ركز فصل كامل من ملخص التقرير، الذي أصدرته لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ عن أساليب التعذيب التي استخدمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، على الانتهاكات السادية التي ارتكبت بحق أحد الموكلين لدي. ويتضمن ذلك الفصل، المعنون: «مقر الاستخبارات المركزية يوصي باستخدام محققين غير مدربين بأساليب الاستجواب المدعمة برضا النجار»، توصيفات مفصلة لأساليب التعذيب الخاصة التي تعرض لها موكلي أثناء احتجازه لدى وكالة الاستخبارات المركزية.
رضا النجار مواطن تونسي، يتم احتجازه من دون تهمة منذ 12 عاماً. ورغم أن الحكومة الأميركية لم تسمح أبداً لي ولمستشار قانوني متعاون بالتواصل معه، إلا أن تحقيقنا في القضية كشف أنه في عام 2002، اقتحم عملاء مجهولو الهوية منزل النجار في باكستان، واقتادوه إلى مكان غير معلوم.
ولم تكن لدى أسرة النجار أي فكرة عن مكان وجوده إلى أن وصلتهم رسالة منه سلمتها لهم منظمة الهلال الأحمر في عام 2003. ومرت خمسة أعوام حتى علمت أسرته أن «شبكة العدالة الدولية» كانت تقدم مساعدة قانونية للمحتجزين، وطلبوا منا التعامل نيابة عنهم. وقدمنا عريضة طلب أمر قضائي للفصل في قانونية احتجاز النجار في ذلك العام، وذلك بعد أن مرّ عليه خمسة أعوام في حجز أميركي فيما يطلق عليه اسم «المواقع السوداء» قبل نقله إلى قاعدة «باجرام الجوية» في أفغانستان. وعلى رغم وجود اعتقاد قوي في ذلك الوقت بأنه كان قد تم احتجازه وتعذيبه سراً على أيدي عملاء وكالة الاستخبارات المركزية قبل نقله إلى السجن العسكري، رفضت الحكومة الأميركية تقديم هذه المعلومات. لكن تقرير لجنة الاستخبارات التابعة لمجلس الشيوخ يؤكد كل ما اشتبهنا فيه طوال تلك المدة.
ويكشف التقرير أن الوكالة عذبت النجار على مدار 700 يوم، وأنه خضع لقائمة طويلة من أساليب الاستجواب، التي تضمنت العزل في ظلام دامس وأساليب التشتيت الذهني بصوت شديد الارتفاع، والضوء الخافت ودرجات الحرارة الباردة والحرمان من النوم والتعرض للموسيقى الصاخبة على مدار 24 ساعة يومياً وسوء التغذية والإذلال.
وبالنسبة لنا ولمن تعامل مع المحتجزين في جوانتانمو أو باجرام أو السجون الأخرى سيئة السمعة، فإن أساليب الاستجواب الوحشية وغير القانونية لم تكن مفاجئة، ولكن الشيء المرعب الذي يكشفه التقرير أن الاستخبارات المركزية لم تشتبه أبداً في تورط النجار في أي نشاط إرهابي أو حتى إخفاء معلومات عن أي نشاط إرهابي. وإنما اعتقدت حسب التقرير أنه عمل في السابق حارساً لأسامة بن لادن. أي أن الوكالة كانت متأكدة من أنه ليس إرهابياً، ورغم ذلك عذبته من دون رحمة. ولن تنهي الأشياء التي كشفها التقرير كابوس النجار الذي استمر 12 عاماً. وعلى رغم أننا أكدنا في التماسنا للمحكمة بالفصل في قانونية احتجاز النجار سعياً لإطلاق سراحه، إلا أن الحكومة لم ترد على مزاعمنا بأنها احتجزت وعذبت إنساناً بريئاً. وزعمت أن المحاكم الأميركية ليس لديها اختصاص قضائي فيما يتعلق بسجن باجرام، لأنه في منطقة حرب ولا يزال هذا هو موقف الحكومة.
ويثبت تقرير مجلس الشيوخ بالدليل القطعي أن مزاعمنا بشأن عدم قانونية احتجاز وتعذيب النجار من قبل وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية صحيح. ولسوء الحظ. لا نتوقع أن ذلك سيؤدي إلى تطبيق العدالة. ففي يوم الأربعاء، تسلمت إخطاراً من الحكومة بأنها نقلت النجار إلى سجن تابع للحكومة الأفغانية، في يوم نشر التقرير، وبحلول ليل الأربعاء، أعلنت وزارة الدفاع أنها لم تعد تعتقل أي شخص في باجرام وأغلقت السجن. وستزعم الحكومة الآن أن قضية النجار لم تعد مشكلتها.
* تينا فوسـتر محامية بمجال حقوق الإنسان.