عميل سابق لـ«CIA»: حتى لو قتلنا «البغدادي» فمن يخمد نار الغضب السني؟

الأحد 2 نوفمبر 2014 11:11 ص

هناك احتمال كبير بأن يكون هناك في مركز القرار الأمريكي بواشنطن من خرج بخطة تقترح قتل زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» في سياق محاولات القضاء على التنظيم، ومن ثم قتل كبار قادته.

ليس لدي شك من أن الفكرة طرحت على مائدة البحث على أساس أنها عملية غير مكلفة وتمثل بديلا ناجحا عن إرسال قوات لغزو العراق وسوريا، ولكن إذا كانت «الدولة الإسلامية» فعلا النموذج الأكثر تطورا لتنظيم «القاعدة» فلا يمكننا سوى تذكر أن اغتيال زعيم ذلك التنظيم، «أسامة بن لادن»، رتّب الكثير من النتائج المتضاربة وترك الكثير من الدروس والعبر للإدارة الأمريكية.

الحقيقية هي أن الاغتيال عملية شديدة التعقيد وقد تترك تداعيات سلبية بحيث تتحول إلى دواء أخطر من المرض نفسه، خاصة إذا كنا نستخدم هذا الدواء دون أن يكون لدينا صورة واضحة عن المرض الذي نحاول معالجته.

قد نشعر بالراحة عندما نصف «الدولة الإسلامية» بأنه تنظيم دموي ووحشي، وأنه سيسقط بشكل تلقائي بسبب تعطشه الفائق للعنف والدماء، ولكن رغم استخدام التنظيم للعمليات الإرهابية على نطاق واسع إلا أن وصف «الإرهاب» لا يجب أن يحجب عنا فهم الصورة الكاملة، وهي أن «الدولة الإسلامية» تنظيم يعبر بشكل واضح عن طائفة إسلامية مستاءة، هي التيار السنيّ المتشدد، فالسنة يرون أنهم يتعرضون للكثير من الخسائر السياسية، وإذا لم يتحركوا للرد فإن الخسائر ستكون أكثر فداحة.

وبالفعل، فإن السنة -ورغم أنهم يشكلون الغالبية الساحقة من المسلمين- إلا أنهم خسروا الكثير في الأعوام الماضية، فغزو العراق حرم السنة بذلك البلد من ثرواتهم وسلطتهم، وما فاقم المشكلة بالنسبة لهم قيام أمريكا بتسليم السلطة بعد ذلك إلى حكومة طائفية شيعية كانت مصممة على الانتقام منهم.

أما في سوريا، فيواصل النظام الحاكم الذي تسيطر عليه الأقلية العلوية قتل وذبح أعداد كبيرة من معارضيه السنة، وفي اليمن، قام فصيل شيعي آخر، هو التيار «الحوثي»، بالاستيلاء على العاصمة صنعاء.

الغارات التي تنفذها الطائرات الأمريكية على تنظيم «القاعدة» وحركة «طالبان» في باكستان، وهذا لا يجب أن يحول دون تمكننا من رؤية أن هناك أقلية سنيّة – ولكنها عددها ينمو باضطراد – ترى بتلك التنظيمات أقرب خيار متوفر لديها للمقاومة. حتى في مصر السنيّة بالكامل، يحاول الجيش سحق جماعة «الإخوان المسلمين»، القلب النابض للإسلام السياسي السني.

ليس هناك بالتأكيد مؤامرة أمريكية ضد الإسلام السني، ولكن المشكلة هي أن تنظيم «الدولة الإسلامية» مزروع في وسط طائفة ترى أن الكيل قد طفح، يمكن للبعض أن يصف الأمر بأنه «انتفاضة سنيّة» أو «تفجر غضب»، ولكن بخلاف «الانتفاضة الفلسطينية» ضد السلطات «الإسرائيلية»، فإن موجة الغضب السنيّة تنذر بأنها ستكون أكثر تدميرا وقوة، الإسلام السني الصاعد سيسير بسرعة كبيرة للاصطدام بنظيره الشيعي، لتتفجر إمكانية اندلاع حرب لمئة سنة.

