لماذا تخطط «الدولة الإسلامية» لإصدار عملة لن يتم تداولها؟

الأحد 16 نوفمبر 2014 08:11 ص

أعلنت «الدولة الإسلامية» الخميس الماضي عن اعتزامها بدء صك عملتها الخاص. وجاء في خطة «الدولة الإسلامية» أنه سيكون هناك دينار من الذهب والفضة والنحاس على غرار تلك الدنانير التي كانت وسيلة التبادل في القرون الوسطى، القوة الشرائية لكل عملة ستكون مساوية لوزن المعدن الذي صُنعت منه.

وستحمل العملات الجديدة للتنظيم المُسلح الذي يُسيطر على مناطق بالعراق وسوريا صورًا لسنابل القمح، وسيفًا ودرعًا، وخريطة العالم التي تُعدّ ترجمة لطموح التنظيم الراغب في بسط نفوذه على جميع العالم، وقد أنشأت «الدولة الإسلامية» - أو كما يُطلق عليها داعش - مؤخرًا وزارة الخزانة الخاصة بها؛ والتي ستكون مسئولة عن العملة، وستصدر بيانات قريبًا لتوضيح آلية التعامل بالعملة الجديدة.

المخطط يهدف إلى تعزيز ادعاءات التنظيم أنه أمة شرعية ودولة عاملة، وليس مجرد مجموعة من الأراضي التي تديرها عصابة من الإرهابيين. ولكن من المرجح أن النتيجة ستكون عكس ذلك تمامًا. ولكي تكون أي عملة ناجحة فإنه لابد أن يطئمن من يستخدمها إلى كونها ستحافظ على استقرارها، وهذا الاستقرار مطلوب في كل المراحل التي تمر بها العملة؛ بدءًا من الصك، وحتى التداول، ومرورًا بقبول الناس التعامل بها، وفي حالة الموافقة على استخدام عملة ما فإن الناس بحاجة لبعض الضمانات التي تجعلهم على يقين بأنهم إذا قدموها في مقابل خدمة أو سلعة فإن الطرف الآخر لن يمتنع عن أخذها.

من البديهي جدا أن عملة «الدولة الإسلامية» ستفشل إلى حد كبير، وعلى الرغم من أن التنظيم يمتلك جيوبًا كبيرة داخل العراق وسوريا، لكن سيطرة التنظيم على المنطقة غالبًا ما يتغير بين مدٍ وجذر نتيجة الاشتباكات والحروب التي يخوضها. ولم تذكر «الدولة الإسلامية» بعد أين سيتم صك الدينار، ما يدل على المشاكل العديدة المرتبطة ببناء الثقة للعملة التي تصدرها منظمة إرهابية تأسس حلف دولي لاستهدافها عن طريق الجو، فضلاً عن الحرب البرية التي دخلتها الحركة ولا يُعرف لها نهاية. وبطبيعة الحال؛ فإن المجتمع الدولي لن يقبل عملة «الدولة الإسلامية».

وفي الحقيقة؛ فإن مشكلات الدينار الذي تعتزمه «الدولة الإسلامية» إصداره بالغة لدرجة أنه قد لا يستحق حتى أن يُطلق عليه مصطلح «مال»، ولكي يقول الاقتصاديون أن هذا الشيء تنطبق عليه كلمة «مال» فإنه يجب أن يعمل من خلال ثلاث طرق: وسيلة تبادل، ووحدة حسابية، ووقيمة احتياطية.

