ضد مدنيين أبرياء لأول مرة في القرن الحادي والعشرين، وارتكب حرب إبادة جماعية على خلفية طائفية مقيتة؛ معززاً مكرماً على كرسي القتل في بلده بفرمان «أوبامي أمريكي».

فرمان «أوباما» اتكأ على التمدد المتزايد لتنظيم «الدولة» (المصنوعة)، التي زعموا أنها تسيطر على ربع العراق وثلث سورية، وأنها تحتل مساحة تزيد على مساحة بريطانيا.

وعلى ضوء كل هذا كان لا بد لـ«أوباما» من صفع اللوبي الخليجي، وإن ضاعف ذلك من حجم الحرج الذي يمضغه أصاحب الفخامة الملوك والأمراء، جراء الصمت الأمريكي على مدى أربعين شهراً عن فصول أكبر مأساة بحق البشر تجري على الأرض السورية.

ومكمن الحرج في أن «أوباما» تحرك باتجاه العراق حركة دائبة قاصدة سريعة غير مترددة ولا خجولة ولا متريثة، ولم يحتج إلى موافقة من «الكونجرس»، ولا إلى استطلاع رأي اللوبي الخليجي، تحرك «أوباما» آليا وكأنه ريبوت مبرمج زعموا لحماية أصدقائه الأكراد، وهذا لم يكن إلا ذريعة وإنما تحرك على الحقيقة ليدعم نفوذ حلفائه الإيرانيين الطائفيين على العراق والشام، في صفقة ظهر من بنودها إعادة تأهيل «بشار الأسد»، واستعادة دور وظيفي تعاقد عليه هو وأبوه من قبل مع أمريكا و«إسرائيل»، يتلخص في كسر إرادة الشعب السوري وإخماد كل صوت حي فيه.

يؤكد ذلك ما نشرته جريدة «السفير» اللبنانية الموالية لـ«الأسد» بتاريخ (19/8/2014)، عن تنسيق مخابراتي أمني (أمريكي– أسد)، وأن الضربات الكثيفة المتكاثرة التي وجهها «بشار الأسد» إلى تجمعات ما يسمى «تنظيم الدولة» في منطقة الرقة كان بإرشاد ودلالة أمريكية مسبقة.

حيث كان الرصد الجوي الأمريكي دليلاً للطيارين «الأسديين»، ليحكموا ضرباتهم ويحسّنوا أداءهم، حتى ظن الكثير من المواطنين السوريين أن هذه الضربات إنما يقوم بها طياريون أمريكيون وطائرات أمريكية وليست طيارين سوريين وطائرات سورية.

ثم إن التصريح الذي أدلت به الناطقة الأمريكية «ماري هارف» عن نفي تطوير علاقة مع عصابة «بشار الأسد»، هو نفسه بحسب ما تعودنا من الساسة الأمريكيين، تأكيد لما أوردته جريدة السفير التي لم تكن لتجرؤ أن تكتب من فراغ، بل إن ما أشارت إليه «ماري هارف» نفسها من أن «القضاء على مقاتلي التنظيم أمر جيد»، يعطي شهادة جودة أمريكية لنظام «الأسد».

ربما تجاهل أصحاب الفخامات الأمراء والملوك الخليجيين، أن المنطقة العربية عند منعطف خطير، وذلك لأنهم ظلوا نائمين طوال السنوات الماضية في الحضن الأمريكي، وسواء ظل تجاهل النائمين والنائمين في حضن النائمين في الحضن الأمريكي على حاله، فإن الخليج برمته على شفا جرف قد انهار أوله بالفعل.

ولن يردع الإدارة الأمريكية عن الاهتمام بمصالحها التي تقاطعت مع إيران ونظام «الأسد»، افتتاحية «مدفوعة الأجر» من صحيفة «اندبندنت» البريطانية، التي رأت أن الغرب يفكر بلملمة الأوراق مع الأسد، محذرة في الوقت الضائع من هذا «المسار الخطر»!

وتقول «اندبندنت» في افتتاحيتها التي تفوح منها رائحة مخاوف اللوبي الخليجي: «من النادر إعادة تأهيل دكتاتور بطريقة سريعة كما تم تأهيل بشار الأسد، بعد جريمته التي ارتكبها باستخدام غاز السارين، حيث كان الغرب يحضر لضربه عسكريا، وجاء هذا بالطبع بعد عقود من القمع في ظل والده»، مشيرة إلى أن النظام الذي يقوده الابن يمارس نفس السياسات ويقود نفس الدولة المخابراتية، ومع ذلك ينظر إليه كبديل لـ«الدولة الإسلامية»!

وحتى لا نظلم «أوباما» ورؤيته لمصالح بلده، فإن مفتي المملكة العربية السعودية اعتبر «الدولة الإسلامية» و«القاعدة» العدو الأول للإسلام، دون الإشارة إلى عداوة إيران وما يرتكبه حليفها «بشار الأسد».

