تقاعد ماتيس.. قلق أمريكي من استقالة آخر الراشدين بإدارة ترامب

الجمعة 21 ديسمبر 2018 08:12 ص

"سيكون إرثه هو أنه خاض المعركة الجيدة، لكنه لم يكن هو الفائز بسبب طبيعة الرئيس".. بهذه الكلمات عبر وزير الدفاع الأمريكي الأسبق "ليون بانيتا" عن  رأي قطاع عريض من نخبة السياسة بالولايات المتحدة، التي عبرت عن قلق بالغ من استقالة وزير الدفاع الحالي "جيمس ماتيس" من إدارة الرئيس "دونالد ترامب".

فالجنرال المتقاعد ينظر إليه الكثير من الأمرييكين باعتباره أحد أهم أعضاء إدارة "ترامب"، وهو ما يعود إلى قيامه بمراجعة قوية ضد أسوأ اندفاعات الرئيس المتعلقة بالأمن القومي، وفقا لما أورده موقع "فوكس" الأمريكي، في تقرير تناول تداعيات إعلانه الاستقالة.

وذكر التقرير أن رحيل "ماتيس" عن إدارة "ترامب" يعني مقاومة أقل لنصائح مستشار "ترامب" للأمن القومي "جون بولتون" ووزير خارجيته "مايك بومبيو"، التي يغلب عليها طابع التشدد بشأن ملفات كوريا الشمالية وإيران وغيرها.

لم يكن "ماتيس" متوافقا مع هكذا سياسات، إذ عارض الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران ونقل السفارة الأمريكية في (إسرائيل) إلى القدس، وإنشاء قوة فضائية بالجيش الأمريكي، وبدء حرب تجارية مع حلفاء للولايات المتحدة، ورغم علاقته الجيدة بـ "ترامب" إلا أنه فشل في إقناعه برؤيته.

خارج الصورة

لكن الأسوأ من ذلك، بحسب التقرير، هو أن "ترامب" أبقى "ماتيس" خارج دائرة إعلان قرارات العسكرية الرئيسية، بما في ذلك وقف التدريبات مع كوريا الجنوبية، إضافة إلى قراره بمنع المتحولين جنسيا من الخدمة بالجيش، الذي أعلنه بينما كان "ماتيس" في إجازة.

بدا ذلك واضحا من إعلان "ترامب" لاستقالة وزير دفاعه، إذ قدم له الشكر على إنجازاته، التي عددها في "المعاونة بشراء معدات قتالية جديدة، وجعل الحلفاء وبلدان أخرى تدفع نصيبها من الالتزامات العسكرية"، وهي أمور تنفيذية لا تتصل بصميم اتخاذ القرارا الاستراتيجي.

ورغم ذلك، قد استطاع "ماتيس" تحقيق بعض النجاحات البارزة، بحسب التقرير، ومنها تمكنه من وقف "ترامب" عن إصدار أمر باغتيال "بشار الأسد"، وهي خطوة كان من شأنها تصعيد الحرب الأهلية في سوريا وتعميل تورط الولايات في صراعها.

وبذلك رسم وزير الدفاع الأمريكي المستقيل صورة لعقل ثاقب ومدافع عن الدور التقليدي لأمريكا في العالم، وهو الدور الذي كشف خطاب الاستقالة أنه لم يعد قادرا على أدائه.

وتعود حالة القلق لدى النخبة السياسية الأمريكة الآن إلى أن رحيل "ماتيس" يترك فريق "ترامب" للأمن القومي خاليا تقريبا من أي معتدل مؤثر، وهي الصفة التي كان يمثلها "ماتيس" إلى جانب مستشار الأمن القومي السابق "هربرت ماكمستر" ووزير الخارجية السابق "ريكس تيلرسون".

قلق بالكونغرس

وفي هذا الإطار، عبر العديد من أعضاء الكونغرس الأمريكي عن قلقهم بشأن تداعيات استقالة "ماتيس"، واعتبروها مؤشرا على أزمة متفاقمة في إدارة "ترامب".