ورغم أن معظم السنة لا يشاركون «الدولة الإسلامية» رؤيتها الجهادية التي تؤمن بنهاية العالم، إلا أن التعايش مع الشيعة يبدو كخيار يفقد جاذبيته بالنسبة إليهم يوما بعد يوم، فقبل سنة، عندما بدأت «الدولة الإسلامية» بالتمدد بين العراق وسوريا، سألت عددا من قادة القبائل ورجال الجيش العراقي السابق بحقبة «صدام حسين» عن سبب عدم تدخلهم لمقاتلة التنظيم، وكان جوابهم أنهم على استعداد للتحالف مع أي جهة، بما في ذلك مجانين «الدولة الإسلامية»، من أجل طرد حكومة بغداد الشيعية من مناطق السنة.

وقال بعضهم إن الانفصال عن العراق خيار جدي، بل إن بعضهم وصل إلى حد القول بأنه يتطلع إلى الانضمام إلى السنة في سوريا وتشكيل دولة موحدة، أما بالنسبة للجهاديين و«الدولة الإسلامية»، فإنهم سيتصدون لهم عندما يحين الوقت لذلك.

قد تبدو الاستعانة بالجهاديين أمرا شديد الخطوة بالنسبة لنا، ولكنه يظهر مدى عمق الهوة غير القابلة للردم بين السنة والشيعة، باستطاعتنا عسكريا تدمير «الدولة الإسلامية» والقضاء على قادته، ولكن الغضب السني سيبقى موجودا، وستظهر شخصيات أخرى لتتصدر المشهد.

لقد أسس اتفاق «سايكس بيكو» عام 1916 الحدود الحالية في الشرق الأوسط، عبر خطوط رسمها بشكل سري مسؤولون فرنسيون وبريطانيون، وهذه الحدود ليس لديها أي صلة على الإطلاق بالوقائع الديمغرافية والثقافية، ما يثير التساؤل حول مدى وجود مصلحة لدينا في حماية هذه الحدود عبر شن حروب ليس لها نهاية أو عبر عمليات الاغتيال السياسي.

الحقيقة أننا نعيش ما يمكن يشبه فترات النزع الأخير للإمبراطورية العثمانية، وإذا كان الأمر كذلك، فإن عمليات الاغتيال وقتل الشخصيات المؤثرة من خلال الضربات الجوية لن يقودنا إلى شيء.

*«روبرت بابر»، محلل شؤون الأمن القومي الأمريكي لدى CNN والعميل السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، ومؤلف كتاب «الجريمة الكاملة: 21 قاعدة لعمليات الاغتيال».

المصدر | سي إن إن عربية

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية العراق سوريا الولايات المتحدة سايكس بيكو الإخوان المسلمين القاعدة أسامة بن لادن تركيا

أحمد مطر يعود بقصيدة عن "الدولة الإسلامية": رُسُلُ التَّخلُّفِ في بلادِ الضّادِ يَستنكرونَ «خِلافةَ البغدادي»

«أوباما» لقادة جيوش التحالف: الحملة على «الدولة الإسلامية» ستكون "طويلة الأمد"

وزير الدفاع الأمريكي: «كوباني» تمثل مشكلة صعبة والمعركة ضد «داعش» طويلة الأمد

«أوباما»: المخابرات الأمريكية استهانت بتنظيم «الدولة الإسلامية»

مصطفى اللباد: خطبة «الخليفة» أبي بكر البغدادي وخرائط المنطقة

أمريكا: لا مبرر للشك بصحة تسجيل فيديو البغدادي زعيم الدولة الإسلامية

عقب مبايعته "خليفة" ... البغدادي: قوام الدين كتاب يهدي وسيف ينصر

«الدولة الإسلامية» يوفد سعوديا إلى ليبيا لتلقي البيعة عن «البغدادي»

«أبوبكر البغدادي» يحتل المركز 54 على قائمة الشخصيات الأكثر نفوذا في العالم!

الظاهرة الداعشية والأزمة الفكرية

مقتل قياديين بـ«الدولة الإسلامية» في قصف للتحالف الدولي على الأنبار

جماعة «أنصار بيت المقدس» تبايع «البغدادي» وتنضم لـ«الدولة الإسلامية»

مسؤولون أمريكيون: ليس لدينا معلومات حول إصابة «البغدادي»

زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية» يدعو لشن هجمات في السعودية

الخلاف حول الإمامة والخلاف في السياسة