«الدولة الإسلامية» تُجهز «جيل الخلافة» القادم

الأحد 2 نوفمبر 2014 10:11 ص

يسعى تنظيم «الدولة الإسلامية» الآن إلى تشكيل جيش من الأطفال على أمل أن يستمر هؤلاء الأطفال المدربون في محاربة الغرب في السنوات المقبلة واستكمال مشروع «الخلافة» الذي بدأ.

يتقدمون الصفوف الأمامية لمشاهدة قطع الرؤوس والصلب في الرقة – معقلهم الرئيسي – بسوريا، ويتم استخدامهم في عمليات نقل الدم عندما يُصاب أحد عناصر «الدولة الإسلامية»، ويتلقون أموالا للإبلاغ عن منتقدي «الدولة الإسلامية»، ويتم تدريبهم ليصبحوا مُفجِّرين انتحاريين؛ هؤلاء أطفال لا تتجاوز أعمارهم 6 سنوات لكنهم يتحولون خطوة بخطوة إلى جنود «الدولة الإسلامية» الذين تجهزهم للمستقبل في خطة استراتيجية موجودة على أولويات التنظيم.

ووضعت «الدولة الإسلامية» نظاما دقيقا لتجنيد الأطفال يشمل غرس الأفكار المُتشددة في عقولهم، ثم يبدأون تعليمهم مهارات القتال البدائية، مسلحو التنظيم يكشفون بذلك عن نواياهم واستعدادهم لحرب طويلة ضد الغرب، ويعلقون الآمال على المحاربين الشباب لاستكمال القتال حتى سنوات مقبلة من اليوم.

ورغم أنه من الصعب إيجاد إحصائيات دقيقة بشأن عدد الأطفال المُجنّدين بالتنظيم، إلا إن قصص اللاجئين والأدلة التي جمعتها «الأمم المتحدة» وجماعات حقوق الإنسان والصحفيين تُشير إلى أن غرس الأفكار المتطرفة والتدريب العسكري للأطفال يتم على نطاق واسع.

مشاركة الأطفال في الحروب ليست بالأمر الجيّد، هناك العشرات من الجيوش والمليشيات الإفريقية تستخدم الأولاد الصغار كمحاربين؛ والسبب راجع - بحسب «فورين بوليسي» - إلى أن غالبية الأطفال يفتقرون تماما إلى البوصلات الأخلاقية التي توجههم، ومن السهل إقناعهم بارتكاب أعمال عنف ووحشية.

ويُشكّل المقاتلون الشباب في «الدولة الإسلامية» تهديدا بالغا على المدى الطويل؛ لأن إبقاءهم بعيدا عن مدارسهم النظامية يورطهم في اتباع فكر التنظيم المسلح الذي يقوم على إذلال الآخرين وإقناعهم بنبل القتال والموت في سبيل الدين.

وصرح الجنرال «أج آر ماكماستر» - مستشار قائد القوات الأمريكية في العراق سابقا - أن «الدولة الإسلامية ترفض حصول المواطنين في أي مناطق تسيطر عليها على تعليم وتثقيف إلا ما تضعه هي، ليس هذا فحسب، بل يغسلون عقولهم، هم متورطون في استغلال الأطفال على نطاق واسع، وهم حريصون على تجريد الشباب من إنسانيته بشكل منظم، والأمر سيكون مشكلة تمتد لأجيال».

أما «إيفان سيمونوفيتش» - الأمين العام المساعد لـ«الأمم المتحدة» - والذي عاد مؤخرا من زيارة إلى العراق فإن هناك «برنامجا تجنيديا كبيرا وناجحا بشكل خطير»، وذلك بعد مقابلته العراقيين المُهجَّرين في محافظات بغداد ودهوك وأربيل.

وتابع أنه عرف من مجموعة من الصحفيين في «الأمم المتحدة» أن مقاتلي «الدولة الإسلامية» يمتلكون القدرة التلاعب بعقول الرجال والأطفال الصغار، مضيفا «يرسمون صورة ذهنية لهم بأن المنتصر الذي يموت أثناء المعركة سيدخل مباشرة إلى الجنة»، مُعربا عن دهشته أثناء مقابلته أمهات هؤلاء الأولاد الصغار واللاتي تساءلن بسذاجة: «لا نعرف ما علينا فعله. أبناؤنا يتطوعون للعمل معهم ولا يمكننا منعهم».

