اتّهامات بالفساد وغسيل الأموال تطال 29 مصرفاً عراقيا خاصا

الثلاثاء 9 ديسمبر 2014 02:12 ص

أكّدت مسؤولة اقتصاديّة كبيرة في الحكومة العراقيّة، رفضت الكشف عن هويّتها في تصريح خاصّ بـ"المونيتور" في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 إحالة 29 مصرفاً عراقيّاً خاصّاً للتحقيق، في تهم تتعلّق بقضايا فساد وغسيل أموال، من أصل 33 مصرفاً، هي مجموع المصارف العراقيّة الخاصّة العاملة في العراق. 

وحسب ما نشره موقع في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، واستناداً إلى التقرير الذي كتبه المفتش العامّ لإعادة إعمار العراق ستيوارت بوين، فإنّ غسيل الأموال من خلال البنك المركزيّ تسبّب في خسارة أكثر من 100 مليار دولار على مدى السنوات العشر الماضية، معظمها تسرّب إلى بنوك في دبي وبيروت.

واعتبر مستشار رئيس الوزراء الدكتور مظهر محمّد صالح في تصريح لـ"المونيتور" في 26 تشرين الثاني/نوفمبر الحدث، خيبة أمل كبيرة في القطاع المصرفيّ الخاصّ الذي يعوّلون عليه في إعادة بناء اقتصاد البلاد. ويعلّل المستشار صالح ارتفاع عدد المصارف المحالة إلى التحقيق بأسباب عدّة، أبرزها غياب الحوكمة عن الإدارات المصرفيّة الخاصّة، وضعف الائتمان النقديّ، ممّا يدفع المصارف إلى البحث عن عمليّات لجني الأرباح، هي في أغلب الأحوال عمليّات غير مصرفيّة، مشيراً إلى أنّ الفلسفة الرقابيّة للبنك المركزيّ بعد عام 2003 تغيّرت من رقابة امتثال إلى رقابة وقائيّة، وهي مهمّة إشرافيّة وليست سيطريّة، يراقب فيها البنك المركزيّ الائتمان والسيولة لضمان سلامتها وفق النسب الماليّة.

ويؤكّد أنّ غياب التصنيف الائتمانيّ للمصارف يجعل الجدارة الائتمانيّة للمصارف الخاصّة غير معتمدة، وهي العمليّة التي يجب أن يقوم بها طرف ثالث (شركة خارجيّة دوليّة متخصّصة في ذلك) يعتمدها البنك المركزيّ.

من جهّته، رأى أحد كبار المساهمين في أحد المصارف المتّهمة بعمليّات ماليّة غير قانونيّة، رفض الكشف عن هويّته، في تصريح لـ"المونيتور" في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، أنّ الكفاءات المصرفيّة السابقة التي تدرّبت في مصرفي الرشيد والرافدين، والتي تعمل حتّى وقت قريب في القطاع المصرفيّ الخاصّ، سرّحت من العمل في المصارف الخاصّة، وأصبح المدراء التنفيذيّون الجدد أداة تنفيذيّة لطلبات المساهمين الكبار الذين يقودون تلك العمليّات غير القانونيّة، لذلك يرون الآن أنّ المساقين إلى التحقيقات هم المدراء التنفيذيّون في المصارف الـ29 المشمولة في التحقيق، وأغلبهم وقعوا ضحيّة قلّة الخبرة.

وأضاف أنّ عمليّات التلاعب بدأت في المصارف الخاصّة مع عمليّة تبديل العملة عام 2004، وهو ما خلق مافيات ماليّة سيطرت على السوق، جاء بعدها قانون المصارف الذي منع المصارف الخاصّة في الفقرة 28 من الدخول في العمليّات الاستثماريّة أو المشاركة فيها، كما منعها من امتلاك عقارات أكثر من حاجتها (أي منع الاستثمار في سوق العقار)، وهو ما قاد المصارف إلى البحث عن رؤوس أموال وأساليب لتحقيق أرباح غير شرعيّة، وبالتالي إلى إدخال رؤوس أموال غير نظيفة لتحقيق الأرباح. وبالتالي، عملت في غسيل أموال غير خاضعة إلى الضرائب، ودخلت أموال من الخارج، وقسم منها من الداخل لا تعرف مصادرها إلى المصارف الخاصّة، بل وهيمن أصحاب تلك الأموال على إدارات بعض المصارف، وبالتالي سيطرت على مزاد الدولار في البنك المركزيّ وسخّرت تلك الأموال لمنافعها الشخصيّة.

من ناحية أخرى، وبالتعاون بين المصارف ومتنفّذين في دوائر معيّنة خارج العراق وداخله، زوّرت وثائق لتبويب أين ذهب الدولار، والذي كان في الغالب يتوجّه إلى خارج البلاد، إلى الخليج والأردن وإيران وغيرها.

