يبدو أن حالة التخبط التي تعيشها «مليشيات حفتر» تجعلها تتصرف بطريقة مكشوفة أكثر من ذي قبل إذ أن تصريحات «حفتر» لصحيفة «كوريرا ديلا سيرا» الإيطالية حول تلقيه مساعدات من دول عربية منها مصر والإمارات والسعودية جعل وزارة الخارجية الليبية تطالب هذه الدول بتوضيحات حول مواقفها من أنشطة «حفتر».
في الحقيقة يبدو أن الدول المذكورة لا تعتبر «حفتر» ما يمارسه حفتر نشاطاً غير مشروع أو محاولاتٍ غير شرعية للسيطرة على السلطة كما تعتبرها حكومة طرابلس بل إن الصواب على العكس من ذلك تماماً، فهذه الدول تعتبر حكومة طرابلس وثوار «فجر ليبيا» هم منبع الإرهاب ومصدر الخطر الحقيقي عليها.
بل إن الأمر قد وصل إلى أبعد من ذلك عندما شاركت مصر والإمارات في غارات جوية ضد مواقع لرئاسة أركان الجيش الليبي وقوات فجر ليبيا من أجل مساندة قوات «حفتر» بحسب وكالات أنباء عالمية ووفق لما أكدته تصريحات رسمية أمريكية على الرغم من إصرار مصر على نفي مشاركتها في أي عمليات عسكرية في الداخل الليبي.
ومع الفشل النسبي لخطة الرهان على التدخل المباشر لدعم حفتر، شرع التحالف الإماراتي المصري في التركيز على تأليب المجتمع الدولي على الوضع في ليبيا بصفتها أحد بؤر الإرهاب في المنطقة ووفقاً لمحللين فإن زيارة الرئيس المصري الأخيرة إلى فرنسا وإيطاليا تأتي مباشرة في هذا الإطار.
لذا فإن مطالبة الخارجية الليبية بتوضيح من قبل الإمارات أو مصر يعد أمرا مستغربا بل مستهجنا في الوقت الذي تواترت فيه الأدلة حول قيام هذه الدول بتقديم الأسلحة والأموال والمعلومات لقوات «حفتر».
إن على الخارجية الليبية أن تبذل جهودا في توضيح الصورة الحقيقية والتركيز على كافة الجهات الدولية من أجل قطع الطريق على المحاولات الخارجية للتقويض بدلا من طلب مثل هذه التوضيحات فلم يعد يخفى على أحد حقيقة الدور الإماراتي في المنطقة والحرب الضروس التي يخوضها حكام الإمارات على الإسلاميين.
يبدو السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل تعترف الإمارات حقاً بحكومة طرابلس؟ أبوظبي لا تعترف إلا بحكومة «الثني» التي زار وزير داخليتها أبوظبي من أجل تخطي مرحلة الاضطراب الأمني على حد قوله وهو ما لا يفهم إلا في سياق اكتمال خيوط لعبة الإمارات في إفشال الثورة.
ليس غريبا أن يبرئ وزير من حكومة «الثني» الإمارات ومصر من أي مسئولية عن الأوضاع في ليبيا، كما فعل «عمر السنكي» في الإمارات بقوله إن مصر والإمارات لا تتدخلان في ليبيا ولن تفعلا ذلك حتى في المستقبل، لكن الغريب هو أن تطالب الحكومة في طرابلس بتوضيحات من الإمارات ومصر.
ما الأجوبة التي يمكن أن تقدمها الإمارات إلى حكومة طرابلس؟ هل ستقول إن طائراتها قصفت في بنغازي في أغسطس/آب الماضي؟ أم ستقول أنها زودت «حفتر» بالأسلحة أم أن أجهزتها الأمنية تخطط ليل نهار بالتعاون مع المخابرات المصرية أم ستقول إن وزارة خارجيتها لا تمل من التأليب على الليبيين؟
أما عن الإعلام الخليجي ربما باستثناء قناة «الجزيرة» فقنواته المختلفة لا تفتأ تسلط الضوء الآن على ليبيا كأنها مزرعة لـ«الإرهاب» ومفرخة لـ«الإرهابيين» بالرغم من أن ليبيا لم تهاجم أحدا ولم يكن ذنب شعبها سوى قيامه بالثورة على نظام «القذافي».