«المحاربون المتناقضون»: ما هي وجهة نظر الأمريكيين بشأن الحرب على «الدولة الإسلامية»؟

الاثنين 19 يناير 2015 11:01 ص

في 8 يناير 2015، عقد «مشروع بروكينجز للعلاقات الأمريكية مع العالم الإسلامي» لقاءًا ضم مجموعة من علماء الشرق الأوسط والخبراء السياسيين لمناقشة وجهات النظر الأمريكية بشأن الحملة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا. وأجرى التحليل - الذي ركز على نتائج استطلاع للرأي تمّ على مرحلتين وكشف عن وجهات النظر الأمريكية في الصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط - «شبلي تلحمي» زميل بارز غير مقيم في بروكينجز وأستاذ بجامعة ماريلاند.

وأظهر الاستطلاع الذي أُجري في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2014 وجود درجة من الشك بين الأمريكيين تجاه انخراط بلادهم في الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وتجاه أي تصعيد أمريكي مُحتمل للجهود المبذولة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، ونظام الرئيس «بشار الأسد» في سوريا. وعمل «تمارا كوفمان ويتس»- مدير مركز بروكينجز لسياسات الشرق الأوسط – على تخفيف حدّة المناقشة التي قادها «تلحمي» و«إي جي ديون» الزميل البارز في دراسات الحكم بمركز بروكينجز و«سوزان جلاسر» رئيسة تحرير «بوليتيكو».

وحلل المتحدثون ما أظهره الاستطلاع من حالة تناقض صريحة في أوساط الشعب الأمريكي حول مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية»، والذي كشف حقيقة أن 57% من الأمريكيين يعارضون إرسال قوات برية للقتال ضد الجماعة المسلحة، كما يعتقد 57% أيضًا أنه على الولايات المتحدة أن تتدخل ضد «الدولة الإسلامية» بــ «المستوى اللازم» لهزيمة المجموعة. وفي السياق ذاته؛ يضع معظم الأمريكيين «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا كأخطر تهديد يتربص بمصالح الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط. وتشير نتائج الاستطلاع إلى حجم الشد والجذب بشأن المستوى الذي ينبغي على الولايات المتحدة أن تتدخل به في الصراع الدائر في المنطقة المضطربة.

ورأى أعضاء اللجنة أن هذه الآراء المتناقضة يمكن أن تكون نتيجة لــ «شبح العراق» الماضي أو الملل من الحرب الذي سيطر على كثيرين بعد عمليات عسكرية أمريكية لأكثر من عشر سنوات في العراق وأفغانستان. وتشير نتائج استطلاعات الرأي – في الواقع – إلى أن خمس الأمريكيين فقط يعتقدون أن الولايات المتحدة يمكنها هزيمة الدولة الإسلامية فعليًا بطريقة تضمن عدم عودة الجماعة أو مجموعات مثلها بعد توقف العمليات العسكرية الأمريكية. إضافة إلى هذا التناقض؛ رأت «جلاسر» أن المستوى المتواضع نسبيًا للعمليات العسكرية الأمريكية ضد «الدولة الإسلامية» ونتائجها المتواضعة لا تجني سوى مزيد من التهكم العام. وعلى ما يبدو أن الدروس الصعبة من العراق وأفغانستان عززت عزوف الأمريكيين عن إشراك القوات البرية في الصراعات التي لا يُعرف لها أمد حتى بين أغلب الأمريكيين الذين يتعاطفون مع قضية مكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية».

وقال «تلحمي» إن الأمريكيين غالبًا ما يبنون تأييدهم للتدخل العسكري الأجنبي على احتمالات النجاح وفكرتهم عن التهديدات الداخلية الوشيكة. ولذلك؛ فإنه حتى عندما كان المواطنون الأمريكيون واثقون بشدة في قدرات بلادهم وإمكانياتها كقوة عالمية - كما هو الحال في عصر ما بعد الحرب الباردة مباشرة – فإن تأييد التدخل العسكري كان فاترًا في ظل غياب تهديد مُحدق. واستشهد «تلحمي» بنتيجة الاستطلاع ليؤكد أن العديد من المواطنين الأمريكيين يخلطون بين «الدولة الإسلامية» و تنظيم «القاعدة». وظهر بين أولئك الذين يفضلون إرسال قوات برية للقتال ضد «الدولة الإسلامية» مبررهم السائد المتمثل في أن التنظيم الذي بسط نفوذه على مناطق بالعراق وسوريا ليس سوى امتداد لتنظيم «القاعدة»؛ والذي لا تزال الولايات المتحدة في حرب ضده، وقد آن الأوان لتنتهي.