على الخطوط الأمامية في سوريا والعراق؛ الأطفال الذين يلتحقون بـ«الدولة الإسلامية» أو تختطفهم هي تقوم بإرسالهم إلى معسكرات دينية وتدريبية مختلفة بناء على أعمارهم. وفي المعسكرات يتعلمون كل شيء؛ بدءًا من تفسيرات علوم الشريعة طبقا لأيدلوجية التنظيم، وانتهاءا بالتعامل مع السلاح بأنواعه المختلفة. كما يتعلمون قطع الرؤوس بالتدريب على دُمىً صغيرة؛ وخاصة في سوريا.

وبحسب «شيلي ويتمان» - المدير التنفيذي لـ«مبادرة ويليام داليري» لاستئصال الأطفال الجنود وعدم استخدامهم  - فإن «الدولة الإسلامية تُرسل الأطفال إلى الميدان لاستخدامهم كدروع بشرية على الخطوط الأمامية، بالإضافة إلى الاعتماد عليهم كمصدر لنقل الدم للمصابين من عناصر التنظيم أثاء المعارك».

وأخبر شهود عيان من مدن عراقية في الموصل وتلعفر «الأمم المتحدة» أن هناك أطفال صغار يحملون الأسلحة في شوارع المدن مُرتدين زيّ «الدولة الاسلامية»، يقومون بدوريات في الشوارع واعتقال مطلوبيين للتنظيم.

وتلقّى خبراء حقوقيون بـ«الأمم المتحدة» تقارير تؤكد وجود أطفال بين سن 12 و 13 عاما يتدربون عسكريا تحت قيادة «الدولة الإسلامية» في الموصل؛ بحسب ما أفاد تقرير مشترك بين مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وبعثة «الأمم المتحدة» في العراق.

وأضاف التقرير أن حيَّ «الشرقاط» بمحافظة «صلاح الدين» أُقيم فيه معسكر لتدريب الأطفال الجنود الذين تزايدت أعدادهم بشدة في الأسبوع الأخير من أغسطس/آب الماضي، بالإضافة إلى وصول عدد كبير من الأطفال والمراهقين الذين اختطفهم التنظيم بعد أن وجدهم مخمورين في أحياء تابعة لهم، وبحسب الروايات فإن عددا من هؤلاء الشباب أُجبروا على الصفوف الأمامية ليكونوا بمثابة دروع بشرية تحمي جنود التنظيم، كما أُجبروا على التبرع للدم للمصابين.

واستند التقرير لما نشره شخص سمّى نفسه «أبو إبراهيم الرقاوي» (نسبة إلى مدينة الرقة السورية) قام بنشر مشاهد بشعة عن ذبح وقتل المدنيين في الفترة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، و«تويتر»، بالإضافة إلى ثلاثة رجال آخرين يعيشون الآن خارج سوريا، و12 شخصا داخل «الرقة» يساهمون بنشر الصور والمعلومات حول ما يحدث داخل المدينة.

وتحدث «الرقاوي» عبر «سكايب» لصحيفة «فورين بوليسي» عن المراهقين بأنهم يخضعون حاليا لتدريبات تجهزهم للذهاب للقتال في منطقة «عين العرب/كوباني» الكردية قرب الحدود السورية-التركية، مُضيفا: «الدولة الإسلامية طورت برنامجها لتدريب المراهقين؛ والذي يشمل تعليم مهارات القتال».

وينتشر الفقر في مدينة «الرقة» السورية، وهو الأمر الذي تعتمد عليه «الدولة الإسلامية» في إقناع الآباء بإرسال أولادهم مقابل مبلغٍ من المال؛ بحسب أبو إبراهيم مُضيفا أنه مع الظروف التي تعيشها المدينة وسيطرة التنظيم عليها فلا يجد الآباء بدا من إرسالهم.

ويوجد في محافظة «الرقة» – التي تُعتبر معقل التنظيم - العديد من معسكرات تدريب الشباب المعروفة في المحافظة؛ بما في ذلك معسكر «الزرقاوى» ومعسكر «أسامة بن لادن» ومعسكر «الشركراك» ومعسكر «الطلائع» ومخيم «الشريعة».

