تقديرات الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: الأسد مستقر .. وحزب الله سيبادر لعمليات في الجولان

الخميس 25 ديسمبر 2014 08:12 ص

في الحرب الاهلية السورية يوجد تعادل استراتيجي. لا أحد قادر على اخضاع خصمه في هذه المرحلة، والحرب في أرجاء الدولة تتركز على معارك محلية للسيطرة، ولا تستطيع ترجيح كفة أحد الاطراف. نظام الرئيس بشار الاسد سيكتفي في المستقبل المنظور بسوريا الصغيرة – العاصمة دمشق والممر الذي يصلها مع المدينة الكبرى حلب والمنطقة العلوية شمال غرب الدولة. النظام لا يريد مواجهة عسكرية مباشرة مع اسرائيل، لكن الخطر الآخذ في الازدياد من المعسكرين المتشددين – حزب الله من جهة النظام، والمنظمات الجهادية من جهة المتمردين – اللذان سيبادران الى عمليات في هضبة الجولان.

لقد بنى حزب الله عدة شبكات ارهابية في منطقة الجولان بمساعدة ايرانية وسورية. والمسؤول عن تشغيل هذه الشبكات هما اثنين معروفين لاسرائيل. الاول هو جهاد مغنية، ابن عماد الذي اغتالته إسرائيل في 2008، والثاني هو سمير قنطار الدرزي اللبناني الذي أُطلق سراحه في 2008 بعد أن حُكم بالمؤبد بسبب قتل عائلة هران في نهاريا، أطلق سراحه في صفقة إعادة جثث الجنود أودي غولدفاسر والداد ريغف.

هذه هي باختصار تقديرات الاستخبارات الاسرائيلية حول ما يحدث في سوريا، حيث ستمر اربع سنوات على الحرب التي خلقت الكارثة الانسانية الاخطر في المنطقة، مع حلول آذار القادم. وحسب تقديرات غير رسمية بلغ عدد القتلى في هذه الحرب نحوا من 200 ألف معظمهم من المدنيين.

حوالي 6.5 مليون مواطن سوريا اضطروا الى ترك بيوتهم والتنقل داخل الدولة بسبب الحرب، اضافة الى 3.5 مليون لاجئ هربوا من سوريا ومعظمهم باتجاه الدول المجاورة.

أحد الاسباب المركزية لوجود التعادل في الميزان بين الاطراف يتصل بالتحول الذي حدث لدى الغرب تجاه هذا الصراع: من التهديد الامريكي بمهاجمة النظام كعقاب لاستخدامه السلاح الكيميائي في آب 2013، الى الاعلان عن ضربات جوية ضد عدو النظام السوري الاخطر وهو تنظيم الدولة الاسلامية داعش بعد عام. حتى وإن لم تعترف الولايات المتحدة بذلك فان سياستها تتسبب فعليا بازدياد قوة الاسد في وجه أعدائه.

في نظرة الى الوراء، النقطة التي بدأ فيها الهجوم على الاسد للتوقف كانت نقطة "العشاء الاخير" – التعرض لحياة آصف شوكت، رئيس الاستخبارات السورية وصهر الرئيس وثلاثة بارزين آخرين في دمشق في تموز 2012.

التحقيق الذي نشرته اسبوعية الصحيفة الامريكية "وول ستريت جورنال" أظهر الفرضية أن الهجوم لم يكن من تنفيذ التحالف، كما زعمت الاطراف، وانما هو حيلة داخلية للنظام من اجل التخلص من شوكت الذي حاول القيام بحلول سلمية قبل مقتله بقليل.

هذا التقدير الذي تسنده الصحيفة الى مقابلات لنشطاء من المعسكرين في تلك الفترة، لم تصادق عليه حتى الآن الاستخبارات العسكرية. ولكن عملية القتل نفسها هي نقطة تحول مهمة لأنه ازداد بعدها تأييد ايران وحزب الله بشكل كبير لنظام الاسد. أرسل الايرانيون خبراء استخبارات وعصابات مقاتلة، وحزب الله ايضا أرسل المقاتلين وعجلت روسيا من ارساليات السلاح للاسد. بناءً على تقديراتهم فان المتمردين السنيين على أبواب السيطرة على سوريا اذا لم يتم منح النظام تأييدا كهذا وبسرعة.

بالتدريج، وخلال عام 2013، حقق معسكر الاسد نجاحات تكتيكية في كبح تقدم المتمردين. وانتقل النظام للتركيز على الدفاع عن سوريا الصغيرة التي فيها المصادر الأكثر أهمية بالنسبة له.

اذا كان الاسد يسيطر اليوم بشكل فعال على ربع أو ثلث اراضي الدولة، فهذا يكفيه من اجل البقاء. وقد واجه النظام خطرا واحدا في صيف 2013 بعد مذبحة السلاح الكيميائي ضد المدنيين التي أثارت غضب الولايات المتحدة، ولكن للمرة الثانية نجح التدخل الروسي.

الاتفاق الذي تم تحقيقه بين روسيا والولايات المتحدة والذي يطلب تفكيك السلاح الكيميائي للاسد مقابل الغاء الهجوم العقابي الذي خططت له الولايات المتحدة، أزال عن الاسد الخطر.