ورغم ذلك؛ تشير نتائج الاستطلاع إلى أن معظم الأمريكيين لديهم - على الأقل - بعض الخوف من شنّ تنظيم «الدولة الإسلامية» هجمات على الأراضي الأمريكية، فضلاً عن وجود مخاوف عامة من انضمام أمريكيين إلى التنظيم المُسلح في العراق وسوريا، وإن كانت هذه المخاوف أقل حدّة من مخاوف انضمام أفراد إلى تنظيم «القاعدة». وفي ضوء تلك النتيجة؛ فإن الاستطلاع كان من الممكن أن تختلف نتائجه كثيرًا في حال جرى بعد هجمات باريس ضد مقر صحيفة «تشارلي إبدو» الأسبوع الماضي؛ بحسب «ديون».

وناقش المتحدثون أيضًا الآثار المترتبة على وجهات النظر الأمريكية بشأن «الدولة الإسلامية» على السياسة الداخلية. وجادل ديون بأن الانقسامات الأيديولوجية بين وجهات النظر العالمية التدخلية والانعزالية – على حد السواء - داخل الحزب الجمهوري تزداد عمقًا، كما أن مكافحة «الدولة الإسلامية» تفاقم تلك التوترات. وأشار «تلحمي» إلى الفجوة الأيديولوجية المُوازية بين القاعدة الشعبية وقيادة الحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة. وضرب مثالاً بأن قلق 42% من الديمقراطيين بشأن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني دافعه هو الاهتمام بحماية حقوق الإنسان، مُشيرًا إلى أن هذا الموقف ربما يناقض نهج القيادة الديمقراطية بخصوص تلك القضية.

وأشار «ويتس» إلى أن سياسة «أوباما» الخارجية تعكس التناقض العميق بين المواطنين الأمريكيين تجاه الدور الدولي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية. وكان للإحساس الحاد بحدود القدرة الأمريكية الذي أوجدته الحروب في العراق وأفغانستان أثر كبير في تشكيل السياسة الخارجية لإدارة أوباما؛ ولا سيما في استخدام القوة. وقد عززه هذا التصورات العامة بأن الولايات المتحدة لاعب دولي لطيف، ولكنه في بعض الأحيان عاجز. وأرجع «ديون» هذا التناقض إلى رغبة متناقضة بين الأمريكيين بأن يصبحوا نظامًا عالميًا من دون تدخل عسكري هنا أو هناك؛ حيث إنهم لا يحبون التدخل العسكري، ولكنهم في الوقت ذاته لا يريدون بديلاً عن تحقيق القيادة والريادة الأمريكية. وفي ضوء هذا التناقض الصارخ بين الطرفين - والتناقض الجلي في أوساط الشعب أيضًا - حول دور الولايات المتحدة العالمي اتفق المشاركون على أن السياسة الخارجية يمكن لها أن تلعب دورًا أكثر أهمية بحلول الانتخابات الرئاسية المقبلة والمزمع لها عام 2016 بشكل أكثر من المعتاد في السابق.

المصدر | بروكينجز – كريستين أندرسون

  كلمات مفتاحية

التحاف الدولي الدولة الإسلامية أمريكا

«البنتاغون»: غارات التحالف استهدفت 3222 هدفا لـ«الدولة الإسلامية»

التحالف الدولي يتعهد بإرسال 1500 عنصرا لتدريب القوات العراقية

التحالف الدولي والأرض الخراب

«أوباما» لقادة جيوش التحالف: الحملة على «الدولة الإسلامية» ستكون "طويلة الأمد"

إيران تعتبر التحالف الدولي خطرا على نظامها وأذرعتها العسكرية