هل يتعلم «السيسي» الدرس من مصير «مبارك»؟!

السبت 15 نوفمبر 2014 10:11 ص

ثمة أسئلة تفرض نفسها، مع محاولة المراقب قراءة التوجهات الرئيسية لنظام الرئيس «عبد الفتاح السيسي» من منظور موضوعي بعيدا عن اي أجندة جاهزة، أو مواقف مسبقة، أو مواقع متخندقة، وتتعلق أساسا بأن كان تعلم شيئا من سقوط حكم الرئيس الأسبق «حسني مبارك» إثر اندلاع ثورة يناير التي أطاحت ثلاثة عقود من الديكتاتورية في ثمانية عشر يوما؟

بالطبع تبقى تلك الاسئلة شبه سرية، في ظل حالة اعلامية منفلتة مشوهة، ذات نغمة واحدة ولون واحد، وغير مسبوقة حتى في عهد مبارك نفسه الذي سمح دائما بهامش، تباينت مساحته عبر السنين، من حرية الرأي بما في ذلك القدرة على توجيه الانتقاد لشخصه وسياساته. 

إلا أن مناقشتها اصبحت حتمية في هذا التوقيت، لسببين رئيسيين: أولا- اعتماد النظام سياسة الايغال في قمع الحريات وتكميم الافواه ردا على تصاعد الاعمال الارهابية. وثانيا- استخدام الانتخابات كورقة سياسية لارضاء الحليف الامريكي خارجيا، واقصاء اي معارضة سياسية داخليا.

- أما على صعيد الحريات والحقوق:

1- من الواضح ان هناك قناعة خاطئة تحكم سلوك النظام مفادها ان القمع والكبت يستطيعان مكافحة الارهاب. ويمكن بسهولة ملاحظة العلاقة الطردية بين الاجراءات القمعية والعمليات الارهابية خلال الشهور الماضية. وهو نهج ابتدعه مبارك نفسه. وبديهي لو ان تلك القناعة صحيحة لكانت نجحت في عهده، ولما اطاحته في النهاية ثورة بدأ الفلول حملة لمنع الاحتفال بها، وجعل الخامس والعشرين من يناير يوما للاحتفال بعيد الشرطة و»حماية السيسي»(..).

2- يوفر النظام دعما غير رسمي لاشاعة اجواء من الترهيب الجمعي لمعارضيه عبر وسائل الاعلام، ومثال ذلك الحملة الموتورة التي شنتها قناة تعتبر بوقا رسميا لـ «جهاز امن الدولة»، والتي طالبت بالقتل الفوري للمتهمين بالارهاب بلا قانون او محاكمات، وذلك في اعقاب الهجوم الارهابي المدان بكل قوة على جنود الجيش المصري في كرم القواديس.

3- بالرغم من ان مصر تلقت في اجتماع المجلس الدولي لحقوق الانسان في جنيف الاسبوع الماضي عددا قياسيا من الاسئلة والانتقادات والاحتجاجات، يتجه النظام الى اتخاذ اجراءات قمعية ضد عدد كبير من منظمات المجتمع المدني التي «لم توفق اوضاعها» حسب قانون لا يليق ببلد ثار على الظلم وقدم آلاف الشهداء والمصابين من اجل الحرية.

4 – بعد ان انشأ الاعلاميون المؤيدون للنظام «غرفة لصناعة الاعلام» تمنع الفضائيات من استضافة اي شخص ينتقد السيسي او حتى الحكومة، يتجه صحافيون من الاتجاه نفسه لانشاء (غرفة صناعة الصحافة) التي ستقوم بالدور نفسه، في بلد لم تعد تصدر فيه صحيفة معارضة واحدة، من بين مئات الاصدارات الصحافية المنتظمة، بالرغم مما يملكه من تراث صحافي عريق. وتاريخيا يدرك من يعرفون مصر جيدا انه كان دائما فألا سيئا ان يقوم الحاكم باغلاق الصحف المعارضة ومنع الآراء المخالفة، بدءا من الرئيس الراحل انور السادات الذي اغتيل بعد فترة وجيزة من اغلاق صحيفة (الشعب)، الى مبارك الذي اطاحه الشعب بعد اسابيع من اكبر حملة اغلاق للقنوات الفضائية.

- أما على صعيد الانتخابات البرلمانية المرتقبة:

1- فان «السيسي» ارتكب خطيئة سياسية عندما اعلن قبل يومين عن تاريخ شبه محدد لاجراء الانتخابات البرلمانية اثناء استقباله وفدا من رجال الاعمال الامريكيين، بدلا من ان يعلن ذلك اولا امام الشعب المصري. ولعل ذلك يشي بالهدف الحقيقي من اجراء الانتخابات، وهو الاستكمال الشكلي لخارطة الطريق، وبالتالي استكمال خطوات «شرعنة النظام»، وازالة ما بقي من تحفظات او عوائق امام الحصول على مساعدات اوروبية وامريكية بشكل خاص. وقد كانت هذه بالتحديد منهجية مبارك في اجراء الاصلاحات السياسية منذ العام 2005، اذ كانت جميعها مصممة لارضاء واشنطن وليس لتحقيق الديمقراطية، وكانت النتيجة هي انه بمجرد ان تحرك الشعب كانت واشنطن اول من تخلى عن حليفها القديم، وهو ما يشعره بالمرارة اكثر من ثورة الشعب ضده. 

2- ان الهاجس الرئيسي الذي يحكم مقاربة النظام بالنسبة الى تشكيل البرلمان المقبل هو عدم السماح بوجود اي معارضة للنظام بين نوابه. ولم يخف السيسي مخاوفه بهذا الشأن، عندما قال في تصريحات منشورة ان (الدستور منح البرلمان القدرة على اقالة الرئيس لذا يجب ان يأخذ الناس بالهم جيدا)، وعلى هامش حضوره اجتماعات الجمعية العامة قال (اذا وصل الاخوان الى البرلمان فان الشعب سيلغيه)، وهي تصريحات تمثل وصاية واضحة على الشعب في اختيار نوابه. وبالطبع يستدعي هذا النهج تلقائيا قرار نظام مبارك باسقاط كافة المعارضين تقريبا في الانتخابات البرلمانية الاخيرة في العام 2010.

فهل، إلى هذه الدرجة حقا، يمكن أن يفشل نظام «السيسي» في تعلم اي دروس من مصير«مبارك»؟

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السيسي مبارك

«السيسي»: تأخير الحل السياسي في ليبيا «سيؤدي إلى عواقب وخيمة»

«السيسي» بين طاغية كوريا وخليفة «الدولة الإسلامية»

«السيسي» يحذر من تحول اليمن إلى أرض خصبة لـ«الإرهاب»

«بؤر الإرهاب» في عيون «بن زايد» و«السيسي»

السيسي يحذر من التدخل الخارجي في ليبيا ويؤكد: لن نتهاون في أمننا القومي

تبرئة «مبارك» وأعوانه شرط خليجي رئيسي لدعم انقلاب «السيسي»

مظاهرات بالجامعات ومدرعات الجيش تغلق ميدان التحرير بعد مظاهرات قتل فيها ثلاثة