أما آن للبنوك المركزية أن تتخلى عن «نهجها التخريبي»؟

الجمعة 9 يناير 2015 01:01 ص

يتجه مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لارتكاب نفس الحماقات الخطيرة التي ارتكبها قبل أزمة عام 2008 مصراً على إنكار أخطائه القاتلة، ما يهدد من جديد بحدوث كارثة لا يفلت منها أحد.

والمتابع لما صدر عن اجتماعات المجلس الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول يجد أن الخطابة طغت على الأفعال عند مناقشة رفع معدلات أسعار الفائدة.

وبالتناسق مع تصريحات سابقة لمسؤولين في المجلس تفيد برفع أسعار الفائدة في "وقت غير قريب" وبعد تخفيض برنامج شراء السندات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أفادت لجنة الأسواق المفتوحة بعد الاجتماع أن لديها من "الصبر" ما يكفي لانتظار الوقت المناسب لرفع أسعار الفائدة.

أضف إلى ذلك تصريح "جانيت يلين" الذي أوضحت فيه أن هناك اجتماعين آخرين للجنة على الأقل، قبل أن تتخذ قرار رفع الفائدة . ويبدو أن المجلس يخطط لرحلة طويلة الأجل على طريق إعادة سياسته النقدية إلى وضعها الاعتيادي.

ومع وجود الكثير من المواد السريعة الاشتعال لن يطول الوقت قبل نشوب الحريق. 

وتحمل سياسة المماطلة هذه عناصر شبيهة بتلك التي تبناها المجلس بين عامي 2004 و2006 التي تسببت في تكديس مبالغ نقدية لا حصر لها في أسواق المال وفي الاقتصاد عموماً. وبعد أن اعتمد المجلس الفائدة الصفرية إثر انفجار فقاعة الإنترنت عام 2000، ماطل في تطبيع سياسته النقدية كثيراً وعندما قرر رفع أسعار الفائدة رفعها ببطء قاتل.

وتزامن ذلك البطء مع تنامي الفقاعة الائتمانية في قطاع السكن التي رفعت نسب الإقبال على شراء البيوت تلاها انخفاض شديد في نسب الادخار الفردي وعجز قياسي في الحساب الجاري وكلها شروخ تسببت في تعجيل وقوع الكارثة التي لم تنتظر طويلاً.

وكان المجلس بارعاً في النأي بنفسه عن أية مسؤولية تجاه ما أصاب الاقتصاد الأمريكي والعالمي من كارثة ماحقة . وكرر كل من "آلان غرينسبان" وسلفه "بن برناكي" على مسامعنا القول إن السبب لم يكن في السياسة النقدية بل في ضيق أفق هيئات تنظيم الأسواق.

ولقيت هذه الادعاءات أذاناً صاغية في الدوائر السياسية التي سارعت لاتخاذ الإجراءات العلاجية متمثلة فيما سمي بالأدوات المالية الكبرى والتي شملت نسب تحوط عالية ومخصصات مالية ضخمة وقيوداً على شهية البنوك للمخاطر.

ورغم نجاعة هذه الأدوات جزئياً إلا أنها لم تكن كافية خاصة لجهة تقدير تكاليف المخاطر التي تقوم عليها السياسة النقدية غير المناسبة وأسعار الفائدة الصفرية.

فما هي فائدة البنوك المركزية إذا لم تكن مهيأة لمواجهة تقلبات الأسواق وتحديد الخيارات الصعبة والصارمة التي تفرضها مهماتها الأساسية كضامن لسلامة الاقتصاد. 

يبدو أن الاحتياطي الفيدرالي يسير على نفس الخط الموصل إلى كارثة جديدة . فقد يجد المجلس الكثير من العبارات التي تنطلي على الأغرار في تبرير بطء تحركه لرفع أسعار الفائدة .أضف إلى ذلك أن ميزان المجلس الختامي البالغ 5 .4 تريليون دولار تضاعف خمس مرات منذ الأزمة الماضية، ورغم أنه توقف عن شراء الأصول لكنه لا نية لديه لتخفيف حجم حيازاته منها .والطامة المستجدة أن تجربته انتقلت إلى المركزي الياباني والمركزي الأوروبي وكلاهما سيضخ مزيداً من السيولة في الأسواق في زمن الفائدة الصفرية.

 

المصدر | ستيفن روش | ترجمة الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

البنوك المركزية مواجهة تقلبات الأسواق تحديد الخيارات الصعبة المهمات الأساسية سلامة الاقتصاد

رواتب ومكافآت موظفي البنوك السعودية تتجاوز 3.9 مليار ريال في 3 أشهر

المركزي المصري: تراجع الاحتياطي النقدي إلى 15.8 مليار دولار

الإمارات تستكمل خطط ”مكافحة الإرهاب“ بمراقبة أنشطة البنوك

المركزي الكويتي: هبوط أسعار النفط يمثل تحديا للإصلاح الاقتصادي بالخليج

صندوق النقد الدولي: الاقتصاد العالمي في خطر ولابد من اتخاذ خطوات جريئة

صدمة أسواق المال العالمية