استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

القدس.. مقبرة أوسلو

الثلاثاء 2 ديسمبر 2014 03:12 ص

كان حل الدولتين الذي دشنه اتفاق أوسلو حلاً بالفعل، لكنه لم يكن حلاً للفلسطينيين، كان حلاً للدول الأوروبية، الذي يتسمى الاتفاق باسم إحدى عواصمها، فهذه الدول بمعاداتها للسامية، وعنصريتها، وتاريخها الدموي في التعامل مع يهود أوروبا، كانت سبباً في تشكّل الحركة الصهيونية، وكانت سبباً في ربط الصهيونية بالاستعمار الأوروبي. كانت أوروبا تقول ليهودها: لن تكونوا أوروبيين إلا إذا أسستم دولة، ولن تؤسسوا دولة إلا خارج أوروبا، عليكم أن تكونوا خارج أوروبا -مستعمرين وناهبين أراضي غيركم- حتى تكون أوروبيين.

هذه الدول وجدت في حلها لإقامة اليهود بينها خلْقاً لمشكلة أخرى، الفلسطينيون. من هنا فقط مثل حلّ الدولتين حلا لهذه الأزمة عند الأوروبيين: دعمهم للاستعمار الصهيوني، وفي الوقت نفسه وقوفهم مع «حقوق» الفلسطينيين. وفقط مع انهيار أي احتمال لنجاح هذا الحل، تتسارع هذه الدول للاعتراف بدولة فلسطين، في محاولة يائسة للتعلق بالوهم، فهم يعترفون بدولة بلا حدود، ولا سيادة، ويعترفون أن اعترافهم هذا لن يؤثر في سياساتهم الخارجية. إنه اعتراف لحل أزمتهم الداخلية التي خلقوها بأنفسهم، وليس لحل قضية الفلسطينيين.

كما أن حل الدولتين كان حلاً لأميركا، التي ترى في إسرائيل صورة ماضيها، وترى في «حمايتها» ذريعة لمدّ إمبراطوريتها في منطقتنا، لكن الفلسطينيين كانوا دوماً كعب أخيل بالنسبة إلى سياستها. فوجودهم الفاضح لحليفهم المستعمر، الذي يفضح دوماً أسطورة «حماية إسرائيل»، في كل مرة يظهر الفلسطينيون، تنطفئ شمعة من أسطورة حماية إسرائيل. 

من هنا كان حل الدولتين حلاً لهذه الإشكالية، فالولايات المتحدة رأت في هذا الحل مبرراً كافياً لاستمرار الإمبراطورية، ولكن هذه المرة ليس باعتبارها الحامية لإسرائيل، بقدر ما هي حمامة السلام. كل رئيس أميركي منذ جورج بوش الأب عقد مؤتمراً للسلام، وكل رئيس خصص مبعوثاً للسلام، وكل رئيس فشل في تحقيق هذا الحل، كما لو أن استمرار المفاوضات أمر كافٍ بالنسبة إلى أميركا، هو حل لها، لكنه ليس حلا للفلسطينيين.

وأوسلو هو حل للدول العربية أيضاً. فمنذ بداية سياسة تهجير يهود الأوروبيين إلى فلسطين التي انتهجتها بريطانيا، وكان العرب مسؤولين عن مصير فلسطين. حاربوا عام 1948، وعام 1967، وعام 1973. والحرب لم تكن بالسلاح فقط، بل كانت بالسلاح وبالنفط وبالمقاطعة الاقتصادية وعدم الاعتراف الديبلوماسي.

فالمسؤولية المطلوبة من الدول العربية كانت ليس أقل من التحرير الكامل لفلسطين، فجاء حل الدولتين مخلصاً لها من هذا العبء. حل الدولتين لا يجعلها دولاً راعية للإرهاب، وحل الدولتين يجعلها دولاً راغبة بالسلام، وحل الدولتين يجعلها تقدم نفسها أمام الغرب على أنها مستعدة للاعتراف بإسرائيل، ويجعلها أمام شعوبها تدافع عن حقوق الفلسطينيين. ليس مهماً أن يتحقق الحل، ما يهم أن يبقى كاحتمال، وهو حل - كما ذكرنا- لأزمتهم هذه، لكنه -حتماً- ليس حلاً للفلسطينيين.

