أوباما: لا حلول عسكرية!

الثلاثاء 17 فبراير 2015 05:02 ص

أرسلت إدارة أوباما إلى الكونغرس الأسبوع الماضي تقريرها الثاني بشأن استراتيجية الأمن القومي. ولم يكن التقرير الأول سوى قائمة مجردة بطموحاتنا وما يحدث في العالم من حولنا وكيف يمكن للولايات المتحدة أن ترد، بدلا من أن يتضمن استراتيجية حقيقية. وهكذا كانت الحال بالنسبة للتقرير الثاني أيضاً. لكن أجزاء منه تكشف الكثير عن رؤية الرئيس أوباما للعالم. وإضافة إلى حواره الأخير مع فريد زكريا على قناة «سي إن إن»، وخطابه عن حالة الاتحاد الشهر الماضي، وكلمته في «أكاديمية ويست بوينت العسكرية» في مايو الماضي.. يمكننا التوصل إلى خلاصة للمبادئ الأساسية لدى الرئيس أوباما بشأن السياسات الأمنية. ولسوء الحظ، فإن هذه الخلاصة مثيرة للقلق.

رغم أن أهداف أوباما تتسق مع تيار السياسة الخارجية الأميركية السائد منذ بداية الحرب الباردة، فإن طريقته المتخاذلة حيال القوة العسكرية تمثل خروجاً واضحاً على الإجماع. بيد أن ذلك ليس شيئاً جديداً. وإنما الجديد هو أن أوباما يعيد التأكيد بقوة على منهجه رغم هيمنة التهديدات العسكرية على نظام الأمن العالمي على مدار الاثني عشر شهراً الماضية، من روسيا إلى تنظيم «داعش» وإيران والصين.

غير أن ملخص التطورات العالمية الخطيرة المكون من صفحتين مع مقدمة استراتيجية عن الأمن القومي، لم يتضمن سوى ذكر موجز للتهديد الروسي، ولم يذكر أي شيء عن التهديدات الأخرى. وبدلا من تسليط الضوء على تلك التهديدات الجديدة، كرر الرئيس باستمرار أفكاراً أمنية مترابطة:

الأولى: أن هؤلاء الذين يستخدمون القوة العسكرية مصيرهم إلى مزبلة التاريخ لأن القوة غير مثمرة. وفي حواره مع زكريا، حرص أوباما على تكرار هذه الفكرة، بشأن تنظيم «داعش» قائلا: «في نهاية المطاف ستُهزم هذه التنظيمات الإرهابية لأنها لا تملك رؤية جاذبة للناس». وقال بشأن روسيا: «لقد ولّت تلك الأيام التي كان فيها غزو الأراضي صيغة للدولة الكبرى».

الثانية: إذا تدخلت الولايات المتحدة عسكرياً، فإنها حتماً ستخوض مجازفة خطيرة عبر المبالغة في الالتزام، وستكون هذه كارثة. وفي استراتيجية الأمن القومي يقول: «إن كثيراً من المشكلات الأمنية التي نواجهها اليوم ليس لها حلولا سريعة وسهلة». وفي حواره مع زكريا يؤكد: «إننا لا ننتهج استراتيجية إرسال جيوشنا المحتلة حيث تظهر جماعة إرهابية». ويضيف في خطابه عن حالة الاتحاد: «عندما يكون ردنا الأول على أي تحدٍ هو إرسال جيشنا، فإننا نخاطر بالانزلاق في كثير من الصراعات غير الضرورية».

والفكرة الثالثة هي أنه «ليس ثمة حل عسكري لأي شيء». ولم تُكرر الإدارة تصريحاً أكثر من هذا عند ظهور أية أزمة، مقدمة بذلك قانوناً لا يتغير، لا ينطبق علينا فقط، ولكن أيضاً على الطغاة والإرهابيين.

وأخيراً، عند اللزوم، وفي غياب الضرورة الأمنية الملحة، لابد أن يتم استخدام العمل العسكري من خلال التحالفات، وبعد استنفاد كل الأدوات الدبلوماسية والاقتصادية وغيرها، على أن تكون القانونية والشرعية مبادئ حاكمة. وتتسق هذه السمات فيما بينها، فإذا كان العمل العسكري هزيمة ذاتية حتى لخصومنا، فلا حاجة إذن لرد عسكري مكافئ -وربما كارثي- على العدوان، طالما أن التاريخ سيهمل في النهاية هؤلاء المعتدين الذين لا يمكنهم تطبيق نظام حكم أساسي. وعليه «ليس هناك حل عسكري».

لكن هل ذلك صحيح؟ لعله السؤال الملائم، ذلك أننا نراهن على السلام العالمي ونرهن أمننا القومي عليه. وأرى أن فكرة أنه «لا يوجد حل عسكري»، هي مجرد تصريح رنان فارغ من أي معنى.

وبالطبع، لابد لأي عمل عسكري أن يلتزم في النهاية بالمنطق السياسي، لكن يمكن للعمل العسكري أن يعزز الأهداف السياسية عبر طرق شتى. فمجرد التهديد له تأثيرات سياسية على الأصدقاء والخصوم، وتأثير العمليات الحربية التي تحدث ألماً وتستحوذ على أراضٍ وتهدد بنزع سلاح الخصم، يتمخض أيضاً عن نتائج سياسية.

وقد تجلى ذلك بوضوح مع إيران بشأن نزع سلاحها النووي، وتنظيم «داعش» في العراق. لكن الرئيس يغض الطرف عن الاستخدام المؤثر للقوة العسكرية الأميركية حتى في ظل قيادته. وما يمكن قوله أنه في هذا العالم: تحل القوة العسكرية المشكلات بالفعل!

* جيمس جيفري سفير أميركي سابق لدى العراق بين عامي 2010 و2012 

المصدر | خدمة «واشنطن بوست وبلومبرغ نيوز» - ترجمة الاتحاد الظبيانية

  كلمات مفتاحية

الولايات الكونغرس استراتيجية الأمن القومي أوباما حلول عسكرية

«أوباما» يطلب تفويضا لمحاربة «الدولة الإسلامية» والجمهوريون ينتقدون تقييده العمليات البرية

مسؤول أمريكي: لا نصر دون حرب برية على «الدولة الإسلامية»

مسؤول أمريكي تعليقا على خطاب «أوباما» بشأن النووي الإيراني: «يبدو أنه كتب في ‏‫طهران»‏

«أوباما» يرفض إقرار عقوبات جديدة على إيران ويتعهد مجددا بإغلاق «غوانتانامو»

«أوباما» يطلب تفويضا من «الكونجرس» للحملة ضد «الدولة الاسلامية»

حروب محدودة بحسب الطلب