وبالعرض على الطرق الثلاثة؛ فمن الممكن أن يخدم دينار «الدولة الإسلامية» بالفعل كقيمة احتياطية - وهو الأمر الذي يحتفظ بقيمته مع مرور الوقت – وهذا فقط لأنّ التنظيم يربط قيمة النقود بشكل مباشر بقيمة المعادن الثمينة التي تُصنع منها. وعلى عكس السحر النقدي الذي لا قيمة له؛ لأنه ببساطة مجرد قطع من الورق لا تحصل على قيمتها إلا بعد أن تختمها وزارة الخزانة الأمريكية بوجه أندرو جاكسون أو بنيامين فرانكلين، فإن النقود المعدنية للدولة الإسلامية قيمتها في معادنها، لكنها ستفقد تلك القيمة في حال طُبع عليها شعارات الجماعة المتطرفة المكروهة. الحاجة لغسيل أموال «الدولة الإسلامية» في مناطق خارج سيطرة التنظيم ربما يُحفّز الناس لإذابة العملات لإخفاء ما يدّل على صلتها بالتنظيم، وهذا بدوره من شأنه أن يختزل وظائف أخرى للعملة باعتبارها وحدة نقدية.

عملة «الدولة الإسلامية» قد تكون بمثابة وسيلة تبادل مناسبة - وحدة من خلالها يمكن تداول السلع والخدمات دون اللجوء إلى المقايضة - داخل معاقل «الدولة الإسلامية». ولكن التحول في سيطرة «الدولة الإسلامية» الإقليمية وعدم الرغبة الدولية العامة للتجارة مع التنظيم يجعل من المستحيل تقريبًا استخدام تلك القطع النقدية المصكوكة خارج المناطق التي يسيطر التنظيم. مرة أخرى؛ استخدام عملة متميزة من شأنها أن تجعل غسيل الأموال القادمة من «الدولة الإسلامية» أكثر صعوبة؛ وليس العكس.

وأخيرًا، فإنه حتى في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم المُسلح، فإن دينار «الدولة الإسلامية» من شأنه أن يكون في أفضل وحدة حسابية دون المعيار المطلوب - معيار يتم مقارنة أسعار السلع والخدمات وأي شيء آخر يجري تبادله بالدينار. ولن يكون لدى المستخدمين إحساس كبير بشأن ما إذا كان دينار ذهب واحد من عملة «الدولة الإسلامية» باعتباره عملة وليدة مساويًا لقيمة زوج من الأحذية، أو بندقية كلاشينكوف، أو 50 برميلاً من النفط. إن معيار الذهب قد يساعد، لكن المستهلكين اليوم من البديهي لديهم ما يجعلهم يشعرون أن قيمة ما في أيديهم تكمن في الذهب وليس في العملة المعمول بها. وبالنظر إلى تنظيم الدولة الإسلامية فإنه بصفة عامة يحاول أن يحكم كدولة حقيقية وليس كعصابة فوضوية، وقد يحاول أن يستخدم أسعارًا ثابتة للخدمات، والتي ربما تساعد العملة على العمل بشكل أفضل كوحدة حسابية. لكن طبيعة السيطرة الإقليمية لتنظيم «الدولة الإسلامية»؛ والتي تتسم بالتشتت والتقلب وانعدام الثقة بشأن حظوظه الواسعة وحداثة العملة يجعل تلك العملة أكثر تقلبًا بدلاً من أن تكون شيئًا مثاليًا لمؤشر الأسعار.

باختصار؛ من الصعوبة بمكان توقع أن دينار «الدولة الإسلامية» سيحظى بالاستقرار المطلوب، أو يصبح عملة فاعلة أو حتى مال حقيقي من المنظور التِقني. في حالة صك هذا الدينار فإنه لن يعطي شرعية لتنظيم «الدولة الإسلامية» ليصبح دولة كما يعتقد، لكنه شيءٌ سيزيد من عدم شرعيته.

المصدر | جوستين درينان - فورين بوليسي

  كلمات مفتاحية

عملة الدولة الإسلامية الدولة الإسلامية

«الدولة الإسلامية» تُجهز «جيل الخلافة» القادم

الإعلان عن خريطة "دولة الخلافة".. وجهادي سابق يزعم: 10 آلاف مقاتل في ليبيا انضموا لداعش

الدولة الإسلامية تعلن قيام "الخلافة" وتبايع "البغدادي" خليفة للمسلمين

الدينار الذهبي الإسلامي .. هل يحقق «داعش» الأحلام أم يتلاعب بها؟!

بالصور: «الدولة الإسلامية» يبدأ تداول الفئة الذهبية من عملته الجديدة