«نيويورك تايمز»: تراجع هادئ في مطالبات الغرب بتنحي «الأسد» لحل أزمة سوريا

الأربعاء 21 يناير 2015 11:01 ص

اتضحت بوادر تغير وجهات نظر الولايات المتحدة حول كيفية إنهاء الحرب الأهلية هناك، والتراجع الهادئ في مطالبات الغرب بتنحي رئيس البلاد، «بشار الأسد»، فورًا. وذلك عبر الدعم الأمريكي، لاثنين من المبادرات الدبلوماسية في سوريا.

وفي الوقت الذي تحافظ إدارة «أوباما» على رؤيتها بأن الحل السياسي الدائم يتطلب خروج «الأسد» من السلطة، تأتي مواجهتها للجمود العسكري، والجهاديين المسلحين تسليحًا جيدًا، وأسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث تضطر الولايات المتحدة إلى السير جنبًا إلى جنب مع الجهود الدبلوماسية الدولية التي قد تؤدي إلى حدوث تغيير تدريجي في سوريا.

ويأتي هذا التحول كذلك، إلى جانب الإجراءات الأمريكية الأخرى، التي يتخذها أنصار «الأسد» ومعارضوه كدليل على أن واشنطن باتت تعتقد الآن بأنه إذا تم خلع «الأسد»، فلن يكون هناك من يوقف انتشار الفوضى والتطرف.

وفي تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز»، تقول فيه إن الطائرات الأمريكية تقصف الآن المتشددين من جماعة «الدولة الإسلامية» في سوريا، وهي تتشارك السماء مع الطائرات السورية.

وأكد مسؤولون أمريكيون لـ«الأسد»، وفقًا للصحيفة، أنه من خلال وسطاء عراقيين، أن الجيش السوري ليس من ضمن أهدافهم. ولا تزال الولايات المتحدة تدرب وتجهز المتمردين السوريين، ولكن لمحاربة «الدولة الإسلامية» في المقام الأول، وليس الحكومة.

ورحبت الولايات المتحدة، ودول غربية أخرى، علنًا بمبادرات كل من الأمم المتحدة وروسيا، التي ستؤجل أي إحياء لإطار جنيف المدعوم من الولايات المتحدة، والذي دعا إلى نقل السلطة كاملةً إلى «هيئة حكم انتقالي». وكانت محادثات جنيف الأخيرة قد فشلت قبل عام، وسط خلاف عنيف حول ما إذا كانت تلك الهيئة سوف تشمل «الأسد» أم لا.

وبحسب «نييورك تايمز»، يدعو اقتراح الأمم المتحدة إلى «تجميد القتال على الأرض»، وفعل ذلك لأول مرة في مدينة حلب الاستراتيجية. وأما المبادرة الأخرى القادمة من روسيا، الداعمة الأقوى للرئيس «الأسد»، فتحاول تحفيز عقد محادثات بين الجانبين المتحاربين في موسكو، في أواخر يناير/كانون الثاني.

ويقول دبلوماسيون اطلعوا على الرؤية الروسية، إنها تدعو لتقاسم السلطة بين حكومة «الأسد» وبعض الشخصيات المعارضة، إضافًة إلى احتمالية إقامة انتخابات برلمانية تسبق حدوث أي تغيير في رئاسة الجمهورية.

ولكن هذه المقترحات الدبلوماسية تواجه «تحديات خطيرة» وفق الصحيفة. فالعديد من حلفاء أمريكا في المعارضة السورية يرفضون هذه الخطط، وليس هناك أي مؤشر يذكر على أن «الأسد» أو حلفاءه في روسيا وإيران، يشعرون بالحاجة لتقديم تنازلات. حيث أن الجيش السوري الحر، المدعوم من أمريكا، «يسير على الحبال» في شمال سوريا، والمتمردون مختلفون فيما بينهم حول الاستراتيجية العسكرية والسياسية.

الأهم من ذلك أيضًا هو أن «الدولة الإسلامية» تسيطر على نصف الأراضي السورية، وتمكنت من تعزيز قبضتها على الرغم من محاولات الولايات المتحدة وحلفائها للإطاحة بها من العراق المجاور.

إلا أن وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، كان قد أعلن الأسبوع الماضي، أن الولايات المتحدة ترحب بكل من هذه المبادرات. ولم يدل الوزير بأي دعوة لاستقالة «الأسد»، رغم أنه يصر عادًة على ذلك في تصريحاته العلنية. وبدلًا من هذا، تحدث «كيري» عن أن «الأسد» كقائد بحاجة إلى تغيير سياساته. وقال «لقد حان الوقت للرئيس الأسد، نظام الأسد، أن يضع شعبه أولًا، وأن يفكر في عواقب أفعاله، التي جذبت المزيد والمزيد من الإرهابيين إلى سوريا».