ووصف السيناتور الجمهوري "ماركو روبيو" رسالة استقالة وزير الدفاع بأنها "دليل على أن البيت الأبيض ينتهج سياسة خارجية قد تترتب عليها عواقب وخيمة".

وأضاف "روبيو" عبر حسابه الموثق على "تويتر": "من الواضح تماما أننا نتجه نحو سلسلة من الأخطاء السياسية الفادحة التي ستعرض أمتنا للخطر، وستضر بتحالفاتنا وتقوّي أعداءنا".

وفي ذات السياق، اعتبر السيناتور الديمقراطي "مارك وارنر" رحيل "ماتيس" أمرا مخيفا، واصفا وزير الدفاع المستقيل بأنه كان "جزيرة للاستقرار وسط الفوضى السائدة في إدارة ترامب".

وعبر حسابه على "تويتر"، أضاف"وارنر": "ما رأيناه من خلال نهج الرئيس العشوائي تجاه سوريا، يؤكد أن دفاعنا الوطني مهم للغاية بحيث لا يمكن إخضاعه لأهواء الرئيس المتقلبة".

كما عبرت زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب الأمريكي "نانسي بيلوسي"، عن صدمتها من استقالة "ماتيس"، في تصريحات للصحفيين، مساء الخميس، واصفة إياه بالوطني.

وأضافت: "قواتنا تنظر إلى الجنرال ماتيس كزعيم، والآن سيتركها. وهذا أمر خطير للغاية بالنسبة لبلدنا (..) ماتيس كان يمثل عامل تهدئة بالنسبة للكثيرين منا، وصوتا للاستقرار في إدارة ترامب".

وتابعت "بيلوسي": "انظروا فقط إلى هذا الأسبوع، حيث يسحب الرئيس قواته من سوريا دون أن يشاور قادة الأمن القومي في إدارته، كما أنه غيّر موقفه من توقيع مشروع قانون تمويل الحكومة، هناك شيء خاطئ جدا في هذه الصورة".

صفعة مفاجئة

وبعث "ماتيس" رسالة لـ"ترامب"، الخميس، قدم فيها استقالته من منصبه، معللا قراره بـ "وجود اختلافات جوهرية مع الرئيس حول إدارة سياسة البلاد".

وجاء قرار "ترامب" بسحب القوات الأمريكية من سوريا بمثابة صفعة مفاجئة لـ"ماتيس"، الذي حذّر من أن الانسحاب المبكر من سوريا قد يكون "خطأ استراتيجيا فادحا".

وذكر وزير الدفاع، في رسالة الاستقالة، أن نظرته إلى العالم، التي تميل إلى التحالفات التقليدية والتصدي لـ"الجهات الخبيثة" تتعارض مع وجهات نظر "ترامب"، وعبر عن قناعته بضرورة أن تحافظ الولايات المتحدة على إبداء احترامها لحلفائها.

وأضاف موجها حديثه للرئيس: "من حقك أن يكون لديك وزير دفاع وجهات نظره تتوافق بشكل أفضل مع وجهات نظرك حول هذه القضايا وغيرها، ولذلك أعتقد أنه من الصواب بالنسبة إليّ أن أتنحى عن منصبي".

يذكر أن السيناتور الجمهوري "توم كوتون" أحد أبرز المرشحين المحتملين لخلافة "ماتيس" بوزارة الدفاع الأمريكية.

  كلمات مفتاحية

جيمس ماتيس دونالد ترامب سوريا إيران ماركو روبيو نانسي بيلوسي مارك وارنر جون بولتون هربرت ماكماستر

بسبب خاشقجي.. ماتيس في مرمى انتقادات مجلس الشيوخ

استقالة ماتيس والانسحاب الأمريكي من سوريا ضربة لإسرائيل

قيادية كردية تطالب فرنسا بدور أكثر فاعلية في سوريا

مصدر يكشف موقف ترامب من استقالة ماتيس