الانقسام مازال يعرقل محاولات قطر ودول الخليج وأد الخلافات

الاثنين 22 ديسمبر 2014 09:12 ص

تلاقى قادة الخليج بالأيدي والأحضان والقبلات فى وقت سابق من الشهر الجارى فى العاصمة القطرية الدوحة معلنين إنتهاء موسم الجليد بينهم وتبديد التوترات التي طغت على المشهد خلال الفترة الماضية كمقدمة للتوحد ضد عدوين مشتركين هما «إيران» وتنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا.

لكن الانقسام لا يزال يستفحل على خلفية الانقلاب العسكري على الرئيس الإسلامي »محمد مرسي» في مصر مطلع يوليو/تموز 2013م. 

«لم يتغير شيء.. أي شيء»؛ هكذا قال مسئول مصري بارز في تعليقه على حل مشكلات الدول الخليجية بين بعضها البعض خلال اجتماع الدوحة مُشترطًا عدم الكشف عن هويته لمناقشة الدبلوماسية السرية.

وتثير التوترات العديد من التساؤلات حول قدرة دول الخليج على حشد رد فعل معقول تجاه عاصفة الأزمات التي تهز جنبات المنطقة.

وقوّض الخلاف بين دول الخليج جهود تنسيق الدعم للمتمردين الذين يحاربون «بشار الأسد» في سوريا، بل وساهم كذلك في ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية» أو ما يُعرف باسم «داعش». كما أعاق الشقاق الخليجي محاولات مجلس التعاون الخليجي – الذي يضم ست دولٍ - مواجهة ما يرونه توسعًا للنفوذ الإيراني،. ودعمت أيضًا دول خليجية متنافسة فصائل متحاربة على التراب الليبي مما تسبب في تسريع الانزلاق نحو حرب أهلية شاملة. (في الصورة: الأمير تميم بن حمد يقبل الملك عبدالله أثناء قمة الرياض الاستثنائية مطلع ديسمبر الجاري، التي شهدت قرار عودة السفراء للدوحة)

ومن جانبه؛ رأى «مايكل ستيفينز» - باحث بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في الدوحة - أن «المنطقة على شفا حفرة الانهيار»، مُشيرًا إلى «تفكك مجلس التعاون الخليجي ما جعله لا يستطيع التحدث بصوت واحد».

مصر في القلب

ويبرز في قلب الشقاق ما تقوم به قطر من محاولات لعب دورٍ إقليمي من خلال تأييد جماعة الإخوان المسلمين، وتوفير ملاذا لقيادتها، وتقديمها الدعم للرئيس الإسلامي السابق «محمد مرسي»، ومعارضتها لــ«الانقلاب العسكري غير الشرعي»، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لحشد التأييد دعمًا للرئيس «عبد الفتاح السيسي»، والحد من دعم جماعة الإخوان المسلمين المُتهمة بتهديد استقرار مصر وعدد من الدول الخليجية، وقد ضغطتا على قطر لطرد الإسلاميين الموجودين على آراضي الدوحة، والحد من ممارسات قناة «الجزيرة».

وذكرت وكالات أنباء خليجية في الأسابيع التي سبقت القمة الإقليمية التي عقدت الشهر الجاري في قطرأن الدوحة قد اتفقت على تنفيذ مطلبي نفي الإخوان من البلاد وكبح هجوم قناة «الجزيرة» على مصر. كما أعرب البيان الختامي الصادر عن الاجتماع عن الدعم الكامل لمصر وخارطة الطريق التي طرحها «السيسي» للانتقال السياسي.

لكن مسئولين حكوميين على جانبي الانقسام في الخليج اعترفوا مؤخرًا - شريطة عدم ذكر أسمائهم - أن قطر لم تقم بالمطلوب، ولم تُظهر سوى دلالات يسيرة على تحركها في هذا المضمار. وفي المقابل؛ علقت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حملاتهما ضد قطر بسبب التهديدات الأكثر إلحاحًا التي رأواها تحوم حولهم.

وصرح مسئول قطري - رفض الإفصاح عن هويته - أن البيان المشترك لمجلس التعاون الخليجي بشأن دعم خارطة الطريق التي أعلن عنها «عبد الفتاح السيسي» مجرد ”بيان صحفي“ لا يحمل أهمية تُذكر.

وأضاف «سندعم دائمًا الشعب المصري»، مُضيفًا أن «قناة الجزيرة مستقلة تحريريًا، وأن الدول الأخرى لا ينبغي أن تثير قضايا سياسية بسبب قناة تبث ما يحدث».

وعلى الرغم من أن قطر طالبت بعض أعضاء جماعة الإخوان بمغادرة الدوحة بسبب أنشطتهم السياسية إلا إن عشرة فقط أو أقل هم من فعلوا ذلك بحسب تصريحات قادة من الإخوان ومسئولين قطريين. وأضاف المسئول القطري السالف الذكر أن «قطر لم تطلب منهم مغادرة البلاد بأي شكل من الأشكال، ولم نزعجهم بأي شكل من الأشكال أيضًا». 

ولا زال الكثير من الإخوان في قطر؛ وعلى رأسهم الشيخ «يوسف القرضاوي» الذي يحمل الجنسية القطرية؛ والذي صدرت ضده مذكرة اعتقال مصرية. وكذلك الحال مع قيادات حركة «حماس» المعروف صلاتها بجماعة الإخوان المسلمين. 

