دراسة عن مبادرة «دي ميستورا»: تتجاهل «جنيف2» وتضع حلولا جزئية

الاثنين 1 ديسمبر 2014 08:12 ص

نشر «المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات» دراسة تحليلية عن مقترحات «دي مستورا» المبعوث الخاص للأمين العام لـ«الأمم المتحدة» إلى سوريا، وبحثت الدراسة في خيارات «دي مستورا» لحشد التأييد الدولي والإقليمي لمقترحات إعلان مناطق صراع «مجمدة» في مناطق سورية مختلفة في مقدمتها حلب والتوصل إلى هدناتٍ أو مصالحاتٍ مؤقتةٍ تتيح ممارسة إدارة ذاتية في هذه المناطق، ويجري التعبير عن هذه الإدارات من خلال مجالس محلية منتخبة أو توافقية يتمّ فيها تمثيل فصائل المعارضة المسلحة بحسب حجم كلّ فصيلٍ وفاعليته.

وذكرت الدراسة التي أعدتها وحدة تحليل السياسات في المركز أن ثمة عوائق  جمة تحول دون نجاح هذه الخطة التي تستهدف تحقيق تسويات محلية.

خطة لتحريك الجمود لا خطة حل

فبعد انسداد أفق الحل السياسي في سوريا بعد مؤتمر «جنيف2» وفشل إنشاء هيئة حكم انتقالية تمهد لحل شامل للأزمة، وصعود تنظيم «الدولة الإسلامية» وسيطرته على مساحات واسعة وإعلانه الخلافة الإسلامية تراجعت أولوية الحل السياسي لحساب أولويات التفاوض مع إيران ووقف تمدد تنظيم «الدولة».

واعتباراً لخلفيته كخبير في حل النزاعات انطلق «دي مستورا» من فكرة أنّ الأزمة السوريّة هي نزاع أهليّ مركب وأزمة دولية بالغة التعقيد يصعب حلها في المدى المنظور أو المتوسط. لذلك، اختار مدخلًا يختلف عن نهج سلَفَيه «كوفي عنان» و«الأخضر الإبراهيمي»، وركز على حلولٍ جزئية وأهدافٍ متواضعةٍ تتمحور حول خفض مستوى العنف وتحسين وصول المساعدات الإنسانية، وزرْعِ ما سماه «بذورٍ لعملية سياسية شاملة» بدلًا من الاستمرار في الرهان الخاسر على توافقٍ دولي وإقليمي يؤدي إلى وضع بيان «جنيف 1» موضع التنفيذ.

راهن «دي مستورا» على سابقة نظام سوريا وإيران بعقد هدنات مؤقتة في مناطق حيوية محاصرة يصعب استرجاعها عسكرياً مثل المعضمية وأحياء دمشق الجنوبية وحي الوعي الحمصي بالإضافة لاتفاق خروج المقاتلين من حمص القديمة، لكن الجديد الذي يعلنه المبعوث الدولي هو تجميد الصراع مع احتفاظ كل طرف بقدرته العسكرية خلافاً لاتفاقات النظام السابقة التي شملت تجريد مناطق الهدنة من الأسلحة الثقيلة مقابل إدخال المساعدات الإنسانية والسماح بمغادرة المقاتلين بما يمكنه من السيطرة على المناطق وخرق الهدنة.

ويبدوا أن مبادرة «دي مستورا» الذي حظيت مبادرته بترحيب «الأسد» يتجاهل مرجعية «جنيف2» الذي قبلت به المعارضة السورية مما يجعل مقترحه محل رفض مطلق من كثير من أعضاء الائتلاف الوطني والحكومة والفصائل السورية المنتمية للثورة وقطاعات شعبية اعتبرتها استسلام لا مجرد هدنة إنسانية.

ويعدّ الانقسام الراهن امتدادًا لنقاش احتدم سابقًا بشأن جدوى الهدنات والمصالحات المحلية والمبادرات التي أطلقها رئيس الائتلاف السابق «معاذ الخطيب» بما فيها زيارته الأخيرة إلى روسيا. وفي ضوء ذلك، ومع استمرار المعاناة وتغير الأولويات الدولية، يستمر «دي مستورا» في حشد الدعم لمقترحاته معوِّلًا على عدم ممانعة القوى الدوليّة والإقليميّة الفاعلة في الأزمة السوريّة وعلى قبولٍ غربي ضمني، ولاسيما أنه يطرح أفكاره تحت عنوان «وقف تقدّم الدولة الإسلامية». كما يعوِّل «دي مستورا» على دعمٍ روسي لمقترحاته والضغط على النظام لقبولها بشكلها الحاليّ من دون أي تعديلٍ على غرار مبادرة نزع السلاح الكيماوي. ومن ثمّ، يأمل أن تُطرح المبادرة على «مجلس الأمن» التابع لـ«الأمم المتحدة» بحيث يجري تبنيها كمشروع قرارٍ ملزمٍ لجميع الأطراف لوقف إطلاق النار في عموم سورية أو في بعض الجبهات الساخنة على الأقل، وبطريقة تجعلها مكمّلة لقرار «مجلس الأمن» 2139 القاضي بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة ودعوة جميع الأطراف لـ«وضع حـدٍ فـوري لجميع أعمـال العنـف الـتي تـؤدي إلى المعاناة الإنـسانية في ســورية».