وبحسب «الرقاوي» فإن هناك بين 200 و 300 طفل في معسكر «الشريعة» المخصص للأطفال دون سن السادسة عشر. وقام «الرقاوي» بنشر صور لتلك المعسكرات والأطفال يتدربون بها ويأكلون ويمرحون بعد أن أنجزوا مهام طُلبت منهم. وأضاف أنه في حالة التهيؤ لمعركة كبيرة – مثل عين العرب - فإن التدريب يزداد قوة.

وهناك أيضا الكثير من الأدلة على توريط الأطفال في مثل هذه التدريبات في العراق. فقد نقل «فريد آبراهامز» - المستشار الخاص بمنظمة حقوق الإنسان  - عن تحقيق أجراه مع نازحين أيزيديين كشفوا عن أن تنظيم «الدولة الإسلامية» قام بخطف الأطفال واصطحابهم إلى معسكراتهم للتدريب الديني والعسكري.

وقال رجل أيزيدي تمكن من الهرب لم تسمّه الصحيفة: «شاهدت المسلحين يختطفون 14 صبيا تتراوح أعمارهم بين 8 و12 عاما، اصطحبوهم إلى القاعدة العسكرية للتنظيم التي احتلوها بعد السيطرة على (سنجار) ليعلموهم كيف يكونوا جهاديين».

ونقلت «فورين بوليسي» عن رجل تابع للتنظيم علّق على شريط فيديو لصبي يبلغ من العمر تسع سنوات يتدرب على استخدم بندقية الكلاشينكوف بالقول: «بالنسبة لنا؛ نرى أن الجيل القادم من الجهاديين الشباب سيكونون بالتأكيد جيل الخلافة الذي تطمح إليه الدولة الإسلامية»، ويظهر في شريط الفيديو صبي يبلغ من العمر 9 سنوات يتعلم كيفية استخدام بندقية الكلاشينكوف.

ووفقا لمتحدث باسم «الدولة الإسلامية» فإن هناك أعمار يتم إرسالها إلى «مخيم الشريعة» لمعرفة المزيد عن الدين، ولكن الأعمار التي تتجاوز 16 يمكنهم أن يذهبوا إلى معسكرات التدريب.

مواقع التواصل الاجتماعي

واعتمدت «الدولة الإسلامية» على مواقع التواصل الاجتماعي لإقناع الناس من جميع أنحاء العالم بالسفر إلى العراق أو سوريا للانضمام إلى المجموعة، ويشمل جزء من هذا الجهد استخدام الأطفال كأدوات دعائية، ونشر الصور على مواقع وسائل الإعلام الاجتماعية من خلال ارتدائهم زي «الدولة الإسلامية» ويسيرون جنبا إلى جنب بوصفهم مقاتلي المستقبل، وذكر تقرير «الأمم المتحدة» أنه في منتصف أغسطس/آب دخلت «الدولة الإسلامية» إلى مستشفى للسرطان في الموصل وأجبرت طفلين على الأقل على حمل علم التنظيم لترفع الصورة كدعاية لها على الإنترنت".

استخدام التنظيم لشبكة الإنترنت كوسيلة للتجنيد أثبتت كفاءتها؛ حيث جذبت أكثر من ثلاثة آلاف أوروبي، وأفادت «وكالة الاستخبارات الأمريكية» أنها على علم بأن عشرات الأمريكيين يسافرون للانضمام للتنظيم، وتم احتجاز ثلاث فتيات الأسبوع الماضي سافرن من «كلورادو» إلى ألمانيا للانضمام إلى «الدولة الإسلامية» في سوريا، وقد سلكوا طريق التطرف بسبب الإنترنت بحسب التحقيقات.

وكشف فيديو لـ «فايس نيوز» عن رجل بلغاري سافر للرقة السورية مع ابنه البالغ من العمر ست أو سبع سنوات للانضمام؛ حيث وجّه المحاور سؤالا للولد عن رغبته في أن يكون «جهاديا» أم «انتحاريا» فأعلن عن رغبته في الأُولى.