ويوم الخميس، في جنيف، أشار «ستيفان دي ميستورا»، وهو مبعوث الأمم المتحدة لحل الأزمة في سوريا، أيضًا إلى حدوث تحول تكتيكي، وقال إن «العوامل الجديدة»، مثل نمو «الدولة الإسلامية»، يجب أن تؤخذ في الحسبان. وأضاف المبعوث الأممي أنه ليس هناك جدوى من محاولة تنظيم جولة ثالثة من محادثات جنيف قبل بناء دعم لا لبس فيه من كل من الحكومة السورية ومعارضيها لـ «العملية السياسية السورية».

وأكد «دي مستورا» وفق الصحيفة أيضًا، على أن البحث العاجل عن حل سياسي يجب أن «يضع في اعتباره»، ليس فقط «إطار جنيف»، بل الحاجة كذلك إلى «ضبط الطموحات دون شروط مسبقة، وتماشيًا مع العوامل الجديدة التي ظهرت في واقع المنطقة، مثل تنظيم الدولة».

وتعكس هذه التحولات وجهة نظر سائدة بين مسؤولي الأمم المتحدة في سوريا منذ فترة طويلة، وهي أنه على الغرب التكيف مع واقع أن المتمردين السوريين فشلوا في هزيمة «الأسد». وقد قال السوريون من على الجانبين مرارًا بأنهم يخشون من تنامي نفوذ المتشددين الأجانب في بلادهم، ومع عدم وجود الثقة بجميع اللاعبين الدوليين الذين يمولون الأطراف المتحاربة، فهم على استعداد لاستكشاف حل وسط مع السوريين الآخرين.

وبحسب دبلوماسيون غربيون، ممن دعوا منذ فترة طويلة لاستقالة «الأسد» فورًا، إنه لا يجب أن يحتفظ «الأسد» إلى أجل غير مسمى بالسيطرة على مؤسسات حيوية مثل الجيش، ولكن سيكون من المفيد النظر في إحداث التحول التدريجي. وأكد دبلوماسي غربي في الأمم المتحدة على أنه، وفي حين أن «مرحلة ما بعد الأسد» يجب أن تأتي في نهاية المطاف، إلا أن توقيت حدوث ذلك هو أمر يمكننا مناقشته.

ويتحدث قادة الغرب صراحة الآن عن اتفاق يسمح ببقاء بعض المسؤولين الحاليين لمنع سوريا من التفكك، مثلما حدث في العراق وليبيا. وقال وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، لمحطة إذاعة فرنسية يوم الاثنين الماضي: «إن إرادة إيجاد حل سياسي تتضمن بالطبع إبقاء بعض عناصر النظام لأننا لا نريد أن نرى أركان الدولة تنهار. لا نريد أن نرى أنفسنا في نهاية المطاف في موقف مشابه للعراق».

وتسود فكرة أن الولايات المتحدة تدعم الرئيس السوري حتى بين جماعات المعارضة التي تتلقى تمويلًا أمريكيًا مباشرًا، وتعتبر معتدلة بما يكفي لتلقي السلاح والعمل مع مركز عمليات تديره الولايات المتحدة في تركيا. وقال مقاتلون من حركة حزم، وهي واحدة من هذه المجموعات، الأربعاء، إن أمريكا كانت «تبحث عن الثغرات من أجل التوصل إلى حل سياسي، والحفاظ على الأسد».

وقال «طارق فارس»، وهو منشق سوري علماني عن الجيش قالت «نيويورك تايمز» أنه قاتل طويلًا مع الجيش السوري الحر ولكنه توقف عن القتال مؤخرًا، عن السياسة الأمريكية: «هذه هي الطريقة التي يتحدث بها الأمريكيون: يقولون لدينا خط أحمر، وسوف ندعمكم، وسوف نمد لكم ذراعنا. إلا أنهم لا يفعلون شيئًا، وبعد 4 سنوات، يقولون لنا إن الأسد هو الخيار الأفضل».

المصدر | الخليج الجديد + التقرير/نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

سوريا الدولة الإسلامية الأسد أوباما التحالف الدورلي بشار الأسد

«السيسي»: التفهم الأمريكي للوضع في مصر يتحسن .. و«بشار الأسد» قد يكون جزء من الحل السياسى

4 دول عربية تجري اتصالات مع «نظام الأسد» لإعادة سفرائها إلى دمشق

تراجع سيطرة «نظام الأسد» إلى أقل من ثلث سوريا .. و«الدولة الإسلامية» يسيطر على ثلث آخر

«داعش» والأسد: تلازم المسارين... والمصيرين

«أوباما» يوجه صفعة للوبي الخليجي لصالح «الأسد»

نائب مراقب الإخوان بسوريا يستنكر عدم استهداف التحالف لـ”الإرهابي الأول بشار الأسد“

الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على شركة إماراتية تتعاون مع نظام بشار الأسد

القاهرة تستضيف مؤتمر المعارضة السورية وسط غموض حول الأطراف المشاركة