الملك السعودي «عبدالله» نفسه، كثف تصريحاته ضد «الدولة الإسلامية»، مستغرباً كيف أن «إنساناً يمسك بانسان آخر ويذكيه كالغنم»، فهل نسمع تصريحاً من ذات الملك هذه المرة ضد صفعة «أوباما» للوبي الخليجي؟!

يجب ألا ننسى أنه حين اندلعت الثورة السورية، كان الملك «عبدالله» في البداية غير راغب في مهاجمة «بشار الأسد»، رغبته تلك ارتبطت بالقلق من أن يحل «الإخوان المسلمين» بديلا عن «الأسد» في السلطة، وبالفعل وصلت رسائل خليجية إلى «الأسد»، على رأسها الإمارات تدعمه في قمع الثوار السوريين.

تجاهل «أوباما» حلفائه الخليجيين واختزاله الأزمة في سوريا برمتها في «الدولة الإسلامية»، كشف حقيقة إصرار «أوباما» وحلفائه على رفض المطلب التركي بأن تشمل الحرب على «الدولة الإسلامية» إسقاط «الأسد» باعتباره السبب الرئيس لظهور التنظيم.

وحتى قبل تصريحات «أوباما» بخصوص بقاء «الأسد» في السلطة، سبقها اتهام – اعتذر عنه لاحقا- نائب الرئيس الأمريكي «جوزيف بايدن» حلفاء إقليميين كالسعودية وتركيا والإمارات، بأنهم المسؤولون قبل إيران ونظام «الأسد»، عن تفشي التنظيمات الإرهابية في سوريا!

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الولايت المتحدة باراك أوباما السعودية الإمارات سوريا الملك عبدالله بشار الأسد الدولة الإسلامية العراق القاعدة الإخوان المسلمون إيران تركيا

الإستراتيجية الأمريكية في سوريا تتحدي «الخليجية» وتصر علي بقاء «الأسد»

السعودية والإمارات وتركيا يتحدون لإسقاط «الأسد» رغما عن واشنطن

أردوغان: الإطاحة بنظام «الأسد» من أولويات السياسة التركية

«أوباما»: المخابرات الأمريكية استهانت بتنظيم «الدولة الإسلامية»

«داعش» والأسد: تلازم المسارين... والمصيرين

وراء الإطاحة بـ«هيغل».. توترات بسبب سوريا وفريق «أوباما»

القمة الخليجية بالدوحة والملف السوري يتصدران افتتاحيات الصحف القطرية

الخوف من «الدولة الإسلامية» و«الإخوان» وراء التقارب السعودي الروسي؟

دراسة عن مبادرة «دي ميستورا»: تتجاهل «جنيف2» وتضع حلولا جزئية

«نيويورك تايمز»: الإمارات تمد نظام «الأسد» بالوقود وتساعده على قتل الشعب السوري

صحيفة كويتية: الإمارات تقود تحركا دوليا لإبقاء الأسد رئيسا لسوريا

«نيويورك تايمز»: تراجع هادئ في مطالبات الغرب بتنحي «الأسد» لحل أزمة سوريا

«الأسد»: الوهابية هي مصدر أيديولوجيا «الدولة الإسلامية» وشعب السعودية أكثر ميلا للتنظيم

واشنطن تُكذب «الأسد» حول وجود تنسيق بينهما في الحرب علي «الدولة الإسلامية»

دوما.. تباد وتحترق

«أوباما» و«تميم» يجددان الدعوة لرحيل «الأسد»

أمير قطر يلتقي أعضاء بالكونجرس ومسؤوليين أمريكيين خلال زيارته لواشنطن

مسؤول أمريكي: إيران تنفق 35 مليار دولار سنويا لدعم نظام «الأسد»

«سي آي إيه»: الولايات المتحدة لا تريد انهيار الحكومة السورية والمؤسسات التابعة لها

«المرصد السوري»: أكثر من 215 ألف قتيل منذ اندلاع الثورة السورية في 2011

«كيري»: نظام «الأسد» لن يصبح شريكا في محاربة الإرهاب لأنه المتسبب في وجوده

مبادرة إيرانية «معدلة» لحل الأزمة السورية

«بشار الأسد» و«أحمد القطان» والعظام الرميم

«الائتلاف السوري» يرفض إعطاء «الأسد» الوقت لـ«تعويم نفسه»

«ذا إنترسبت»: السعودية تتعاقد مع جماعات ضغط أمريكية لترسيخ نفوذها السياسي

«ذا إنترسبت»: حملة دعائية سعودية للتأثير على صناع السياسة والصحفيين في الولايات المتحدة

هل تنجح الحملات الإعلامية وحدها في تحسين صورة السعودية في الغرب؟

سياسي سعودي يعلن إطلاق أول «لوبي» للمملكة في واشنطن

السعودية تطلق شركة العلاقات العامة الخاصة بها في العاصمة الأمريكية