كما أن فضائية «الجزيرة مباشر مصر» ما زالت تبث من الدوحة بعد أن حظرتها الحكومة المصرية. وأبرزت في الآونة الأخيرة المحلل «محمد القدوسي» الذي جادل بأن «السيسي» والرئيس الأسبق «حسني مبارك» ينبغي إعدامهما لتوجيهما أوامر قتل المتظاهرين الذين تحدوا سلطتهما؛ حيث قال القدوسي: «يتعين على المحكمة أن تقضي بإعدادم السيسي عشر مرات لأنه قتل في ساعة واحدة 20 نوبة مثل الذين قتلهم مبارك».

وقال «أحمد محمد» - ضيف على القناة قُتل أخوه على يد الشرطة في فترة حكم مبارك: «نعتذر لجميع أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أننا خرجنا إلى الشوارع وهتفنا لرجل مثل السيسي الذي ظهر أنه وجه آخر لمبارك». (في الصورة: عبدالفتاح السيسي يستقبل مبعوثا الملك عبدالله والأمير تميم لبدء صفحة جديدة من العلاقات المصرية القطرية)

وكان استيلاء الجيش على السلطة في مصر بمثابة الشرارة التي دفعت التوترات بين حلفاء الخليج إلى العلن العام الماضي.

وبدأت كل من الإمارات والسعودية حملة مكثفة لقطع دابر الإخوان المسلمين من قطر والمنطقة ككل.

وفي ديسمبر 2013م؛ احتجزت الشرطة المصرية ثلاثة صحفيين تابعين لقناة «الجزيرة» الناطقة باللغة الإنجليزية. وعلى الرغم من عدم وجود أدلة إلا إن المحكمة قضت في نهاية المطاف لكل منهم بالسجن سبع سنوات على الأقل بتهمة التآمر مع جماعة الإخوان.

وفي نهاية المطاف؛ وخلال الربيع سحبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر سفرائهم من الدوحة احتجاجًا على إصرار قطر على موقفها الداعم للإخوان على حساب «السيسي» وحكومته.

وبدأت منذ ذلك الحين تطفو مخاطر أعظم ضررًا على السطح، حيث بات خطر «الدولة الإسلامية» يتهدد المملكة العربية السعودية بعد أن سيطر أفرادها على مناطق من سوريا والعراق مستغلين الانقسام بين المجموعات المتمردة المدعومة من دول الخليج.

وتسعى إيران- المنافس الإقليمي الذي ألهمت ثورتها دول الخليج لتنشيء مجلس التعاون الخليجي منذ أكثر من 30 عامًا - لاتفاق مع واشنطن للحد من برنامج طهران النووي في مقابل تخفيف العقوبات، ما يُمثل مستقبلاً غير سار للخليج من ناحية أن إيران لن تتخلى نهائيًا عن برنامجها النووي، وتعافي طهران اقتصاديا من ناحية أخرى.

وتقوم إيران الآن بضربات جوية على العراق في الواقع بالتنسيق مع التحالف المدعوم من الغرب ضد »الدولة الإسلامية«. وفي الوفت ذاته تدعم إيران الجماعة المتمردة التي أخرجت الانتقال السياسي في اليمن المدعوم خليجيًا عن مساره.

وقال «مصطفى العاني» - محلل في مركز الخليج للأبحاث المقرب من الحكومة السعودية- «التهديد المشترك هنا هو قضية التوحد. إن البيئة الأمنية في المنطقة هي التي تضغط على الدول لتوحيد جهودها. ليس هناك خيار آخر».

وأعادت دول الخليج سفرائها إلى الدوحة في الوقت المناسب قبل قمة هذا الشهر، وتُوجد مؤشرات الآن على أن المملكة العربية السعودية تحث مصر على رأب الصدع مع قطر أيضًا. وفي القاهرة عقد مبعوث خاص للملك السعودي يوم السبت أول اجتماع بين السيسي والمبعوث القطري. وخرج بيان من الديوان الملكي السعودي يعلن عن سعي الملك «عبد الله» الحثيث لفتح ”صفحة جديدة“ في العلاقات بين مصر وقطر، ودعا كل جانب إلى كبح جماح لهجة وسائل الإعلام تجاه الآخر.

وأشاد متحدث باسم «السيسي» في بيان له بجهود جلالة الملك «عبدالله»، مُتطلعًا إلى «طي صفحة الخلافات السابقة».

لكن البيان ألمح أيضًا إلى مزاعم مصرية حول دعم قطر للإخوان، وقال البيان ضمن سطوره إن الرئيس «السيسي»، «أكد أن مثل هذه الجهود يجب أن تكون متسقة مع إرادة الشعب، وتراعى الاحترام الكامل لمبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول».

المصدر | ديفيد كيركباتريك، نيويورك تايمز

  كلمات مفتاحية

قمة الدوحة المصالحة الخليجية قطر عبدالفتاح السيسي محمد مرسي الإخوان المسلمون الانقلاب العسكري

الرياض ترعى لقاء قمة مرتقب بين مصر وقطر لمناقشة الملفات العالقة بين البلدين

«السيسي» يستقبل «التويجري» ومبعوث أمير قطر لبحث تفعيل مبادرة «الملك عبدالله»

وزير خارجية البحرين: «الملك عبدالله وراء خروج قمة الدوحة بقرار دعم مصر»

قمة الدوحة تؤكد على تعزيز التعاون العسكري والأمني وتجدد دعم دول الخليج لمصر

قادة الخليج يبدأون صفحة جديدة ویتفقون على عودة السفراء إلى الدوحة

مبعوث قطر لدى مصر: نرحب بـ«الإخوان» في بلادنا دون نشاط سياسي

مصادر كويتية: السيسي يزور الكويت 5 يناير المقبل

«مجلس التعاون الخليجي» في 2015: الأمن الداخلي يتفوق على التكامل الإقليمي