صعود تنظيم الدولة الاسلامية في السنة الاخيرة في العراق وسوريا، الذي تركز عليه اهتمام العالم وبالذات سلسلة عمليات الاعدام لمواطنين غربيين في الصيف، خدم الاسد خصوصا، حيث أهمل الغرب نهائيا الجهد المتردد منذ البداية باسقاط نظام الرئيس الاسد. وتركيز ادارة اوباما على الهجوم ضد داعش يخدم الاسد من اجل البقاء. حتى وإن كان هذا ليس هدف الامريكيين، فان هذه هي النتيجة بالفعل.

تأثيرات الصراع في سوريا مستمرة في الامتداد الى الدول المجاورة وبالذات لبنان والعراق، حيث لا يوجد أي حاجز فيزيائي بينها وبين جاراتها. الخلافة الاسلامية التي أعلن عنها تنظيم الدولة الاسلامية تمتد على جانبي الحدود شمال العراق وشرق سوريا.

على الحدود اللبنانية اضطر حزب الله الى نشر خط من المواقع العسكرية، حيث يتواجد باستمرار نحوا من ألف مقاتل بهدف منع ادخال الامدادات لمقاتلي الجهاد السني من سوريا الى داخل الدولة. اقامة خط المواقع الذي يقوم مقاتلو حزب الله بعمل الدوريات على طوله كان ردا على موجة العمليات في لبنان، بعضها في معاقل حزب الله في الضاحية في بيروت قبل أكثر من عام.

خسائر حزب الله في الأرواح بسبب المعارك في سوريا تُقدر بـ 550 قتيل ومئات الجرحى. تضع المنظمة بشكل دائم حوالي 5 آلاف مقاتل في سوريا، هناك يدافعون عن أملاك حيوية لنظام الاسد. وقوة صغيرة مكونة من عدة مئات تم ارسالها من لبنان الى العراق للدفاع عن المواطنين الشيعة في وجه الدولة الاسلامية. في الجيش الاسرائيلي يلاحظون تحسنا في المستوى التنفيذي لحزب الله بسبب الخبرة التي اكتسبها رجاله في سوريا.

في المقابل هناك تراجع دراماتيكي للتهديد التقليدي لاسرائيل من قبل سوريا. أكثر من 80 بالمئة من الصواريخ والقذائف للجيش السوري تم استخدامها حينما أطلقت باتجاه أهداف المتمردين. لم يبق في الجولان أوكار قذائف موجهة لاسرائيل، ومناورة عسكرية سورية في اسرائيل غير قائمة والتهديد الكيميائي تمت ازالته بسبب تفكيك هذا السلاح. وهكذا حدث تغييرا اساسيا في التوازن بين اسرائيل وبين من اعتُبرت عدوتها خلال اربعين عاما.

حول المخاطر فان هناك خطر لعمليات في هضبة الجولان من قبل المعسكرين المتشددين. تنظيمات سنية متطرفة تنتمي للقاعدة موجودة بالقرب من الحدود أكثر مما في السابق، وقد تقوم بتنفيذ عمليات مشابهة لعمليات حدثت في مناطق اخرى.

حزب الله ايضا يبني شبكات ارهابية هناك، وقد سبق أن أطلقت هذه الشبكات الكاتيوشا بقطر 107ملم باتجاه الجولان خلال الحرب في غزة في الصيف. يُقدرون في اسرائيل أن حزب الله وبموافقة الاسد سيستغل المنطقة الصغيرة التي تحت سيطرة النظام شمال الهضبة من اجل المبادرة الى عمليات ضد اسرائيل – مثل الانتقام للضربات الجوية المنسوبة لاسرائيل داخل لبنان وسوريا.

رغم أن الاسد بقي صامدا في الحرب الاهلية الفظيعة إلا أنه حدث في الآونة الاخيرة تحولا كاملا في نظرة اسرائيل وتعاملها مع الجبهة الشمالية. قبل عقدين من الزمن كان قلق اسرائيل وقادة المنطقة الشمالية مثل عميرام لفين وغابي اشكنازي، هو عملية ممكنة من قبل حزب الله. ولكن الاحتمالية الاكثر اقلاقا من ناحيتهم كانت احتمالية اندلاع حرب مع سوريا. اليوم انقلبت الأمور.

قائد المنطقة الشمالية، أفيف كوخافي، قلق من عمليات محتملة في الجولان، لكنه يستعد من اجل مواجهة مستقبلية مع عدو صعب جدا، حزب الله في لبنان.

من المفترض أن يوافق المجلس الوزاري المصغر قريبا على قرار وزير الدفاع موشيه يعلون عدم انتاج الكمامات الواقية من السلاح الكيميائي. والمبرر لهذا القرار هو التراجع الكبير لتهديد السلاح الكيميائي السوري على خلفية تفكيك مستودعات السلاح الذي تم قبل أكثر من عام.

قبل عام قرر يعلون تجميد توزيع الكمامات الواقية للمواطنين وانتاجها بشكل أقل بسبب تراجع التهديد ومن اجل توفير الاموال، وفي تلك الفترة قرر اعادة النظر ورؤية اذا ما كان بالامكان وقف الانتاج كليا.

المصدر | عاموس هرئيل، هآرتس

  كلمات مفتاحية

تقدير استراتيجي الاستخبارات العسكرية الأسد حزب الله عمليات الجولان

الأمين العام للجامعة العربية يدين غارات الإحتلال (الإسرائيلي) على الجولان

إيران وحزب الله يتجندون لإعادة الجولان السوري للأسد

تسخين الأجواء في الجولان ... من يحتاج «الأسد»؟!

إسرائيل .. والتفكير باستراتيجية جديدة