أدانت دول عربية وإسلامية منها على وجه التحديد حادثة الاعتداء الدموي التي طالت الصحيفة الفرنسية الساخرة «شارلي إبدو»، وقتلت 12 شخصاً من كادرها التحريري، هذه الصحيفة المعروفة برسوماتها الكاريكاتورية الساخرة وتطاولها على نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم لأكثر من مرة، هذه الإدانة قد تكون مستغربة بالنسبة لي ولغيري أعتقد أمام ما يتعرض له العرب والمسلمون من ظلم واضطهاد في شتى بقاع الأرض، والصمت المطبق الذي عهدناه وتتحفنا به تلك الدول!
نعرف أن الحكومات العربية 'المسلمة' الضعيفة في وضع لا تحسد عليه، وعليها أمام هكذا هجوم لا أدري إن كان يصح وصفه بالإرهابي بقدر ماهو انتقامي أن تعلن غضبها وقرفها وامتعاضها من المنفذين ’المسلمين‘ كما العالم المتحضر المثقف الواعي بأسره، وتسارع لإدانته ووصفه بكل الكلمات ‘الشنيعة’ الموجودة في قواميس اللغات المختلفة حتى لا تلام أنها تساند 'الإرهاب' أو تدعمه بأي شكل من الأشكال، بالرغم أن بعضها مولت نفس ذلك الإرهاب وأطلقت له العنان في دول عربية وإسلامية شقيقة!
«الدولة الإسلامية» أعلنت مسؤوليتها عن دماء الصحيفة المراقة، وقطعت الطريق على التأويلات والأقاويل التي بالغت في تحليلاتها الساذجة ووصلت إلى حد نسب الهجوم الانتقامي لقدرات النظام السوري ”الخارقة“ التي وصلت للأراضي الفرنسية ليثبت مقولته الشهيرة أن الإرهاب سيرتد على صانعيه ومرسليه إليه، وفي تحليل غير منطقي آخر قال أن الإدارة الفرنسية أدركت خطأها مع «سورية الأسد» وبالتالي كانت الصحيفة كبش الفداء لعملية مخابراتية فرنسية تسيل بعض من دماء الفرنسيين، وتعيدهم بالإجبار لأحضان الرئيس السوري خوفاً من حوادث مماثلة ورغبة بمعلوماته الاستخبارية التي ستقيهم شر الإرهاب!
تأملت كثيراً مقاطع الفيديو المختلفة للعملية الانتقامية على مقر «شارلي إبدو» التي بثتها شاشات التلفزة الإخبارية والتغطية المصاحبة لها، أبرزها قناة «فرانس 24» الناطقة بالعربية، والتي انفردت وتميزت عن زميلاتها بحكم تواجدها على أرض الحدث، أطلت التفكير هذه المرة، ولم أعرف إن كانت طريقة زعيم الدولة الإسلامية الخليفة أبو بكر البغدادي الوحشية بالانتقام مقنعة لدرجة أننا سنصفق فرحاً ونكبر فخراً كما فعل المنفذون بعد الاعتداء القاتل لسخرية الصحفيين؟!
لم أستطع في الحقيقة تحديد موقفي من الحادث، فمشاعري ذهبت مجبرة للتعاطف مع الرسول «محمد» كوني مسلم بالرغم أني لا أعتبر متدينا، وهؤلاء الذين قتلوا في النهاية سخروا من شخصه الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، وعليه استحقوا أن يضع «أحدهم» من أصول جزائرية مسلمة لهم ”حدا“.
وإن كان ذلك الـ”حد“ مخيفا غير مقبول ووحشيا ودمويا، ولا أرضاه أن يكون الطريقة المثلى لقتل حرية الكلمة التي لم تراع مشاعرنا نحن المسلمين الذين لم نرض عبر التاريخ أن نهان أو نهين غيرنا لسماحة ديننا وقوتنا وهيبتنا وزعامتنا وقيادتنا وعفونا عند المقدرة، ولكن كما يقولون لحرية الصحافة على اختلافها ثمن بالنهاية، ويبدو أن الصحيفة الفرنسية دفعت ثمن استخفافها وسخريتها.
وإن كان العالم كله «شارلي»، عذراً أنا لست شارلي، فهذا نبينا وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم.