مشكلة مابعد «تشاك هيغل»

الأربعاء 26 نوفمبر 2014 05:11 ص

يبدو أن وزير الدفاع الأمريكي «تشاك هيغل» لم يكن بالقوة المطلوبة ما جعل الرئيس «باراك أوباما» يفقد ثقته فيه، ومن ثمّ مورست عليه ضغوط ليتقدم باستقالته الإثنين الماضي بجسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية.

وبحسب الصحيفة فإن الوزير المستقيل لم يكن جوهر المشكلة العسكرية لإدارة الرئيس «أوبام»ا. تلك المشكلة التي تقع على عاتق الرئيس وسياسة الأمن القومي، والتي كانت في كثير من الأحيان غير متماسكة، وتغيّرت في وقت اتسم بالتحديات الدولية المتزايدة؛ وخاصة فيما يتعلق بالعراق وسوريا وأفغانستان.

ويُعدُّ المحارب الفيتنامي القديم والمخضرم «هيغل» أحد السلالات الآخذة في التلاشي بين الجمهوريين المعتدلين والذين عارضوا موقف الجمهوريين بشأن العراق، والعقوبات على إيران وغيرها من القضايا المثيرة للدهشة. هذه المواقف الصريحة جعلت «أوباما» يعلق عليه الآمال في أنه سيجد منه مشورة صريحة صادقة في القضايا التي تطرأ.

لكن يبدو وكأن «هيغل» لم يسترد عافيته من آثار جلسة المواجهة أمام مجلس الشيوخ في فبراير 2013م؛ والتي ظهر فيها عدم قدرته على الدفاع عن آرائه ضد المعارضين له بشدة. وأكد ذات مرة أنه لا يزال يجد صعوبة في التواصل مع وجهات نظر إدارة «أوباما»، وكثيرًا ما كان يمتنع وزير الخارجية «جون كيري» والجنرال «مارتن ديمبسي» - رئيس هيئة الأركان المشتركة – من شرح ما يتعلق بالاستراتيجية العسكرية الأمريكية أمامه.

جزء كبير من المشكلة بالنسبة لأداء «هيغل» هو أن المهمة تغيرت بعد تعيينه؛ فقد تم اختياره للإشراف على الجيش في وقت السلم وخفض الإنفاق الدفاعي. ويُحسب له التزامه بتنفيذ سياسة الرئيس «أوباما» المتمثلة في جيش أمريكي كبير ينخرط دبلوماسيًا واقتصاديًا في القارة الأسيوية، ويقضى تركيزه على تلك الأولوية معظم الوقت.

ولكن الولايات المتحدة الآن عادت مرة أخرى إلى العراق وأفغانستان إضافة إلى سوريا، ويبدوا أن «أوباما» قرر أنه لم يعد من الممكن الاعتماد على «هيغل» لقيادة هذه المعارك التي أثارت نقاشات حادة داخل الإدارة الأمريكية. وربما كانت أحد العوامل أيضًا هي مذكرة بعث بها «هيغل» الى البيت الأبيض انتقد فيها سياسة الإدارة في سوريا؛ لفشلها في ربط الحملة ضد «الدولة الإسلامية» بالصراع الأوسع نطاقا ضد الرئيس السوري «بشار الأسد».

وبصرف النظر عن هذه الاختلافات، فإن «هيغل» لم يكن مُقتنعًا بحقيقة أن سياسة الأمن القومي تخضع لرقابة مُشددة من البيت الأبيض، في الوقت الذي اعتمد فيه «أوباما» على مجموعة صغيرة من مساعديه، شملت «سوزان رايس» - مستشارة الأمن القومي– في حالة أراد المشورة. وقادت هذه العملية في كثير من الأحيان إلى إشارات متناقضة ومتأخرة بشأن أجندة «أوباما» للسياسة الخارجية والاستراتيجيات العسكرية اللازمة لتنفيذها. وبطبيعة الحال، فقد أثار ذلك انتقادات حادة من الجمهوريين والعديد من الديمقراطيين أيضا.

هذا الارتباك كان عقبة كبيرة في طريق «هيغل»، كما أنه سيمثّل تحديًا لمن سيخلفه. وعلى الرغم من إعلان الرئيس «أوباما» اتزامه بإنهاء تورط بلاده في الحروب، إلا إن طريقة تعامله في العراق وسوريا قد أربكت الحسابات. وعندما بدأ شن ضربات جوية ضد «الدولة الإسلامية» المعروفة باسم «داعش» قال إن تلك الضربات بحاجة لدعم بري محلي، وليس قوات أمريكية برية، ورغم ذلك فقد زاد من عدد قوات التدريب الأمريكية في العراق إلى ثلاثة آلاف. وفي سوريا؛ ليس هناك احتمال أكيد حتى اللحظة لتدريب سريع لعدد كاف من المتمردين لدعم الضربات الأمريكية هناك.

وعلى الرغم من أن الإدارة أكدت أن هدفها في سوريا هو تنظيم «الدولة الإسلامية»، فقد رأى مسئولون أتراك أن تفكير الولايات المتحدة في تخطي «الأسد» هو أمر من الممكن أن يشعل مزيدًا من الصراع ولن يحل مشكلة، ومن ثمّ عليها مراجعة الأمر. وفي غضون ذلك، واستنادًا إلى الادعاء بأن لديه السلطة الكاملة لتنفيذ عمل عسكري ضد «الدولة الإسلامية»، فقد أعطى الرئيس «أوباما» الكونجرس ذريعة لعدم الوفاء بمسؤوليته الدستورية لإعلان الحرب.

وفي السياق ذاته فإن «أوباما» يبدوا وكأنه تراجع عن قراره بشأن الانسحاب من أفغانستان رغم تأكيداته المتكررة بأن الدور القتالي الأمريكي سينتهي هناك قبل نهاية العام الجاري، وقد خوّل «أوباما» دورًا أكبر لـ9.800 جنديا أمريكيا بالبقاء في أفغانستان حتى ديسمبر/كانون الأول بالإضافة إلى السماح لهم بالمشاركة في القتال المباشر ضد طالبان.

وزير دفاع أكثر عدوانية وشراسة يحظى بثقة الرئيس «أوباما» الكاملة ويُصغي له ربما هو أفضل للتعامل مع الفوضى والحرب على تلك الجبهات المتعددة. ولكن يبقى أوباما - في نهاية المطاف - القادر على تحديد المسار مع وجود استراتيجية أكثر تماسكًا.

المصدر | هيئة التحرير، نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

تشاك هيغل أوباما إدارة أوباما الدولة الإسلامية سوريا المعارضة السورية

وراء الإطاحة بـ«هيغل».. توترات بسبب سوريا وفريق «أوباما»

فوكس نيوز: إخفاق «تشاك هيغل» في منع الانقلاب في مصر أحد أسباب إقالته

الحرب على «الدولة الإسلامية» تحتاج ”قدرات مختلفة“ و«هيغل» تنحى تحت الضغط

رحيل هيغل… ماذا يعني لسياسة أمريكا تجاه العرب؟

هل تخسر واشنطن أم تكسب في الشرق الأوسط؟

وزير الدفاع الأمريكي الجديد يترأس اجتماعا حول «الدولة الإسلامية» في الكويت