وفي حديث مع «فورين بوليسي» قال «الرقاوي» أنه ما زال يعيش في «الرقة» – مسقط رأسه ولن يبرحها - وقد رأى هناك امرأة أمريكية وزوجها الجزائري وابنتهما البالغة من العمر أربع سنوات تقريبا، كما رأى مقاتلا فرنسيا مع طفليه؛ أحدهما أشقر البشرة ذات ست سنوات، وبنت في ربيعها الثاني، مؤكدا: «نرى الكثير من الأجانب في المدينة. إنها صدمة».

ويضيف «الرقاوي» أن الأطفال في العراق وسوريا لا يتم غرس الفكر المتطرف في عقولهم فحسب بل يتعرضون لمستويات من العنف يوميًا؛ ومنها مشاهدتهم لمناظر الصلب، والنتيجة أنهم أصبحوا معتادين مثل هذه المناظر وغيرها من قطع الرؤوس دون خوف أو امتعاض؛ مُشيرا بحسرة: «الدولة الإسلامية تقتل طفولتهم وتدمّر قلوبهم».

وتقول «ميستي بوسويل» - من هيئة إنقاذ الطفولة – «قد لا تكون هناك مبالغة إذا قلنا أننا نفقد جيلا كاملا من الأطفال في هذه المأساة»، مُضيفة أن المقابلات التي أُجريت مع اللاجئين كشفت عن حجم ما تعرضوا له من معاملة وظروف جعلتهم في حالة نفسية وسلوكية يُرثى لها واتسمت سلوكياتهم بالعنف تجاه الآخرين.

وتابعت: «التقيت بأطفال توقفوا عن النطق، وآخرين امتنعوا عن الكلام شهور بسبب فظاعة ما شاهدوه؛ هؤلاء محظوظون لمجرد أنهم عبروا الحدود بسلام»، مُضيفة أنه مع الوقت ستتم معالجة هؤلاء الأطفال وإخراجهم من الحالة التي وصلوا لها، ومُعقّبة: «المشكلة في الأطفال الذين لم يتمكنوا من الخروج وما زالوا يعانون يوميًا. آثار ما يعانونه ستستمر لفترة طويلة».

وأردفت أن الكثير من اللاجئين لديهم رغبة حقيقية في العودة من حيث أتوا لكنهم بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في مناطقهم ويحملون بحلول السلام والأمن.

وعندما سُئلت عن لاجيء مدينة «سنجار» أجابت أنها سمعت منهم الكثير، واندهشت لما سمعته من بشاعة ووحشية عانوها، مُضيفة أنهم أكدوا عدم رغبتهم في العودة لما شاهدوه وعاشوه هم وأطفالهم، وتمنّوا أن يستطيعوا نسيان ما رأوا وقاسوا.

 

المصدر | كيت برانين - فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية العراق سوريا الأمم المتحدة حقوق الإنسان

«المونيتور»: «الدولة الإسلامية» تقرب بين السعودية وإيران ولكن تقدم العلاقات بطيء

أيدلوجية «الدولة الإسلامية» أسسها التعليم السعودي!

استطلاع رأي لـ«الخليج الجديد»: 66% غير راضين عن سياسات «الدولة الإسلامية»

«الدولة الإسلامية» تستقدم مقاتلي «النخبة» من سوريا وتطلب توظيف «هاكرز»

«معهد واشنطن»: 8% فقط من السعوديين والمصريين يدعمون «الدولة الإسلامية»

«أوباما» لقادة جيوش التحالف: الحملة على «الدولة الإسلامية» ستكون "طويلة الأمد"

لماذا تخطط «الدولة الإسلامية» لإصدار عملة لن يتم تداولها؟

الدينار الذهبي الإسلامي .. هل يحقق «داعش» الأحلام أم يتلاعب بها؟!

الخلاف حول الإمامة والخلاف في السياسة

عن مسألة السنة والشيعة والخوارج

«حزب التحرير الإسلامي»: خلافة «الدولة الإسلامية» باطلة وغير شرعية

«ريـما الجـريـش» .. أم سعودية تُعلم أطفالها حمل السلاح والقتال

بالصور: «الدولة الإسلامية» يبدأ تداول الفئة الذهبية من عملته الجديدة