«حزب الله» يواجه خيارات صعبة في لبنان وسوريا واليمن

الأربعاء 4 فبراير 2015 01:02 ص

تمتد طموحات «حزب الله» إلى ما هو أبعد من الداخل اللبناني باعتبارها حركة شيعية مسلحة عازمة - بشكل ملحوظ على ما يبدو - على الإجهاز على خصوم سنيين في منطقة الشرق الأوسط. ونتيجة لذلك؛ أرسلت الحركة الآلاف من مقاتليها إلى سوريا وكبار المستشارين العسكريين إلى العراق، وساعدت المتمردين الشيعة على الوصول إلى السلطة في اليمن، وهددت البحرين ردًا على تعامله مع احتجاجات الأغلبية الشيعية.

لكن هذه الطموحات الإقليمية يُدفع في مقابلها ضريبة ضخمة تتمثل في سقوط عدد كبير من عناصر الحركة كقتلى، كما أنها تهدد بتقويض دعم «حزب الله» في الداخل اللبناني. وعانت المجموعة من خسائر كبيرة - مع بعض الخوف من قواتها التي حُمّلت فوق طاقتها - وإذا أصدرنا حكمنا بناءً على أحداث الأيام الأخيرة، فإن هناك شعور غامض بأن الرغبة في محاربة الإسرائيليين في تضاؤل مستمر.

وفي المواجهة الأخيرة؛ بادرت إسرائيل أولاً بالهجوم مُتسببة في تدمير وحدة تابعة لحزب الله بالقرب من خط الجبهة في هضبة الجولان. ومن بين سبعة قتلى في 18 يناير/كانون الثاني كان هناك جنرالاً إيرانيًا وقائدًا في حزب الله وابن قائد أركان سابق. وبدا أن انتقام حزب الله الثقيل هو أمرٌ لا مفر منه وأن على الإسرائيليين انتظاره.

ومع حلول يوم الأربعاء الماضي؛ كان انتقام حزب الله متواضعًا نسبيًا، حيث قُتل جنديين إسرائيليين بالرصاص وأُصيب سبعة بجروح. اختيار الموقع - قطعة أرض متنازع عليها مستثناة من قرار الأمم المتحدة الذي أنهى حرب عام 2006 بين حزب الله وإسرائيل – كشف للبعض أن عقل حزب الله لا يزال يركز على جبهات بعيدة.

وبدأ زعيم حزب الله «حسن نصر الله» يُلمح إلى الانتقادات القائلة بأن ميل حزب الله إلى المغامرات الخارجية تُضعف الرغبة في محاربة إسرائيل. وفي خطابه يوم الجمعة؛ قال «نصر الله» إن اسرائيل اعتقدت بشكل غير صحيح أن «حزب الله مشغول ومضطرب وضعيف وما عاد في جعبته شيء ... المقاومة في كامل قوتها واستعدادها ويقظتها وشجاعتها».

وهذا جزء من معادلة مُعقدة لحزب الله؛ فمن ناحية يوجد الكثير من اللبنانيين الذين يشعرون بالاستياء من الحركة التي ورطت بلادهم الضعيفة في حروب مدمرة مع إسرائيل. لكن من ناحية أخرى؛ فإن جميع أطياف الرأي العام الإسلامي تنظر إلى الدولة اليهودية باعتبارها العدو المشترك الذي أجبره حزب الله في عام 2000م على إنهاء احتلال دام 18 عامًا في جنوب لبنان. ومن هذا المُنطلق؛ فإنه حتى السنة في لبنان ينظرون إلى حزب الله باعتباره حامي لهم.

ولكن هذا كان في السابق. واليوم؛ يُنظر على نحو متزايد إلى القوة ذات الأغلبية السنية المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر على أنهم الداعمون الحقيقيون.

«تنظر قيادة حزب الله - على نحو متزايد – إلى نفسها كلاعب إقليمي عربي شيعي، وتعلن التزامها بالقضية الفلسطينية على قدم المساواة مع مهمتها كمدافع عن الحقوق السياسية والدينية الشيعية في المنطقة العربية»؛ بحسب «راندا سليم» - مديرة برنامج الحوار في معهد الشرق الأوسط الأمريكي – والتي أضافت إن «النتيجة بالنسبة للبنان أنه عند نقطة معينة فإن الأسس الشيعية للدور الإقليمي لحزب الله سوف تصطدم مع مصالح ومطالب غير الشيعة، وأعني بذلك أبناء جلدتهم من السنة».

ولدى حزب الله مجال للنمو والظهور كمدافع رائد عن الشيعة. ولكن عندما يحاول « نصر الله» إطلاق تصريحات سياسية عدوانية، فإن النتائج في بعض الأحيان تأتي بنتائج عكسية.

وفي 9 يناير؛ انتقد «نصر الله» البحرين بلهجة لاذعة ردًا على حملتها ضد الانتفاضة التي يقودها الشيعة واعتقال رجل الدين الشيعي البارز «علي سلمان». وقارن «نصر الله» البحرين بعدوه اللدود إسرائيل، قائلة إنها تمنح جنسيتها للأجانب لجعل الشيعة في جزيرة الخليج الفارسي أقلية.