إلّا أنّ الخبير المصرفي الدكتور ماجد الصوري رأى في تصريح لـ"المونيتور" في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2014 أنّ المصارف الخاصّة ليست استخبارات تعمل لمتابعة الوثائق، لذلك ليست المسؤولة عن مصدر الأموال التي تدخل إليها، إلّا إذا كان هناك شكّ، فيبلّغ المصرف البنك المركزيّ الذي يبلّغ بدوره الجهّات المسؤولة لاتّخاذ الإجراءات القانونيّة.

وأكّد أنّ المصارف الخاصّة هي ضحيّة النظرة الشموليّة الخاطئة، وأنّ مصادر تلك النظرة هي القيادات والمسؤولين والعقول المسيطرة على العمل الاقتصاديّ في صورة عامّة في العراق.

ومع هذا، يشير الدكتور الصوري إلى الخلل الخطير في سلسلة متابعة حركة الأموال في العراق، الذي يساهم في شكل كبير في وقوع المخالفات الماليّة والتعاملات غير القانونيّة، حيث يأتي اكتشاف الفساد الماليّ والتعاملات غير الشرعيّة متأخّراً جدّاً، وتصل التدقيقات من المصارف إلى البنك المركزيّ بعد مرور شهر على إجراء العمليّات، ويستمرّ تدقيقها في البنك المركزيّ لشهر آخر أي تتمّ مراجعة العمليّات السابقة التي جرت قبل شهرين. وتكون الأموال حينها قد وصلت إلى نهايتها، ربّما في الطرف الثاني من الكرة الأرضيّة.

ولحلّ تلك الإشكاليّة الكبيرة، يحثّ الدكتور الصوري البنك المركزيّ على ضرورة اعتماد النظام التكنولوجيّ المصرفيّ الشامل الذي يضمن الرقابة الآنيّة، ووصول المعلومات في اللحظة نفسها، وفي القطاع المصرفيّ الحكوميّ والخاصّ معاً.

وكان الرئيس التنفيذيّ لبنك ستاندرد تشارترد البريطانيّ الذي فتح فرعاً للبنك في بغداد آواخر عام 2013، كافين ويشارت قال في تصريح نشر في وكالة عيون العراق في 21 آب/أغسطس 2014 إنّ الطريقة التي تدار بها المصارف العراقيّة ضعيفة، وفي حاجة إلى اعتماد التجارب الدوليّة في هذا المجال، باعتماد المعايير والمواصفات العالميّة.

وهو ما تؤكّده الخبيرة الرقابيّة الدكتور عواطف محسن في تصريح لـ"المونيتور" في 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2014، مشيرة إلى أنّ الرقابة الماليّة على القطاع المصرفيّ الخاصّ غير مجدية حاليّاً، حيث تصفها بالخجولة.

وتنبّه هنا إلى ضرورة التدخّل الحكوميّ في شكل أكبر كون القطاع المصرفيّ الخاصّ قطاعاً مغلقاً ويدار في شكل عائليّ، وهي ثغرة كبيرة لمرور الفساد الماليّ. وترى أنّ الحلّ يكمن في تشكيل لجنة مشتركة من ديوان الرقابة الماليّة والبنك المركزيّ والمصرف الخاصّ نفسه، تضطلع بمهمّة الرقابة الآنيّة المباشرة.

وفي هذا الخصوص، تضمّ صوتها إلى صوت المستشار الدكتور مظهر محمّد صالح لانتهاج الحوكمة كسبيل أفضل للحدّ من مشاكل القطاع المصرفيّ الخاصّ.  

المصدر | المونيتور

  كلمات مفتاحية

العراق البنك المركزي العراقي بنوك القطاع الخاص اتهامات بالفساد وغسيل الأموال ستاندرد تشارترد القطاع المصرفي الخاص

أين ذهبت المليارات يا مسؤولي العراق؟

فشل القيود في خفض «أسواق المال الوهمية»

أزمة العراق المالية بين تمويل الحرب ونفوذ إيران

«النزاهة» العراقية تكشف صفقة فساد كبيرة لـ«المالكي»

«النزاهة العراقية» تصدر أوامر توقيف بحق مسؤولين كبار بتهم فساد

القضاء العراقي يصدر مذكرة توقيف بحق وزير التجارة وشقيقه بتهم فساد

منع وزير و8 مسؤولين عراقيين من السفر بعد اتهامهم بالفساد

«العبادي» يقيل وزير التجارة على خلفية «شبهات فساد»

العراقيون وسلطتهم: "ماكو ثقة"

استحداث فروع جديدة لنيابات غسل الأموال في مصر