أخيراً، كان حل الدولتين حلاً لمنظمة التحرير، والتي ستصبح فيما بعد السلطة الفلسطينية. فمنطق منظمة التحرير الفلسطينية كان -كما يدل اسمها- هو التحرير، والتحرير يعني أن المشكلة مشكلة استعمار، وليس نزاعاً حدوديا. أما منطق السلطة، فهو منطق دولة، ومشكلتها مع إسرائيل هو بناؤها للمستوطنات داخل حدود «الدولة»، إنه منطق مهووس بالدولة، لا حلاً مرحلياً، بل حل نهائي. ومع تطاول الزمن، صارت المناداة بهذا الحل هو بحد ذاته حلاً كافياً للسلطة لأزمة وجودها وشرعيته.

إن حل الدولتين صناعة، تتغذى عليها أطراف عدة، وهذه الأطراف لا تأبه حقيقةً بتحقيق الحل، إنما يكفي بقاؤه كاحتمال. كثيرون رفضوا هذا الحلّ منذ اليوم الأول، معتبرينه استسلاماً وتفريطاً بالقضية، أما الذين آمنوا به أول مرة، فقد وصلوا إلى قناعة مفادها بأن هذا حل بحاجة إلى حل، بل إن أحدهم، وهو البروفيسور إيان لستك وصفه بالوهم. 

لكن، رصاصة الرحمة لاتفاقية أوسلو لم تأت من أي مكان سوى القدس. فالعمليات الفدائية ضد المستعمرين هناك، تعلن اليوم، وبشكل مستمر، أن هذا الحل انتهى. وأن منطق النظر لما يحدث في فلسطين بأنه خلاف بين دولتين، لكل واحدة منها عسكرييها ومدنييها قد انتهى. عادت الصورة مشرقة لما يحدث في فلسطين، بين مستعمِر ومستعمَر، والصراع هو على الأرض. 

قبل عقود قال فرانز فانون: «إن أعزّ ما على الأقوام الخاضعين للاستعمار، لأنه واضح ومباشر، هو أولاً وقبل كل شيء: الأرض. فالأرض هي التي ستجلب الخبز، وقبل ذلك، الكرامة». ومنذ تلك اللحظة تكشف كل شيء؛ فإسرائيل أعلنت نفسها دولة عنصرية، والفلسطينيون اختاروا التحرر بقوّة سواعدهم.

الآن، في هذا الوضع الجديد ماذا سيكون موقف الدول العربية، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية بعد أن تبخّر الحلّ الذي يستندون إليه؟ هذا هو السؤال فعلاً.

* سلطان العامر كاتب سعودي.

 

المصدر | الحياة

  كلمات مفتاحية

اتفاق أوسلو حل الدولتين فلسطين الأرض القدس

توجه إسرائيل صوب اليمين يضعف الأمل في حل الدولتين

وزير خارجية إسرائيل:لا قيود على البناء الاستيطاني بالقدس الشرقية

قطار القدس هدف جديد للاحتجاجات مع تدهور وضع المدينة الأمني

«كيري» يعلن توصل الأردن ودولة الاحتلال لإجراءات تعيد «الهدوء» إلى القدس

الغضب الفلسطيني يتصاعد في قلب القدس الشرقية

نساء الأقصى يقاومن

السويد تقرر الاعتراف بـ«دولة فلسطين» .. والخارجية الأمريكية تعتبره «سابق لأوانه»

مسمار فلسطيني في نعش «أوسلو»

خبراء: الاحتلال سيستهدف كافة القطاعات الاقتصادية حال إلغاء «أوسلو»

توقيع اتفاق أوسلو .. يوم أسود فى تاريخ فلسطين

رُفع العلم وسقطت القضية

اتفاقات أوسلو: خطيئة أم فرصة ضائعة؟