هل تنجح المصالحة العربية في ظل «المتربصين» والتحديات؟

الخميس 20 نوفمبر 2014 10:11 ص

بعد نجاح القمة الخليجية التي استضافتها السعودية مؤخرا، والتي أثمرت عودة سفراء الرياض والمنامة وأبوظبي الى الدوحة، ما اعتبر إشارة إيجابية طال انتظارها، في اتجاه إعادة ترتيب البيت الخليجي، جاء بيان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز أمس الذي دعا مصر للانضمام للمصالحة الخليجية، واستجابة القاهرة السريعة، تكريسا لرغبة واضحة في فتح صفحة جديدة عنوانها التضامن العربي. 

ورغم تفادي البيانات الرسمية للخوض في تفاصيل، وكذلك تفضيل كثير من وسائل الاعلام العربية «الاكتفاء بالعناوين» على الدخول في «حقول الالغام» التي اصبحت تسود الساحة السياسية العربية، الا انه ضروري القاء نظرة متأنية على هذا التطور الذي لايمكن التقليل من اهميته من النواحي الاستراتيجية والسياسية والامنية والاقتصادية، في ظل خريطة اقليمية مضطربة تغلي بتحديات وتهديدات لاتكاد تستثني بلدا او نظاما. ومن هذا المنطلق، يجب التوقف بسرعة عند المحطات التالية: 

أولا: تكتسب جهود المصالحة اهمية خاصة بالنظر الى توقيتها الذي جاء في خضم تحولات وصراعات اقليمية خطيرة، تنذر باعادة رسم الخارطة الاستراتيجية للاقليم، وخاصة مع التكهنات باحتمال توصل ايران الى اتفاق مع الغرب بشأن برنامجها النووي، وهو ما سيمنح طهران انتصارا جديدا، واعترافا دوليا بمكانة اقليمية كبرى تسعى اليها بضراوة على الارض حيث تمكنت بالفعل من توسيع هيمنتها في اليمن، واستكمال رسم «هلال شيعي» يسابقه «هلال داعشي» اعلن عن مخططاته بوضوح مؤخرا. انه خطر يبقى كبيرا حتى اذا كان العرب متوحدين في مواجهته، فما بالنا وهم متفرقون بل ومتحاربون؟ وربما لا يكون من المبالغة القول ان العرب اصبحوا يواجهون خطرا وجوديا، وليس مجرد تحد لمكانتهم الاستراتيجية، بالنظر الى التغييرات التي عرفتها خريطتهم مؤخرا للمرة الاولى منذ نحو قرن.

ثانيا: ان هناك متربصين اقليميين سيعملون على افساد تلك المصالحة، التي تشكل انباء سيئة بالنسبة الى مخططاتهم القائمة على الاستثمار الاقصى للانقسامات العربية. وبالطبع فان اسرائيل التي قررت ان تتوحش في معركتها لاستكمال تهويد القدس في سباق مع الزمن تأتي في المقدمة، الا ان من يتابع «التعتيم» الذي مارسته ايران وبعض وسائل الاعلام العربية المحسوبة عليها تجاه انباء المصالحة العربية سيدرك بسهولة فداحة خسارتها من استعادة الخليج العربي تماسكه مستندا الى ما تمثله مصر من عمق استراتيجي، بالرغم مما تعانيه من مشاكل او اضطرابات. 

بكلمات اخرى فان نجاح هذه المصالحة يجهض محاولات ايرانية جلية لـ«الاستفراد بدول الخليج» بعد توقيع الاتفاق النووي مع «تحييد مصر» وإغرائها ببعض الثمار السياسية والاقتصادية في «الوضع الإقليمي الجديد». وهو مايفسر «الانقلاب» في موقف طهران من النظام الجديد خلال الشهور الاخيرة.

ثالثا: إن جهود المصالحة هذه المرة تجري على مستوى الزعماء مباشرة فيما يمكن وصفه بـ«دبلوماسية القمة»، وهو تأكيد جديد على اهميتها الاستراتيجية، واقرار ضمني بأنها اصبحت غير قابلة للتأجيل. الا ان هذا سيجعل المواطنين العرب يترقبون التزاما متبادلا ومتزامنا من كافة الاطراف بها، حتى يبدأ تفعيل نتائجها على الارض في مواجهة التحديات والاخطار الاستراتيجية الكبرى التي تواجهها الامة. 

رابعا: من الواضح أن التهدئة الاعلامية من كافة الاطراف العربية، تشغل مكانة متقدمة في امكانية نجاح المصالحة العربية واستمرارها، ولايمكن المبالغة في اهمية هذه القضية، الا ان المطلوب في الحقيقة اكبر من هذا، بعد ان تعقدت المسارات العربية في كثير من الازمات الاقليمية الى حد التصادم المباشر، وهو ما يتطلب بحثا شفافا في اجواء من اعلاء المصالح العربية العليا، وليس التصارع على مكاسب هنا وهناك، في سبيل التوصل الى ما يمكن تسميته بـ«صفقة شاملة»، تؤسس لموقف عربي فاعل خاصة تجاه الواقع المتفجر في فلسطين، تحجيما للعدوان الاسرائيلي على الاقصى والقدس المحتلة، وتسريعا لجهود اعمار غزة، وانقاذا للاوضاع المتدهورة في ليبيا والعراق وسوريا. 

ولايمكن للمراقب ان يتوقع ان تتبخر الخلافات السياسية بين ليلة وضحاها، الا ان النتائج الخطيرة لامكانية فشل المصالحة هذه المرة تحتم على كل الاطراف التعاون والبناء فوق مناطق الاتفاق، وهي واسعة، خاصة اذا صفت النفوس وخلصت النيات، وهو ما يرجوه كل عربي ايا كان موقعه الجغرافي او السياسي. 

 

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

اتفاق الرياض قمة الرياض الطارئة قطر السيسي

الملك عبدالله: اتفاق الرياض أكد على دعم الأشقاء لمصر .. وسنضع إطارا شاملا لوحدة الصف

هل يستغل النظام المصري المصالحة الخليجية ويطالب قطر بتسليم المعارضين؟

يوم الوحدة الخليجية .. المصالحة التي أسعدت البعض وأتعست آخرين!

أجواء إيجابية على «تويتر» بعد عودة السفراء إلي قطر

بيان نهاية الأزمة الخليجية الصادر عن قمة الرياض

قادة الخليج يبدأون صفحة جديدة ویتفقون على عودة السفراء إلى الدوحة

«السيسي»: ندرس إمكانية العفو عن 2 من صحفيي الجزيرة

هل ينتج عن المصالحة بين السعودية وقطر ”سايكس بيكو“ خليجي؟!

«عتاب» قطري للأردن والعلاقات الثنائية تحت «الاختبار»