الفرانكفونية.. والقمم المشتركة مع أفريقيا

الأربعاء 10 ديسمبر 2014 03:12 ص

تنعقد طوال العقد الأخير، ألوان من القمم المشتركة مع القمة الأفريقية، على نسق تقليد سابق لقمة الكومنولث مع التاج البريطاني وما تبعه من نسق تقليدي آخر مع الرئاسة الفرنسية، لضمان تماسك دول الفرانكفون الناطقة بالفرنسية.

لكن سرعان ما تنوعت مع بداية نشاط العولمة في التسعينيات، ومنظماتها المهيمنة مثل منظمة التجارة العالمية، أو منتدى دافوس، فوجدنا الولايات المتحدة تسارع بجمع شمل الأفارقة في واشنطن، في تجمع يستهدف تهدئة خواطر الأفريقيين تجاه شروط التجارة الدولية، وطمأنتهم إلى أن تنمية التجارة سيحل محل مساعدات التنمية بما تقدمه واشنطن من شروط ميسرة ! فكان مؤتمر النمو والفرص لأفريقيا «أجوا» AGOA منذ عام 2000.

وقد تبع ذلك انعقاد القمم الصينية، والروسية والهندية واليابانية باعتبارها قمماً تخص دولاً كبرى، أو حريصة على منافسة الرأس الأكبر، أو ضبط علاقاتها الأفريقية، أمام احتمالات انفراد الولايات المتحدة بالمجال. وكانت المفاجأة أن دولاً صغيرة ليست في حساب التجارة العالمية، بدأت بدورها تنظم هذه القمم المشتركة، فرأينا قمة أفريقية- تركية، وأخرى كورية.

وكنت وما زلت أظن أن القمة العربية الأفريقية، هي الأولى بالحسبان بسبب منطقها الطبيعي، والمؤسس منذ القمة الأولى 1977، وانخراط دول المال المرموقة في حركتها كالدول الخليجية إلى حد انعقاد آخر مؤتمراتها في الكويت عام 2013. ولا معنى لتجاهل كتلة من أكثر من ستين دولة، وبها قامات مثل دول شمال أفريقيا والخليج، وحضرتها بإخلاص الدول الأفريقية الكبرى أيضاً،

وما زلنا لم نر نتاج ذلك بحجم ما كنا نتوقع. ها نحن فى آخر طبعة لهذا النوع من القمم ذات المعنى، وهو اجتماع القمة الفرانكفونية في داكار (السنغال) آخر أيام نوفمبر 2014، وبجمع يضم أكثر من سبعين دولة، وقيل أن حوالي 35 رئيساً قد حضر بنفسه. والرقم يضم دولاً أفريقية وآسيوية، بل وبعض الدول الغربية مثل كندا وبلجيكا. وقد بدا الرئيس الفرنسي، وكأنه هو صاحب الفرح، وإنْ لم يكن في بيته!

لكن هذا أيضاً من البدع الحديثة في هذه الظاهرة، كأن تعقد الصين القمة الأفريقية الصينية في شرم الشيخ، وتعقده الهند في أديس أبابا، ويعقدها الروس مؤخراً في الخرطوم، بل وتفكر تركيا في عقده في غينيا الإستوائية بعناد مع قمة الاتحاد الأفريقي التي عقدت هناك في يوليو الماضي وأعادت الرئيس السيسي إلى الساحة الأفريقي !

بدت القمة الفرانكفونية على قدر من الأهمية، لأكثر من طرف، بقدر ما بدت تقليدية. ولفت نظر المراقبين الكلمات الأولى لرئيسي الحفل، الفرنسي والسنغالي، فقد وقف «أولاند» يبعث برسائله الخطيرة للرؤساء من «الموالاة» أكثر من مخاطبة آخرين. حذر الرؤساء الأفارقة من مثال «بوركينا فاسو»، ملمحاً بصراحة إلى هؤلاء الذين بقوا أسرى موقعهم في الرئاسة إلى حد ترتيب الأوضاع لاستمرارهم فيها!

وكيف أودى ذلك بالرئيس «كمباوري» وأحرج الغرب كله بالتدخل لانقاذ الموقف والمصالح هناك (التلميح هنا إلى دول فرانكفونية مثل بنين، وبوروندي، وتوجو، والكونغو...)، أما الرسالة الثانية وكانت بشأن وباء «إيبولا» الذي لا يهدد صحة شعوب عديدة فقط، ولكنه يهدد اقتصاداتها، بما لا تستطيع فرنسا بإمكانياتها الهزيلة هذه الفترة أن تساعد في إنقاذه، كما أن الساحة الدولية لم تعد قادرة على المعونة وفق ما يرد من شكوى المنظمات الدولية (صحية، وهجرة) من ضعف المساعدات إلى حد التهديد بتوقف نشاطها.

أما رسالة الرئيس السنغالي «ماكي سال» فقد كانت محرجة أيضاً للضيف الفرنسي وغيره في عواصم الغرب، الذين يضغطون لإحراج أصدقائهم الأفارقة بأنماط التبعية دون مساعدة حقيقية مثل التي تقدمها الصين مثلاً ، وذكر أن على الدول الغربية أن تخشى منافسة الصين، لا أن تحذر منها وكفى، وذلك بتقديم مساعدات منافسة بالفعل ...وهذه إشارة صريحة إلى حجم الصين، واحتياج الدول الأفريقية للجوء إليها بالضرورة.

تعددت الرسائل بالفعل من خلال هذا المؤتمر، الذي بدت أهميته لهذه المجموعة الكبيرة من الدول إلى حد تنافس الكنديين، وبكل حجم المساعدات الكندية مع موريشيس وبوروندي على منصب الأمين العام ، وقد حصدته كندا بالطبع، كما بدت القاهرة تمارس جديتها الأفريقية بحضور رئيس وزرائها للاجتماع.

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

فرنسا أولاند الفرانكفونية أفريقيا الصين روسيا الهند اليابان قمة الكومنولث التاج البريطاني

وزير مصري يصف وفودا أفريقية بـ«الكلاب والعبيد» ومطالبات باعتذار «فوري»

موقع فرنسي: 7.5 مليون يورو وراء تأجيل قمة الفرانكوفونية بتونس

تونس.. انطلاق أعمال الدورة الـ18 لقمة الفرانكفونية