استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الخلاف حول الإمامة والخلاف في السياسة

الثلاثاء 18 نوفمبر 2014 05:11 ص

قبل أسبوعين أو أكثر بقليل، كتب الشاعر المبدع تميم البرغوثي مقالة في موقع «عربي ٢١»، يناقش فيها كيف تعامل كل من السنة والشيعة والخوارج مع موضوع الإمامة. المقالة مثيرة للاهتمام في فكرتها واستنتاجاتها، إلا أني أراها تعاني من عدة مشكلات سأحاول معالجتها في ما يلي: 

يبدأ البرغوثي بتقسيم مواقف المذاهب من الإمامة بالآتي: السنة يرون الإمامة تنعقد بإجماع الأمة، والشيعة يرون عصمة أشخاص محددين يعتبرونهم أئمة، أما الخوارج فيعتبرون النص هو مصدر الإمامة. ثم يقول إن السنة، بمرور الوقت، انتقلوا من إجماع الأمة الأحياء إلى إجماع السلف، الذي تحوّل إلى نص، أو نصوص، أصبحت معصومة، وبالتالي صاروا أقرب إلى الخوارج، وأنهم بتحولهم لعصمة النص تقلصت المساحة التي يلعبها دور العقل لديهم كثيراً. في المقابل انتقل الشيعة من التركيز على الصبر والشكر، إلى مذهب يدعو إلى الثورة على الظلم، ثم اختتم بالتأكيد على تجديد السنة وإعادة إحياء فكرة الإمامة المبنية على إجماع واختيار الأمة الأحياء. 

سأسجل ملاحظات عدة على هذا الطرح. أولى هذه الأطروحات هو أن كل المذاهب الثلاثة تنطلق من النص. فإجماع الأمة إنما عرف من النص، وكذلك القول بعصمة الأئمة إنما عرف بوجود نص على عصمتهم. فكل المذاهب الإسلامية إنما بررت واشتقت مواقفها من قضية الإمامة بالاعتماد على تأويل نصوص محددة، فلماذا إذاً يتم حصر النص فقط بالخوارج؟ باعتقادي أن الإجابة تكمن في التضاد الذي يضعه البرغوثي بين النص والعقل، وهذه هي النقطة الثانية.

فالبرغوثي يقول إن - وما بين معقوفتين كلامه - «القول بحاكمية النص يقتضي بالضرورة رفض تأويل البشر له والتأكيد على معناه الحرفي المباشر، فإن وجد في النص بعض الغموض، قالوا بالوقف، أي بالتوقف عن إعمال العقل فيه والاعتراف بأن العقل الإنساني غير قادر على فهم كنهه».

ولأن النص، أي نص بالنسبة للبرغوثي، خاضع لتأويل البشر حتماً، فإن إطلاق سلطة النص «إنما هو إطلاق سلطة بشر على بشر، وهو إطلاق سلطة مجموعة واحدة من البشر على سائر المجموعات، وهو لذلك نظام يقلل من حرية الناس، ومن قلت حرية قومه فسدت شوراه، ومن فسدت شوراه فسد قراره، ومن فسد قراره، إن كان حاكماً، هلك وأهلك». 

هذه النتيجة تنبه من ذلك التناقض المفترض بين العقل والنص، وهو فكرة قديمة وضع أول حجرات تجاوزها ابن تيمية، وهو بالمناسبة أكثر من يتهم ويلام على كل الحركات التي توصف بأنها «نصوصية» و«حرفية». يمكن باختصار القول إنه لا يوجد عقل مستقل عن النص، ولا يوجد نص مستقل عن العقل، وكل تفكير بعقل هو تفكير بنص بالضرورة. 

ففي الدول الديموقراطية على سبيل المثال، نجد أن النص - سواء من نص الدستور إلى نص أتفه قانون - يكون هو الحاكم على النقاشات والحوارات، وفي هذه الدول يكون منتهى طموح النائب المنتخب هو الخروج بنص يتضمن خياراته السياسية المفضلة. هذه الدول هي التي يقال لنا إنها أكثر الدول الحرية، ولم تتعارض حريتها - والتي بالمناسبة تكتسب قوتها من كونها «منصوص» عليها - مع وجود هذا الارتهان للنصوص وسلطاتها، بل لنمضي خطوة للأمام، فحتى المذهب الشيعي الذي يصف تحوله البرغوثي بالثوري، فإن هذا التحوّل في جزء منه نتيجة عملية إعادة تأويل للنصوص.

لننتقل الآن إلى النقطة الثالثة، وهي تتعلق بدور الأفكار في التاريخ، ما هي العلاقة الحقيقية بين أقوال المذاهب السياسية وبين تجارب الأمم والدول؟ فإذا أخذنا السنة مثالاً، سنجد أن إندونيسيا، أكبر بلد سني مسلم في العالم، ديموقراطية. وفي محيطنا الإقليمي سنجد أن تركيا - المسلمة السنية - ديموقراطية أيضاً. فإن كان لمواقف المذاهب الإسلامية من الإمامة تأثير على التجربة السياسية للأمة والدولة، فكيف نفسر هذا التنوع في التجارب؟ 

صحيح أن مقالة البرغوثي ليست بحثاً علمياً، لكن اختزال مذهب ما بقول واحد، هو غالباً ليس أمراً صحيحاً. فداخل المذهب السني هناك تيارات متعددة ومتنوعة حول مسألة الإمامة، واختزالها بموقف واحد أمر غير صحيح ولا دقيق. فكما أن هناك من يقول بالتغلب، هناك من يقول بالاختيار، وكما أن هناك من يجعل شرط الخروج هو الكفر، هناك من يجعله الظلم.

وكل هذه الجوانب من عدل وكفر واختيار وتغلب إنما تثبت بالنصوص، والذي لا تزداد الخيارات فيه إلا إذا ما تمت قراءتها بحرية. وعلى عكس ما يقرر الأستاذ تميم، فإن الحرية هنا لا تكون على حساب النص، بل من خلاله وعبره، أي هي، بمعنى آخر، الحرية في تأويله والتعاطي معه. 

* سلطان العامر كاتب سعودي.

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

الإمامة الخلافة السنة الشيعة الخوارج

زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» يدعو لشن هجمات في السعودية

عميل سابق لـ«CIA»: حتى لو قتلنا «البغدادي» فمن يخمد نار الغضب السني؟

«الدولة الإسلامية» تُجهز «جيل الخلافة» القادم

بشير نافع يكتب: في مسألة الخلافة والجدل الذي أثارته

القرضاوي يعتبر إعلان الخلافة في العراق "باطلا شرعا"

عن مسألة السنة والشيعة والخوارج

ليبيا والعراق: هندسة سياسية جديدة