ثم أصدر «نصر الله» تهديدًا مُبطّنًا إلى البحرين على الرغم من أنه طالب المحتجين بالتزام السلمية. وقال «نصر الله»: «يمكن إرسال الأسلحة إلى البلدان الأكثر أمانًا، ويمكن للمقاتلين والمسلحين التسلل للداخل، وباستطاعة مجموعات صغيرة تخريب البلاد».

واجتاح العالم العربي ولبنان رد فعل عدائي نتج عنه شكاوى بعض الشيعة من أن تهديد البحرين قد يدفع دول الخليج الغنية بالنفط لطرد الشيعة اللبنانيين من أراضيهم. ووصف مجلس التعاون الخليجي الذي يضم ست دولٍ تصريحات «نصر الله» بأنها «معادية وغير مسئولة»، بينما اتهمته جامعة الدول العربية التي تضم 22 دولة بالتدخل في شئون البحرين.

وتُعدّ سوريا بمثابة الالتزام الأكبر والأكثر وضوحاً لحزب الله؛ حيث يقاتل الآلاف من أعضاء الحركة إلى جانب قوات الرئيس «بشار الأسد» ضد المتمردين الذين ينتمون إلى حركات متعددة معظمها - إن لم يكن جميعها - من السنة.

وعندما أرسل حزب الله أولاً المقاتلين إلى سوريا في أواخر عام 2012م قال «نصر الله» إنهم ذاهبون للدفاع عن المقدسات الشيعية بالقرب من العاصمة دمشق. لكن ما لبث دور عناصر الحركة داخل سوريا أن اتسع ليشمل الدفاع عن الشيعة اللبنانيين المقيمين في القرى السورية. وتعلن الجماعة الآن أن السبب الرئيسي من وراء وجودها في سوريا هو منع المتطرفين السنة من الانتقال الى لبنان.

ولا يكاد يمر أسبوع دون أن تنقل قناة «المنار» التابعة لحزب الله تشييع جثامين لمقاتلين قُتلوا في سوريا. وفي العام الماضي؛ قُتل قائد حزب الله «إبراهيم محمد الحاج» في «مهمة جهادية» داخل العراق.

وتتعرض مواقع حزب الله في لبنان أيضًا لهجمات متكررة في الغالب من قبل «جبهة النصرة» التابعة لتنظيم القاعدة؛ وذلك عبر الحدود مع سوريا. وكانت هناك موجة من التفجيرات في أواخر عام 2013م خلّفت مقتل وإصابة العشرات، ما اضطر حزب الله لتبني إجراءات وقائية مضادة؛ بما في ذلك نشر عناصر تابعين للحركة يرتدون ملابس مدنية على مدار الساعة في المناطق التجارية الشيعية جنوب بيروت.

وفي اليمن؛ يقول مسئولون أمنيون إن حزب الله – الذي كان موجودًا لفترة طويلة – أرسل عددًا إضافيًا من كوادره إلى هذا البلد الفقير منذ سيطرة الحوثيين الشيعة على العاصمة صنعاء في سبتمبر ومؤخرًا على المطار.

وأضاف المسئولون أنه قبل الاستيلاء على العاصمة كان هناك مستشارون عسكريون وأمنيون تابعون لحزب الله يتمركزون في معقل الحوثيين في محافظة صعدة بالقرب من الحدود السعودية حيث يقيم زعيم الحوثيين «عبد الملك الحوثي».

وكتب المحلل «رامي خوري» مؤخرًا في صحيفة ديلي ستار اللبنانية أن جميع المغامرات كان لها ثمن سياسي.

وأضاف «خوري»: «يعلن حزب الله نفسه دومًا في لبنان والمنطقة بأنه يقود معركة تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي. واليوم؛ ينظر اللبنانيون الذين يعيشون حالة بالغة من الاستقطاب إلى الحركة على أنها منقذ الأمة وحاميها أو كحصان طروادة الإيراني الخطير».

المصدر | يديعوت أحرنوت

  كلمات مفتاحية

جزب الله لبنان حسن نصر الله سوريا

إسرائيل ليست وحدها في الجبهة بمواجهة حزب الله

إسرائيل و«حزب الله» وما يمكن توقعه

«حزب الله» يتلقى ضربة موجعة في سوريا: مقتل نجل «عماد مغنية» وقيادات ميدانية في غارة إسرائيلية

«ن.تايمز»: اعتراف «حزب الله» بوجود جواسيس لإسرائيل في صفوفه «مثير للدهشة»

«حزب الله» يحمل السعودية المسؤولية الأولي فى انتشار الفكر الداعشي

«الحريري» من القاهرة: نقف في صف الاعتدال ضد «تطرف» إيران وداعش والنصرة

«السنيورة»: «الحريري» أبلغني عن محاولات متعددة لاغتياله من قبل «حزب الله»

«فاينانشيال تايمز»: مقاتلو الحوثي تلقوا تدريبا بصحبة عناصر «حزب الله»