استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

مجمع اللغة العربية .. ضرورة خليجية

السبت 7 فبراير 2015 04:02 ص

قبل مئة عام تقريباً اجتمعت كوكبة من أدباء مصر يتقدمهم الأديب الشهير أحمد لطفي السيد والشيخ محمد عبده والشيخ السكندري وعدد من الأدباء والمثقفين المصريين لغرض إنشاء مجلس جديد يُعنى باللغة العربية وآدابها، ويقوي من اللغة الفصحى ويولّد كلمات ومصطلحات جديدة لبعض المصطلحات الأجنبية في هذه اللغة.

وكانت اللغة العربية حينها قد تراجعت عما كانت عليه أيام ازدهار اللغة العربية في مصر في القرنين الرابع عشر والخامس عشر، إبان الفترة الذهبية لحكم الدولة المملوكية في مصر.

وقد كان الهاجس الرئيس لهؤلاء الأدباء وأساتذة اللغة هو طغيان اللهجة العامية الدارجة بين معظم طبقات الشعب، وحتى بين المثقفين والكتاب منهم. وتؤكد الباحثة الدكتورة «نيلي حنا» في بحثها المهم عن علاقة القوة باللغة، أن اللغة العربية عانت مرحلة انحطاط استمرت زهاء أربعة قرون منذ انتهاء سلطة دولة المماليك في مصر في القرن الخامس عشر، وعلوّ شأن الدولة العثمانية، وتركيز اهتمامها على تطوير اللغة العثمانية المشتقة من اللغات التركية والعربية والفارسية.

وهذه العلاقة بين اللغة والقوة حينها، دفعت المثقفين والعلماء المصريين إلى تبني إنشاء مجمع اللغة العربية الذي كان وما زال إلى يومنا هذا حريصاً على خدمة اللغة ونشرها وتعميق جذورها في المجتمعات العربية.

وتبع إنشاء ذلك المجمع، إنشاء مجامع أخرى مماثلة في كل من بغداد ودمشق، وبغضّ النظر عن قدرة هذه المجامع على حفظ اللغة الفصحى من طغيان اللهجات الدارجة، فإن الأسباب التي دعت إلى إنشاء تلك المجامع لازالت قائمة، خاصة في مجتمعاتنا الخليجية التي تراجعت فيها لغة الآباء والأجداد أمام زحف اللغة الإنجليزية. ولم نعد نخشى تفشي استخدام اللهجات الدارجة، بل أصبحنا نخشى من ضياع حتى هذه اللهجات الدارجة أو العامية، أمام زحف اللغة الإنجليزية.

ومثلما خربت اللغة الفرنسية معظم اللهجات المحلية في الجزائر والمغرب العربي، وأصبح الناس هناك يتحدثون بهجين من لغة فرنسية وعربية، وكلاهما بشكل مكسور، أصبحنا في دول الخليج العربية نخلط اللغة العربية بالكثير من الإنجليزية وبعض من اللغة الهندية، بحيث قد نصبح بعد نحو عقد أو عقود من الزمن لا نتحدث العربية إطلاقاً، أو لا يفهمها أبناؤنا.

وربما برزت هذه الظاهرة بسبب طغيان التعليم باللغة الإنجليزية على مدارسنا وجامعاتنا، فأصبح الأطفال من سن الروضة لا يتحدثون مع بعضهم بعضاً أو حتى مع آبائهم أو أمهاتهم إلا باللغة الإنجليزية، واللغة الإنجليزية لغة جميلة، ولكن العربية أجمل، وأشعر شخصياً بالخجل في بعض الأحيان، من التواصل مع زملائي العرب بـ«الإيميل» باللغة الإنجليزية.

وقد أصبحت الشركات لا توظفّ إلا من تعلّم اللغة الإنجليزية وأجادها، وحين يفد الوافد إلينا ممن تعلّم اللغة العربية في بلاده، فإنه لن يتمكن من تطوير لغته العربية بسبب طغيان اللغة الإنجليزية على محادثاتنا وحياتنا اليومية، ولولا بعض القوانين الحكومية، لأصبحت اللغة الإنجليزية هي اللغة الوحيدة في المدارس والجامعات، وحتى في قوائم الطعام في المطاعم العامة.

وأرجو أن يفهم أن هذا الكاتب ليس ضد تعلّم اللغات الأجنبية الحيّة مثل اللغة الإنجليزية وغيرها، ولكننا إذا نسينا اللغة العربية، حتى الدارجة منها، أو تناسيناها، فإن لغتنا العربية ستكون لغة ميّتة، فاستخدام اللغة بشكل مكثف في الحياة اليومية هو الذي يمّدها بالديمومة والحياة.

وحين تزور اليابان، فإنك تدهش لاستخدام اللغة اليابانية في كل مكان، وكذلك على كل السلع بما في ذلك علب الأدوية. وتود لو أنهم أضافوا بعضاً من الإنجليزية لتلك السلع لتتمكن من معرفة محتوياتها. ومع ذلك فاليابان بلد صناعي، وتصّدر سلعها إلى معظم بلدان العالم.

وحين تزور وسط أفريقيا، فإنك تذهل من وجود نظامين مزدوجين للتعليم، أحدهما باللغة الفرنسية، والآخر باللغات المحلية، ومع ذلك فإن حظوظ من يتعلم باللغة المحلية لا تتعدى المرحلة المتوسطة، وتوازياً مع ذلك فإن أقرانهم ممن يتعلمون على المنهج الفرنسي يستمرون في تعليمهم العالي حتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، وبعد ذلك يمكن أن يستمروا في التعليم العالي، أو الالتحاق بالعمل الحكومي، أو بالعمل في الشركات الأجنبية العاملة في البلاد.

وربما كان لظهور بعض الحركات الإرهابية وتفاقمها في بعض البلاد الأفريقية، مثل حركة «بوكو حرام» علاقة مباشرة بمثل هذا النوع المزدوج من التعليم وظهور حالات من الإحباط الهائل في صفوف بعض الشباب الذين ينخرطون بالعمل في مثل هذه المنظمات الإرهابية.

والحال أن الاهتمام باللغة الأم، مع عدم إهمال اللغات الحية الأخرى مثل اللغة الإنجليزية، يمكن أن ييسر علينا الحفاظ على هويتنا العربية، والعمل على أن تكون جزءاً من محيط عالمي وسوق كبرى تتخطى حدود دولنا وأقاليمنا، ولمثل هذا فلنضع سياساتنا التعليمية، بحيث لا نعلم أبناءنا اللغة العربية، فحسب، بل نعلم أيضاً الملايين من العمالة الأجنبية الوافدة، مثل هذه اللغة الجميلة.

 

* د. صالح عبد الرحمن المانع أستاذ العلوم السياسية بجامعة الملك سعود

المصدر | الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

اللغة العربية سياسة تعليمية العمالة الوافدة

الهروب إلى الحضن الغريب

دراسة: المواطن العربي لا يقرأ سوى ربع صفحة سنويا

قطر تتبنى قانونا لتعريب مناهجها التربوية والتعليمية ومراسلات إداراتها

بعد أولى حلقات «فصاحة» بتلفزيون قطر.. إعلاميون: البرنامج رد الاعتبار للغة العربية

الخروج من الملعب

بقرار غير مسبوق.. الإطاحة بالشافعي من رئاسة مجمع اللغة العربية في مصر