عوائق تعترض سبيل مبادرة «دي مستورا»

ورصدت الدراسة عدة عوائق تحول دون تنفيذ المبادرة وهي :

النظام وإيران

الذين يرون أن الموازين العسكرية تجعلهم في موقف أفضل خاصة مع ضربات التحالف الدولي ضد «الدولة الإسلامية» و«النصرة» و«أحرار الشام» التي خدمت النظام بشكل هائل رغم افتقاده للعدد والعتاد الذين يسمحان له بالحسم في حلب؛ لذلك قد يتجاوب النظام مع المبادرة في حلب المدينة دون ما حولها وفضلًا عن ذلك، يخشى النظام وإيران من ترويج مقترحات «دي مستورا» دوليًا لتتحول إلى قرارٍ دولي ملزم. لذلك حرص - كعادته في التعاطي مع المبادرات السياسية - على إبداء مرونة في دراسة المقترحات من دون التزام قبولها.

قوى الثورة العسكرية

التي تعتبر أن المبادرة لا تلبي طموحاتها وتتجاهل كون «جبهة النصرة» و«جبهة أنصار الدين» اللتان يصنفهما الغرب حركات إرهابية، فضلًا عن حركة «أحرار الشام» المستهدفة بقصف التحالف، هي الفصائل الأكبر والأكثر تأثيرًا في المعادلة العسكريّة في المدينة. لذلك، من غير المفهوم كيف ستجمِّد هذه الفصائل القتال من أجل أن يتفرّغ التحالف لاستهدافها. كما أنّ التطورات الأخيرة في عموم الشمال السوريّ وتعاظم نفوذ «جبهة النصرة» و«جماعة جند الأقصى» المتحالفة معها، وتراجع الجيش الحر، ينزع الواقعية عن الأفكار المطروحة.

تركيا

لم تعلق تركيا على المبادرة رسمياً حتى الآن لكن يبدوا أنها تحذِّر من احتمال سقوط المدينة بيد النظام وما قد يترتب على ذلك من موجة لاجئين كبيرة. كما تربط مشاركتها في التحالف الدولي ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» باستهداف نظام «بشار الأسد» وإقامة منطقة آمنة وفرض حظر جوي فوقها. بالإضافة إلى ذلك، أثارت تصريحات «دي مستورا» ودعوته لفتح الحدود أمام متطوعي «حزب العمل الكردستاني»، المصنَّف تركيًا كحزبٍ إرهابي، للقتال إلى جانب وحدات الشعب الكردية ضد «الدولة الإسلامية» في مدينة عين العرب حفيظة الحكومة التركية.

روسيا

تنظر لروسيا بريبة لتراجع موقفها واندفاع الغرب وتدخله العسكري ضد «الدولة الإسلامية» رغم أن ذلك يخدم حليفها «الأسد» بشكل كبير لكنها تخشى من تغير الخطط والأهداف المعلنة في مراحل مقبلة. وقد عزّز من مخاوفها تجاهل الولايات المتحدة مطالبها باستصدار قرارٍ من «مجلس الأمن» ينظِّم عمليات التحالف في سوريا ويحدِّد أهدافه بدقة. وترى روسيا، أنّ حضور الغرب في الأزمة السوريّة عبر بوابة التحالف ومحاربة «الدولة الإسلامية» قد يهمّش تدريجيًا دورها المحوري في حلٍ مستقبلي للأزمة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سوريا تركيا روسيا جبهة النصرة المعارضة السورية الدولة الإسلامية إيران دي مستورا

وراء الإطاحة بـ«هيغل».. توترات بسبب سوريا وفريق «أوباما»

«أوباما» يوجه صفعة للوبي الخليجي لصالح «الأسد»

أوباما: الوقوف إلى جانب «الأسد» ضد «الدولة الإسلامية» سيضعف التحالف

أردوغان: الإطاحة بنظام «الأسد» من أولويات السياسة التركية

وزير الخارجية السعودي: النظام السوري هو الراعي الأول للإرهاب في سوريا

من يرغب بـإزالة داعش من سوريا لا يترك شراكة إيران

دبلوماسي فرنسي يكشف استعداد إيران لمناقشة حلول للأزمة السورية تتضمن الإطاحة بـ«الأسد»

الإئتلاف السوري المعارض: سوريا تحت الاحتلال الإيراني وجهود «دي ميستورا» فاشلة

ائتلاف المعارضة السورية: «دي ميستورا» يساهم في زيادة انقسام السوريين

«دي مستورا» ينهي زيارته لدمشق دون لقاء «الأسد»

«الائتلاف السوري» يرفض إعطاء «الأسد» الوقت لـ«تعويم نفسه»

«دي ميستورا» يدعو لحوار سعودي إيراني حول الملف السوري

«الجبير»: ملتزمون بدعم الشعب السوري عسكريا وسياسيا واقتصاديا